التصرف فى مسكن الحضانة - أرشيفية
                            قد يلجأ الزوج في كثير من الأحيان لحيل وألاعيب، ألا وهى حيلة بيع الشقة لأخر، وفي الحقيقة أن بعض الأزواج من الناحية العملية يلجأون إلى حيلة شهيرة ألا وهى بيع الشقة أو مسكن الزوجية – مثلاً - عن طريق عقد صورى مسجل إلى شخص آخر من أقاربه أو أصدقائه أو غيرهم على أن يقيم هذا الشخص بمنزل الزوجية وفي هذه الحالة لا يستطيع القاضي إخلاء أو أخراج الساكن الجديد وتمكين الزوجة من الشقة أو المسكن.
ويدخل ضمن قائمة هذه الحيل أيضاً أن يلجأ الزوج إلى تحرير عقد إيجار صورى بين أحد الأشخاص أو والده أو والدته ثم يمتنع الزوج عن سداد الإيجار، ثم يقيم بعدها دعوى طرد من الشقة أو من مسكن الزوجية، وفي هذه الحالة لو تمكنت الزوجة بحكم القضاء من الشقة يصدر حكم آخر عكسى بالطرد منها ولا تحصل الزوجة على حقها، ومن هنا يمكن للزوجة التمكين من شقة ليست ملك للزوج وبالرغم من وجود بعض التحايلات والثغرات في هذا الشأن إلا أن الزوج تتمكن من شقة الزوجة .
	
ما هو موقف القانون من تحايل الزوج أو المُطلق بالتصرف فى مسكن الحضانة؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني"، الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تواجه الزوجات المتضررات، تتمثل في الإجابة على السؤال.. تحايل الزوج أو المُطلق بالتصرف فى مسكن الحضانة بالبيع أو الايجار؟ ومدى صحة هذا التصرف؟ متى يكون باطلا ومتى يكون صحيحا؟ خاصة وأن الفقرة الأولى من المادة 18 مكررا ثالثا من القانون رقم 100 لسنة 1985 تنص على أنه: "علي الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقتة ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب"، فإذا لم يفعل خلال مدة العدة قضي بعدم الدستورية بشأن تقييد حق المطلق - إذا كان مسكن الزوجية مؤجرا - بأن يكون إعداده مسكنا مناسبا لصغاره من مطلقته وحاضنتهم، واقعا خلال فترة زمنية لا يتعدها، نهايتها عدة مطلقته – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض مجدى أحمد عزام.
المشرع أوقف التصرف ومنع تنفيذه متى توافر شرطان
في البداية - أحيانا فى حالة نشوب منازعات أسرية قد يلجأ الزوج أو المطلق حفاظاً منه على مسكن الحضانة أو الزوجية الى التصرف بأى صورة للغير فى هذا المسكن بغية التوصل إلى طردهم منه دون أن يوفر لهم المسكن المستقل المناسب المنصوص عليه فى المادة 18 مكرر من القانون 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985، إلا أن هذا التصرف لا يسري ولا ينفذ فى حق الصغار وحاضنتهم متى توافر شرطان – وفقا لـ"عزام":-
1- إذا كان لاحقاً على ثبوت حقهم فى شغل مسكن الزوجية.
2- إذا ثبت المتصرف إليه أنه كان يعلم وقت إبرام التصرف بهذا الحق.
	
ويجوز إثبات ذلك التحايل بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن، فمتى ثبت الشرطان فإن التصرف يبطل، لأنه يعد بمثابة اتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة بالنظام العام، أما إذا تخلف ذلك الشرطان أو أحدهما كما لو كان التصرف سابق على حق الحاضنة أو الصغار فى المسكن بشكل رسمى أو كان المتصرف اليه لا يعلم بذلك فإن التصرف يكون صحيحا – هكذا يقول "عزام".
موقف محكمة النقض من تلك الإشكالية
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لتلك الإشكالية في الطعن المقيد برقم 316 لسنة 93 قضائية، والصادر بجلسة 17 مايو 2025، والذى جاء في حيثياته: "تمسك الطاعنة أمام محكمة الموضوع بدفاع مؤداه صورية عقد الايجار سند الدعوى المبرم بين المطعون ضده الأول مع المطعون ضده الثاني مطلقها لطردها من مسكن الحضانة بأن اصطنعا العقد المذكور تحايلاً على قرار النيابة العامة بتمكينها من مسكن الحضانة، يُعد دفاع جوهري، أما التفات الحكم المطعون فيه عنه وقضاءه بطرد الطاعنة من عين التداعي تأسيسًا على عدم اطمئنانه لأقوال شاهديها و أنها تقدم ثمة دليل على وجود عقد أو اتفاق آخر مستتر قَصَدَ المتعاقدون إخفاءَه بعقد الإيجار المذكور، يعتبر قصور واخلال".
	
