في مشهد أمني يعكس يقظة لا تهدأ، واصلت وزارة الداخلية حملاتها المكثفة لملاحقة العناصر الإجرامية ومواجهة حائزي الأسلحة والمخدرات والهاربين من أحكام العدالة، في معركة مستمرة بين القانون والجريمة، لا تعرف التهاون ولا التوقف، فمن دلتا مصر إلى صعيدها، تحركت القوات الأمنية في مداهمات متزامنة، اقتحمت خلالها أوكار الخارجين عن القانون، ونجحت في توجيه ضربات قوية لشبكات الاتجار بالمخدرات والأسلحة، وتصفية بؤر إجرامية طالما أرهقت المواطنين.
الداخلية تلاحق تجار السموم
كانت البداية مع واحدة من أكبر الحملات الأمنية التي استهدفت تجارة السموم البيضاء، على مدار أيام، نجحت أجهزة وزارة الداخلية في ضبط 407 قضايا اتجار وجلب مواد مخدرة، تورط فيها 476 متهماً.
وفي حصيلة كشفت حجم المواجهة، تم ضبط كميات ضخمة من المواد المخدرة، تجاوزت 264 كيلوجراماً من الحشيش، و27 كيلوجراماً من نبات البانجو، و23 كيلوجراماً من الهيدرو، و29 كيلوجراماً من مخدر الشابو، و22 كيلوجراماً من الآيس، و15 كيلوجراماً من الهيروين، و11 كيلوجراماً من الأفيون، و7 كيلوجرامات من البودر، و4 كيلوجرامات من الاستروكس، إلى جانب 3776 قرصاً مخدراً متنوع التأثير والخطورة.
الداخلية تداهم بؤرة إجرامية
الأرقام وحدها تكشف حجم الجهد المبذول، لكنها لا تروي القصة كاملة، ففي محافظة سوهاج، كانت المواجهة أكثر سخونة، بعد أن تمكنت الأجهزة الأمنية هناك، بالتنسيق مع قطاع الأمن العام، من تحديد مكان اختباء تشكيل عصابي شديد الخطورة.
التشكيل ضم أربعة عناصر جنائية اعتادت بث الرعب بين المواطنين، وجمعت بين الاتجار في المخدرات والسرقة بالإكراه، بل وتورطت في جرائم قتل عمد. أفراد العصابة سبق الحكم عليهم بالسجن والسجن المؤبد، وكانوا مطلوبين أيضًا في جناية قتل أحد الأشخاص خلال سرقة مركبة "تروسيكل" كان يستقلها داخل قطعة أرض زراعية بمركز البلينا.
تحركت القوات بعد استصدار الأذون القانونية، وبمشاركة عناصر الأمن المركزي، طوقت المكان في عملية دقيقة، لكن ما إن شعر المتهمون باقتراب القوات حتى بادروا بإطلاق النار في محاولة يائسة للفرار، ردت القوات بسرعة وحسم، ودارت اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل ثلاثة من أفراد التشكيل وضبط الرابع، لتنتهي واحدة من أخطر الملاحقات الأمنية في صعيد مصر.
وخلال التفتيش، عُثر بحوزتهم على ترسانة صغيرة من الأسلحة: سبع قطع نارية بينها أربع بنادق آلية وثلاث بنادق خرطوش، وكمية من الذخيرة المتنوعة، إلى جانب ثلاثة كيلوجرامات من المواد المخدرة من أنواع الحشيش والشابو.
كما تم ضبط دراجتين ناريتين استخدمتا في تنقلاتهم، وبإرشاد المتهم الرابع تم ضبط مركبة "التروسيكل" المسروقة لدى أحد المتعاملين معهم بسوء نية في محافظة قنا، حيث جرى القبض عليه أيضًا.
الداخلية تلاحق تجارة السلاح
لم تتوقف الحملات عند حدود المخدرات والعصابات، بل امتدت لتطال تجار السلاح ومصنعيه. ففي إطار مواجهة حيازة الأسلحة غير المرخصة، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط 217 قطعة سلاح ناري بحوزة 165 متهماً. تضمنت المضبوطات 14 بندقية آلية، و28 بندقية خرطوش، و6 طبنجات، و169 فرد خرطوش، إلى جانب 862 طلقة مختلفة الأعيرة و15 خزينة متنوعة، إضافة إلى 329 قطعة سلاح أبيض. كما كشفت الحملات ورشة لتصنيع الأسلحة النارية في محافظة البحيرة، كانت تستخدم لتزويد الخارجين عن القانون بما يحتاجونه من أدوات الجريمة.
الداخلية تطارد الهاربين من الأحكام
وفي سياق متصل، نفذت الأجهزة الأمنية 84 ألفاً و558 حكماً قضائياً متنوعاً في إطار حملاتها لملاحقة الهاربين من العدالة، بينها 378 حكماً جنائياً، و27 ألفاً و221 حكماً بالحبس الجزئي، و4902 حكم حبس مستأنف، و40 ألفاً و621 حكماً بالغرامة، و11 ألفاً و436 مخالفة. كما تم ضبط 21 متهماً هارباً من تنفيذ أحكام، و25 متهماً من القائمين بأعمال البلطجة وفرض السيطرة.
ولم تغفل الحملات الجانب المروري، إذ أسفرت الجهود عن ضبط 252 دراجة نارية مخالفة، و23908 مخالفات مرورية متنوعة، في إطار خطة شاملة لإعادة الانضباط إلى الشارع المصري، وضبط قائدي المركبات المخالفين.
كما أجرت الأجهزة الأمنية حملات مكثفة لفحص قائدي السيارات على الطرق السريعة للتأكد من خلوهم من تعاطي المواد المخدرة، فتم فحص 63 سائقاً، وتبينت إيجابية 11 حالة، جرى اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم.
هذه الحملات المتزامنة جاءت استمراراً لاستراتيجية وزارة الداخلية في مواجهة الجريمة بكافة صورها، وضرب أوكار الاتجار بالمخدرات والأسلحة، وملاحقة العناصر الإجرامية الهاربة، وتأكيد حضور الدولة في كل شبر من أرضها، فبينما تتغير أساليب الجريمة وتتطور أدواتها، تظل يد الأمن متقدمة بخطوة، تفرض سيطرتها وتؤكد أن لا مكان خارج نطاق القانون.
مشاهد المداهمات التي جرت في الأيام الماضية لم تكن مجرد حملات روتينية، بل رسائل واضحة لكل من تسوّل له نفسه العبث بأمن المجتمع. رسائل تحمل مضموناً واحداً مفاده أن الدولة تتابع وتتحرك وتواجه بلا تردد، وأن طريق الجريمة ينتهي دوماً عند أبواب العدالة.