الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 04:08 ص

النقض تتصدي للدعاية الزائفة للمطور العقارى وتنتصر للعميل.. وتؤكد: جواز تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك على إخلال شركات التطوير العقاري بالتزاماتهم تجاه المشترى.. الحيثيات: الجريمة تدخل في عداد الجرائم المستمرة

النقض تتصدي للدعاية الزائفة للمطور العقارى وتنتصر للعميل.. وتؤكد: جواز تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك على إخلال شركات التطوير العقاري بالتزاماتهم تجاه المشترى.. الحيثيات: الجريمة تدخل في عداد الجرائم المستمرة محكمة النقض - أرشيفية
الإثنين، 15 ديسمبر 2025 09:00 ص
كتب علاء رضوان

أصدرت الدائرة الجنائية "د" – بمحكمة النقض – حكماً قضائياً يهم ملايين المتعاملين مع شركات المطور العقارى (المشترى)، ويرسخ لمبدأين قضائيين قالت فيه:  

 

1-يصح تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2028 على إخلال شركات التطوير العقاري بالتزاماتهم تجاه مشترى الوحدات، بما في ذلك الاخلال بالتزام تسليم الوحدة في الموعد المتعاقد عليه. 

 

2-جريمتا الامتناع عن تقديم الخدمة للمستهلك وعدم تنفيذ قرار جهاز حماية المستهلك برد مقابل الخدمة أو ما يجبر النقص فيها – التين رفعت بهما الدعوى على المطعون ضده - تقومان على فعل سلبي يتوقف على ارادته تدخلا متتابعاً ومتجدداً فإنهما تدخلان في عداد الجرائم المستمرة..".

 

صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 6336 لسنة 94 القضائية، برئاسة المستشار أحمد حافظ، وعضوية المستشارين محمد رضوان، وهاني صبحي، وياسر الهمشري، ومصطفى فتحي، وبحضور كل من رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض بدر الكومي، وأمانة سر أحمد سعيد. 

 

265164-2-سلعه

 

الوقائع.. نزاع قضائى بين مشترى وحدة سكنية ومطور عقارى

 

اتهمت النيابة العامة المتهم المطعون ضده في قضية تداولت أمام المحاكم الاقتصادية بوصف أنه في تاريخ سابق على 1 من يوليو سنة 2009 بدائرة قسم المحافظة، بصفته مورد الممثل القانوني ورئيس مجلس إدارة شركة "..." - قام بما من شأنه أن ويوقعه في غلط بأن أبرم التعاقد معه على أن يقوم بتسليمه الوحدة السكنية المتعاقد عليها بينهما في المدة الزمنية المبينة بالأوراق يخلق انطباع غير حقيقي ومضلل لدى الشاكي، إلا أنه أخل بإنقاذ الالتزام المكلف به خلال الفترة الزمنية المتفق عليها رغم سداد الشاكي لكامل قيمة الوحدة السكانية على النحو المبين بتقرير جهاز حماية المستهلك وبالأوراق.

 

وبصفته سالفة البيان خالف قرار جهاز حماية المستهلك بأن امتنع عن رد مقابل الخدمة المتفق على تقديمها إلى الشاكي سالف الذكر والمسدد قيمتها من جانبه أو تقديم ما يجبر النقص في تلك الخدمة التي شابها عيب ونقص، وذلك بأن خالف الاتفاق المبرم من شركته والشاكي ولم يقم بتسليمه الوحدة السكنية التي تعاقد على شرائها، وذلك وفقاً لشروط التعاقد المبرم بينها وطبيعة تلك الخدمة على النحو المبين بتقرير جهاز حماية المستهلك وبالأوراق. 

 

41138-المطور-3

 

ممثل الشركة لم يلتزم ببنود الاتفاق مع العميل (المشترى)

 

وطلبت النيابة العامة عقابه بالمواد 1، 6/1، 9، 24/4،2،1 من قانون حماية المستهلك الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2006، وأحالته النيابة للمحكمة الاقتصادية - دائرة الجنح - والمحكمة المذكورة قضت غيابياً في 28 من يناير سنة 2016 بتغريم المتهم مبلغ عشرون ألف جنيه وبنشر الحكم على نفقته في جريدتي الأخبار والجمهورية والزامه بالمصاريف الجنائية.