وكذا الطعن المقيد برقم 6265 لسنة 92 قضائية، الصادر بجلسة 18 فبراير 2025، والذى جاء في حيثياته: "تمسك الطاعنة في دفاعها أمام محكمتيّ الموضوع بدرجتيها بأنها تشغل العين محل التداعي وصغارها بعد تطليق المطعون ضده الثاني لها باعتباره مسكن حضانة وأن المطعون ضده الثاني تواطأ مع المطعون ضده الأول لطردها منها عن طريق تحرير عقدي تنازل وإيجار صوريين، يُعد دفاع جوهري، أما قضاء الحكم المطعون فيه برفض تدخلها الهجومي وطلبها منع تعرضهما لها في حيازة العين ودفعها بصورية العقدين دون الرد على هذا الدفاع يعتبر قصور ومخالفة للقانون وخطأ".
تطبيقات أخرى لمحكمة النقض
وأيضا الطعن المقيد برقم 5306 لسنة 93 قضائية، الصادر بجلسة 15 أبريل 2024، والذى جاء في حيثياته: "تمسك الطاعنة أمام محكمة الموضوع بتحايل المطعون ضدها الثانية مع المطعون ضده الأول مطلقها لطردها من مسكن الحضانة بأن حررت له عقد إيجار سابق في تاريخه على قرار النيابة العامة بتمكينها من مسكن الحضانة، يُعد دفاع جوهري، أما التفات الحكم المطعون فيه عنه وقضاءه بطرد الطاعنة من عين التداعي تأسيسًا على انتفاء أحقيتها في إقامة الدعوى لزوال علاقة الزوجية التي تستمد منها انتفاعها بالعين المؤجرة لصالح مطلقها المستأجر، فهو قصور وفساد وخطأ".
	
حكم أخر لمحكمة النقض
ولا يفوتنا الطعن المقيد برقم 3938 لسنة 85 قضائية، الصادر بجلسة 18 أغسطس 2020، والذى جاء في حيثياته: "نفقة الصغار بأنواعها من الأصول الثابتة شرعاً على عاتق الأب دون غيره، مع عدم سقوطها عنه ولو كان معسراً مادام قادراً على الكسب، أما امتناعه عن أدائها يكون مؤداه حبسه، كما أن التزام الزوج المطلق بتوفير مسكن لصغاره وحاضنتهم التزاماً تخيرياً ما بين تهيئة مسكن مستقل ومناسب أو استمرارهم في شغل مسكن الزوجية مدة الحضانة، بينما اسقاطه للخيار الأول يكون أثره ونتيجته استقلالها وصغارها بمسكن الزوجية متى طلبت ذلك، مع ثبوت حقها في ذلك من تاريخ الطلاق .
وتابعت: وتعلق ذلك بالنظام العام كسائر الأحكام المنظمة للأحوال الشخصية مع عدم جواز تحايل الزوج المطلق على القانون بتصرفه في مسكن الزوجية للغير بهدف اسقاط حق الصغار وحاضنتهم في شغل مسكن الزوجية مدة الحضانة دون توفير مسكن مستقل ومناسب لهم، أما مقتضاه عدم سريان ذلك التصرف متى كان لاحقاً على ثبوت حقهم في شغل مسكن الزوجية وتوافر علم المتصرف إليه بذلك الحق وقت إبرام التصرف، وعلة ذلك جواز إثبات ذلك التحايل بكافة طرق الإثبات طبقا للمادة 18 مكرراً ثالثاً ق 25 لسنة 1929 المعدل بق 100 لسنة 1985 بشأن الأحوال الشخصية.
	
