السبت، 27 سبتمبر 2025 01:13 م

المحامى خط أحمر..

"موظفة" تتعدى على محام بمقولة: "اطلع برة مكتبى".. ومحكمة أول درجة تغرمها 10 آلاف جنيه.. والنيابة تستأنف الحكم لتغليظه.. و"الاستئناف" تقضى بحبسها 6 أشهر نافذة.. ودراسة تحليلية تكشف خطورة التعدى على المحامين

"موظفة" تتعدى على محام بمقولة: "اطلع برة مكتبى".. ومحكمة أول درجة تغرمها 10 آلاف جنيه.. والنيابة تستأنف الحكم لتغليظه.. و"الاستئناف" تقضى بحبسها 6 أشهر نافذة.. ودراسة تحليلية تكشف خطورة التعدى على المحامين محكمة - أرشيفية
السبت، 27 سبتمبر 2025 09:00 ص
كتب علاء رضوان

حكم محكمة جنح مستأنف مطروح، القاضي منطوقه بحبس "موظفة عامة" 6 شهور مع النفاذ، لاتهامها بالتعدى على محام أثناء تأديته لعمله، وقالت له بلهجة مهينة: "اطلع برة مكتبي"، فتحت الباب للحديث حول جريمة التعدي على محام أثناء تأدية عمله، خاصة أن هذه الكلمة سالفة البيان كانت غالية جدًا عليها، لأن النيابة العامة استمعت للشهود وثبت التعدي، والمحكمة طبقت نص المادة 54 من قانون المحاماة، والتي تساوي أي إهانة لمحامٍ أثناء عمله، بارتكاب الجريمة ضد قاضٍ.

 

المفاجأة أن محكمة أول درجة اكتفت بغرامة 10,000 جنيه، لكن النيابة قالت: (لا) واستأنفت الحكم، والمحكمة العليا أسقطت الأمر الجنائي ونسفته من الوجود، وقضت مجددًا بحبس المتهمة 6 أشهر نافذة فورًا، لتكون رسالة صارمة بأن كرامة المحامي خط أحمر، والذى سيتجاوز، فالقانون جاهز ومستعد.

 

سيدة
 

 

أولاً: الواقعة والسياق الإجرائي:-

 

تتلخص الواقعة محل الدراسة في قيام موظفة عامة بالتعدي بالقول المهين على أحد المحامين أثناء قيامه بأعمال مهنته. فقد وجهت إليه عبارة مهينة باللهجة العامية قائلة: "اطلع برة مكتبي"، وذلك على سبيل الإهانة أثناء تواجده لأداء عمله القانوني، وهذه العبارة اعتُبرت تعديًا على كرامة المحامي وحُرمة مهنته، وبناءً على هذه الواقعة، حررت الجهات المختصة محضرًا ضد الموظفة العامة بتهمة إهانة محام أثناء تأدية وظيفته أو بسببها، وفقًا لنص المادة 54 من قانون المحاماة المصري.

 

في المرحلة الأولى من الإجراءات، أُحيلت الواقعة إلى القضاء الجزئي حيث صدر أمر جنائي ضد المتهمة بتغريمها مبلغ عشرة آلاف جنيه مصري، والأمر الجنائي هو إجراء عقابي يصدره القاضي في الجنح البسيطة "أو يصدره عضو النيابة في بعض الحالات" دون جلسة محاكمة علنية، مكتفيًا بالاطلاع على الأوراق، ويتميز الأمر الجنائي بسرعة الفصل مع الاكتفاء بعقوبة الغرامة في حدود معينة. 

 

شش

 

محكمة أول درجة تقضى بالغرامة.. والاستئناف تقضى بالحبس

 

في هذه القضية رأت محكمة الدرجة الأولى – على ما يظهر – أن الواقعة يمكن الاكتفاء فيها بعقوبة الغرامة، فأصدرت أمرًا جنائيًا بغرامة 10,000 جنيه، ولكن النيابة العامة لم ترتضِ هذا التصرف، فقامت بالاعتراض (استئناف) على الأمر الجنائي خلال الميعاد القانوني المحدد بثلاثة أيام من صدوره، وبمجرد اعتراض النيابة، سقط الأمر الجنائي واعتُبر كأن لم يكن، ومن ثمَّ تم تحويل الدعوى إلى إجراءات المحاكمة العادية.

 

نُظرت القضية أمام محكمة الجنح المستأنفة بمحافظة مطروح "بصفتها المحكمة المختصة بعد سقوط الأمر الجنائي"، والتي ألغت الأمر الجنائي الصادر بالغرامة، وبعد سماع المرافعات وفحص الأدلة، قضت محكمة الجنح المستأنفة بحكم جديد يقضي بإدانة الموظفة المتهمة وحبسها لمدة ستة أشهر مع النفاذ "أي حبسًا واجب التنفيذ الفوري دون وقف التنفيذ".  

 

محام6666

 

استبدال العقوبة المالية المخففة بعقوبة سالبة للحرية

 

وهكذا تم استبدال العقوبة المالية المخففة بعقوبة سالبة للحرية، وذلك بناءً على تقييم المحكمة لمقتضيات الردع العام وحماية كرامة مهنة المحاماة في ضوء نص المادة 54 من قانون المحاماة. من الجدير بالذكر أن صدور حكم الحبس في درجة الاستئناف جاء نتيجة لمباشرة النيابة حقها في الطعن طلبًا لتشديد العقوبة، وهو أمر تجيزه القانون وتقره المحكمة الدستورية في سياق دور النيابة في حماية الصالح العام.