 

فعارض المحكوم عليه أمام ذات المحكمة المذكورة وقضت في 20 من سبتمبر سنة 2023 بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه والقضاء مجدداً بانقضاء الدعوي الجنائية بمضي المدة، فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق الاستئناف أمام المحكمة الاقتصادية بهيئة استئنافية، والمحكمة المذكورة قضت غيابياً في 16 من ديسمبر سنة 2023 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.   

 

20220207043303333

 

العميل يقيم دعوى قضائية.. والنيابة تحيل المطور العقارى بمواد حماية المستهلك

 

فقررت النيابة العامة في 12 من فبراير سنة 2024 بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محام عام بها.

 

محكمة أول درجة تقضى بالتغريم.. والاستئناف تلغى الحكم لهذا السبب

 

مذكرة الطعن المقدمة من النيابة العامة استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيثص ذكرت: وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة المرور 3 سنوات من تاريخ الحكم الغيابي الصادر من محكمة أول درجة وحتى تاريخ التقرير بالمعارضة قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الجريمتين المسندتين إلى المطعون ضده من الجرائم المستمرة ولا تنقضي الدعوي الجنائية فيهما إلا من انتهاء حالة الامتناع، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.

 

المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده بوصف أنه في تاريخ سابق على 1 من يوليو سنة 2009 بصفته مورد - الممثل القانوني ورئيس مجلس إدارة قام بما من شأنه أن يخلق انطباع غير حقيقي ومضلل لدى الشاكي شركة "...."، ويوقعه في غلط بأن أبرم التعاقد معه على أن يقوم بتسليمه الوحدة السكنية المتعاقد عليها بينهما في المدة الزمنية المبينة بالأوراق إلا أنه أخل بإنفاذ الالتزام المكلف به خلال الفترة الزمنية المتفق عليها رغم سداد الشاكي لكامل قيمة الوحدة السكنية على النحو المبين بتقرير جهاز حماية المستهلك وبالأوراق، بصفته سالفة البيان خالف قرار جهاز حماية المستهلك بأن امتنع عن رد مقابل الخدمة المتفق على تقديمها إلى الشاكي سالف الذكر والمسدد قيمتها من جانبه أو تقديم ما يجبر النقص في تلك الخدمة التي شابها عيب ونقص. 

 

ططسس

 

النيابة تستأنف الحكم.. و"الاستئناف" ترفض استئناف النيابة العامة

 

وبحسب "المحكمة": وذلك بأن خالف الاتفاق المبرم من شركته والشاكي ولم يقم بتسليمه الوحدة السكنية التي تعاقد على شرائها، وذلك وفقاً لشروط التعاقد المبرم بينهما وطبيعة تلك الخدمة على النحو المبين بتقرير جهاز حماية المستهلك وبالأوراق وهو الأمر المعاقب عليه بالمواد 1، 6/1، 9، 24/1، 4، 2  من قانون حماية المستهلك الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2006، ومحكمة أول درجة قضت غيابياً بتغريم المتهم مبلغ عشرين ألف جنيه ونشر الحكم على نفقته في جريدتي الأخبار والجمهورية والزمته المصاريف الجنائية.  

 

النيابة تطعن أمام النقض

 

فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم وقضي بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه والقضاء مجدداً بانقضاء الدعوي الجنائية بمضي المدة، فاستأنفت النيابة العامة ومحكمة جنح الاقتصادية بهيئة استئنافية قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

 

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون سواء أكان هذا الفعل إيجابياً أو سلبياً ارتكاباً أو تركاً، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية، إما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هنا هو تداخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً، ولا عبرة بالزمن الذي يسبق هذا العمل في التهيؤ لارتكابه والاستعداد لمقارفته أو بالزمن الذي يليه والذي تستمر آثاره الجنائية في أعقابه.   

