قضايا إيجارات - أرشيفية
"هل يشترط اللجوء لقاضي الأمور الوقتية قبل إقامة دعوى الطرد الموضوعية؟".. هو السؤال الأأكثر تداولاً هذه الأيام لدى المُلاك والمستأجرين، حيث إن خبراء القانون يرون أن دوره حسم النزاع في قضايا ودعاوى الطرد للغصب لعقود الإيجار الخاضعة للقانون المدني، فبتطبيق القانونين 164، 165 لسنة 2025م، بمجرد انتهاء مدة عقد الإيجار يحق للمالك تقديم طلب لقاضي الأمور الوقتية بطلب لطرد المستأجر، تجنباً لطول أمد التقاضى والتصدى لها في مثل هذه الدعاوى.
ويبقي الأمر هنا رهين منصة القضاء بالقبول أو الرفض، فبالقبول وجوب تنفيذ الطرد، وعلى المتضرر اللجوء للدعوى الموضوعية، أما بالرفض فيحيلها إلى الموضوعية دون وجوب التنفيذ - وهكذا - فإنه في سياق القانونين الجديدين، تم منح قاضي الأمور الوقتية اختصاصًا صريحًا بإصدار أمر طرد المستأجر في حالات محددة، وهو ما يمثل أداة قانونية سريعة للمالك لاسترداد العين المؤجرة دون الحاجة إلى اللجوء لدعوى قضائية طويلة، مع العلم أن هذا الأمر لا يمنع المستأجر من رفع دعوى موضوعية، ولكنها لا توقف تنفيذ أمر الطرد.
هل يشترط اللجوء لقاضي الأمور الوقتية قبل إقامة دعوى الطرد الموضوعية؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية اللجوء لقاضى الأمور الوقتية في إقامة دعوى الطرد من العين، وذلك من خلال الإجابة على السؤال.. هل يشترط اللجوء لقاضي الأمور الوقتية قبل إقامة دعوى الطرد الموضوعية؟ فمنذ أن نُشر القانون 164 لسنة 2025 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن، وقد اشتد الخلاف واستعر حول إلزامية اللجوء لقاضي الأمور الوقتية كخطوة إلزامية قبل إقامة دعوى الإخلاء في الحالتين المضافين بالمادة 7 من القانون سالف الإشارة والمتعلقتين بالإخلاء الوحدة المستأجرة في الحالتين – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض إبراهيم الحمامى:
1- إذا ثبت ترك المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار المكان المؤجر مغلقًا لمدة تزيد على سنة دون مبرر.
2- إذا ثبت أن المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار يمتلك وحدة سكنية أو غير سكنية، بحسب الأحوال، قابلة للاستخدام في ذات الغرض المعد من أجله المكان المؤجر.
ثم أردفت المادة السالفة الإشارة الى أنه: "وحال الامتناع عن الإخلاء يكون للمالك أو المؤجر، بحسب الأحوال أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الكائن في دائرتها العقار إصدار أمر بطرد الممتنع عن الإخلاء دون الإخلال بالحق في التعويض إن كان له مقتض"، فهل عدم اللجوء لقاضي الأمور الوقتية قبل إقامة دعوى الإخلاء لأيا من السببين السالفين، وإقامة دعوى الإخلاء الموضوعية بالطريق العادي، قد تواجه بعدم القبول لرفعها بعير الطريق الذي رسمة القانون؟ - طبقا لـ"الحمامى".