 

ثانياً: التكييف القانوني للواقعة وفق المادة 54 من قانون المحاماة:-

 

وفى هذا الشأن – قدم الخبير القانوني والمحامى بالنقض ألبير أُنسى، دراسة قانونية تحليلية حول جريمة التعدي على محام أثناء تأدية عمله، تضمنت العديد الشرح والتوضيح، حيث جاءت فيها: تعد هذه الواقعة نموذجًا لتطبيق نص المادة 54 من قانون المحاماة المصري "القانون رقم 17 لسنة 1983 وتعديلاته"، تنص هذه المادة على أنه: "يعاقب كل من تعدى على محامٍ أو أهانَه بالإشارة أو القول أو التهديد أثناء قيامه بأعمال مهنته أو بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أحد أعضاء هيئة المحكمة"، ويُفهم من ذلك أن المشرّع قد ساوى المحامي أثناء وبسبب أداء عمله بأعضاء هيئة المحكمة "القضاة" من حيث الحماية الجزائية، فكل من يعتدي على محامٍ بالقول أو الفعل المهين أثناء قيام المحامي بعمله "أو بسبب أدائه لعمله"، يُعاقَب بنفس العقوبة المقررة قانونًا للاعتداء على قاضٍ أو إهانته. 

 

محامى 22

 

وبحسب "الدراسة التحليلية": ولمزيد من الإيضاح، تشير المادة 54 إلى العقوبات المنصوص عليها في المادة 133 من قانون العقوبات المصري فيما يتعلق بجريمة إهانة الموظف العام وأعضاء الهيئات القضائية، تنص الفقرة الأولى من المادة 133 عقوبات على عقوبة حبس لا تزيد على 6 أشهر أو غرامة لا تتجاوز 20 جنيهًا لكل من أهان موظفًا عامًا أو مكلفًا بخدمة عامة بالإشارة أو القول أو التهديد أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها، ثم تنص الفقرة الثانية من المادة ذاتها على أنه: "إذا وقعت الإهانة على محكمة قضائية أو إدارية أو مجلس أو على أحد أعضائها وكان ذلك أثناء انعقاد الجلسة تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز خمسين جنيهًا".  

 

تعديلات تهدف إلى تعزيز حماية هيبة القضاء والموظفين العموم

 

وتضيف "الدراسة التحليلية": وعلى الرغم من قِدم مبالغ الغرامات المذكورة في النص الأصلي لقانون العقوبات، إلا أن هذه الحدود تم تعديلها ورفعها بمرور الزمن، ومؤخرًا في عام 2024 وافق المشرّع من حيث المبدأ على تعديل المادة 133 عقوبات لتغليظ العقوبة، بحيث تصبح العقوبة حبسًا من سنة إلى سنتين وغرامة من 20 ألف إلى 50 ألف جنيه للإهانة الموظف العام عمومًا، وتُصبح حبسًا من 5 إلى 7 سنوات وغرامة من 50 إلى 100 ألف جنيه إذا وقعت الإهانة على محكمة أو أحد أعضائها أثناء الجلسة، وهذه التعديلات تهدف إلى تعزيز حماية هيبة القضاء والموظفين العموم.

 

محاى 5

 

وأوضحت "الدراسة التحليلية": بالرجوع إلى المادة 54 محل النقاش، فإنها تربط بين الجريمة الواقعة على المحامي والجريمة الواقعة على القاضي، وبالتالي، تكييف الواقعة التي نحن بصددها هو أنها جريمة إهانة محام أثناء تأدية عمله، والمعاقب عليها بنفس عقوبة إهانة هيئة المحكمة، وبما أن واقعة الحال كانت إهانة قولية وليست اعتداء جسديًا، فهي تندرج تحت مفهوم "الإهانة بالإشارة أو القول" المنصوص عليه، وقد استلزمت المادة 54 لتطبيقها توافر شرطين أساسيين: الأول أن يكون المجني عليه محاميًا ممارسًا للمهنة؛ والثاني أن تقع الإهانة أثناء أداء المحامي أعمال مهنته أو بسببها في حالتنا، المحامي كان يمارس عمله داخل مكتب الموظفة العامة وإنجاز مهمة تتعلق بموكله على ما يبدو، والإهانة صدرت أثناء ذلك وبسبب قيامه بواجبه، مما يحقق الشرطين، وعليه فإن الركن المادي للجريمة متوافر "فعل الإهانة بالقول المهين"، والركن المعنوي متوافر أيضًا إذ تُعتبر هذه العبارات مهينة بذاتها وتدل على قصد جنائي للإساءة إلى كرامة المحامي.

