أصدرت الدائرة الخامسة عشر - محكمة الطفل – المنعقدة بمحكمة جنوب المنصورة الإبتدائية – حكما فريداً من نوعه، براءة طفلين من تهمة الاتجار بالمخدرات، واعتبارهما ضحيتين لجريمة اتجار بالبشر بعدما ثبت استغلالهما من قِبل تاجر مخدرات شهير يُدعى "كريم. أ"، واستمرار إيداع أحد الطفلين بدار رعاية اجتماعية بوصفه "معرضًا للخطر"، لا محكومًا عليه، وإحالة أوراق الواقعة إلى النيابة العامة للتحقيق مع المتورطين الحقيقيين في جريمة الاتجار بالبشر، وكذلك بخصوص زواج شقيقتهما القاصر.
في سابقة قضائية هامة، أصدرت الدائرة الخامسة عشر بمحكمة الطفل حكمها في الجناية رقم 18 لسنة 2025، والمتهم فيها طفلان لم يتجاوزا السابعة عشرة من عمرهما، نُسب إليهما الاتجار بالمواد المخدرة وحيازة أسلحة، حيث أكد الحكم أن أحيانًا يثبت القاضي أنه ليس مجرد مُطبّق للقانون بل صاحب بصيرة وعدل عندما يقرأ أوراق القضية بوعي ويدرك حقيقتها، لا ينجر وراء ما تنتهي إليه النيابة العامة، بل يُعيد توصيف الدعوى وفقًا للقيد والوصف الصحيحين، ففي سابقة نادرة، تحوّل المتهمان من تهمة الاتجار بالمخدرات إلى مجني عليهما في قضية اتجار بالبشر، ما يُعد انتصار جديد للعدالة ولحماية حقوق الإنسان.
صدر الحكم في الجناية المقيدة برقم 18 لسنة 2025 قسم ثان المنصورة، برئاسة المستشار أحمد محمد صبح، وعضوية المستشارين محمد مجدي عرفة، وابراهيم أمجد ستيت، وبحضور كل من وكيل النيابة أحمد جمال، وأمانة سر ياسر يوسف، والخبيرين الإجتماعيين عزة عطية، وليد حافظ.
الوقائع.. اتهام طفلين توأمان بالإتجار في المخدرات
بعد سماع تقرير التلخيص، والإطلاع على الأوراق وسماع طلبات النيابة العامة ومرافعة الدفاع ومطالعة تقرير المراقب الاجتماعي ورأى الخبيرين الإجتماعيين ومناقشتهما في مضمونه وما انتهي إليه والمداولة قانوناً:- حيث ان النيابة العامة أسندت إلى المتهمين الماثلين الاتهام لأنهما في يوم 15 فبراير 2025 بدائرة قسم ثان المنصورة بمحافظة الدقهلية:
أولا: حازا وأحرزا جوهر اين مخدرين "هيروين – ميثامفيتامين"، وكان ذلك بقصد الاتجار على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانيا: أحرز الأول وحاز الثاني بواسطته بغير ترخيص سلاح ناري غير مششخن "فرد خرطوش"، وكان ذلك بقصد الدفاع عن الجريمة محل الاتهام الأول .
ثالثا: أحرز الأول وحاز الثاني بواسطته ذخائر "ثلاث طلقات"، مما تستعمل علي السلاح الناري محل التهمة السابقة دون أن يكون مرخصا لهما بحيازته واحرازه.
رابعا: حازا وأحرزا بغير ترخيص سلاح أبيض "مطواة".
وركنت في اسناد الاتهام للمتهمين لشهادة ضابط الواقعة النقيب/ ابراهيم حافظ، معاون مباحث قسم ثان المنصورة، حيث شهد بأن أحد مصادره السرية أبلغه بقيام المتهمين بالاتجار في المواد المخدرة بجميع أنواعها، فأجري تحرياته السرية بالاشتراك مع زميله الملازم أول: عبد الله يس حول نشاط المتهم المتهمين الاجرامي وما أن تيقن من اتجارهما بالمواد المخدرة حتي سارع واستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطهما وتفتيشهما، وبتاريخ 15 فبراير 2025 في تمام الساعة العاشرة صباحا أصدرت النيابة العامة إذنا بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهمين لضبط ما يحوزاه أو يحرزاه من مواد مخدرة وأسلحة وذخائر.