حالات يشترط فيها اتخاذ خطوة أولى قبل إقامة الدعوى الموضوعية
وحسم أي الاتجاهين هو الأصح ترجيحا ينبغي معه أن نستطلع حالات التي اشترط فيها اتخاذ خطوة أولى قبل إقامة الدعوى الموضوعية، إذ اشترطت المادة "201" من قانون المرافعات بشأن أوامر الأداء طريقا معين بشأن سندات الدين الثابت بالكتابة والحال الأداء والمحدد المقدار بشكل خال من المنازعة، إذ نص في هذه المادة على أنه: "استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى ابتداء، تتبع الأحكام الواردة في المواد التالية، إذا كان حق الدائن ثابتاً بالكتابة وحال الأداء، وكان كل ما يطالب به دينا من النقود معين المقدار، أو منقولا معينا بذاته أو بنوعه أو مقداره" – هكذا يقول الخبيرالقانونى.
وأوضحت المادة "202" من قانون المرافعات خطوات تكليف الدائن لمدينة بموجب انذار رسمي بالوفاء بميعاد 5 أيام على الأقل، ثم يستصدر أمراً بالأداء من قاضى محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المدين أو رئيس الدائرة بالمحكمة الابتدائية حسب الأحوال، و هنا خرج المشرع بالنص صراحة أن ذلك الإجراء هو "استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى ابتداء"، مما لازمه أن المبادرة بإقامة دعوى موضوعية في هذه الحالة ستكون مدفوعة بعدم القبول لرفعها بغير الطريق الذي رسمة القانون – الكلام لـ"الحمامى".

أمثلة على ذلك
وعلى ذلك سار المشرع في القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية طرفا فيها، إذ اشترط اللجوء للجان فض المنازعات في بعض الدعاوى بعينها والتي أوضحها القانون السالف، ورتب بالمادة الحادية عشر من جزاء عدم القبول حين قرر صراحة بالمادة سالفة الإشارة (.....لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار القرار، أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول وفقأ لحكم المادة العاشرة).
وهنا أصبح عدم القبول هو المصير الحتمي الذي سيواجه أي دعوى شذت عن الامتثال لأحكام النص باللجوء للجنة التوفيق المختصة بشان النزاع، وذات النهج اعتمده المشرع صراحة في القانون رقم 10 لسنة 2004 بشأن محاكم الأسرة، والذي انشاء بموجبه مكاتب تسوية المنازعات الأسرية، والزم اللجوء لمكتب التسوية في كل الدعاوى الجائز فيها التصالح قبل إقامة الدعوى الموضوعية، ورتب جزاء حاسما أوردته المادة (9) من ذات القانون حين نصت على أنه:- "لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى محاكم الأسرة بشأن المنازعات التي تختص بها، في المسائل التي يجوز فيها الصلح طبقًا للمادة (6) دون تقديم طلب التسوية إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية المختص ليتولى مساعي التسوية بين أطرافها وفقًا لحكم المادة".

وعليه – يؤكد "الحمامى": تصبح أي دعوى من الدعاوى الجائز في شأنها التصالح غير مقبولة، إذ لم يتم اللجوء لمكتب تسوية المنازعات، وهو أمر حسم بنص المادة سالفة الإشارة وأصبح متعلقا بالنظام العام، بمعنى أنه لا يجوز مخالفته، وأن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها غير أنه بالنظر الى صياغة المادة السابعة من القانون 164 لسنة 2025 - مثار الحديث – نجد أن المشرع قد صاغها في العبارة التالية: (يكون للمالك أو المؤجر، بحسب الأحوال، أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية ..)، وهذه الصياغة تعطي رخص للمالك أو المؤجر أن يتقدم بطلب الأمر الوقتي لقاضي الأمور الوقتية.
الخلاصة:
وفى الأخير يقول "الحمامى": إذ أن عبارة (يكون للمالك أو المؤجر) لم تحمل أي الزام أو وجوب، وإنما رخصت لصاحب المصلحة أن يتقدم بطلبه إن شاء لقاضي الأمور الوقتية، وإن لم يشاء توجه الى قاضية الطبيعي في دعواه الموضعية، والذي يحسم الأمر أن القانون مثار الحديث لم ينص على أنه هناك (استثناء من القواعد العامة كحال أمر الأداء، أو على جزاء عدم القبول كما في حال قانوني محاكم الأسرة، ولجان التوفيق في بعض المنازعات)، الأمر الذي ننتهي معه الى أن اللجوء لقاضي الأمور الوقتية هو أمر خاضع لتقدير ومشيئة المالك أو المؤجر، لا رقيب عليه ولا حرج في ولوج باب القاضي الوقتي أولا، أو قاضي الموضوع مباشرة دون أن يكون مهددا بأي دفع شكلي.