تطبيقًا لذلك، تم اتهام الموظفة تحت نص المادة 54 من قانون المحاماة مقرونًا بالمادة 133 عقوبات، ومعنى الإحالة إلى عقوبة إهانة أحد أعضاء هيئة المحكمة أن العقوبة قد تصل إلى الحبس لمدة سنة "قبل التعديل الأخير" أو أشد إذا عُدّت الجريمة جسيمة، وفي الحكم الصادر عن محكمة مطروح، فإن القضاء بحبس المتهمة 6 أشهر يدخل ضمن نطاق العقوبة الممكنة "دون تجاوز الحد الأقصى القديم وهو سنة"، وبالتالي فإن الحكم من الناحية القانونية يستند إلى أساس متين من نصوص القانون المذكورة، ويجدر التنويه إلى أن بعض المصادر تذكر أن عقوبة التعدي على محام: "لا تقل عن ستة أشهر حبسًا وغرامة مناسبة"، وهو ما يفهم منه اتجاه نحو التشديد "ربما مستفاد من صياغة قضائية أو مقترحات تشريعية حديثة"، وإن كان النص القانوني الصريح قبل تعديلات 2024 لا يضع حدًا أدنى مقدرًا بالأشهر. على كل حال، الحكم الصادر بالحبس لمدة نصف سنة يتوافق مع روح التشديد على هذه الجرائم، دون أن يتجاوز حدود العقوبة المقررة – وفقا لـ"الدراسة التحليلية". 

 

محاح88

 

ثالثاً: الحماية القانونية للمحامي ومساواته بالقاضي – الأساس الدستوري والفقهي:

 

لقد حرص المشرّع المصري على تعزيز الحماية القانونية للمحامي أثناء تأدية عمله لما يمثله ذلك من ضمانة لحق الدفاع وصون لهيبة العدالة، وقد بلغ المشرّع هذه الغاية من خلال مساواة المحامي بالقاضي في حالة التعرض للإهانة أو الاعتداء أثناء العمل. فهذا التكافؤ في الحماية له أساسه في الدستور وفي فلسفة القانون، ونصت المادة 198 من دستور جمهورية مصر العربية (دستور 2014) على أن: "المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حق الدفاع… ويتمتع المحامون جميعًا أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التي تقررت لهم في القانون، مع سريانها عليهم أمام جهات التحقيق والاستدلال، ويُحظر في غير حالات التلبس القبض على المحامي أو احتجازه أثناء مباشرته حق الدفاع، وذلك كله على النحو الذي يحدده القانون"، هذا النص الدستوري يضع إطارًا صريحًا لحصانة المحامي أثناء أداء وظيفته، ويؤكد أن حمايته ليست مجرد ترف أو امتياز شخصي، بل هي ضمانة أساسية لكفالة حق الدفاع وسيادة القانون.

 

من منظور الفقه القانوني، أجمع شرّاح القانون على أهمية توفير هذه الحماية. وقد عبّر الأستاذ رجائي عطية (نقيب المحامين الراحل وأحد فقهاء القانون) عن ذلك بقوله: "توفير الحصانة للمحامين ليس محاباة ولا مجاملة، وإنما هو تحصين للعدالة ذاتها ولحقوق الناس التي ينهض المحامون للدفاع عنها"، فالمحامي في قيامه بدوره يمثل جانب الدفاع المكمل لعمل القضاء، وأي تهديد أو اعتداء يتعرض له بسبب أداء هذا الدور يُعد افتئاتًا على حق الدفاع وعرقلةً لسير العدالة، لذلك أضفى القانون على المحامي حصانة شبيهة بحصانة القاضي في الجلسة – ليس لمصلحة ذاتية للمحامي، بل للمصلحة العامة المتمثلة في ضمان قيام المحامي بواجبه بلا خوف أو تضييق. 

 

محامىى778

 

نهج المشرّع في عدة نصوص تكفل هذه الحماية

 

ويتضح نهج المشرّع في عدة نصوص تكفل هذه الحماية: ففضلًا عن المادة 54 سالفة الذكر، نصت المادة 49 من قانون المحاماة على واجب المحاكم والجهات الأخرى في معاملة المحامي بالاحترام اللازم أثناء تأدية عمله، كما منعت المادة 50 من القانون ذاته حبس أو توقيف المحامي احتياطيًا بسبب أقوال أو اتهامات صدرت منه أثناء أو بسبب ممارسته المهنة، إلا بإجراءات خاصة وعن طريق النائب العام، هذه النصوص كلها تعبّر عن توجه تشريعي وفكري يعتبر المحامي شريكًا في إحقاق العدالة، ومن ثم يستحق حصانة قانونية أثناء عمله مماثلة – في حدودها – لما يتمتع به القاضي في منصة القضاء.

ويؤكد الفقهاء أيضًا أن هذه الحماية واجبة لتمكين المحامي من أداء رسالته في كشف الحقيقة والدفاع عن موكله دون وجل، إذ كثيرًا ما يتعرض المحامون لمضايقات أو اعتداءات (خاصة في أقسام الشرطة أو جهات التحقيق) من بعض من يجهلون حدود دور المحامي، ومن هنا جاء القانون ليضع حدًا لتلك الاعتداءات بتجريمها صراحة. وقد قررت محكمة النقض المصرية أن تهمة إهانة محامٍ أثناء تأدية عمله تستلزم لقيامها نفس شروط إهانة القاضي: وقوع إهانة تحمل معنى الإساءة أو المساس بالكرامة بشكل متعمد تجاه المحامي بسبب أداء وظيفته، وبهذا يجري القضاء المصري في اتجاه دعم هذه الحصانة المستمدة من القانون ومن فهم عميق لدور المحامي في توازن منظومة العدالة.