المحكمة تسرد الواقعة بالتفصيل
وبذات اليوم تلقي الضابط سالف الذكر اتصالا هاتفيا من أحد مصادره السرية أخبره فيه أن المتهمين المأذون بضبطهما وتفتيشهما متواجدين بمسكنهما، فإنتقل وبرفقته قوة من أفراد الشرطة السريين لتنفيذ إذن النيابة العامه وما أن وصل لمكان الضبط دلف المسكن المتهمين وطرق الباب، ففتح له المتهم الثاني "أ. ح" وأبصر حينها شقيقه المتهم الأول "ع. أ"، ممسكا بسلاحا ناريا فرد خرطوش، فضبطهما وبتفتيش الشقة محل الضبط عثر على حقيبة سوداء اللون بداخلها كيسا بلاستيكيا أسود اللون بداخلة كمية من اللفافات التي تبين بفضها أنها تحوي مخدر الشابو والهيروين وعدد طلقتين من الذخائر التي تستعمل للسلاح الناري الذي ضبطه مع المتهم الأول.
وبمواجهتهما أقرا له بقيامهما بالاتجار في المواد المخدره ليكون اجمالي ما ضبطه 178 لفافة للهيروين و 59 كيس من مادة الشابو، فأصطحبهما لقسم الشرطة وعرضهما علي النيابة العامة علي النحو الثابت بالتحقيقات، وثبت بها أن لفافات الهيروين وزنت 126 جراما علي الميزان الحساس وزنت أكياس الشابو 33 جراما، وأرفق بالأوراق تقريرا من المعمل الكيماوي يحمل رقم "...."، والذي أثبت أن اللفافات محل الفحص هي للهيروين المخدر والمدرج بالجدول الأول من قانون المخدرات والأكياس الأخري هي إحدي مشتقات مادة "الفنيثيل امين" ومدرجة بالجدول الأول من ذات القانون ، وحيث أرفق بالأوراق أصل شهادة ميلاد المتهمين ثبت بمطالعتها أن تاريخ ميلاد الأول "ع. ح" 1 يناير 2008 بما مفاده أن عمره 17 عاما تقريبا وقت ارتكاب الواقعة وشقيقة الثاني "أ. ح" 1 يناير 2008 بما مفاده أن عمره 17 عاما تقريبا وقت ارتكاب الواقعة.
دور الاخصائيين الاجتماعيين في الواقعة
كما أودع المراقب الاجتماعي تقريره المرفق والذي انتهى إلى نتيجة مؤداها تفويض الأمر للمحكمة، وذلك عقب أن ضمن تقريره فحصاً كاملاً لحالة المتهم التعليمية والنفسية والعقلية والاجتماعية إعمالاً لنص المادة 127 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، هذا وقد أبدي الخبيرين "الأخصائيين الاجتماعيين" رأييهما وناقشتهما فيه المحكمة، وذلك إعمالاً لنص المادة 121/1 من ذات القانون عالية، وباستجواب المتهمين في تحقيقات النيابة العامة أنكرا ما نسب اليهما من اتهام ، وبسؤال ضابطي الواقعة النقيب/ ابراهيم حافظ والملازم أول / عبد الله يس معاوني مباحث قسم ثان المنصورة بتحقيقات النيابة العامة شهدا بذات المضمون الذي بينته المحكمة في مستهل حكمها .
وحيث قدمت الأوراق للمحاكمة الجنائية أمام هذة المحكمة وفيها مثل المتهمين بشخصيهما ولم يحضر معهما محام، فقررت المحكمة ندب محام معهما، وهو الأستاذ محمد حفني وبمطالعة تقرير الخبيرين للوقوف علي حالة المتهمين الاجتماعية تبين أن والدتهما مقيدة الحرية على ذمة إحدي القضايا وأن والدهما تركهما وباقي اخوتهما منذ مدة وتهرب من مسؤليته قبلهم بعد أن انفصل عن والدتهم وبسؤالهما أقرا بذات المضمون وأبلغانا بأن شقيقتهما الصغري "ن. ح" البالغة من العمر 13 عاما ليست متهمة في القضية - حضرت معهما الي المحكمة اليوم لعدم وجود عائل معها.
