التوكيلات من أهم الأرواق الرسمية التي يعتمد عليها المواطنين في الداخل والخارج لإنجاز معاملاتهم، وذلك من خلال توكيل شخص آخر بأداء بعض الأعمال سواء كانت قانونية مثل المحامين أو لإنجاز بعض الأعمال الشخصية، ويكون التوكيل في هذه الحالة لأي فرد من أفراد عائلته، ووفقًا للتعليمات الصادرة من وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري، فإن هناك إجراء إلزامي من أجل اعتماد التوكيل الصادر من الخارج من أجل العمل به داخل مصر.
وفي حالة عمل التوكيل خارج جمهورية مصر العربية "التوكيلات المحررة بالخارج": 1- إذا كان التوكيل قد تم أمام القنصل المصري الموجود في الجهة التي يقيم بها الموكل فلا يؤخذ به إلا بعد اعتماد توقيع القنصل من وزارة الخارجية بجمهورية مصر العربية، 2- إذا كان التوكيل قد تم أمام السلطات الأجنبية المختصة فيعتمد من قنصل مصر بهذه الدولة على أن يعتمد توقيع القنصل من وزارة الخارجية بجمهورية مصر العربية، 3- لا تضاف جملة "في التعاقد مع النفس أو الغير" في التوكيل إلا عندما يكون وكيل المؤسسين هو أحد المؤسسين أو شريكاً بالشركة "وفي هذه الحالة لا يجوز إلغاء التوكيل إلا بحضور الطرفين".
إيداع التوكيلات المحررة بالخارج والعمل بها
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إيداع التوكيلات المحررة بالخارج والعمل بها، وأخر اللوائح والتعميمات والقرارات وأحكام محكمة النقض التي صدرت في هذا الشأن، خاصة أن العديد من المواطنين في الداخل يتم عمل توكيل لهم في الخارج، ويتم عمل محضر إيداع وموظف الشهر العقاري يأخذ الإمضاء على أصل التوكيل ومحضر الإيداع، والسؤال هنا هل هناك نص في الشهر العقاري أنه لابد من الإمضاء على التوكيل القادم من خارج مصر، وغيرها من الأسئلة الشائكة في هذا الإطار.
أولا: إيداع المحررات:
البند "ى" من المادة 4 من تعليمات التوثيق "استبدلت بالمنشور الفني 3/2008 ثم عدلت بالمنشور الفني 8/2008": تختص مكاتب وفروع التوثيق بقبول وإيداع المحررات التي بينتها اللائحة التنفيذية، مادة 18 مكرر المضافة بموجب المادة رقم 1 من قرار وزير العدل رقم 1532 لسنة 1976 بتاريخ 20/9/1976، والتي نصت على أنه: " تقوم مكاتب التوثيق بقبول وإيداع المحررات الآتية:
1-......
2- المحررات الموثقة أمام السلطات الأجنبية والسفارات والقنصليات المصرية "مستبدلة بالمادة 2 من قرار وزير العدل رقم 712 في 26/1/2008 المنشور بالوقائع المصرية العدد 28 في 4/2/2008 والمذاع بالمنشور الفني 3/ 2008".
3- المحررات العرفية المصدق على توقيعات ذوي الشأن فيها أمام السلطات الأجنبية والسفارات والقنصليات المصرية "مضافة بالمادة 1 من قرار وزير العدل رقم 4807 في 4/6/2008 المنشور بالوقائع المصرية العدد 137 في 15/6/2008 والمذاع بالمنشور الفني 8/ 2008".
ملحوظة: ولا يجوز إيداع التوكيلات التي تمت من غير المصريين في السفارات والقنصليات المصرية بالخارج لمخالفتها لقانون السلك الدبلوماسي والقنصلي "كتاب الإدارة العامة للتوثيق ملف رقم 369 لسنة 2017 دمنهور"، وبالتالي لا يجوز الاستناد إليها، ويقوم الموثق عند الإيداع بتحرير محضر رسمي بذلك مع بيان وصف شامل للمحرر المطلوب إيداعه ويرفق المحرر بأصل محضر الإيداع ويوقع المحضر من الموثق وطالب الإيداع.
