يثبت عام 2025 أن باطن الأرض لا يزال يخفى من الأسرار ما يفوق الخيال، بينما يظن العالم أن خريطة الذهب قد رُسمت منذ قرون، من أعماق الجبال فى أوروبا إلى قلب الغابات الاستوائية فى أمريكا الجنوبية، تتوالى الاكتشافات المذهلة لمناجم الذهب والمعادن الثمينة، لتعيد إشعال، حمى الذهب، فى القارتين وتفتح فصلًا جديدًا فى تاريخ التعدين العالمي.
على مدى الأشهر الماضية، أعلنت شركات استكشاف أوروبية وأمريكية عن نتائج مذهلة تُبشر بطفرة اقتصادية هائلة، وتكشف عن مناطق لم تُعرف من قبل بثرائها المعدني. وبينما تتسابق الحكومات على جذب المستثمرين، بدأت المؤشرات الاقتصادية تتحدث عن عصر ذهبى جديد يعيد رسم خرائط الثروة فى العالم الصناعي.
إسبانيا.. نهر يتحول إلى منجم من الذهب
فى شمال غرب إسبانيا، أعاد نهر سيل ( Sil River) بريقه القديم، بعد اكتشاف ترسيبات ذهبية ضخمة فى روافده القريبة من مدينة أورينسى، وأعلنت هيئة الجيولوجيا الإسبانية عن نتائج تحاليل تُظهر وجود كميات معتبرة من الذهب الحر فى الطبقات السطحية، لتعيد الحياة إلى منطقة كانت تستغلها الإمبراطورية الرومانية كمصدر للذهب قبل أكثر من ألفى عام.
وأشارت الصحف الإسبانية، إلى أن شركات التعدين الأوروبية بدأت بالفعل فى تقديم طلبات للتنقيب التجارى فى ضفاف النهر، وسط مخاوف بيئية من تأثير عمليات الاستخراج على النظام البيئى الفريد للمنطقة. ورغم الجدل، يرى خبراء الاقتصاد أن نهر الذهب قد يضع إسبانيا مجددًا ضمن خريطة المعادن العالمية، بعد سنوات من التراجع.
فرنسا.. اكتشاف تحت الأرض يدهش العلماء
وفى فرنسا، أعلنت هيئة البحوث الجيولوجية (BRGM) عن اكتشاف غير متوقع فى منطقة ماسيف سنترال، حيث تم العثور على عروق غنية بالذهب والنحاس على عمق أكثر من 300 متر تحت الأرض، وقدرت الدراسات الأولية أن محتوى الذهب فى بعض العينات تجاوز 12 جرامًا لكل طن من الصخور، وهى نسبة عالية مقارنة بالمتوسط الأوروبي.
ويقول الخبراء أن هذا الاكتشاف قد يعيد فرنسا إلى سباق المعادن النادرة، خاصة مع توجه الاتحاد الأوروبى إلى تقليل الاعتماد على الواردات من الخارج فى ظل التحولات الصناعية والطاقية الكبرى.
سورينام.. الذهب يتدفق من قلب الغابات
أما فى أمريكا الجنوبية، فقد شهدت سورينام واحدة من أكثر الاكتشافات الذهبية أهمية خلال 2025، بعد أن أعلنت شركة Founders Metals Inc الكندية عن اكتشاف ضخم فى مشروع أنتينو.
ففى منطقة ماريا جيرالدا، كشفت أعمال الحفر عن طبقات مذهلة من الخام بلغت 22.5 مترًا بتركيز 11.88 جرامًا من الذهب للطن الواحد، وهو من أعلى المعدلات فى العالم هذا العام.
ويقول مدير الشركة أن النتائج تفوق كل التوقعات، مشيرًا إلى أن المشروع قد يتحول إلى أكبر منجم للذهب فى تاريخ سورينام الحديث. وتُظهر الدراسات أن المنطقة تحتوى على شبكات من العروق الذهبية تمتد لعدة كيلومترات، ما يفتح الباب أمام حقبة جديدة من الازدهار الاقتصادى فى البلاد.
الأرجنتين وتشيلي.. كنز جبلى يهز القارة
وعلى الحدود بين الأرجنتين وتشيلى، أعلنت شركات عن واحد من أكبر الاكتشافات المعدنية فى الثلاثين عامًا الأخيرة، فى مشروع فى المنطقة الجبلية الوعرة التى كانت تُعتبر صحراء معدنية، كشفت عن رواسب ضخمة تحتوى على 32 مليون أونصة من الذهب، إلى جانب كميات هائلة من النحاس والفضة.
ويصف الخبراء هذا الاكتشاف بأنه تاريخى، إذ من المتوقع أن يصبح المشروع أحد أعمدة التعدين فى أمريكا الجنوبية، بما يعزز مكانة المنطقة كمصدر رئيسى للمعادن الاستراتيجية فى القرن الحادى والعشرين.
عصر ذهبى جديد.. لكن بثمن بيئى مرتفع
ورغم الحماس الكبير حول هذه الاكتشافات، تلوح فى الأفق تساؤلات حول الكلفة البيئية والاجتماعية لعمليات الاستخراج، خاصة فى المناطق الحساسة بيئيًا مثل غابات الأمازون أو ضفاف الأنهار القديمة فى إسبانيا.
ويحذر علماء البيئة من أن حمى الذهب الحديثة قد تعيد أخطاء الماضى إذا لم تُدار المشاريع بمعايير صارمة توازن بين الاقتصاد والطبيعة.
ومع ذلك، يرى محللون أن عام 2025 سيُذكر بوصفه عام اليقظة المعدنية، الذى أعاد إلى العالم شغفه بالذهب المعدن الذى لا يفقد بريقه مهما تغيرت العصور.
