السبت، 08 نوفمبر 2025 01:39 ص

الخلط بين منازعة التنفيذ والرقابة الدستورية.. تحليل قانوني لإشكالية وقف تنفيذ مادة "الطرد" في قانون الايجار بعد 7 سنوات.. المحكمة الدستورية أكدت أن منازعة التنفيذ لا تُستخدم للطعن على نصوص تشريعية جديدة

الخلط بين منازعة التنفيذ والرقابة الدستورية.. تحليل قانوني لإشكالية وقف تنفيذ مادة "الطرد" في قانون الايجار بعد 7 سنوات.. المحكمة الدستورية أكدت أن منازعة التنفيذ لا تُستخدم للطعن على نصوص تشريعية جديدة المحكمة الدستورية العليا - أرشيفية
الجمعة، 07 نوفمبر 2025 11:00 م
كتب علاء رضوان

تُثار في الممارسة القضائية إشكاليات دقيقة تتعلق بالتكييف القانوني السليم للدعاوى المعروضة أمام المحكمة الدستورية العليا، ومن أبرزها الخلط بين طبيعة منازعة التنفيذ ودعوى الرقابة الدستورية، مثلما حدث في الدعوى التي تحمل رقم 32 لسنة 47 "منازعة تنفيذ"، وتستهدف المادة الثانية من تعديل قانون ايجار الأماكن رقم 164 لسنة 2025، ويدور النقاش حولها في إطار ما أُثير من منازعات وأطروحات قانونية متصلة بتطبيق هذا القانون.  

 

قيدت المحكمة الدستورية العليا، طعن جديد، يطالب بعدم دستورية قانون الايجار القديم المعدل مؤخرا، والذى صدق عليه رئيس الجمهورية القانون رقم 164 لسنة 2025 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، ويعد هذا أول طعن دستورية يقام على قانون الإيجار القديم الصادر مؤخرا، والذى أثار جدلا كبيرا بين الملاك والمستأجرين بالنظام القديم. 

 

تنفيذ 1

 

الخلط بين منازعة التنفيذ والرقابة الدستورية.. تحليل قانوني للقضية رقم 32 لسنة 47 منازعة تنفيذ

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على الخلط بين منازعة التنفيذ والرقابة الدستورية، وتحليل قانوني للقضية رقم 32 لسنة 47 منازعة تنفيذ، فقد قيدت دعوى منازعة التنفيذ في جدول المحكمة الدستورية بتاريخ 28 أغسطس الماضى والتي طالبت بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القانون رقم 164 لسنة 2025 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من النص فى مادته الثانية على أن: "تنتهى عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لغرض السكنى بانتهاء مدة سبع سنوات من تاريخ العمل به وذلك كله ما لم يتم التراضى على الإنهاء قبل ذلك"، وذلك لحين الفصل فى هذه المنازعة - بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض الدكتور حازم عبدالحاكم العيسوى.

 

كما طالبت الدعوى الحكم بالاستمرار فى تنفيذ الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 3 نوفمبر 2002 فى الدعوى رقم 70 لسنة 18 ق دستورية عليا والدعوى رقم 105 لسنة 19 ق دستورية عليا، وإسقاط نص المادة الثانية من القانون رقم 164 لسنة 2025، وعدم الاعتداد به مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المعروض ضدهم من الأول للسابع بصفتهم بالمصروفات، ومن ثمّ يُعالج هذا الإشكالية باعتبارها نموذجًا إشكاليًا يصلح للتحليل النظري والعملي لتوضيح الفارق بين منازعة التنفيذ وبين دعوى الرقابة الدستورية – وفقا لـ"العيسوى". 

 

تنفي 111

 

أولًا: الطبيعة القانونية لمنازعة التنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا

 

تنص المادة "50" من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 على أن المحكمة "تفصل دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها"، ويُفهم من ذلك أن منازعة التنفيذ تهدف إلى إزالة العوائق القانونية أو الواقعية التي تحول دون تنفيذ حكم صادر عن المحكمة الدستورية العليا، وقد أرست المحكمة في حكمها الصادر بجلسة 3 نوفمبر 1998 في الدعوى رقم 1 لسنة 19 "منازعة تنفيذ" مبدأً هامًا، مفاده أن منازعة التنفيذ لا تُستخدم للطعن على نصوص تشريعية جديدة، بل تقتصر على إزالة العوائق التي تعترض تنفيذ الأحكام الدستورية السابقة – هكذا يقول "العيسوى".