 

محامى 92

 

وخلاصة القول، إن مساواة المحامي بالقاضي في الحماية من الإهانة أثناء العمل تجد سندها في اعتبارات دستورية (حق الدفاع وسيادة القانون) وتشريعية (نصوص قانون المحاماة) وفقهية، كل ذلك يهدف إلى تكريس شعور عام باحترام مهنة المحاماة كجزء لا يتجزأ من هيبة القضاء ذاته، فإهانة المحامي في قاعة المحكمة أو أثناء مباشرة مهمة دفاعية تُعتبر إهانة لهيئة المحكمة ولدور العدالة، ولذلك شدد القانون حيالها، وكما قيل في أحد أحكام المحاكم: "قانون المحاماة حصّن الدفاع داخل الجلسة وخارجها"، في إشارة إلى أن كرامة المحامي خط أحمر ينبغي ألا يُسمح بتجاوزه دون جزاء رادع.

 

رابعاً: السوابق القضائية المشابهة وتطبيقات المادة 54:- 

 

شهد القضاء المصري في السنوات الأخيرة عددًا من الأحكام التي طبقت المادة 54 من قانون المحاماة بحزم، بما يعكس توجهًا عامًّا نحو حماية المحامين وردع أي اعتداء عليهم. ونذكر فيما يلي بعض الأمثلة البارزة على ذلك:

 

 •حكم محكمة إيتاي البارود الجزئية "البحيرة" عام 2024:


في هذه القضية قام شخصان "فتاتان" بالاعتداء على محام أثناء تأدية عمله، ولم يقتصر الأمر على الإهانة بالقول بل تعداه إلى اعتداء مادي وسرقة بعض متعلقاته، وصدر حكم بإدانتهما استنادًا للمادة 54، واشتمل الحكم على معاقبتهما بالحبس لمدة أربع سنوات "قسم منها مع الشغل والنفاذ وقسم مع إيقاف التنفيذ بكفالة"، إضافة إلى غرامة قدرها 5 آلاف جنيه لكل منهما، جاء في حيثيات ذلك الحكم التشديد على أن كرامة المحامي خط أحمر، وأن القانون يقرر عقوبات صارمة في مواجهة من يعتدي على محام أثناء أو بسبب عمله، وتضمن الحكم عدة اتهامات من بينها تعدي بالضرب والسب على المحامي، وجرى تطبيق العقوبات المناظرة في قانون العقوبات مع إعمال نص المادة 54 لجعل التعدي على المحامي بمثابة التعدي على هيئة المحكمة. 

 

محامى999

 

 • حكم بحبس ثلاثة أشقاء لاعتدائهم على محاميهم "2023":
في واقعة أخرى أيدت محكمة الاستئناف حكمًا بحبس 3 متهمين أشقاء لمدة (لم يذكر الخبر مدتها تحديدًا) لاتهامهم بالتعدي على محاميهم بالضرب والإهانة بسبب خلاف حول أتعاب المحاماة، وجاء في حيثيات ذلك الحكم التأكيد على أن قانون المحاماة حصّن المحامي داخل الجلسة وخارجها، وأن أي انتهاك لكرامته أثناء تأدية واجبه يُقابل بصرامة قانونية، "العنوان الإخباري يُلمح لعبارة (المحامي خط أحمر)"، هذه السابقة تشير إلى أن المحاكم تطبق نص المادة 54 سواء وقع التعدي داخل قاعة المحكمة أو خارجها طالما كان بسبب ممارسة المهنة.

 

 •حكم محكمة النقض (الطعن رقم 23182 لسنة 66 قضائية – جلسة 4/1/2006):
وهو حكم مهم لأنه يرسي بعض الضوابط الإجرائية لتطبيق المادة 54. قضت محكمة النقض في هذا الطعن بنقض حكم إدانة المتهم بإهانة محام، لأن حكم محكمة الموضوع قصّر في بيان صفة المجني عليه (المحامي) وعلاقة الإهانة بعمله. وقررت النقض أنه يشترط لتوافر جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة 54 من قانون المحاماة أن تقع الإهانة على المحامي أثناء قيامه بأعمال مهنته أو بسببها، فإذا خلا الحكم الابتدائي من استظهار هذه الظروف (كون المجني عليه محامٍ وأن الإهانة بسبب ممارسته عمله) فإنه يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب، كما أكدت محكمة النقض في ذات الحكم أن المادة 54 تربط عقوبة هذه الجريمة بنص المادة 133 عقوبات، لذا يتعين على المحكمة عند الإدانة أن تشير إلى نص القانون الذي أنزلت بموجبه العقاب (أي مادة 54 المحاماة مقترنة بمادة 133 عقوبات)، وأي إغفال لذلك يُعد خطأ يبطل الحكم، هذه السابقة توضح أهمية التكييف القانوني السليم للجريمة في الحكم وضرورة بيان عناصرها بوضوح.

