أصدرت الدائرة العمالية - بمحكمة النقض – حكماً فريداً من نوعه، يتصدى لفوضى الفيديوهات والبث المباشر والبوستات للموظفين والعمال على السوشيال ميديا، وأرسى عدة مبادئ تضع ضوابط ظهور الموظف على مواقع التواصل الإجتماعى، حيث اعتبر أن قيام امرأة بعرض فيديوهات لها على مواقع التواصل الاجتماعي بملابس غير لائقة وتتضمن ايحاءات جنسية والفاظ خادشة للحياء، أمرا يبرر فصلها من العمل حتى لو قامت بتصوير تلك الفيديوهات من منزلها وليس من مكان العمل على اعتبار أن العامل يقع عليه الالتزام بالتحلي بالسلوك اللائق داخل دائرة العمل وخارجها.
الخلاصة:
إذ كان الثابت من التحقيقات التي أجرتها الطاعنة مع المطعون ضدها ثبوت قيامها بنشر مقاطع فيديو على صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي وهى ترتدي ملابس غير لائقة تتضمن إيحاءات جنسية وألفاظ خادشه للحياء، فإنه وبفرض صحة أنها لم تصور هذه المشاهد داخل مقر العمل، وإنما من داخل مسكنها الخاص فإن تصويرها ونشرها لهذه المقاطع وإتاحتها للمتابعين لمثل هذه المواقع يعتبر مسلكاً غير لائق منها وخروج عن الآداب العامة يفقدها شرط حسن السمعة اللازم لاستمرارها في شغل وظيفتها ويبرر لجهة عملها - الشركة الطاعنة - طلب مجازاتها بجزاء الفصل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعنة لمجرد القول بأن هذه المشاهد لم يثبت تصويرها ونشرها من مقر عملها لدى الطاعنة، فإنه يكون فضلاً عما شابه معه فساد في الاستدلال قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 34118 لسنة 93 القضائية، برئاسة المستشار إسماعيل عبد السميع، وعضوية المستشارين سمير عبد المنعم، والدسوقي الخولي، وخالد مذكور، وطارق تميرك، وبحضور كل من رئيس النيابة أحمد غازي، وأمانة سر محمد إسماعيل.
الوقائع.. الشركة تقرر فصل موظفة من العمل بسبب فيديوهاتها على السوشيال
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة - شركة الإسكندرية للصيانة البترولية "بترومنت" وبعد أن لجأت إلى مكتب العمل أقامت الدعوى رقم 1850 لسنة 2022 عمال الإسكندرية الابتدائية على المطعون ضدها بطلب الحكم بفصلها من العمل لديها، وقالت بياناً لها أن المطعون ضدها خرجت على مقتضى الواجب الوظيفي والسلوك اللائقة ولم تحافظ على كرامة الوظيفة في تأدية عملها بأن نشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي من داخل مقر عملها وخارجه وهى ترتدي ملابس غير لائقة تتضمن إيحاءات جنسية وألفاظ خادشة للحياء، فأوقفتها عن العمل بالقرار رقم 792 لسنة 2022 اعتباراً من 12 أكتوبر 2022 ثم أقامت الدعوى بطلبها سالف البيان.
الموظفة تدعى مدنياً لفصلها عن العمل والإساءة إلى سمعتها
ادعت المطعون ضدها فرعياً قبل الطاعنة والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بإلغاء قرار وقفها عن العمل وإعادتها لعملها وصرف كامل أجرها والزام الطاعنة أن تؤدي إليها مليون جنيه بالإضافة إلى التعويض المنصوص عليه بالمادة 122 من قانون العمل تعويضاً عن فصلها من العمل والإساءة إلى سمعتها، وتعويضاً عن عدم مراعاة مهلة الإخطار والأرباح المستحقة لها عن السنة 2022، والمقابل النقدي عن إجازاتها السنوية غير المستنفدة.
محكمة أول درجة تفصلها.. و"الاستئناف" تلغى الحكم
وبتاريخ 27 فبراير 2023 حكمت المحكمة في موضوع الدعوى الأصلية بفصل المطعون ضدها وفي موضوع الدعوى الفرعية برفضها، ثم استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 1381 لسنة 79 قضائية الإسكندرية، وبتاريخ 19 سبتمبر 2023 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الأصلية والقضاء برفض طلب الفصل وباستمرار المطعون ضدها الأولى في عملها، والزام الطاعنة بأن تؤدي لها ما لم يصرف لها من مستحقات، وفي موضوع الدعوى الفرعية بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلبي إلغاء قرار الوقف والعودة إلى العمل إلى عدم قبول الطلبين، ورفض المقابل النقدي لرصيد الإجازات إلى عدم قبوله لرفعه قبل الأوان، والتأييد فيما عدا ذلك، ثم طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
الشركة تطعن على الحكم أمام النقض
مذكرة الطعن على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول أنها استندت في طلبها بفصل المطعون ضدها إلى التحقيقات الإدارية التي أجرتها معها والتي ثبت منها قيامها من داخل مقر عملها وخارجه بتصوير ونشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وهي ترتدي ملابس غير لائقة تتضمن إيحاءات جنسية وألفاظا خادشة للحياء وهو ما يعتبر خروجاً منها عن السلوك اللائق والنظام العام والآداب واعتداء على كرامة الوظيفة حتى ولو كانت هذه المشاهد تم تصويرها خارج دائرة العمل ويبرر لها طلب فصلها من العمل لديها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدعوى لمجرد القول بعدم ثبوت تصوير ونشر هذه المشاهد من داخل مقر العمل، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
النقض: العامل يقع عليه الالتزام بالتحلي بالسلوك اللائق داخل دائرة العمل وخارجها
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 56 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أنه: "يجب على العامل (أ) أن يؤدي بنفسه الواجبات المنوطة به بدقة وأمانة وذلك وفقاً لما هو محدد بالقانون ولوائح العمل وعقود العمل الفردية والجماعية ....... (ب) ....... (ج) ...... (د) ...... (هـ) ..... (و) ...... (ز) أن يحافظ على كرامة العمل وأن يسلك المسلك اللائق به"، يدل على أن العامل يقع عليه الالتزام بالتحلي بالسلوك اللائق داخل دائرة العمل وخارجها، وإن إخلاله بهذا الالتزام يفقده شرط حسن السمعة وهو من شروط شغل الوظائف والاستمرار في شغلها ويبرر لصاحب العمل إنهاء خدمته بالإرادة المنفردة اعمالاً للحق المخول له بموجب المادة 110 من قانون العمل المشار إليه أو اللجوء إلى المحكمة العمالية بطلب مجازاته بجزاء الفصل اعمالاً للمادة 68 من ذات القانون.