 

كما أكدت المحكمة في حكمها الصادر بجلسة 6 فبراير 1993 في الدعوى رقم 7 لسنة 14 "منازعة تنفيذ" أن قبول هذا النوع من المنازعات مشروط بوجود حكم سابق صادر عن المحكمة، وأن يكون التنفيذ قد تعطل بسبب عوائق قانونية محددة، وأن يكون مقدم الطلب ذا مصلحة مباشرة في إزالة هذه العوائق، كما قررت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في الدعوى  الدستورية رقم: 32 لسة 44 ق"منازعات تنفيذ" جلسة: 2/12/2023م، العديد من القواعد منها – طبقا لـ"العيسوى": 

 

تنفيذ 4

 

1- اتساع نطاق عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها وتحول دون تنفيذها أو تقيد نطاقها لتشمل التشريعات أو الأحكام القضائية أو القرارات الإدارية وكذا الأعمال المادية؛ ومن ثم فإن ذلك البروتوكول، أيًا كان تكييفه القانوني- لو يتجاوز هذا النطاق، ويُعدُ عائقًا في تنفيذ أحكام هذه المحكمة، وإذ يهدف المدعي بدعواه المعروضة إلى المضي في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا الثلاثة الُمشار إليها، وعدم الاعتداد بذلك البروتوكول، باعتبار أنه يُمثل عقبة قانونية تحول دون جريان آثارها وتنفيذ مقتضاها؛ ومن ثم فإن طلبه يندرج بهذه المثابة في عداد المنازعات التي عنتها المادة "50" من قانون هذه المحكمة وتختص بنظرها.  

 

2 - أن منازعة التنفيذ تدور - وجودًا وعدمًا - مع نطاق حجية الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، ولا تتعداه إلى غيره من النصوص التشريعية، ولو تشابهت معها؛ ذلك أن الحجية المُطلقة للأحكام الصادرة في موضوع الدعوى الدستورية يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للنزاع حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلًا حاسمًا بقضائها، دون تلك التي لم تكن مطروحة على المحكمة، ولم تفصل فيها بالفعل، فلا تمتد إليها تلك الحجية، على أن يكون مفهومًا أنه لا يحوز من الحكم تلك الحجية المطلقة سوى منطوقه وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالًا حتميًا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها؛ ومن ثم لا يجوز الارتكان إلى تلك الأسباب إلا حال تعلق العقبة التي تحول دون تنفيذ الحكم الدستوري بما يقضي به ذلك الحكم مرتبطًا بأسبابه، وعلى ذلك لا يجوز نزع أسباب الحكم من سياقها أو الاعتداد بها بذاتها، دون المنطوق، للقول بأن هناك عقبات تحول دون سريان تلك الأسباب. 

 

تنفيذ 6

 

وانتهت في قضاءها إلى أنه: "لا ينال مما تقدم اعتصام المدعي بمخالفة البروتوكول المشار إليه للقانون والدستور، على سند من عدم خضوع المحامين لأحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة، باعتبار أن الضريبة فريضة مالية لا يمكن فرضها إلا بقانون، كون ذلك ينحل في حقيقته إلى طعن على دستورية هذا البروتوكول، أقيم أمام هذه المحكمة بغير الطريق الذي رسمه القانون، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.  

 

ثانيًا: الطريق القانوني للطعن على دستورية النصوص التشريعية

 

ينظم قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979، في مادته "29"، الطريق الحصري للطعن على دستورية القوانين، والذي يتم من خلال الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة الموضوع، ولا يجيز القانون المصري رفع دعوى مباشرة أمام المحكمة الدستورية العليا للطعن على نصوص تشريعية، إلا إذا أذنت محكمة الموضوع بذلك أو أحالت المسألة من تلقاء نفسها وفقًا للمادتين "30" و"31" من ذات القانون. 

 

تنفيذ 7

 

كما تنص المادة "192" من الدستور المصري الحالي على أن المحكمة الدستورية العليا "تتولى دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح"، مما يؤكد أن اختصاصها في الرقابة الدستورية لا يُفعل إلا عبر المسار الإجرائي المحدد قانونًا، وقد استقرت المحكمة في حكمها الصادر بجلسة 7 يونيو 1997 في الدعوى رقم 11 لسنة 15 دستورية على أن رفع دعوى الرقابة المباشرة غير جائز إلا وفقًا لهذا الطريق – هكذا يرى "العيسوى".