 

131077-1-سلعه

 

النقض تواصل التصدي لألاعيب المطورالعقارى وتنتصر للعميل

 

لما كان ذلك، وكانت جريمتا الامتناع عن تقديم الخدمة للمستهلك وعدم تنفيذ قرار جهاز حماية المستهلك برد مقابل الخدمة أو ما يجبر النقص فيها - اللتين رفعت بهما الدعوى على المطعون ضده - تقومان على فعل سلبي يتوقف على إرادته تدخلاً متتابعاً ومتجدداً فإنهما تدخلان في عداد الجرائم المستمرة، وكانت محاكمة الجاني عن جريمة مستمرة تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها، ولما كان الثابت أن الدعوى الراهنة لم يصدر فيها - بعد - حكم بات، فإن هذه الجريمة تظل مستمرة ولا تبدأ مدة انقضاء الدعوى الجنائية إلا من تاريخ صدور هذا الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة على سند من القول بمضي مدة تزيد على ثلاث سنوات بين تاريخ صدور حكم محكمة أول درجة الغيابي وبين تاريخ التقرير بالمعارضة الجزئية، دون أن يعني ببحث ما إذا كان المطعون ضده قد أوفى بالتزامه وتوقف عن الفعل السلبي بالامتناع والتاريخ الذي أوفى فيه بهذا الالتزام إن كان من عدمه، فإنه يكون قد جانب التطبيق الصحيح للقانون بما يعيبه ويوجب نقضه.  

 

وتؤكد: جواز تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك على إخلال شركات التطوير العقاري

 

لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية - سالفة الذكر - قد نصت على أنه : "..... واستثناء من أحكام المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والمادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت المحكمة في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة...... فإن مناط ذلك أن تكون المحكمة الاستئنافية قد استنفدت ولايتها بالفصل في موضوع الدعوى وإلا فات على الطاعن درجة من درجات التقاضي وهو ما لم ينصرف إليه قصد المشرع. 

 

14295031711604573951

 

لما كان ذلك، وكان الخطأ القانوني الذي تردى فيه الحكم المطعون فيه قد حجب المحكمة عن الفصل في موضوع الحكم المستأنف من الطاعنة الذي اقتصر قضاؤه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، فإنه بذلك لم يتعرض الموضوع الدعوى ولم يدل برأيه فيها على النحو سالف الذكر فلا يعتد به كحكم فاصل في موضوع الدعوى أمام محكمة النقض لما ينطوي عليه من تقويت إحدى درجات التقاضي، ومن ثم فإن المحكمة الاستئنافية لم تستنفد ولايتها في نظر الدعوى والفصل في موضوعها، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة.

 

فلهذه الأسباب:

 

حكمت المحكمة: قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى الاقتصادية بهيئة استئنافية لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.  

 

303579-مستهلك-10

 

الحماية القانونية لحق مشتري الوحدة العقارية في استلامها بالموعد المحدد بالعقد وبالمواصفات المتعاقد عليها

 

وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانوني والمحامى عمرو العمروسى: أن يكفل دستور الدولة حق المواطنين في الملكية الخاصة ويكفل صيانتها، ويحظر العدوان عليها، فذلك لا يغني وحده مالم يكن هناك تنظيما قانونياً، يستهدف تحقيق هذه الغايات الدستورية، ويعد عقد البيع أهم أسباب تداول الملكية وانتقالها، فيما بين المواطنين، سواء في المنقول أو العقار، ولقد عُنى القانون المدني بدراسة عقد البيع توسداً لتحقيق التوازن فيما بين حقوق البائع وحقوق المشتري، إلا أن الواقع العملي، الواقع العملي عن  ايجابيات فيه، كما كشف عن مستجدات لم تنظم تشريعياً تنظيماً دقيقاً يواكبها، ويواجهة ما نجم عنها من مشكلات عملية، تؤثر سلباً على أسس الائتمان  في الحياة الاقتصادية لتعلقها بعنصر من أهم عناصرها "البيوع العقارية".

 

وبحسب "العمروسى" في تصريح لـ"برلماني": ولم تعد البيوع العقارية على عهدها التقليدي، بحيث لم يعد في وسع القواعد العامة، سد الفجوة الناجمة عن هذه البيوع سيما تلك التي تتم عن طريق المطوريين العقاريين، وبيوع ما تحت الانشاء، وعلى الوعد بالتسليم، ولا ريب في أن شركات التطوير العقاري تؤدي دوراً حيوياً في تنمية القطاع العقاري بما ينعكس أثره على الأقتصاد، إلا أن غياب التنظيم التشريعي لهذا القطاع، على نحو واضح الدلالة في تقرير وتأكيد ما يتعين أن يكون واجباً على شركات التظوير العقاري من التزامات، في مواجهة المتعاملين معها، قد يقضي إلا مضار عديدة، في هذا القطاع، وإهدار لحقوق المشترين، إذ لا يكفي مجرد التنظيم القانوني لآلية نشأة وتأسيس شركة التطوير العقاري.   