ثانيا: العمل بالتوكيلات المحررة في الخارج:
"مادة 61 تعليمات شهر المعدلة الفقرة ج منها بالمنشور الفني 5/2015".
يراعى بالنسبة للتوكيلات المحررة في الخارج القواعد الآتية:
إذا كان التوكيل قد تم أمام القنصل المصري الموجود في الجهة التي يقيم بها الموكل فلا يؤخذ بهذا التوكيل إلا بعد اعتماد توقيع القنصل من وزارة الخارجية بجمهورية مصر العربية.
أما التوكيلات التي تمت أمام السلطات الأجنبية المختصة ففيها حالتين:
الحالة الأولى:
وجود قنصل مصري بالدولة الأجنبية: إذا كان التوكيل قد تم أمام السلطات الأجنبية المختصة فيكتفي باعتماده من قنصل جمهورية مصر العربية على أن يعتمد توقيع القنصل من وزارة الخارجية.
الحالة الثانية:
عدم وجود قنصل مصري بالدولة الأجنبية: إذا لم يوجد في الجهة التي عمل التوكيل بها قنصل لجمهورية مصر العربية وثبت ذلك بإفادة رسمية ومعتمدة بخاتم شعار الجمهورية الخاص بوزارة الخارجية المصرية، فيكتفى باعتماد التوكيل من القنصلية التى ترعى مصالح الدولة الأجنبية بمصر ويعتمد بعدها من الخارجية المصرية.
ملحوظة: وفي الحالة الثانية يلزم تقديم مستندين الأول إفادة معتمدة من وزارة الخارجية المصرية بعدم وجود قنصل لجمهورية مصر العربية في هذه الجهة والمستند الثاني التوكيل بعد التصديق عليه من الخارجية المصرية، "ويجب تعديل التعليمات في هذا الشأن بالاكتفاء بالتصديق على التوكيل من الخارجية المصرية، حيث إن التصديق عليه يكون بعد التأكد - بمعرفة الخارجية المصرية - من عدم وجود قنصل لمصر في الجهة التي عمل بها".
ترجمة التوكيلات المحررة بلغة أجنبية:
وإذا كانت الوكالة محررة أمام السلطات الأجنبية بلغة أجنبية وجب تقديم ترجمة لهذه الوكالة سواء كانت هذه الترجمة معدة بمعرفة السلطات الأجنبية بالخارج أو بمعرفة سفارة دولة التوكيل مع وجوب اعتماد الترجمة على النحو المتبع لاعتماد التوكيلات، "في هذا المعنى الطعن رقم 383 لسنة 27 ق جلسة 7/2/1963 س 14 ص 226".
الشهر العقاري تصدر تعليمات بشأن المحررات الموثقة أمام السلطات الأجنبية
هذا وقد، أصدرت مصلحة الشهر العقاري تعليمات بخصوص المحررات الموثقة أمام السلطات الأجنبية، وذلك وفقا لمنشور فني رقم 4 لسنة 2024، ونص المنشور على: "أن يستبدل بنص الفقرة (ج) من المادة 61 من تعليمات الشهر العقاري طبعة 2001 المستبدلة بالمنشور الفني رقم 5 لسنة 2015 النص التالي: (إذا لم يتم اعتماد التوكيل من قنصل جمهورية مصر العربية فيكتفي باعتماد التوكيل من قنصلية الدولة الاجنبية بمصر أو القنصلية التي ترعى مصالح الدولة الأجنبية ويعتمد بعها من الخارجية المصرية)"، وخلاصته أنه إذا لم يتم اعتماد التوكيل من قنصل جمهورية مصر العربيه فيكتفى باعتماد التوكيل من قنصلية الدولة الأجنبية بمصر.
