الأربعاء، 19 نوفمبر 2025 10:28 ص

والنقض تتصدى للأزمة وتعتبر "الوحدة العقارية" سلعة..

موقف القانون من إخلال "المطور العقارى" بتسليم الوحدة العقارية فى الميعاد المحدد.. المشرع تصدى لها بازدواج المسؤولية بين "المدنية" و"الجنائية".. الأولى توجب التعويض لجبر الضرر.. والثانية توجب الحبس والغرامة

موقف القانون من إخلال "المطور العقارى" بتسليم الوحدة العقارية فى الميعاد المحدد.. المشرع تصدى لها بازدواج المسؤولية بين "المدنية" و"الجنائية".. الأولى توجب التعويض لجبر الضرر.. والثانية توجب الحبس والغرامة المطور العقارى - أرشيفية
الأربعاء، 19 نوفمبر 2025 09:00 ص
كتب علاء رضوان

الواقع يؤكد أن هناك عنصرين من أهم وأخطر ما يوجد فى المعاملات العقارية ويرتبطان بالقوانين والعقارات وللأسف لا يهتم بهما الكثيرين وهما الاستشارات القانونية والعقارية، ونتيجة لذلك لم ولن تنتهى الكثير من مشاكل وجرائم العقارات، ولو أدرك الكثيرين ما لأهمية هذين العنصرين لما وقعوا فى كثير من المشاكل، وفقد الكثير من الأموال، وهناك مواقع السوشيال ميديا فى الاستشارات القانونية والعقارية عبر الانترنت، كما تتنوع الجرائم.

 

في كثير من الأحيان يقوم البعض بالإعلان عن بيع وحدات سكنية بمشروعات التطوير العقاري أو التعامل على قطعة أرض من أراضي المشروع أو جزء منه قبل صدور القرار الوزاري باعتماد المشروع أو اعتماد تقسيمها، ويقوم بالإعلان عن حجز وحدات عقارية أو التعاقد علي بيعها، أو بيع الأراضي المعدة للبناء، أو تقسيمها قبل الحصول على ترخيص بالبناء أو يطلب البعض دون صفة من البائع أو الشركة من شخص تحويل فلوس لحساب الشركة البائعة، ولكن باسم فرد وليس باسم الشركة، وسند المشترى فى ذلك  سيكون رسائل الواتس آب أو يقوم البعض من أطراف المعاملات العقارية أو غيرها بسب وقذف الاخر على السوشيال ميديا.   

 

مستهلك 3

 

المسؤولية القانونية عن إخلال المالك بتسليم الوحدة العقارية في الميعاد المحدد

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية المسؤولية القانونية عن إخلال المالك بتسليم الوحدة العقارية في الميعاد المحدد، فضلاً عن ازدواج المسؤولية وتعدد مسارات الحماية القانونية، وذلك في ظل ما يشهده القطاع العقاري في مصر من نمو ونشاط متسارع، وما صاحبه من ازدياد في عدد العقود المبرمة بين العملاء والمطورين العقاريين، وعلى الرغم من أهمية هذا النشاط الاقتصادي، إلا أن مشكلة تأخر أو تخلف المالك عن تسليم الوحدة المتعاقد عليها في الميعاد المحدد باتت ظاهرة تثير إشكالية قانونية معقدة - بحسب الخبير القانوني والمحامى صالح جمال عمار.  

في البداية - هذه الإشكالية تستدعي تكييفاً قانونياً دقيقاً للواقعة وتبيان مسارات المسؤولية المزدوجة: المدنية والجنائية، بالإضافة إلى المسارات التنظيمية المستحدثة التي تهدف لتعزيز حماية حقوق المتعاقدين – وفقا لـ"عمار". 

 

مستهلك 11

 

أولاً: المسؤولية المدنية (المسئولية العقدية)

تؤسس العلاقة بين المالك (المطور) والمشتري على مبادئ القانون المدني، وتحديداً مبدأ سلطان الإرادة، حيث تنص المادة (147) من القانون المدني على أن "العقد شريعة المتعاقدين"، ويُعد الإخلال بالتزاماته التعاقدية المحددة في العقد المبرم بين الطرفين سيما تسليم العين المتفق عليها في الميعاد المحدد إخلالاً بالتزام تعاقدي جوهري، وبناءً عليه، تثور المسؤولية العقدية للمالك عملاً بالمادتين (215) و (221) من القانون المدني – هكذا يقول "عمار".