 

11037-5-سلعه

 

لا ضمان للمشترى إلا الثقة في الشركة القائمة على البيع

 

ويضيف الخبير القانوني: بل يتوجب وضع خطة تشريعية شاملة، تضمن كافة الحقوق والإلتزامات المتبادلة، فالمشتري إنما يلجأ لمثل هذه البيوع تحت وطئة الحاجة لمسكن بمواصفات يعلن عنها المطور العقاري، ولا ضمان له إلا الثقة التي يوليها في الشركة القائمة على البيع، ومعنى ذلك أن أي إخلال من شأنه إلحاق ضرر فادح للمشتري، سيما وأن المشتري لا يستطيع الاستئثار بالوحدة والانتفاع بها على وجهها الذي تعاقد عليها لأجله، إلا من بعد أن يوفي المطور العقاري بالتزامه بتشييدها وفق الرسم الهندسي المتفق عليه، وتسليمها للمشتري بالمواصفات المتعاقد عليها، وفي الموعد المحدد بالتعاقد، كما أنه يتوجب أن يكون المطور العقاري ضامناً ضماناً عشرياً للوحدة المبيعة شأنه شأن المهندس والمقاول. 

 

وتابع "العمروسى": لذا نعيد القول أن القواعد العامة قاصرة عن شمول هذه الالتزامات، ويتعين سد هذا الفراغ التشريعي، لما في هذه البيوع من مخاطر لا يستقيم تركها رهن إرادة شركات التطوير العقاري، إذ أن بعضاً منها يستخدم العقد لتحقيق مصالحه هو، دون أي إعتبار لصالح المشتري، وعلى المشرع أن يواليها رعايته، ويصون هذه الحقوق في إطار واضح يؤكد على التزامات البائع ويضع آلية رشيدة لتنفيذ تلك الإلتزامات، ولنفرد في هذا المقال حديثاً عن الإلتزام بالتسليم كأخص التزام يقع على البائع، سواء في عقود البيع التقليدية، أو في هذه البيوع التى تتم عن طريق المطورين العقاريين، سيما بيع الوحدات تحت الانشاء،  في محاولة لابراز الحماية القانونية لهذا الإلتزام، سواء مدنية كانت أو جنائية، في ضوء أحكام محكمة النقض.    

 

سس

الخبير القانوني والمحامى عمرو العمروسى 

 

نص المادة 431 من القانون المدني

 

واستطرد: وحيث أنه وطبقا لنص المادة 431 من القانون المدني: "يلتزم البائع بتسليم المبيع للمشترى.."، كما تنص المادة 346 مدنى على:  "يجب أن يتم الوفاء فورا بمجرد ترتب الالتزام نهائيا في ذمة المدين .."، والتسليم أهم التزام يقع على عاتق البائع، ويجوز للمشترى أن يجبره على تسليمه الشيء المبيع حتى قبل تسجيل العقد، ولما كان التزام البائع بالتسليم فرع عن التزامه بنقل الملكية، ويبقى التزام البائع بالتسليم التزاما بتحقيق غاية، يكون البائع مسئولا مسئولية عقديه قبل المشترى أن لم تتحقق ولا يكتفى ببذل عناية الشخص المعتاد .  

 

تطبيقات محكمة النقض

 

وفى سياق أخر – ذكر الدكتور محمود طاهر، الخبير القانوني والمحامى – أن محكمة النقض المصرية لها العديد من الأحكام التي تصدت لمثل هذه الإشكاليات المتعلقة بالالتزام بالاتفاق بين البائع والمشترى حول المبيع، أبرزها الطعن رقم 1839 لسنة 49 قضائية، الصادر بجلسة 30 مايو 1984، والذى جاء في حيثياته: أن "عقد البيع غير المسجل وان كان لا يرتب عليه نقل الملكية للعقار المبيع الى المشترى إلا انه يولد فى ذمة البائع التزاماً بتسليم المبيع ويترتب على الوفاء بهذا الالتزام أن يصبح المبيع فى حيازة المشترى وله ان ينتفع به بجميع وجوه الانتفاع".