 

•أحكام أخرى متنوعة:
هناك أحكام عديدة في السنوات الماضية عاقبت متهمين بالحبس لمدد مختلفة لاعتدائهم على محامين. على سبيل المثال، أشارت مصادر إخبارية إلى صدور حكم بحبس متهم لمدة سنة مع الشغل وكفالة مئة جنيه لاعتدائه على محام أثناء عمله، كما برزت قضايا كان المحامون أنفسهم متهمين فيها بالاشتباك مع موظفين (كما في أزمة محامي مطروح الشهيرة عام 2023)، ولكن تلك تخرج عن نطاق بحثنا لأنها تتعلق بالعكس (اعتداء محامين على موظفين وليس العكس)، ومع ذلك، أدى تصاعد تلك الحوادث إلى زيادة الوعي والحزم من جانب نقابة المحامين والنيابة العامة تجاه أي اعتداء يقع على المحامين، وكثيرًا ما تتدخل نقابة المحامين وتتابع بل وتعلّق العمل إذا صدر اعتداء جسيم على عدد من أعضائها، كما حدث في أزمة مطروح حين صدر حكم ابتدائي مشدد ضد محامين ثم تم تعليقه واستؤنف إلى أن انتهى الأمر بالتصالح والبراءة لاحقًا. هذه الأجواء ربما أثرت على إدراك الجهات القضائية لأهمية تطبيق المادة 54 بحذافيرها لتحقيق التوازن وحماية الطرف الآخر (المحامين) أسوة بحماية الموظفين.

 

خلاصة السوابق القضائية:
تؤكد أن المحاكم المصرية تفعِّل نص المادة 54 بفعالية كلما توافرت شروطها. فمجرد التفوه بعبارات فيها إساءة وانتقاص من قدر المحامي أثناء واجبه يُشكل جريمة إهانة يُعاقب عليها، حتى لو لم تصل الألفاظ إلى حد السب العلني أو القذف الصريح. المعيار هو دلالة العبارات على المساس بالشعور والكرامة والقصد المتعمد لإهانة الشخص بسبب صفته، وهذا ما انطبق تمامًا على واقعة الموظفة التي قالت للمحامي "اخرج بره…"، بلهجة مهينة أمام الحضور، مما اعتبرته المحكمة إهانةً وقحة استوجبت العقاب، لذا يأتي حكم حبسها 6 أشهر متسقًا مع نهج عام في الردع، وإن كان يظل خاضعًا لرقابة محكمة النقض لو طُعن عليه من حيث تناسب العقوبة مع الفعل وظروف الواقعة.

 

خامساً: إلغاء الأمر الجنائي واستبداله بحكم حبس – تقييم إجرائي ودستوري:-

 

يثير إلغاء الأمر الجنائي "الغرامة" وإصدار حكم جديد بالحبس تساؤلات حول الطبيعة الإجرائية لهذا التحول ومدى انسجامه مع المبادئ الدستورية والإجرائية، خصوصًا مبادئ العدالة الجنائية وحقوق الدفاع، ومن المنظور القانوني البحت، ما جرى في هذه القضية صحيح من حيث الإجراءات ومتوافق مع قانون الإجراءات الجنائية، فالأمر الجنائي كما أسلفنا ليس حكمًا قضائيًا باتًا وإنما هو قرار عقابي مبسط يصدر دون محاكمة علنية، والقانون أجاز للنيابة العامة"، وكذلك للمتهم والمدعي بالحق المدني في بعض الحالات" الاعتراض أو إعلان عدم القبول لهذا الأمر خلال أجل محدد، ونتيجة هذا الاعتراض صريحة في القانون، إذ تنص المادة 327 إجراءات جنائية على أن اعتراض النيابة أو الخصوم خلال الميعاد "يترتب عليه سقوط الأمر واعتباره كأن لم يكن"، أي أننا إزاء نظام أقرب لـ"المحاكمة على درجتين" بصورة مستترة؛ فالدرجة الأولى هي الأمر الجنائي، "إن قُبل وسرى بدون اعتراض"، فإذا تم الاعتراض انتقلنا إلى درجة المحاكمة العادية كأنها أول درجة فعلية.

 

في حالتنا، اعترضت النيابة العامة على الأمر الجنائي بالغرامة، فسقط الأمر الجنائي وعادت الدعوى إلى مسارها الطبيعي أمام قاضي الجنح. ومن ثم عُرضت الأدلة وسمع الدفاع وصدر حكم جديد بالحبس، وهذا الإجراء لا يشكل مساسًا بمبدأ عدم جواز محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين "المبدأ المعروف بعدم جواز ازدواج العقاب أو (Ne bis in idem)"، لأن الأمر الجنائي الملغى لا يُعد محاكمة انتهت بحكم قضائي مبرم، بل هو إجراء يشترط القانون صراحة أنه يسقط بالاعتراض ويُمحى أثره، وبالتالي فإن محاكمة المتهمة في جلسة علنية وإصدار حكم أشد لا يعتبر "محاكمة ثانية" بل هو استكمال لنفس الإجراءات في صورتها العادية بعد زوال الصورة الاختصارية. 

 

حق النيابة في الاستئناف (أو الاعتراض) لتشديد العقوبة

 

