محكمة النقض المصرية هي محكمة واحدة على مستوى البلاد، وهى أعلى محكمة مصر، وتمثل قمة الهرم القضائي فيها، ومهمتها هي العمل على توحيد تطبيق القانون في المحاكم المصرية، فهي لا تعيد الفصل في المنازعات التي عرضت على المحاكم الأدنى منها، إنما تكتفي بمراقبة الأحكام التي صدرت من تلك المحاكم لمراقبة مدى اتفاقها مع القانون، ولكن تستطيع محكمة النقض أن تفصل في المنازعة التي تُعرض أمامها، بصفتها محكمة موضوع لا محكمة قانون.
وتُعد محكمة النقض طبقة قائمة بذاتها أعلى من محاكم الدرجة الأولى والمحاكم الاستئنافية، وليس الهدف من إنشائها جعل التقاضي على ثلاث درجات، فالتقاضي على درجتين فقط، ولهذا تقوم محكمة النقض على رأس المحاكم العادية، ويبدو هذا واضحاً من اختلاف وظيفة محكمة النقض عن المحكمة الاستئنافية؛ فالمحكمة الاستئنافية لا تبحث عن حكم أول درجة لتراقب صحته أو عدالته، وإنما تبحث القضية التي كانت أمام محكمة أول درجة، فهى تعيد بحث القضية من جديد، وعلى هذا الأساس فإن القضية- على الرغم من وجود درجتي تقاضي- هي القضية نفسها.
متى تقضى "النقض" بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإعادة المحاكمة أمام محكمة الجنايات؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على 3 أسئلة وإجاباتها تتعلق بمحكمة النقض، خاصة وأن محكمة النقض على النقيض من ذلك لأنها تراقب سلامة تطبيق الحكم محل الطعن للقانون، فالقضية التي أمام محكمة النقض هي عدالة هذا الحكم أو صحته، وهي قضية تختلف عن تلك التي كانت معروضة على محكمة أول درجة أو على المحكمة الاستئنافية، ولذلك لا تُعَدّ محكمة النقض درجة ثالثة لنظر القضية نفسها، وهذه الأسئلة الـ3 تتمثل في التالى:
متى تقضى محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإعادة المحاكمة أمام محكمة الجنايات؟ ومتى تقضى بالنقض وتحدد جلسة لإعادة المحاكمة أمام محكمة النقض؟ وهل تملك محكمة النقض الحكم في موضوع الدعوى الجنائية دون تحديد جلسة لنظر الموضوع ودون حضور الطاعن ودفاعه وإبداء دفاعهم؟ - بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض علاء علم الدين.
في البداية - أولا: تقضى محكمة النقض بالنقض وتعيد المحاكمة أمام محكمة النقض وليس محكمة الجنايات في حالتين:
الأولى: إذا كان الطعن بالنقض للمرة الثانية.
الثانية: جميع الطعون بالنقض المقدمة إعتبارا من تاريخ الأول من مايو 2017 وما بعده.
وذلك عملا بالقانون رقم 11 لسنة 2017، والذي نص فى مادته الثانية على تعديل المادتين 39، 44 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، حيث نصت المادة ( 39 ) بعد تعديلها على أنه: ( إذا قدم الطعن أو أسبابه بعد الميعاد تقضى المحكمة بعدم قبوله شكلاً، وإذا كان الطعن مقبولاً وكان مبنياً على مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله، تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون، وإذا كان الطعن مبنياً على بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فيه، تنقض المحكمة الحكم، وتنظر موضوعه، ويتبع فى ذلك الأصول المقررة قانونا عن الجريمة التى وقعت، ويكون الحكم الصادر فى جميع الأحوال حضورياً) – وفقا لـ"علم الدين".
ومتى تقضى بالنقض وتحدد جلسة لإعادة المحاكمة أمام محكمة النقض؟
وقد نشر هذا القانون بالجريدة الرسمية بالعدد الصادر فى 27/4/2017 ويعمل به اعتبارا من 1/5/2017 ، ولما كان هذا التعديل لا ينطوى على قاعدة من قواعد التجريم المقررة فى قانون العقوبات وهو بهذه المثابة يعتبر قاعدة من القواعد المنظمة لإجراءات التقاضى أمام محكمة النقض وضعت لكفالة حسن سير العدالة وحمايتها من أسباب الانحراف، فتسرى من يوم نفاذها بالنسبة للمستقبل، واستثناء مما سبق لو كان الطعن بالنقض يتعلق بحكم صادر من محكمة الجنايات بالإدراج على قوائم الإرهاب ونقضت محكمة النقض الحكم، فإنها تعيد القضية لدائرة أخرى من دوائر محكمة الجنايات خلاف الدائرة مصدرة الحكم المنقوض، وهذا الاستثناء تواترات عليه أحكام محكمة النقض في الفترة الأخيرة – الكلام لـ"علم الدين".
ثانيا: تملك محكمة النقض الحكم في موضوع الدعوى الجنائية دون حضور الطاعن ولا دفاعه إذا كان الحكم الذي ستصدره محكمة النقض لصالح الطاعن وغير ضار به كأن يكون حكما بالنقض والبراءة، وكذا لو كان سبب نقض الحكم الخطأ في تطبيق القانون حيث تصحح المحكمة الحكم دون حاجة لتحديد جلسة لنظر الموضوع ومن أمثلة ذلك:
الحكم بعقوبة تزيد عن المقرر في القانون حيث تصحح المحكمة الحكم وتنزل بالعقوبة للحد المقرر قانونا دون حاجة لحضور الطاعن ولا دفاعه، أو بعقوبة بخلاف المقرر قانونا أو فيها مبالغة لا تتناسب مع الجريمة وإن كان في حدود المقرر قانونا، حيث تستبدل محكمة النقض العقوبة دون حاجة لتحديد جلسة لنظر الموضوع، ومن أمثلة ذلك: استبدال عقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد أو السجن بعقوبة الإعدام المحكوم بها من محكمة الجنايات.