 

202405291156165616

 

وبحسب "طاهر" في تصريحات خاصة: فالمسئولية المدنية عن التأخير في تسليم الوحدة المبيعة، ويشملها التنظيم الوارد بالقانون المدني، وفقاً لأحكام المسئولية العقدية، وذلك ما لا يخفى على الجميع، لكن تبقى المسئولية الجنائية عن الاخلال بهذا الإلتزام، وهل تقوم لها قائمة بالتوازي مع المسئولية المدنية؟ فقد أجابت محكمة النقض أنه: "يتعين تفسير النصوص التشريعية التي تنتظم مسألة معينة ، بافتراض العمل بها في مجموعها، وأنها لا تتعارض أو تتهادم فيما بينها، وإنما تتكامل في إطار الوحدة العضوية التي تنتظمها من خلال التوفيق بين مجموع أحكامها، باعتبار أنها متآلفة فيما بينها لا تتماحى معانيها وإنما تتضافر توجهاتها تحقيقاً للأغراض النهائية والمقاصد الكلية التي تجمعها؛ ذلك أن السياسة التشريعية لا يحققها إلا التطبيق المتكامل لتفاصيل أحكامها، دون اجتزاء جزء منها ليطبق دون الجزء الآخر لما في ذلك من إهدار للغاية التي توخاها المشرع من ذلك التنظيم، فضلاً عن إمكانية اجتماع المسئولية العقدية مع المسئولية الجنائية في الحالة التي يكون فيها الإخلال بالالتزام العقدي قد أضر بمصلحة اجتماعية وتدخل المشرع لتأثيم هذا الإخلال جنائياً"، طبقا للطعن رقم 18424 لسنة 93 القضائية – الصادر بجلسة 7 أبريل 2025.

 

أفصحت محكمة النقض عن أن العقار ينصرف اليه وصف السلعة

 

ويؤكد "طاهرى": كما أفصحت محكمة النقض عن أن العقار ينصرف اليه وصف السلعة في مفهوم قانون حماية المستهلك، وذلك بما قررته من انه:- لا يمكن القول أن الوحدات العقارية لا ينطبق عليها صفة السلعة بل هي تعد من المنتجات التي يشبع بها المستهلك حاجاته والمنصوص عليها بالبند 4 من المادة الأولى من القانون ؛ وكان هذا ما تغياه المشرع حسبما جاء بتقرير اللجنة المشتركة من لجنتي الصناعة والشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب – بشأن مشروع قانون حماية المستهلك – من أن: "هذا القانون يهدف إلى ضمان ممارسة النشاط الاقتصادي بصورة سليمة ومنع الاحتكار وحماية حقوق المستهلك، ووضع مواد منظمة لعدد من الظواهر الجديدة في السوق ، والتي لم يعالجها القانون الحالي مثل الإعلانات المضللة عن بيع العقارات وإلزام الشركات العقارية بمنع الإعلان أو الترويج عن مشروعاتها وبيع الوحدات إلا بعد الحصول على رخصة البناء، وذلك للحد من الإعلانات المضللة التي انتشرت مؤخراً"، ودون أن يكون هناك مجال للقول بأن حقيقة النزاع هو نزاع مدني بحت ويخرج من تحت عباءة التأثيم الجنائي، وهو قول لا تسعفه النصوص – سالفة البيان – بل تصطدم بصراحتها وبمقصود الشارع منها، كما يتنافى مع الفلسفة التي أملت إجراء التعديل والتي تغيت التصدي لهذه الظاهرة ومحاصرة مرتكبيها، كما ورد في الطعن رقم 18424 لسنة 93 القضائية – الصادر بجلسة 7 أبريل 2025. 