 

ثالثًا: التقييم القانوني للقضية رقم 32 لسنة 47 منازعة تنفيذ

 

بناءً على النصوص القانونية والسوابق القضائية المستقرة، يتضح أن الطلب المتصور في هذه القضية لا يندرج ضمن منازعة التنفيذ، بل يمثل طعنًا غير مباشر على دستورية نص تشريعي جديد، وهو ما يخالف شروط قبول منازعة التنفيذ، فالمادة الثانية من القانون رقم 164 لسنة 2025 لا تُشكل عائقًا محددًا أمام تنفيذ حكم سابق صادر عن المحكمة الدستورية العليا، ولم يُبين مقدم الطلب المفترض كيف أن هذا النص التشريعي يُعطل تنفيذ حكم بعينه، كما لم تُذكر فيه الأحكام الدستورية السابقة التي يُدعى مخالفتها، ولم تُحدد طبيعة العوائق القانونية التي تحول دون تنفيذها، مما يُفقد الطلب شرطًا جوهريًا لقبوله – بحسب الخبير القانونى. 

 

تنفيذ 3

 

وقد أكدت المحكمة في حكمها الصادر بجلسة 1 يوليو 2000 في الدعوى رقم 3 لسنة 20 "منازعة تنفيذ" أن مجرد صدور قانون جديد لا يصلح بذاته عائقًا لتنفيذ حكم سابق إلا إذا تعلق مباشرة بالحكم المطلوب تنفيذه، وبالتالي، فإن التكييف القانوني لمثل هذا الطلب يُعد خاطئًا، ويؤدي إلى عدم قبول المنازعة شكلًا، تطبيقًا للمادة "50" من قانون المحكمة الدستورية العليا، ولما استقر عليه قضاء المحكمة في أحكامها المشار إليها.

 

الخلاصة:

 

يتضح من التحليل أن القضية "المفترضة" رقم 32 لسنة 47 "منازعة تنفيذ"  بوصفها نموذجًا إشكاليًا – لا تستوفي الشروط القانونية لقبول منازعة التنفيذ، وأن الطلب المقدم يُعد في جوهره دعوى رقابة دستورية غير مقبولة شكلًا، لعدم اتباع الطريق الإجرائي المنصوص عليه في المادة "29" من قانون المحكمة الدستورية العليا – وعليه - فإن المحكمة الدستورية العليا من الأرجح  – حال عرض مثل هذا الطلب – الحكم بعدم قبوله، تأسيسًا على الخطأ في التكييف القانوني، وغياب العوائق المحددة التي تحول دون تنفيذ حكم سابق، وذلك اتساقًا مع ما أرسته المحكمة في أحكامها الصادرة في الدعويين رقم 1 لسنة 19، 7 لسنة 14، وكذلك الدعوى رقم 3 لسنة 20 "منازعة تنفيذ".

 

تنفيذ 8

حازم
 
الخبير القانوني والمحامى بالنقض الدكتور حازم عبدالحاكم العيسوى
 

 

موضوعات متعلقة :

بعد مرور 45 يومًا على انطلاقها.. لجان حصر الإيجار القديم تقترب من إنهاء أعمالها تمهيدًا للزيادات الجديدة.. تصنيف المناطق لتحديد قيمة الأجرة.. والتظلم على قرارات اللجان حق مشروع أمام القضاء الإداري لضمان العدالة

بعد مرور 45 يومًا على انطلاقها.. لجان حصر الإيجار القديم تقترب من إنهاء أعمالها تمهيدًا لتطبيق الزيادات الجديدة.. تصنيف المناطق لتحديد قيمة الأجرة.. والتظلم على قرارات اللجان أمام القضاء الإدارى لضمان العدالة

النقض تتصدى للعبارات والألفاظ الغامضة فى عقود الإيجار.. الأبرز "من تاريخه إلى ما لا نهاية".. وتعتبرها "غير مُحددة المُدة".. وتحكم فيه المحكمة بفسخ العقد.. والحيثيات تستند لنص المادة "563" من القانون المدنى

للمُلاك.. لو المستأجر باع شقته اللى بيمتلكها عشان ميطردش من الشقة الإيجار.. الحل إيه؟.. المعيار الأساسي هو "وقت التملك وليس وقت البيع".. ويجوز الطعن بصورية البيع ولكن بشروط.. وخبير يُجيب عن 10 أسئلة شائكة

للملايين..النقض تتصدى لبند "يُجدد لمُدد مماثلة" في عقود الإيجار الجديد.. وتقضى بالطرد من العين.. والثغرة أن العقد تضمن بندًا لـ"مدة 9 سنوات".. واتفق الطرفان على التجديد لمدد مماثلة دون تحديد موعد انتهاء الإيجار


print