أما من حيث حق النيابة في الاستئناف (أو الاعتراض) لتشديد العقوبة، فهذا أمر أقره الدستور والقانون في مصر، فالنيابة العامة باعتبارها ممثلة للمجتمع تُمنح حق الطعن بالأحكام الجنائية إذا رأت أنها لم تحقق الردع أو العدل الكافي. وقد طُرح أمام المحكمة الدستورية العليا سؤال حول دستورية انفراد النيابة والمتهم بحق الاستئناف في الجنح دون المدعي المدني، فقضت المحكمة عام 2018 بصحة ذلك الترتيب، مؤكدةً أن النيابة العامة جزء أصيل من السلطة القضائية تتمتع بالحياد والاستقلال وأسند إليها الدستور تحريك الدعوى الجنائية حرصًا على الصالح العام، وجاء في حيثيات حكم الدستورية أن المشرع قصد "ألا يكون لسطوة الجاني مهابة تحول دون بلوغ العدالة الجنائية غايتها الاجتماعية"، مما يبرر تمكين النيابة من الطعن لتشديد العقاب إذا رأت أن الحكم الابتدائي متساهل لا يحقق الردع، وأضافت المحكمة أن تولي النيابة لهذا الدور يحول دون تسخير الطعون كوسيلة للمكايدة بين الخصوم، ويوفر ضمانة موضوعية بأن جهة محايدة "النيابة" توازن بين حق المجتمع وحقوق المتهم، من هذا المنطلق، زيادة العقوبة في الاستئناف بناءً على طعن النيابة لا تصطدم بأي قيد دستوري في النظام المصري، خلافًا لبعض الأنظمة التي تمنع تسوئ مركز الطاعن إذا كان المتهم وحده هو المستأنف، فهنا النيابة هي المستأنفة، ومن حقها طلب تشديد العقوبة لتحقيق الردع العام.

 

رغم ذلك، لا بد من الإشارة إلى مبدأ عام في العدالة وهو وجوب توافر ضمانات المحاكمة العادلة للمتهم. ففي المحاكمة التي أعقبت سقوط الأمر الجنائي، حظيت المتهمة بفرصة كاملة للدفاع عن نفسها أمام المحكمة، وربما لو كانت هناك أسانيد لظروف مخففة كان بوسعها طرحها، كما أن المحكمة كانت مقيدة بسقف العقوبة القانونية للجريمة (وهو الحبس حتى سنة واحدة في ذلك الوقت) ولم تتجاوزه، إذن من الزاوية الإجرائية، لا يوجد إخلال ظاهر بحقوقها؛ فهي لم تفاجَأ بعقوبة أشد دون أن تكون لها فرصة للدفاع، بل جرت محاكمة حضورية جديدة.   

 

يبقى التساؤل:

 

يبقى التساؤل: هل كان من المناسب أصلًا لواقعة قولية غير مصحوبة بعنف أن تُعالَج ابتداءً بأمر جنائي "غرامة" ثم تُشدد لاحقًا لحبس؟ قد يبدو للبعض أن الأصلح كان السير في المحاكمة من البداية دون أمر جنائي نظرًا لحساسية الجرم، لأن المادة 325 من تعليمات النيابة مثلًا تجيز للقاضي رفض إصدار الأمر الجنائي إذا رأى أن الواقعة تستوجب عقوبة أشد من الغرامة، وربما كان ينبغي اتباع ذلك هنا، لكن على كل حال، القانون أعطى للنيابة سبيل تصحيح المسار عبر الاعتراض، وقد استخدمته.

 

من الناحية الدستورية والإجرائية العامة، يمكن القول إن استبدال الغرامة بالحبس في الاستئناف يتفق مع مبدأ التدرج في التقاضي ووجود فرص للطعن، ولا يتعارض مع أي حق دستوري للمتهمة. فلو كان الأمر الجنائي قد رضي به المجتمع "النيابة" لكان انتهى الأمر عند الغرامة، لكن اعتراض النيابة مؤشر على أن ممثل الصالح العام رأى العقوبة غير كافية، وهذا يتسق مع فلسفة قانونية مفادها أن العقوبة يجب أن تحقق الردع والعدالة، وربما يثير تساؤلًا حول مدى تناسب تشديد العقوبة مع مبدأ رحمة القانون أو مبدأ "عدم الإضرار بالمتهم بطعنه" – ولكن هنا المتهمة لم تطعن، بل النيابة، فلا ينطبق مبدأ عدم التسوئ على طعن المتهم، أما الرحمة في تقدير العقوبة فهي في يد المحكمة التي ارتأت أن ستة أشهر حبس كافية "حيث لم تستغل الحد الأقصى سنة".

 

في ضوء ما سبق، يُمكن تقييم الإجراء بأنه سليم قانونًا، ومع ذلك، يجب دائمًا مراعاة مبدأ التناسب وخطورة الفعل عند تسبيب الأحكام في مثل هذه الحالات، فالمحكمة حين شددت من غرامة إلى حبس، ينبغي أنها قد استندت إلى فداحة معنوية للفعل (إهانة كرامة المحامي أمام الناس) وإلى ضرورة ردع عام لمنع تكرار مثل هذه السلوكيات المهينة داخل مرافق العدالة، وإذا بُني الحكم على هذه الاعتبارات، فلا يوجد ما يمس دستوريته أو عدالته إجرائيًا، فالقانون يسمح صراحةً للمحكمة عند نظر الاعتراض على الأمر الجنائي أن تحكم بعقوبة أشد، طالما في حدود العقوبة المقررة قانونًا، وهذا بالضبط ما فعلته محكمة الجنح المستأنفة.