 

كك

 

ويشير الخبير القانوني: ومعه يصح تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2028 على إخلال شركات التطوير العقاري بالتزاماتهم تجاه مشترى الوحدات، بما في ذلك الاخلال بالتزام تسليم الوحدة في الموعد المتعاقد عليه، وقد جعلت محكمة النقض من ذلك الاخلال الحاصل من المطور العقاري  جريمة امتناع عن تقديم خدمة للمستهلكـ، لما في هذا المسلك ما شأنه أن يخلق انطباع غير حقيقي مضلل يوقع المشتري في غلط يدفعه للتعاقد على أمل استلام الوحدة السكنية في مدة زمنية متفق عليها، وهو ما يقوم به التجريم المنصوص على العقاب عليه بموجب قانون حماية المستهلك، كما اعتبرت محكمة النقض امتناع المطور العقاري عن رد مقابل الخدمة المتفق على تقديمها، للمشتري المسدد لقيمتها، أو تقديم ما يجبر النقص في تلك الخدمة التى شابها العيب وهو التأخير في تسليم الوحدة السكنية التى تعاقد المشتري على شرائها وفق شروط .

 

اعتبرت محكمة النقض هذه الجرائم من الجرائم المستمرة

 

وأضاف: كما اعتبرت محكمة النقض هذه الجرائم من الجرائم المستمرة، بحيث لايكون من حق الممثل القانوني لشركة التطوير العقاري، التمسك بالانقضاء، ذلك لأنه وحسب ما عبرت محكمة النقض، وقررت "ولما كان ذلك وكان الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجيمة المستمرة، هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة، كما عرفه القانون سواء أكان هذا الفعل إيجابيا أو سلبيا أو تركا، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد اتيان الفعل كانت وقتية، إما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هنا هو تداخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلا متتابعا متجددا، ولا عبرة بالزمن الذي يسبق هذا العمل في التهيؤ لارتكابه والاستعداد لمقارفته، أو بالزمن الذي يليه والذي تستمر آثاره الجنائية في أعقابه، ولما كان ذلك وكانت جريمتا الامتناع عن تقديم الخدمة للمستهلك وعدم تنفيذ قرار جهاز حماية المستهلك برد مقابل الخدمة أو ما يجبر النقص فيها – التين رفعت بهما الدعوى على المطعون ضده- تقومان على فعل سلبي يتوقف على ارادته تدخلا متتابعا ومتجددا فإنهما تدخلان في عداد الجرائم المستمرة.."، طبقا للطعن رقم 6336 لسنة 94  قضائية، الصادر بجلسة 3 فبراير 2025. 

 

ر

الدكتور محمود طاهر، الخبير القانوني والمحامى 

 

وفى الأخير يقول "طاهر": وعليه فهذه الجريمة لا تنقضي بمرور 3 سنوات من تاريخ الحكم الغيابي، ولايسري عليها الانقضاء ولا تبدأ مدة الانفضاء فيها إلا من تاريخ صدور حكم بات،  أو من تاريخ ثبوت توقف الجاني عن الفعل السلبي المكون للجريمة، وجدير بالذكر الاشارة إلى أن جهاز حماية المستهلك وفق الغايات التي تغياها الشارع من انشائه، يختص بتلقي الشكاوى من المستهلكين والتحقيق فيها، دون أن يكون من شأن اللجوء الى الجهاز قيدا على حق المستهلك من ولوج الطريق الطبيعي في الابلاغ عن الجرائم المكفول له بمقتضى الدستور، كما أنه لا قيد على سلطة النيابة العامة في إقامة الدعوى الجنائية الناشئة عن تطبيق قانون حماية المستهلك، إذ خلت نصوص القانون من اشتراط وجود شكوى أو حتى بلاغ من أحد المستهلكين، وفى هذا المعنى الطعن رقم 7796 لسنة 81 قضائية – الصادر بجلسة 10/4/2013، وكذا الطعن رقم 12123 لسنة 90 قضائية – الصادر بجلسة 7/3/2021، كما أن تقديم شكوى الى الجهاز هو أمر جوازي وليس شرطاً لتحريك الدعوى الجنائية، طبقا للطعن  رقم 31395 لسنة 84 قضائية – الصادر بجلسة 28/7/2015. 

 

images

 

1 عمروسى
 
النقض تعتبر الوحدة السكنية سلعة وتجيز تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك على إخلال شركات التطوير العقاري بالتزاماتهم تجاه المشترى 1

 

2 عمروسى
 
 
النقض تعتبر الوحدة السكنية سلعة وتجيز تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك على إخلال شركات التطوير العقاري بالتزاماتهم تجاه المشترى 2

 

3 عمروسى
 
 
النقض تعتبر الوحدة السكنية سلعة وتجيز تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك على إخلال شركات التطوير العقاري بالتزاماتهم تجاه المشترى 3

 

4 عمروسى
 
 
النقض تعتبر الوحدة السكنية سلعة وتجيز تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك على إخلال شركات التطوير العقاري بالتزاماتهم تجاه المشترى 4

 

5 عمروسى
 
 
النقض تعتبر الوحدة السكنية سلعة وتجيز تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك على إخلال شركات التطوير العقاري بالتزاماتهم تجاه المشترى 5

 

 

موضوعات متعلقة :

النقض تتصدى لجرائم المطور العقارى.. وتُقرر: ينطبق وصف "السلعة" بقانون حماية المستهلك على الوحدات السكنية المعلن عنها.. والحيثيات: اجتماع المسئولية العقدية مع الجنائية فى حال الإخلال بالالتزام العقدي

حول سوق العقارات.. النقض تتصدى لأعذار المطور العقارى فى التأخير عن تسليم المشترى للوحدة السكنية.. وتؤكد: التأخير يوجب التعويض.. والحيثيات: الأعذار الاقتصادية أو الإدارية المؤدية للتأخير لا تُعفى من المسؤولية

حول سوق العقارات.. "النقض" تضع ضوابط تسليم "العين" بين "العميل" و"المطور العقارى" حال وجود أقساط.. وتؤكد: البائع مُلزم بجاهزية العين لتسليمها للمشترى قبل سداد الدفعة الأخيرة من الأقساط وليس العكس

القضاء يتصدى لألاعيب المطور العقارى.. حكم نهائي بإلزام المطور العقاري بتحرير عقد بيع نهائي.. وتخصيص جراج للمشترى.. وتمكينه من تركيب عداد الكهرباء.. الحكم يوضح قوة القانون في حماية حقوق المشترى الملتزم بالسداد

موقف القانون من إخلال "المطور العقارى" بتسليم الوحدة العقارية فى الميعاد المحدد.. المشرع تصدى لها بازدواج المسؤولية بين "المدنية" و"الجنائية".. الأولى توجب التعويض لجبر الضرر.. والثانية توجب الحبس والغرامة

القضاء يتصدى لسطوة المطور العقارى.. حكم قضائى يؤسس لقاعدة "الحق فى حبس الثمن لحين استلام الوحدة".. ويواجه إشكاليات قضايا الفسخ العقارية.. يُحصّن المشترى قانونيًا من الضغط والابتزاز تحت مسمى "التأخير فى السداد"

القضاء يتصدى لتهرب المُطور العقارى من التزاماته.. حكم قضائى بتوصيل المرافق للمشترى.. وإلزام البائع بالتعويض والفوائد طبقا للشرط الجزائى بالعقد لعدم الالتزام بالمواعيد.. والعقد بات ونهائى ولا يجوز الرجوع فيه

القضاء يتصدى لألاعيب المطور العقارى.. حكم قضائى بفسخ تعاقد وإلزام إحدى الشركات برد مبلغ 452 ألف جنيه.. وتعويض 200 ألف جنيه في واقعة عقد بيع وحدة لم يتم بنائها.. وتستند لأحكام محكمة النقض والقانون المدنى

التصدى للنصب العقارى والبيع بالماكيت.. "الاستئناف" تقضى بحبس "مطور عقارى" سنة لاتهامه بالنصب والاحتيال بإقامة مشروع سياحى وهمى للمواطنين.. الحيثيات: لا يملك المقومات اللازمة لتشييده وقت التعاقد مع المجنى عليهم

لردع المتحايلين باسم المطور العقاري..الاستئناف تصدر حكما برد مليون و 600 ألف جنيه قيمة الشقة لصالح عميل بعد فسخ التعاقد مع الشركة.. تلزم المدعي ضده بسداد الفوائد ومصروفات تقدر بـ 275 ألف جنيه

لملايين المتعاقدين.. مدى قانونية مطالبة "المطور العقارى"العميل سداد مبلغ أزيد من سعر الوحدة بعد البيع؟..الأصل عدم المطالبة بالزيادة بسبب قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين" .. والمشرع أجاز تدخل القاضي للتعديل


print