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك، وكان الثابت من التحقيقات التي أجرتها الطاعنة مع المطعون ضدها ثبوت قيامها بنشر مقاطع فيديو على صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي وهي ترتدي ملابس غير لائقة تتضمن إيحاءات جنسية وألفاظ خادشة للحياء، فإنه وبفرض صحة أنها لم تصور هذه المشاهد داخل مقر العمل وإنما من داخل مسكنها الخاص فإن تصويرها ونشرها لهذه المقاطع واتاحتها للمتابعين لمثل هذه المواقع يعتبر مسلكاً غير لائق منها وخروج عن الآداب العامة يفقدها شرط حسن السمعة اللازم لاستمرارها في شغل وظيفتها ويبرر لجهة عملها - الشركة الطاعنة - طلب مجازاتها بجزاء الفصل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعنة لمجرد القول بأن هذه المشاهد لم يثبت تصويرها ونشرها من مقر عملها لدى الطاعنة فإنه يكون فضلاً عما شابه معه فساد في الاستدلال قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
ووفقا لـ"المحكمة": وحيث أن الموضوع صالح للفصل فيه، وكان مفاد المادة 125 من قانون المرافعات أنه يشترط القبول الطلبات العارضة من المدعى عليه في الدعوى الأصلية أن يكون من شأن قبولها عدم إجابة المدعى لطلباته كلها أو أن تكون الطلبات متصلة بالدعوى الأصلية اتصالاً لا يقبل التجزئة أو متعلقة بطلب المقاصة القضائية أو التعويض عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية أو ما تأخذ المحكمة بتقديمه من طلبات شريطه أن تكون مرتبطة بالطلبات في الدعوى الأصلية، ومن ثم فإنه وإن كان الطلب العارض للمطعون ضدها بطلب إلغاء قرار وقفها عن العمل وإعادتها إلى عملها وتعويضها عن الفصل ومهلة الإخطار والإساءة إلى سمعتها من الطلبات المتصلة بطلب الطاعنة في دعواها الأصلية بطلب فصلها من العمل لديها وإجابتها إليها يترتب عليه عدم إجابة الطاعنة إلى طلبها في الدعوى الأصلية بفصلها من العمل لديها، كما أن الحكم بفصلها يترتب عليه القضاء برفض هذه الطلبات إلا أن طلبها بالمقابل النقدي عن إجازاتها السنوية غير المستنفدة ونصيبها في أرباح سنة 2022 لا تندرج ضمن الطلبات التي عددتها المادة ۱۲۵ من قانون المرافعات سالفة البيان لكونه طلب مستقل بذاته عن الطلبات في الدعوى الأصلية ومن ثم يكون غير مقبول، ولما تقدم يتعين الحكم في الاستئناف رقم 1381 لسنة 79 ق الإسكندرية بتعديل الحكم المستأنف بشأن ما قضى به من رفض طلب المطعون ضدها بالمقابل النقدي عن إجازاتها السنوية غير المستنفدة ونصيبها في أرباح سنة 2022 إلى القضاء بعدم قبول هذا الطلب وتأييده فيما عدا ذلك.
لذلك:
نقضت المحكمة : الحكم المطعون فيه، وحكمت في الاستئناف رقم 1381 لسنة 79 ق الإسكندرية بتعديل الحكم المستأنف بشأن ما قضى به من رفض طلب المطعون ضدها المقابل النقدي عن إجازاتها السنوية غير المستنفدة ونصيبها في أرباح سنة 2022 إلى القضاء بعدم قبول هذا الطلب وتأييده فيما قضى به من فصل المطعون ضدها من العمل لدى الطاعنة، ورفض الدعوى الفرعية في شقها المتعلق بطلب المطعون ضدها بإلغاء قرار وقفها عن العمل وإعادتها لعملها وصرف الأجر والتعويض عن الفصل ومهلة الأخطار والإساءة إلى سمعتها، وألزمتها بمصروفات الطعن ودرجتي التقاضي، ومبلغ ثلاثمائة خمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة، وأعفتها من الرسوم القضائية.
النقض تُقرر: الفيديوهات الخادشة تؤدي للفصل من العمل 2