 

سادساً: ملاءمة العقوبة من منظور الفقه الجنائي وتقدير العقوبة:

 

أثار حكم حبس الموظفة 6 أشهر مع النفاذ نقاشًا بين القانونيين حول مدى ملاءمة هذه العقوبة لواقعة تعتبر – في ظاهرها – مجرد إهانة لفظية دون اعتداء جسدي أو أضرار مادية، من منظور السياسة الجنائية الحديثة، هناك اتجاه لتغليب عقوبات الغرامة والتعويض المدني في الجنح التي لا تنطوي على عنف، خاصة حين يكون الضرر معنويًا. فالسجن قصير المدة قد لا يكون دائمًا الوسيلة المثلى للردع وقد يسبب أضرارًا اجتماعية للنسيج الأسري والوظيفي للمحكوم عليهم. ومن هذا المنطلق قد يرى البعض أن تغريم الموظفة مبلغًا ماليًا كبيرًا (مثلًا رفع الغرامة إلى حد أقصى أعلى) مع وقف التنفيذ مشروطًا كان يمكن أن يحقق الغاية دون اللجوء إلى سلب الحرية فعليًا، لاسيما وأن الكلمة المهينة – رغم جسامتها الأدبية – لم يصاحبها أي تهجم مادي أو عراك.

 

بالمقابل، هناك رأي فقهي آخر يشدد على رسالة الردع العام في مثل هذه الجرائم. فالاعتداء على كرامة المحامي هو اعتداء على أسس العدالة، وبالتالي يجب أن تكون العقوبة صارمة وملموسة لتبعث برسالة واضحة بأن هيبة المحاكم وكل من يقوم عليها "قضاة أو محامين" ليست محلاً للتهاون. وقد رأينا أن المشرّع في التعديل الأخير للمادة 133 عقوبات اتجه إلى تغليظ كبير للعقوبة لتصل إلى حد العقوبة الجنائية المشددة "خمس سنوات فأكثر" في حالة إهانة المحكمة أثناء الجلسات، فهذا يعكس سياسة تجريم وردع مشددة ضد جرائم إهانة الهيئات القضائية ومن يمثلها، وعلى نفس النسق، يعتبر هؤلاء الفقهاء أن الحكم بحبس الموظفة 6 أشهر مع النفاذ هو حكم ملائم لتحقيق الردع، فهو أولًا يُشعر الجاني بخطورة فعله والمهانة التي سببها للمحامي الضحية، وثانيًا، وهو الأهم، يجنب تكرار مثل هذا السلوك من قبل الآخرين في مراكز شبيهة، حين يعلمون أن من يهين محاميًا في أثناء عمله قد يخسر حريته لعدة أشهر وليس مجرد دفع غرامة قد تعتبرها بعض الجهات “ثمنًا بخسًا” للإساءة.

 

المبادئ الدستورية العامة 

 

ومن زاوية المبادئ الدستورية العامة، يبرز هنا مبدأ تناسب العقوبة مع خطورة الجريمة. ينص الدستور المصري ضمنيًا في المادة 95 "وفي مواضع أخرى" على أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولا عقوبة إلا بحكم قضائي، والعقوبة شخصية. ويُفهم من ذلك في إطار الفقه الدستوري أن العقوبة ينبغي أن تتناسب مع الفعل المجرّم وألا تكون مفرطة على نحو يجاوز ما تقتضيه خطورته. هل عقوبة الحبس نصف سنة متناسبة مع مجرد كلمة مهينة؟ أنصار الحكم يرون نعم، لأن الكلمة ليست بسيطة الأثر في هذا المقام؛ فهي تهين المحامي أمام موكليه أو الحضور وتضعف من قدرة أداء رسالته، كما أنها صادرة عن موظفة عامة يُفترض فيها احترام القانون ومن يعمل على تطبيقه. فهنا الجريمة لها أبعاد تتجاوز الكلمة ذاتها إلى ما تمثله من تحدٍ لسلطان القانون في مرفق رسمي. لذا جاءت العقوبة صارمة نسبيًا. 

 

في المقابل، قد يجادل آخرون "خاصة من منظور علم الإجرام والإصلاح" بأن العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة - seldom - تحقق إصلاحًا حقيقيًا للمحكوم عليه، وقد يكون لها آثار سلبية بتعريضه للاختلاط بعناصر إجرامية داخل السجن، وبالتالي ربما كان الأصلح تبني بدائل عقابية كخدمة المجتمع أو برامج تأهيلية مع غرامة مؤلمة ماليًا بدلًا من السجن غير أن هذه البدائل غير متاحة حاليًا في التشريع المصري التقليدي لهذه الجرائم، مما يترك للقاضي خيار الحبس أو الغرامة فقط، وحين اختار القاضي الحبس هنا، فالأغلب أنه نظر إلى جسامة الآثار المعنوية لفعل المتهمة وإلى ضرورة حماية المحامين من الإهانات كي لا تتكرر الحوادث ولا ينفر المحامون الشباب من أداء واجبهم تحت تهديد الإهانة بلا عقاب.

 

ونستأنس هنا بما ذكره أحد فقهاء القانون الجنائي تعليقًا على جرائم الإهانة – أن العقوبة فيها تقوم بدور ردعي-وقائي أكثر منه تأهيلي، لأن الرسالة موجهة أساسًا إلى عموم المجتمع لئلا ينزلقوا إلى هذا المنحنى الخطير، فالإهانة المتعمدة لموظف عام أو محام أثناء عمله هي إخلال بهيبة الدولة وسيادة القانون، وبالتالي العقاب عليها فيه قدر من الرمزية العامة، وعلى هذا الأساس فإن ملاءمة العقوبة تُقيم بالنظر إلى تحقيق الردع العام وحماية المصلحة الاجتماعية في احترام القضاء، بقدر ما تقاس بتحقيق العدالة لشخص المجني عليه.