وذكر المنشور إلى أنه المادة 61 من تعليمات الشهر طبعة 2001 المعدلة بالمنشور الفني رقم 5 لسنة 2015 على أنه: "يراعي بالنسبة للتوكيلات المحررة في الخارج القواعد الاتية: إذا كان التوكيل قد تم أمام السلطات الأجنبية المختصة فيكتفى باعتماده من قنصل جمهورية مصر العربية على أن يعتمد توقيع القنصل من وزارة الخارجية، كما أن البند (ج) نص على أنه: "إذا لم يوجد في الدولة التي عمل بها التوكيل فتصل لجمهورية مصر العربية وثبت ذلك بإفادة رسمية ومعتمدة بخاتم شعار الجمهورية الخاص بوزارة الخارجية المصرية، فيكتفى باعتماد التوكيل من القنصلية التي ترعى مصالح الدولة الاجنبية بمصر ويعتمد بعدها من الخارجية المصرية".
وذهب المنشور إلى أنه، حيث سبق وقد ورد للمصلحة برقم 386 بتاريخ 13 مارس 2018 كتاب السفير نائب مساعد الوزير للشئون القنصلية للمواطنين والأجانب والتصديقات - وزارة الخارجية ملف رقم 3 / 1/9 بتاريخ 21 فبراير 2018 والمتضمن بشأن الافادة عن المحررات المعتمدة بواسطة السلطات الأجنبية دون اعتمادها من سفاراتنا في الخارج بأنه يستوى اعتماد سفارة الدولة الأجنبية في مصر على المحرر الصادر من سلطاتها داخل الدولة الأجنبية، واعتماد سفارتنا في هذه الدولة شريطة اعتماد وزارة الخارجية المصرية بعد توقيع أيا من السفارتين "الأجنبية في مصر أو المصرية في الدولة الصادر منها المحرر" على هذه المحررات.
ضرورة إيداع التوكيلات المحررة بالخارج بأحد مكاتب أو فروع التوثيق المميكنة دون غيرها
كما كان قد نص المنشور الفني رقم 4 لسنة 2023 على ضرورة إيداع التوكيلات المحررة بالخارج بأحد مكاتب أو فروع التوثيق المميكنة دون غيرها، وقد استبان لرئاسة المصلحة وجود اشكالية في طلبات إيداع التوكيلات الموثقة خارج البلاد أمام السلطات الأجنبية عن طريق التطبيقات الإلكترونية بمعرفة السلطات المختصة بحسب دولة الإصدار دون طلب الحصول على سلسلة الاعتمادات المتعارف عليها سابقاً وللتغلب على تلك الاشكالية وتيسيراً على أصحاب الشأن على وجه العموم وحيث ورد للمصلحة كتاب القاضي الدكتور مساعد وزير العدل لشئون الشهر العقاري والتوثيق رقم 1097 المؤرخ 18 يناير 2024 وارد مكتب رئيس القطاع برقم 433 في 2024 /1/20 مشيرا الى كتاب المصلحة المؤرخ 2024 /1/16 والمنتهى إلى الموافقة على إذاعة المنشور الفني.