الهدف الأساسي للمسؤولية المدنية هو جبر الضرر، فالمشتري المضرور يطالب بالتعويض عن كافة الأضرار المباشرة التي لحقت به، سواء كانت خسارة تكبدها (مثل إيجار سكن بديل) أو كسباً فاته نتيجة التأخير، ويظل هذا الحق قائماً ومستقلاً عن أي جزاء جنائي، فمصدر الحق المدني هو العقد، بينما مصدر الجزاء الجنائي هو ارتكاب فعل مؤثم قانونا – الكلام للخبير القانونى. 

 

مستهلك 2

 

ثانياً: المسار الجنائي:

لم يكتف المقنن بالجزاء المدني ليكون هو الرادع الوحيد، بل أضفى صبغة جنائية على بعض صور الإخلال المتعمد من جانب البائعين (المطور العقاري أو المالك)، وذلك على النحو الآتي:

 

جريمة خاصة في قانون خاص:

فقد نصت المادة (23) من القانون رقم 136 لسنة 1981 (في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن) على: معاقبة المالك الذي يتخلف "دون مقتضى" عن تسليم الوحدة في الموعد المحدد، بالعقوبة المقررة لجريمة النصب (المادة 336 من قانون العقوبات). 

 

1 مستهلك

 

العقوبة والجزاء: العقوبة السالبة للحرية هي الحبس، بالإضافة إلى إلزام المالك بأن يؤدي إلى الطرف الآخر (المشتري) مثلي مقدار المبلغ المقدم الذي تم دفعه، وهو جزاء مالي خاص لا يغني عن التعويض الكامل.  

وقد أكدت محكمة النقض أن التجريم يرتبط وجوداً وعدماً بالاتفاق على موعد محدد للتسليم وقيام مقتضٍ مشروع للتخلف أو عدم قيامه، حيث جرى قضاؤها على أنه: "يشترط لتوافر تخلف المالك عن تسليم الوحدة المؤجرة أو المباعة في الموعد المحدد اتفاق الطرفين على ميعاد للتسليم وتخلف المالك عن تسليم العين دون مقتضى في الموعد المحدد"، وفقا للطعن رقم 10098 لسنة 62 جلسة 14-1-2002.   

 

مستهلك 5

 

مدى دستورية العقوبة الجنائي عن واقعة مدنية

وهنا ثار التساؤل حول مدى دستورية العقوبة الجنائي عن واقعة مدنية مصدرها وأساسها علاقة عقدية يحكمها عقد بين طرفين، وبالفعل عرضت المسألة على المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 48 لسنة 18 ق د ع وقد انتهت المحكمة بجلستها المنعقدة في 15/9/1997 إلى دستورية الفقرة الثانية من المادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه - وذلك في مجال تطبيقها بالنسبة إلى من يبيعون وحدة سكنية، ويخلون - دون مقتض - بالتزامهم بتسليمها لأصحابها في الموعد المحدد.

وذلك في أحد روائع أحكامها وذلك لما تضمنته من مبادئ دستورية وقانونية، ومن المبادئ التي تضمنها الحكم أن: "الأصل في العقود - وباعتبارها شريعة المتعاقدين تقوم نصوصها مقام القانون في الدائرة التي يجيزها - هو ضرورة تنفيذها في كل ما تشمل عليه، فلا يجوز نقصها أو تعديلها إلا باتفاق الطرفين أو وفقاً للقانون. وكلما نشأ العقد صحيحاً ملزماً، كان تنفيذه واجباً، فقد التزم المدين بالعقد، فإذا لم يقم بتنفيذه، كان ذلك خطأ عقدياً سواء نشأ هذا الخطأ عن عمد أو إهمال أو عن مجرد فعل لا يقترن بأيهما.    

 

مستهلك 6

 

المسئولية العقدية باعتبارها جزاء إخفاق المدين في تنفيذ عقد

ومن ثم تظهر المسئولية العقدية باعتبارها جزاء إخفاق المدين في تنفيذ عقد نشأ صحيحاً ملزماً، وهي تتحقق بتوافر أركانها؛ وليس ثمة ما يحول بين المشرع وبين أن يقيم مسئولية جنائية إلى جانبها، فلا يكون اجتماعهما أمراً عصياً أو مستبعداً، بل متصوراً في إطار دائرة بذاتها، هي تلك التي يكون الإخلال بالالتزام العقدي فيها قد أضر بمصلحة اجتماعية لها وزنها. وهو ما يعني أن الدستور لا يتضمن قاعدة كلية أو فرعية يمكن ردها إلى النصوص التي انتظمها أو ربطها بها، تحول دون تدخل المشرع لتأثيم واقعة النكول عن تنفيذ التزام لم ينشأ مباشرة عن نص القانون، وإنما كان العقد مصدره المباشر، وبشرط أن يكون هذا التأثيم محدداً بصورة واضحة لعناصر الجريمة التي أحدثها المشرع".

 

ثالثاً: الحماية التنظيمية والمسؤولية الجنائية الاقتصادية (قانون حماية المستهلك)

يوفر القانون رقم 181 لسنة 2018 (قانون حماية المستهلك) مظلة حماية قانونية ومساراً موازياً وفعالاً للمستهلك العقاري، ويسند للجهاز صلاحية إصدار قرارات ملزمة قد تؤدي إلى عقوبات جنائية حال عدم الامتثال – طبقا لـ"عمار":

- حق المستهلك في الخيار (المادة 13): تمنح المادة (13) من قانون حماية المستهلك المشتري خيارات واضحة عند عدم التزام المورد بميعاد تسليم الخدمة أو المنتج (الوحدة العقارية)، حيث يحق له الاختيار بين: إلزام المورد بالتنفيذ أو التعويض. 

- فسخ العقد واسترداد ما دفعه، مضافاً إليه العائد المقرر وفقاً للسعر المعلن من البنك المركزي. 

 

مستهلك 9

 

ويضاف لمما تقدم؛ النصوص العقابية على عدم الامتثال والغرامات الرادعة:

تصبح قرارات الجهاز ملزمة بمقتضى نصوص العقوبات في القانون:

- العقوبة المالية (الغرامة): تنص المادة (64) وما يليها من مواد العقوبات في القانون على غرامات مالية كبيرة (تصل إلى خمسمائة ألف جنيه أو أكثر) تُفرض على المورد الذي يخالف التزاماته الأساسية الواردة في مواد القانون، والتي تشمل الالتزام بمواعيد التسليم. 

- العقوبة الجنائية الإضافية (الحبس): في حال عدم امتثال المطور لقرار جهاز حماية المستهلك (كقرار رد الأموال والفائدة)، يقوم الجهاز بإحالة الأمر إلى النيابة العامة.  

 

ملحوظة: يشكل هذا المسار مسارا عقابيا رادعا ومكملا للمسار الجنائي المتضوصععليه في القانون 136 لسنة 1981. 

 

مستهلك 10

 

رابعاً: تأكيد محكمة النقض على خضوع الوحدات العقارية لقانون حماية المستهلك

حسمت محكمة النقض الجدل حول مدى انطباق قانون حماية المستهلك على الوحدات العقارية، مؤكدةً بذلك توسيع دائرة مظلة الحماية القانونية المقررة للمشترين. ففي الطعن المقيد برقم 18424 لسنة 93 القضائية الصادر بجلسة 7/4/2025 قررت المحكمة أن: "البين من نصوص قانون حماية المستهلك في واضح عباراتها وصريح دلالاتها أن تعريف القانون رقم 181 لسنة 2018 للمستهلك والمورد والمنتجات جاء تعريفاً عاماً مطلقاً... مما يعد معه مشترو الوحدات العقارية من المستهلكين بنص قانون حماية المستهلك، وتكون الوحدات العقارية من المنتجات باعتبارها سلعة خاضعة لأحكام القانون، فلا يمكن القول أن الوحدات العقارية لا ينطبق عليها صفة السلعة بل هي تعد من المنتجات التي يشبع بها المستهلك حاجاته...".

هذا الحكم يؤكد على سريان أحكام قانون حماية المستهلك على سوق العقارات، ويضع حدا فاصلا وحاسما لهذه المسألة الخلافية والجدلية، ويؤكد بشكل قاطع أن المشتري يتمتع بكافة الضمانات والحقوق المقررة في هذا القانون، بما في ذلك الحماية من الإعلانات الخادعة والعقوبات المرتبطة بالإخلال بشروط التعاقد (المادة 66). 

 

مستهلك 7

 

خاتمة:  

وفى الأخير يقول "عمار": تكامل مسارات الحماية ومطالب التحديث التشريعي: إن هذا التعدد في النصوص القانونية يؤكد أن القانون المصري قد وفر للمشتري حماية متعددة الأبعاد: مدنية لضمان التعويض الكامل، وجنائية لفرض عقوبة الحبس والجزاء المالي لمثلي المقدم (القانون 136 لسنة 1981)، واقتصادية لفرض الغرامات الرادعة، فضلا عن العقوبة الجنائية الأخرى التي نص عليها ونظمها قانون حماية المستهلك.

إن فهم هذه المسارات المتكاملة يشكل أساساً عملياً لا غنى عنه للمحامي المتخصص في القطاع العقاري لضمان تحقيق العدالة والحصول على الحقوق بأقصى قدر من الفعالية، وفي الختام لا يفوتنا التأكيد على أن الحاجة صارت ملحة لاستصدار تشريع خاص ينظم السوق العقاري واشكالياته القانونية المتعددة والمتشعبة سيما مع النشاط الملحوظ في هذا السوق.

 

1 العمروسى

 
النقض ترسى مبدأ قضائياً جديداً وتعتبر "الوحدة العقارية" سلعة يُطبق عليها قانون حماية المستهلك 1

 

2 العمروسى
 
 
النقض ترسى مبدأ قضائياً جديداً وتعتبر "الوحدة العقارية" سلعة يُطبق عليها قانون حماية المستهلك  2

 

3 العمروسى
 
 
النقض ترسى مبدأ قضائياً جديداً وتعتبر "الوحدة العقارية" سلعة يُطبق عليها قانون حماية المستهلك  3

 

4 العمروسى
 
 
النقض ترسى مبدأ قضائياً جديداً وتعتبر "الوحدة العقارية" سلعة يُطبق عليها قانون حماية المستهلك  4

 

5 العمروسى
 
 
النقض ترسى مبدأ قضائياً جديداً وتعتبر "الوحدة العقارية" سلعة يُطبق عليها قانون حماية المستهلك  5

 

6 العمروسى
 
 
النقض ترسى مبدأ قضائياً جديداً وتعتبر "الوحدة العقارية" سلعة يُطبق عليها قانون حماية المستهلك  6

 

7 العمروسى
 
 
النقض ترسى مبدأ قضائياً جديداً وتعتبر "الوحدة العقارية" سلعة يُطبق عليها قانون حماية المستهلك  7

عمار

الخبير القانوني والمحامى صالح جمال عمار

موضوعات متعلقة :

النقض تتصدى لجرائم المطور العقارى.. وتُقرر: ينطبق وصف "السلعة" بقانون حماية المستهلك على الوحدات السكنية المعلن عنها.. والحيثيات: اجتماع المسئولية العقدية مع الجنائية فى حال الإخلال بالالتزام العقدي

القضاء يتصدى لسطوة المطور العقارى.. حكم قضائى يؤسس لقاعدة "الحق فى حبس الثمن لحين استلام الوحدة".. ويواجه إشكاليات قضايا الفسخ العقارية.. يُحصّن المشترى قانونيًا من الضغط والابتزاز تحت مسمى "التأخير فى السداد"

القضاء يتصدى لتهرب المُطور العقارى من التزاماته.. حكم قضائى بتوصيل المرافق للمشترى.. وإلزام البائع بالتعويض والفوائد طبقا للشرط الجزائى بالعقد لعدم الالتزام بالمواعيد.. والعقد بات ونهائى ولا يجوز الرجوع فيه

القضاء يتصدى لألاعيب المطور العقارى.. حكم قضائى بفسخ تعاقد وإلزام إحدى الشركات برد مبلغ 452 ألف جنيه.. وتعويض 200 ألف جنيه في واقعة عقد بيع وحدة لم يتم بنائها.. وتستند لأحكام محكمة النقض والقانون المدنى


print