 

عقوبة الحبس لمدة 6 أشهر في هذه الواقعة تثير نقاشًا مشروعًا حول شدتها 

 

في النهاية، يمكن القول إن عقوبة الحبس لمدة 6 أشهر في هذه الواقعة تثير نقاشًا مشروعًا حول شدتها، لكنها تقع ضمن الإطار القانوني السليم، فهي ليست بالعقوبة المفرطة جدًا "فالحد الأقصى كان سنة"، وفي الوقت نفسه هي أقسى من الغرامة البسيطة، مما يوازن بين تحقيق الردع وعدم الإفراط، وإذا ما نظرنا إلى سلم العقوبات، نجد أنها تندرج في منتصفه، حيث تم تقرير عقوبة سالبة للحرية ولكن مدتها محدودة نسبيًا، وللمقارنة، في إحدى القضايا المشابهة التي صاحب الإهانة فيها عنف "قضية البحيرة المذكورة"، وصل مجموع العقوبات إلى أربع سنوات مع الشغل، مما يعني أن الستة أشهر هنا تراعي كون الفعل قولياً فقط - الكلام لـ"أنسى".

 

من وجهة نظر فقهية اجتهادية، ربما يكون من المناسب مستقبلًا أن يراعي المشرّع إدخال عقوبات بديلة وتعويضات مدنية أكبر في جرائم الإهانة البسيطة، بحيث يتحقق الردع دون اللجوء كثيرًا للحبس قصير المدى. لكن إلى أن يحدث ذلك، يظل للقضاء التعامل بالأدوات المتاحة. وحكم هذه القضية يبعث برسالة واضحة: لا تساهل مع من يهين محامياً أثناء عمله، فالعاقبة قد تصل للحبس، وهذه الرسالة قد تحقق أثرها المرجو في رفع مستوى الاحترام المتبادل في مواقع التعامل اليومي بين المحامين وموظفي الدولة.

 

التعدى على محامى 1
 
حكم نهائى بحبس موظفة عمومية 6 أشهر لاتهامها بالتعدى على محام 1
التعدى على محاى 2
 
حكم نهائى بحبس موظفة عمومية 6 أشهر لاتهامها بالتعدى على محام 2 
 
البير
 
الخبير القانونى والمحامى بالنقض ألبير أُنسى - صاحب الدراسة القانونية التحليلية 

موضوعات متعلقة :

المواجهة الآن بين المالك والمستأجر.. كيفية التعامل مع الأمر الوقتى الصادر بالطرد؟ وما هو الإجراء الذي يوقف تنفيذه؟.. 3 عناصر وضعها المشرع تفك طلاسم النزاع بخصوص الاستشكال في الأمر الوقتي.. والنقض تتصدى للأزمة

عشان نفهم.. قرارات قاضى الأمور الوقتية في قانون الإيجار القديم ما بين "الرفض" و"القبول".. "الرفض" لأن المشرع يعتبر القانون لا يسرى بأثر رجعى في غلق المسكن.. و"القبول" لأن الوقائع مادية مثل "وجود مسكن بديل"

هل يُطبق قاضى الأمور الوقتية "الإخلاء" من العين بآثر رجعى لغلق العين؟.. المشرع لا يُطبق القانون بأثر رجعي.. وغلق المسكن لمدة عام يبدأ من تاريخ العمل بالقانون.. وخبير يوجه رسالة لـ"المحامين": "اتقوا الله"

يهم الملايين.. هل الأجرة المستحقة عن عقود إيجار الأماكن غير السكنية لها حد أدنى مثل الأماكن السكنية؟.. فرق المشرع بين أجرة الأماكن السكنية وغير السكنية.. ولم يضع حدًا أدنى للعقود الثانية.. وخبير يشرح الزيادات

عشان نفهم دور محكمة النقض.. متى تقضى "النقض" بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإعادة المحاكمة أمام محكمة الجنايات؟ ومتى تقضى بالنقض وتحدد جلسة لإعادة المحاكمة أمام محكمة النقض؟.. وخبير يُجيب عن الأسئلة الشائكة

للأزواج المتضررين.. الدستورية العليا تُنهى النزاع فى استرداد الزوج لمسكن الحضانة بعد بلوغ الصغير.. وتؤكد: أحقية الزوج المطلق فى استرداد مسكن الحضانة والانتفاع به عند بلوغ الصغير أو الصغيرة سن الحضانة الإلزامى

لماذا فرضت الحكومة رسوما وقائية مؤقتة لمدة 200 يوم على واردات بعض منتجات الصلب؟.. وزير الاستثمار فى اجتماع الحكومة: الإجراءات تأتى فى إطار حرص الدولة على حماية الصناعة المحلية والمصانع وضمان المنافسة العادلة

للموظفين.. أول حكم للنقض يؤيد استحقاق المعاش المبكر بعد تطبيق القانون 148 لسنة 2019.. الحكم جاء بدون خبير وبدون الـ 50% والـ 65 المتعلقة بأجر التسوية.. وخبراء: الحكم لحالة فردية ولن تستفيد به أي حالة مماثلة

للملايين.. ثغرة في عقد إيجار 59 سنة تؤدى للطرد.. حكم قضائى بفسخ عقد إيجار والطرد وتسليم "العين".. العقد نص على أن المدة "حسب الحاجة".. الحيثيات: العقد إذا لم يكن محدد المدة بالعقد فينطبق عليه نص المادة 365 مدنى


الأكثر قراءة



print