قرارات المحكمة
فقررت المحكمة استدعائها للدخول لغرفة المداولة، وبسؤالها أخبرتنا أنها تقيم حاليا وحدها مع أختها الصغري "ع"، وأنه لا عائل لهما بعد القاء القبض على شقيقيها المتهمين الماثلين، واخبرتنا أن شقيقتها "ز" البالغة من العمر 15 عاما تزوجت ومقيمة حاليا بمدينة القاهرة، وبعد الاطلاع على الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون 12 لسنة 1996 والتي تنص على أنه تكون لحماية الطفل ومصالحة الفضلي الأولوية في جميع القرارات والاجراءات المتعلقة بالطفولة أيا كانت الجهة التي تصدرها أو تباشرها والمواد 96، 98 مكرر، 134 من ذات القانون والمواد 7، 12 من القانون 30 لسنة 2018 قررت المحكمة الاتي:
أولا: استبدال قرار حبس المتهمين بايداعهما احدي دور الرعاية الاجتماعية وهي دار رعابة البنين بنبروة علي زمة الفصل في القضية.
ثانيا: اخطار خط نجدة الطفل بكون الأطفال الثلاثة الماثلين أمامنا واخوتهم بكونهم معرضين للخطر المحدق وتكليف أحد المختصين بالانتقال لمكان تواحدهم لفحص الحالة كاملة بما فيها زواج الطفلة القاصرة "ز. ح" وتقديم الدعم والرعاية اللازمين لهم فورا وعلي وجه السرعة علي أن يتم اعداد تقرير مفصل يعرض علي المحكمة بجلسة 30 أبريل 2025.
ثالثا: اخطار المجلس القومي للمراة وتكليف أحد المختصين بالانتقال لمكان تواحدهم لفحص الحالة ككل بما فيها زواج الطفلة القاصرة "ز. ح"، وتقديم الدعم والرعاية اللازمين لهم فورا وعلي وجه السرعة علي أن يتم اعداد تقرير مفصل يعرض يعرض على المحكمة 30 أبريل 2025.
دور مديرة الوحدة العامة لحماية الطفل في الواقعة
وبذات الجلسة وبعد مرور 15 دقيقة من اصدار القرارات السابقة حضرت الدكتورة هناء مسعد عبد الستار، مديرة الوحدة العامة لحماية الطفل، بناء على الاخطار المبين بالبند ثانيا، وطلبت الدخول لغرفة المداولة فدعوناها، وقدمت لنا تحقيق شخصيتها، فأبلغناها بمضمون ما قررته الطفلة أمامنا وقمنا بتهيئة إحدي الغرف بالمحكمة لتتمكن من مناقشة الطفلة لإتمام مأموريتها، ثم قدمت لنا تقريرا مبدأيا أشرت عليه المحكمة بالارفاق، وبالاطلاع علي ذلك التقرير تبين أنها أثبتت فيه أن الطفلة معرضة للخطر المحدق للأسباب السالف بيانها، وأوصت بضرورة ايداعها إحدي دور الرعاية الاجتماعية، فاتخذت كافة الاجراءات اللازمة لذلك وأودعتها احدي دار رعاية البنات.
وبتاريخ 30 أبريل 2025 حضرت الدكتورة هناء مسعد عبد الستار، مديرة الوحدة العامة لحماية الطفل، وقدمت لنا تقريرا مفصلا بما تم من اجراءات مكون من صفحتين تنفيذا لقرار المحكمة السابق طالعته المحكمة، وأشرت عليه بما يفيد النظر بتاريخ اليوم أثبتت فيه أن الثلاثة أطفال واخوتهم معرضين للخطر لعدم وجود عائل لهم، ولقيام شخص بالغ يدعي "ك. أ" باستغلال الطفل "أ" في ترويج المواد المخدرة، وقدمت لنا هاتف محمول ماركة انفينتي بجراب نبيتي اللون بداخله شريحة هاتف رقمها "....."، وأخبرتنا ان ذلك الهاتف كان بحوزة شقيقتهما الطفلة "ن"، وعثر عليه معها أثناء اجراءات ايداعها دار الرعاية الاجتماعية.
استجواب المتهمين
والمحكمة رأت استجواب المتهمين فوافقا ووافق الدفاع الحاضر معهما، وباستجواب المتهم الأول علي "ح. أ" أنكر ما نسب اليه من اتهام وباستجواب الثاني "أ. ح" اعترف بارتكابه للواقعة، وأنه كان يقوم بترويج المواد المخدرة لحساب شخص أخر يدعي "ك. أ" في مقابل أن يعطيه الأخير مبالغ مالية تتراوح من ألف الي ألفين جنيه أسبوعيا، وأنه أقنعه بذلك مستغلا ظروفه المعيشية الصعبة في ظل عدم وجود عائل له ولا لإخوته بعد أن قضي بالسجن على والدته وتنصل والده من التزاماته قبله واخوته، فإنصاع لذلك الأمر ظنا منه أنها الوسيلة الوحيدة لتوفير التزاماته المعيشية له ولإخوته، فأصدرت المحكمة عدة قرارات للوصول لحقيقة الأمر:
أولا: ارسال حرز الهاتف المحمول المضبوط مع الطفلة "ن" شقيقة المتهمين الماثلين للإدارة العامة للمساعدات الفنية بمنطقة شرق الدلتا لفحصه وتفريغ كافة المحادثات والتسجيلات الصوتية الموجودة علية حتي المحذوفة منها وكذا جهات الاتصال الصادرة والواردة وكذا الموجودة بالتطبيقات مثل "الواتس أب" أو "الماسنجر" وغيرها أن وجدت لبيان عما إذا كانت تلك المحادثات تشير لوجود نشاطا اجراميا أيا كان نوعة وخاصة الاتجار في المواد المخدرة وصولا للمتورط في ذلك النشاط وافادتنا بكافة المعلومات التي تؤدي لتحديد شخصه وهويته .
ثانيا: طلب رئيس مباحث قسم ثان المنصورة الضابط كريم عبد الرازق الجلسة تحقيق 7 مايو 2025.
ثالثا: طلب تحريات الادارة العامة لمكافحة المخدرات حول الواقعة وظروفها وملابساتها وبيان مصدر استحصال المتهمين علي المواد المخدرة .
رابعا: طلب تحريات الادارة العامة لمكافحة جرائم الهجرة الغير شرعية والاتجار بالبشر التابع للإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة والجريمة المنظمة حول الواقعة وظروفها وملابساتها في ضوء ما أنتهي اليه تقرير خط نجدة الطفل المرفق.
اعتراف المتهمين الأصليين
وبجلسة 7 أبريل 2025 - حضر الضابط كريم عبد الرازق، رئيس مباحث قسم ثان المنصورة، وشهد بوجود أحد الأشخاص المدرجين جنائيا بنطاق الدائرة يحمل اسم شهرة "ك. أ"، وصحة اسمه "عبدالله. أ" من مواليد 1 أكتوبر 1999 ومقيم عنوان "..."، ومدرج معلومات جنائية تحت رقم 15/12 ب محبوس إحتياطياً على ذمة الجناية رقم 4387 لسنة 2025 قسم ثان المنصورة بتهمة إتجار في المواد المخدرة، فقررت المحكمة في ذات التوقيت إجراء عملية عرض قانونية للمدعو "عبدالله. أ" وشهرته "ك. أ" على المتهمين بأن أمرت بأن يحضر أمامها على شاشة تجديد الحبس الإحتياطي على أن يكون برفقته متهمين آخرين بذات أوصافه وعمره هم كلا من "ش. ر"، و"ع. أ" و"ج. م"، وبسؤال المتهمين أشارا باصبع الاتهام للمدعو "عبدالله. أ" أنه هو ذاته المدعو "ك. أ" الذي استغل الطفل "أ" في ترويج المواد المخدرة على النحو السالف بيانه.
فقررت المحكمة استخراجه وعرضه عليها، وبجلسة 8 أبريل 2025 حضر المدعو "عبدالله. أ" وشهرته "ك. أ" من محبسه وواجهته المحكمة بما ورد بأقوال المتهم الطفل "أ. ح" فإعترف باستغلاله له وتشغيله معه في ترويج المواد المخدرة التي يتحصل منها من شخصين آخرين هما كلا من "م. م" وشهرته "حماصه. أ"، و"أ. ف" وشهرته "إبراهيم. أ"، وأضاف أن سالفا الذكر كانا يشتركان معه في استغلان ذلك الطفل وأطفالا آخرين في ترويج المواد المخدرة، فقررت المحكمة ارسال حرز الهاتف المحمول المضبوط حوزة الماثل "عبدالله. أ" علي ذمة جناية المخدرات السالف الاشارة اليها للادارة العامة للمساعدات الفنية ليتم فحصه مع هواتف الأطفال السابق ارسالها لتتمكن المحكمة من الوقوف على الحقيقة الكاملة وربطا لأوصال الواقعة.
تقرير الإدارة العامة للمساعدات الفنية
وبتاريخ 13 مايو 2025 ورد للمحكمة خطابا من الضابط / كريم عبد الرازق، رئيس مباحث قسم ثان المنصورة، أرفق فيه صورا من صحيفتي حالة جنائية و بيانات كلا الشخصين اللذان اعترف المتهم "عبدالله. أ" أنه يتحصل منهما علي المواد المخدرة، فاستخرجته المحكمة من محبسه، وعرضت عليه تلك الصور فأقر أنهما هما ذاتهما الشخصين المعنيين، وأكد علي اشتراكهما معه في نشاطه الاجرامي، وبتاريخ 21 مايو 2025 ورد تقرير الإدارة العامة للمساعدات الفنية تبين بمطالعته أن محتواه يؤكد وجود محادثات علي الهاتف المملوك للمتهم المتهم "عبد الله. أ" وشهرته "ك. أ" بينه وبين آخرين تؤكد علي قيامه بالاتجار في المواد المخدرة، كما وردت تحريات الادارة العامة لمكافحة المخدرات، وتبين أن محررها الرائد صلاح عودة أثبت فيها أن تحرياته السرية أسفرت عن قيام كلا من "م. أ" وشهرته "حماصة. أ" ، و"أ. ف" وشهرته "إبراهيم. أ" باحضار كمية كبيرة من المواد المخدرة وتوزيعها على تجار النصف جملة ومنهم المدعو "عبد الله. أ" وشهرته "ك. أ" والذي بدوره يقوم باستغلال الأطفال صغار السن مستغلا حاجتهم وضعفهم في ترويج تلك المواد المخدرة ومن بين هؤلاء المتهمين الطفلين "أ. ح" و"ع. ح".
وبتاريخ 28 مايو 2025 وردت تحريات الادارة العامة لمباحث الهجرة الغير شرعية والاتجار بالبشر التابعة لمباحث الأموال العامة والجريمة المنظمة وتبين أن محررها الرائد شريف خليف أثبت فيها أن تحرياته السرية أسفرت عن قيام كلا من "م. أ" وشهرته "حماصة. أ"و "أ. ف" وشهرته "إبراهيم. أ" باحضار كمية كبيرة من المواد المخدرة خاصة الهيروين والشابو وتوزيعها على تجار الجملة ومنهم المدعو "عبد الله. أ" وشهرته "ك. أ" والذي بدوره يقوم باستغلال الأطفال صغار السن مستغلا حاجتهم وضعفهم في ترويج تلك المواد المخدرة بعد أن يحدد لهم الأسعار المستهدفة في مقابل مبلغا اسبوعيا يتراوح من ألف وخمسمائة الي ألفين جنيه مصري ومن بين هؤلاء المتهمين الطفلين المتهمين "أ. ح" و"ع. ح".
انتصار جديد للعدالة ولحماية حقوق الإنسان
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث أن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن اليها وجدانها مستخلصة من سائر أوراقها وما تضمنته من استدلالات وتحقيقات تتحصل في أن المتهمين "ع. ح" و"أ. ح" طفلين لم يبلغا الثمانية عشر عاما من عمرهما لم يحالفهما الحظ لينالا قسطا من التعليم والحكمة لا يعلم مداها الا الله شائت الأقدار أن ينشئا في بيئة صعبة ويواجها حياة قاسية قضي علي والدتهما بالسجن ونكص والدهما عن التزاماته قبلهما وتركهما ليواجها قسوة الحياة وحدهما غير ابه لما يمكن أن يلاقياه من شدائد الأقدار، فترك فلذة كبده مطية لمن شاء ولم يبالي وزامن ذلك وواكبه وقوعهما في براثن المدعو "عبد الله. أ" وشهرته "كريم. أ" والذي علم مسبقا بما يعاصرانه من أزمات معيشية وظروفا قاسية وانعدام الرعاية والرقابة وأبصر سوء معيشتهما وفطن لاحتياجهما الشديد للمال، فوسوس له شيطانه بما حيل عليه من خسة ودنائة أن يستغلهما في توسيع نشاطه في الاتجار في المواد المخدرة، فنظر الي البعيد ودبر وفاقه لينال كسبا يسيرا أمنا فقد عثر علي ضالته شريكان في المغرم دون المغنم، فاحتال عليهما مستغلا صغر سنهما وحاجتهما وضعفهما، ورصد لهما ثمنا بخسا نظير ترويجهما للمواد المخدرة فكلفهما بإدارة جزءا من نشاطه الاجرامي نظير مبلغ ألف وخمسمائة جنيه أسبوعيا، فإنصاعا له وباشرا ذلك النشاط الاجرامي حتي قبض عليهما النقيب ابراهيم حافظ معاون مباحث قسم ثان المنصورة بتاريخ 15 فبراير 2025 علي النحو الذي بينته المحكمة في مستهل حكمها .
وبحسب "المحكمة": وحيث ان المحكمة لا تساير النيابة العامة فيما انتهت اليه من اتهام إذ قدمت المتهمين للمحاكمة الجنائية بتهمة الاتجار في المواد المخدرة، فقد اطمئنت المحكمة يقينا وبما لا يدع مجالا للشك من خلال التحقيق النهائي المفصل الذي أجرته علي مر عدة جلسات أن هذين الطفلين في حقيقة الأمر هما ضحيتين مجني عليهما في جناية اتجار بالبشر ارتكبها المدعو "عبد الله. أ" وشهرته "كريم. أ" والذي استغلهما في ترويج المواد المخدرة بالكيفية السالف بيانها وتوضيحها، ولما كانت المادة 3 من القانون 64 لسنة 2010 بشأن الاتجار بالبشر تنص علي أنه: "لا يعتد برضاء المجني عليه علي الاستغلال في أي صورة من صور الاتجار بالبشر متي استخدمت فيها أية وسيلة من الوسائل المنصوص عليها بالمادة الثانية من ذات القانون، ولا يشترط لتحقق الاتجار بالطفل استعمال أية وسيلة من الوسائل المشار اليها ولا يعتد في جميع الأحوال برضائه أو رضاء المسؤل عنه أو متوليه".
"محكمة الطفل بالمنصورة" تُبرئ طفلين متهمين بالاتجار في المخدرات
وتضيف "المحكمة": وكانت المادة 21 من ذات القانون تنص علي أنه: "لا يعد المجني عليه مسؤلا مسؤلية جنائية أو مدنيا عن أي جريمة من جرائم الاتجار بالبشر متي نشأت أو ارتبطت مباشرة بكونه مجنيا عليه"، الأمر الذي تري معه المحكمة أن ارادتهما كانت منعقدة على ارادة المدعو "عبد الله. أ" ما أدي لانهيار الركن المعنوي الجريمة الاتجار في المواد المخدرة بما مؤداه عدم اكتمال النموذج الاجرامي لتلك الجريمة في حقهما، مما يتعين معه والحال كذلك القضاء ببراءتهما على نحو ما سيرد بالمنطوق، ولا سيما وقد تيقنت المحكمة أن المواد المخدرة التي ضبطت حوزتهما هي ذاتها التي تسلموها من سالف الذكر لترويجها لحسابه وقد اطمئنت المحكمة لتلك الصورة أخذ من اعتراف المتهم الطفل ابراهيم حمادة ابراهيم محمد واعتراف المدعو "عبد الله. أ" وتأيد ذلك بتحريات الادارة العامة لمكافحة المخدرات وتحريات الادارة العامة لمباحث الهجرة من الغير شرعية والاتجار بالبشر وتقرير الادارة العامة للمساعدات الفنية.
واستطردت: ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة - القانون رقم 12 لسنة 1996 تنص على أنه تكون الحماية الطفل ومصالحة الفضلي الأولوية في جميع القرارات والاجراءات المتعلقة بالطفولة أيا كانت الجهة التي تصدرها أو تباشرها ، وكانت ظاهرة جنوح الطفل هي ظاهرة اجتماعية وليست ظاهرة اجرامية وأن مواجهتها يجب أن تكون بأسباب الاصلاح وأساليب الوقاية وليس بالأساليب الجنائية وكان الطفل المعرض للخطر لا يعتبر جانيا - في الحقيقة - وانما هو مجنيا عليه فهو لا يطرق باب الاجرام لشر متأصل في نفسه بل غالبا ما يكون ضحية الظروف الاجتماعية والبيئية التي تحيط به.
وتعتبرهما ضحيتين لجريمة اتجار بالبشر
وأوضحت "المحكمة": وكان قاض محكمة الطفل بمثابة الأب الذي يرعي بنيه يهمه الطفل قبل أن تهمه الجريمة ويهتم بتكوين النشئ وبناء المجتمع أكثر مما يهمه توقيع العقاب والردع والزجر وهو ما يتفق مع اتفاقية الأمم المتحدة لرعاية الطفل التي انضمت اليها مصر بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 260 لسنة 1990 بشأن الموافقة على انضمام جمهورية مصر العربية لاتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، فليست الغاية أن ندفع الناس الي الهلكة ولا أن نبطش جبارين في الأرض فإننا والله وأن غلبنا بذلك لم يدخل الناس في أمرنا إلا علي دخن في النفوس وحقد مقيم، وليست هيبة الحكم في ترويع الناس، وإنما في كف الظالم وأخذ الحق للضعيف فيرتدع القوى ويأمن الضعيف ويعتصم الناس بالدولة بدلا من أن يعتصموا منها ويحفظون قضائهم القوي العادل لحفظ أنفسهم به وتلك هي الغاية.
وتابعت: وحيث أنه وبشأن التصرف في الطفل "أ. م" فإنه ولما كانت المادة 96 من القانون 12 لسنة 1996 بشأن الطفل قد أوضحت حالات تعرض الطفل للخطر، وكان قد تبين للمحكمة بعد أن بسطت سلطانها علي كافة ظروف وملابسات الواقعة علي النحو الذي بينته تفصيلا في مستهل حكمها أن هذا الطفل معرضا للخطر ولا ماوي له الأمر الذي تقضي معه المحكمة باستمرار ايداعه بإحدي دور الرعاية الاجتماعية بوصف كونه طفلا معرضا للخطر وليس محكوما عليه على نحو ما سيرد بالمنطوق، وبشأن التصرف في الطفل "ع. ح" فقد جاوزت سنه الفعلي الثمانية عشر، ومن ثم فيخرج التعامل بشأنه عن نطاق المادة السابقة وتقضي المحكمة ببراءته دون استمرار ايداعه علي نحو ما سيرد بالمنطوق .
بعدما ثبت استغلالهما من قِبل تاجر مخدرات.. وتُعدل القيد والوصف
وحيث أن المحكمة بعد أن فرغت من موضوع الدعوي وبعد أن وزنت الأمور بالقسطاس المستقيم لتنطق بالحق والقصاص وبصفتها هي الأمينة والمحافظة على المجتمع ومصالحة وتقف دائما وأبدا كمنصف بين أطرافه حفاظا علي الحقوق طالما وجدت جورا وظلما وما كانت أبدا لتغض الطرف عما تجده أمامها من أفعال مشينة تهدر الحقوق والحريات فإنها تحيل الأوراق للنيابة العامة لاتخاذ شؤنها قبل واقعتي الاتجار بالبشر الثابتة بالأوراق ضد كلا من "عبد الله. أ" وشهرته "ك. أ" و"م. م" وشهرته "حماصه. أ"، و"أ. ف" وشهرته "إبراهيم. أ"، لارتكابهم جريمة الاتجار بالبشر المؤلمة في ضوء المواد 2 ، 3 ، 5، 6 من القانون رقم 64 لسنة 2010 مع مراعاة ما ورد بالقرار رقم 1744 لسنة 2021 والكتاب الدوري رقم 7 لسنة 2018 الصادرين من النائب العام وواقعة زواج الطفلة القاصرة "ز" شقيقة المتهمين علي نحو ما سيرد بالمنطوق ورب عقوبة أورثت صلاحا وقصاصا ردع ظلما موشكا، فحاشا الله أن يكون ميزان العدالة ألا مستقيما ما دفع بالمحكمة لتبيان الصورة الصحيحة والحقيقة الكاملة للواقعة فالحق أردنا وسيعلم اللذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة حضوريا:
أولا: ببراءة "ع. ح" و"أ. ح" من الاتهام المسند اليهما ومصادرة المخدر والسلاحوالذخيرة موضوع المحاكمة .
ثانياً: استمرار ايداع الطفل "أ. ح" إحدي دور الرعاية الاجتماعية بوصفه طفلاً معرضاً للخطر وليس محكوماً عليه .
ثالثاً: إحالة الأوراق للنيابة العامة لإتخاذ شئونها حيال واقعتي الإتجار بالبشر الثابتة بالأوراق ضد كلا من "عبد الله. أ" وشهرته "كريم. أ" و "م. م" وشهرته "حماصه. أ" و"أ. ف" وشهرته "أبراهيم. أ" وواقعة زواج الطفلة القاصرة "ز. ح".