وفي نفس السياق - أصدرت مصلحة الشهر العقاري كتاب دوري رقم 116 لسنة 2024 نص على أنه ورد للمصلحة كتاب مساعد وزير العدل لشئون الشهر العقاري والتوثيق رقم 16074 بتاريخ 15 أكتوبر الجاري والمتضمن التوجيه بإذاعة كتاب دوري بعدم استكمال إجراء استخراج التوكيل إلا بعد تدوين رقم الهاتف لأطراف التعامل بكافة معاملات التوثيق علما بأن الخاصية مهيئة بتطبيق التوثيق لذلك - وعليه تقرر "حسب المنشور" - أنه يتعين على مكاتب وفروع التوثيق المميكنة إدراج الهاتف المحمول الخاص بأطراف التعامل إلى بيانات كافة معاملات التوثيق وعدم استكمال أي إجراء دون إثبات رقم الهاتف المحمول الخاص بالمتعاملين في الخانة المخصصة لذلك على التطبيق.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل تلك الإشكالية فى الطعن المقيد برقم 12590 لسنة 88 القضائية، والذى جاء في حيثياته: "وجوب اعتماد وزارة الخارجية (مكتب تصديق الخارجية) لتوقيع من باشر إجراءات التصديق على التوكيل المحرر خارج مصر، حتى تستوفى هذه الإجراءات الشكل القانوني لها ويمكن الاحتجاج بها، تأسيساً على أن البين من التوكيل الصادر من الطاعن إلى المحامى الذي قرر بالطعن أنه حُرر في دولة (...)، وتم التصديق على إمضاء الطاعن بقنصلية مصر (...)، فإن هذا التوكيل يتعين أن يتم وفقاً لما يتطلبه القانون المصرى.
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك، وكانت المادة (96) من القانون رقم (45) لسنة 1982 بإصدار قانون نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي - ومن قبله المادة (64) من القانون رقم (166) لسنة 1954- قد ناطت بأعضاء بعثات التمثيل القنصلي بعض الاختصاصات من بينها التصديق على توقيعات المصريين، واشترطت أن يتم ذلك بإتباع أحكام القوانين واللوائح المصرية، وكان قرار وزير الخارجية المصرية الصادر في يوليو سنة 1977 والقانون رقم (453) سنة 1955 بتنظيم وزارة الخارجية قد حددا الإجراءات التي يتم بها التصديق على المحررات الموقع عليها من المصريين المتواجدين بالخارج ويرغبون في تقديمها إلى السلطات الرسمية المصرية أو الأجنبية.
ووفقا لـ"المحكمة": وأوجب على أعضاء البعثات المخولين حق مباشرة الأعمال القنصلية بصفة عامة والتصديق على المحررات بصفة خاصة وموافاة وزارة الخارجية بثلاث صور من نماذج توقيعاتهم باللغتين العربية والإفرنجية مقرونة بالخاتم المستعمل للتصديق على النموذج المعد لهذا الغرض، حتى تقوم وزارة الخارجية باعتماد التصديقات التي تقوم بها تلك البعثات في الخارج، للتحقق من سلامة إجراءات التصديق وحق من باشره في إجرائه، مما مفاده ضرورة اعتماد وزارة الخارجية لتوقيع من باشر إجراءات التصديق خارج مصر، حتى تستوفى هذه الإجراءات الشكل القانوني لها ويمكن الاحتجاج بها .لما كان ما تقدم، وكان التوكيل آنف الذكر قد خلا من اعتماد وزارة الخارجية المصرية لتوقيع القنصل المصري الذي صدق على توقيع الطاعن خارج مصر، فإنه لا يعتبر توكيلاً موثقاً وفقاً لأحكام القانون المصري.
كما أن المادة الثانية من القانون رقم (68) لسنة 1947 بشأن التوثيق خوَّلت مكاتب التوثيق التصديق على توقيعات ذوي الشأن في المحررات العرفية. لما كان ما تقدم، فيجب لصحة حضور وكيل الطاعن أن يكون بتوكيل رسمي أو بورقة عرفية مصدق على توقيعات ذوي الشأن فيها - ويكون التوكيل بالحضور من الإجراءات المتعلقة باعتبار الحكم حضورياً أو غيابياً - وكان البين من التوكيل سالف البيان أنه خلا من تصديق وزارة الخارجية المصرية علي تصديق القنصلية المصرية بدولة (...)، كما خلا من تصديق مكتب توثيق الشهر العقاري أيضاً، فلا يُعد توكيلاً موثقاً وفقاً لأحكام القوانين المصرية، فلا محل للاعتداد به وبما تضمنه من عبارات أو أختام أو توقيعات، ويتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن.