أصدرت محكمة الخصوص الجزئية لشئون الأسرة – للولاية على النفس الدائرة "6" – حكماً فريداً من نوعه، بالإستجابة لإحدى الزوجات وتطليقها من زوجها "لإعتناقها الدين الإسلامي"، مستندة على الشريعة الإسلامية والقاعدة التي تُقرر: "لا يجوز شرعاً للمرأة المسلمة أن تتزوج بغير المسلم مطلقاً".
صدر الحكم في القضية المقيدة برقم 449 لسنة 2025 أسرة الخصوص، لصالح المحامى أحمد عزالدين، برئاسة المستشار محمود سعيد، وعضوية المستشارين أحمد هشام، ومصطفى ذكرى، وبحضور كل من وكيل النيابة أحمد فرج، وأمانة سر عبد الحميد الديب.
الوقائع.. سيدة تُقيم دعوى طلاق لإعتناقها الدين الإسلامي
تخلص الوقائع حسبما تهدى إليه أوراقها في أن المدعيه عقد الخصومة فيها مع المدعى عليه بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة معلنة قانونا طلبت في ختامها الحكم بتطليقها على المدعى عليه لاعتناق المدعية الدين الاسلامي مع الزامه بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة، وذلك على سند من القول أن المدعية تزوجت من المدعى عليه بموجب العقد الكنسي المورخ 8 أكتوبر 2018، وكان ينتمى الطرفان وقت الزواج لطائفة الأقباط الأرثوذكس، وحيث أن المدعية اعتنقت الدين الإسلامي ونطقت الشهادة بمضمون الشرعي واطمئن عقلها وقلبها للعقيدة الإسلامية وقامت بإخبار المدعى عليه بذلك، ودعته لمراجعة عقيدته الدينية، الأمر الذي حدا بها لإقامة دعواها الماثلة بغية القضاء لها بالطلبات سالفة البيان، وأودعت سندا لدعواها حافظة مستندات طويت على صورة من شهادة صادرة من الأزهر الشريف ثابت بها اعتناق المدعيه للدين الإسلامي بتاريخ 16 فبراير 2025.
وفى تلك الأثناء - تداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وفيها مثلث المدعية بوكيل وقدمت أصل شهادة الدخول في الاسلام اطلعت عليها المحكمة، وكذا اعلان موجهة للمدعى عليه بالدخول في الإسلام، وبالجلسة الختامية حضرت المدعيه بوكيل، وطلبت الحكم والنيابة فوضت الرأي للمحكمة التي قررت حجر الدعوي للحكم.
المحكمة تؤكد: لا يجوز شرعاً للمرأة المسلمة أن تتزوج بغير المسلم مطلقاً
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى: ولما كان من المقرر قانونا بنص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 1 لسنه 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في الأحوال الشخصية أن: "تصدر الأحكام طبقا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها، ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة ومع ذلك تصدر الإحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية لغير المسلمين المتحدي الطائفة والملة، الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955 - طبقاً لشريعتهم - فيما لا يخالف النظام العام".
وبحسب "المحكمة": أجمعت الأمة الإسلامية بعلمائها وفقهائها، على أنه لا يجوز شرعاً للمرأة المسلمة أن تتزوج بغير المسلم مطلقاً، كتابيا كان من اتباع الكتب السماوية أم غير كتابي، وسواء كان متدينا بدين أم غير متدين أصلا، وهذا حكم شرعي قطعي ثابت بالكتاب الكريم والسنة النبوية، وإجماع الأمة، أما الكتاب: فقول الله تعالى: "ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم" [البقرة:221].
أما السنة – وفقاً للمحكمة - فقد نقله كثير من أهل العلم سلفا وخلفا، من كل فقهاء المذاهب المتبوعة، وعدوه من قطعيات الدين فمن السادة الحنفية: قال الحافظ العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (8320، ط دار احیاء التراث العربي): (باب الأكفاء في الدين) أي: هذا باب في بيان أن الأكفاء التي بالإجماع هي أن يكون في الدين، فلا يحل للمسلمة أن تتزوج بغير المسلم، وحيث أن من المستقر عليه بمحكمتنا العليا أن استنباط القرائن من اطلاقات محكمة الموضوع، متى كان استنباطها سائغاً، وله أصله الثابت بالأوراق، ويؤدى إلى النتيجة التي بنت عليها قضاءها" – طبقا للطعن رقم 89 اسنة 58 قضائية أحوال شخصية، الصادر بجلسة 15 يناير 1991 .
المحكمة تستجيب للسيدة وتطلقها
وتضيف "المحكمة": وحيث أنه لما كان ما تقدم وهديا به - ولما كانت المدعية قد أقامت دعوها بغية القضاء لها بتطليقها على المدعى عليه، وذلك لاعتناقها الدين الإسلامي، وذلك تأسيساً على اختلاف الديانة بينها وبين المدعى عليه عما كان عليه وقت انعقاد الزواج بأن قامت المدعية باعتناق الدين الإسلامي، وهو ما ثبت للمحكمة بالإفادة المقدمة من المدعية والصادرة من قسم الفتوي بمجمع البحوث الإسلامية والتي تطمئن لها المحكمة وتعول عليها في حكمها الأمر الذي يكون فيه طلب المدعية قد جاء على سند صحيح من الواقع والقانون ويتعين على المحكمة قبوله وفقا لما سيرد بالمنطوق.
وحيث أنه من المصاريف شاملة أتعاب المحاماة فالمحكمة تلزم بها المدعى عليه عملا بنص المادة 184/1 من قانون المرافعات والمادة 187 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدلة والمستبدلة بالقانون رقم 10 لسنة 2002.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: بتطليق المدعية على المدعى عليه "لإعتناق المدعية الدين الإسلامي"، وذلك من تاريخ الحكم بالجلسة، وألزمت المدعى عليه المصروفات وخمسة وسبعون جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
محامى السيدة: الدعوى لم تُقام منذ عام 1982
وفى هذا الشأن – يقول المحامى أحمد عزالدين – مقيم الدعوى، أن تلك الدعوى لم تُقام منذ عام 1982، حيث تم الاستناد فيها لعدد من أحكام محكمة النقض فقد نصت المادة الثالثة فقرة أولي من مواد الإصدار للقانون رقم 1 لسنة 2000 علي أنه: تصدر الأحكام طبقا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها ويعمل فيها لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة، حيث أنه من المقرر شرعا وقضاءا أن للشخص أن يغير دينه أو مذهبه أو طائفته وهو في هذا مطلق الإرادة تحقيقا لمبدأ حرية العقيدة.
ويضيف "عزالدين" في تصريح لـ"برلماني": طالما قد توافرت له أهلية الأداء وأن الاعتقاد الديني هو من الأمور التي تبنى على ظاهر القول وما ينطق به اللسان، فإذا نطق إى شخص غير مسلم بالشهادتين وثبت أنه ترك ديانته التي عليها نهائيا وصار مسلما إسلاما حقيقا فإن ذلك كاف في اعتباره مسلما شرعا ومعاملته معاملة المسلمين وسريان أحكام الاسلام عليه بدون حاجة الى اعلان هذا الاسلام رسميا، وحيث أن الثابت بالمستندات رسمية بموجب الوثيقة رقم 72 لسنة 2025 هو أن المدعية قد اعتنقت الدين الإسلامي وقامت بنطق الشهادة عن ظهر قلب، مما يثبت والحال كذلك أن ذلك جاء عن اقتناع بالدين الإسلامي.
ويؤكد: وفي ذلك تقول محكمتنا العليا: "للشخص ان يغير دينه أو مذهبه أو طائفته وهو في هذا وعلى ما جرى قضاء محكمه النقض مطلق الإرادة تحقيق لمبدا حرية العقيدة طالما قد توافرت له أهلية الأداء والاعتقاد الديني مسألة نفسية فلا يمكن لأى جهة قضائية البحث فيها إلا عن طريق المظاهر الخارجية الرسميه فقط ومن وقت هذا التغيير لا يعتبر خاضعا إلا لأحكام الدين أو المذهب الجديد، طبقا للفقرة رقم 1 من الطعن رقم 19 سنه قضائية 26 مكتب فنى 20 تاريخ الجلسة 29 يناير 1969.