ملف الإيجار القديم يُعد من الملفات الشائكة الخطيرة التي يصفها المتخصصين والمعنيين بالملف بـ"حقل الألغام"، لما فيه من مخاطر، خاصة وأننا على أعتاب تطورات جديدة ومهمة سيشهدها ملف الإيجار القديم، وذلك بعد إعلان الحكومة تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأي العام، بهدف إجراء حوار مجتمعي بشأنه، قبل إقراره من البرلمان، بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفي الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعي، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة.
وتعتبر أزمة الإيجار القديم من الأمور التي ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر في الوقت الذي لاتزال تتوالى ردود الأفعال حول التعديلات المرجوة، الأمر الذي يزيد معه الحالة ترقبا لما سوف تقره اللجنة المشتركة المرتقبة من تشريعات جديدة خلال الفترة المقبلة، مع مراعاة أهمية وحساسية وخطورة هذا القانون، فضلاَ عن مراعاة التوازن بين مصلحة الطرفين المالك والمستأجر، إلا أن الواقع والحقيقة يؤكدان أن أزمة مستأجري القانون القديم مستمرة على الرغم أن ساكني هذه الوحدات حصلوا عليها بموجب القانون الحالي.
يهم الملايين.. إشكاليات عقد الايجار بداية من كتابته حتى انتهاءه وتجدده تلقائيا
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على عدة إشكاليات حول عقد الايجار وانتهائه وتجدده تلقائيا وكيفية إعمال ما نص عليه القانون، وكيف ينظر المشرع لعقود الإيجار الغير خاضعة للقوانين الاستثنائية؟ وعدم تحديد مدتها ماذا يترتب عليه؟ ومتى يعتبر العقد منعقداً للفترة المحددة لدفع الأجرة؟ ومتى يكون لكل من طرفيه الحق في إنهائه بالتنبيه على الآخر في الميعاد القانوني؟ ومتى تتجدد فترة الإيجار تلقائيا؟ وهل استلزم المشرع توقيت عقد الإيجار واعتبر المدة ركناً فيه؟ وما هو دور المادتان 558، 563 مدني في حل الأزمة بين المالك والمستأجر في استمرار العلاقة الإيجارية من عدمها، وغيرها من الأسئلة الشائكة – بحسب الخبي رالقانونى والمحامى بالنقض عماد الوزير.
في البداية – المشرع وضع الضوابط لإشكاليات عقد الايجار وانتهائه وتجدده تلقائيا وكيفية إعمال ما نص عليه القانون حيث أن مفاد النص في المادتين 588، 563 من القانون المدني يدل على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار واعتبر المدة ركناً فيه، وأنه إذا عقد العقد دون اتفاق على ميقات ينتهي فيه الإيجار أو تعذر إثبات المدة المدعاة أو عقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإجارة على وجه التحديد كأن ربط انتهاؤها بأمر مستقبل غير محقق الوقوع تعين اعتبار العقد منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة، ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بالمادة 563 سالفة البيان.
المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار وإلا "الطرد"
وبحسب "الوزير" في تصريح لـ"برلماني": النص في عقد الإيجار على انعقاده لمدة محددة تتجدد تلقائياً لمدد أخرى مماثلة طالما كان المستأجر قائماً بتنفيذ التزاماته وأحقية الأخير وحده دون المؤجر في إبداء الرغبة في إنهائه يؤدي إلى اعتبار العقد - بعد انتهاء المدة المتفق عليها - متجدداً تلقائياً لمدد أخرى مماثلة لا يعرف على وجه التحديد تاريخ انتهائها، إذ نهايتها منوطة بمحض مشيئة المستأجر وحده أو خلفه العام ولا يعرف متى يبدي أيهما الرغبة في إنهاء العقد خاصة وأن الأصل في عقد الإيجار أنه لا ينتهي - إعمالاً لنص المادة 601 من القانون المدني - بوفاة المستأجر وتنصرف آثاره إلى خلفه العام - عملاً بنص المادة 145 من ذات القانون - ما لم يتبين من العقد أو طبيعة التعامل أو نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إليهم.
ووفقا للخبير القانوني: ومن ثم فإن عقد الإيجار يعتبر في هذه الحالة منعقداً لمدة غير معينة ويتعين إعمال نص المادة 563 مدني واعتباره - بعد انتهاء مدته الأولى المتفق عليها متجدداً للفترة المحددة لدفع الأجرة، وينتهي بانقضائها بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص هذه المادة، فإن لم يحصل التنبيه تجدد العقد للمدة المحددة لدفع الأجرة ثم لمدة مماثلة، وهكذا إلى أن يحصل التنبيه ولا يسوغ استبعاد نص المادة 563 مدني، والقول بانتهاء العقد بموت المستأجر الذي لم يبد الرغبة في حياته في إنهائه إذ يتعذر تطبيق هذا القول في حالة ما إذا كان المستأجر شخصاً اعتبارياً إذ انقضاء الشخصية الاعتبارية أمر غير محقق الوقوع، فقد تدخل المشرع العام الماضى لفض الاشتباك في مسألة الشخص الاعتبارى وأعطى له ملهة الخمس سنوات للإخلاء والتي انقضى منها سنه وتبقى منها 4 سنوات.
ويتجدد تلقائيا طالما كان المستأجر قائماً بتنفيذ التزاماته
ويضيف: كما لا محل للقول أيضاً بوجوب تدخل القاضي لتحديد مدة العقد أو انتهاء العقد بمضي 60 عاما قياساً على حق الحكر ذلك أن الأصل أنه يمتنع على القاضي - إعمالاً لنص المادة 147 مدني التدخل لتعديل إرادة المتعاقدين إلا لسبب يقره القانون ولو ارتأى المشرع أن يتدخل القاضي لتحديد مدة العقد أو تحديد حد أقصى للمدة في عقد الإيجار - كما في حق الحكر - لنص على ذلك صراحة ومن ثم فلا محل للقياس والاجتهاد مع وجود نص المادة 563 مدني سالف البيان، ويؤيد هذا النظر أن المشروع التمهيدي للتقنين المدني الحالي كان ينص في الفقرة الأولى من المادة 760 على أن:
"إذا عقد الإيجار لمدة تزيد على ثلاثين سنة أو إذا كان مؤبداً جاز أن ينتهي بعد انقضاء ثلاثين سنة بناء على طلب المتعاقدين مع مراعاة المواعيد القانونية المنصوص عليها في المادة التالية........"، وقد حذفت لجنة الشئون التشريعية بمجلس النواب هذا النص بعد أن كانت قد أقرته لجنة المراجعة دون أن تشير إلى هذا الحذف في تقريرها، وبذلك تركت المسألة للقواعد العامة الواردة في المادة 563 مدني.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لهذه الإشكاليات في الطعنان رقما 766، 773 لسنة 56 قضائية، والذى جاء في حيثياته: إذ كان الثابت أن عقد الإيجار محل النزاع المؤرخ قد انعقد لمدة خمس سنوات تتجدد طالما كان المستأجر قائماً بسداد الأجرة وله وحده الحق في طلب إنهائه وأن الأجرة مبلغ 180 جنيه تدفع شهرياً فإنه مع وجود هذا الشرط يعتبر العقد بعد انتهاء مدته الأولى منعقداً للفقرة المحددة لدفع الأجرة وهي شهر يتجدد، ويكون لأي من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد إذا نبه على الآخر قبل النصف الأخير من الشهر إعمالاً لنص المادة 563 مدني.
وتضيف "المحكمة": إذ كان الطاعنون قد نبهوا المطعون ضدهم رسمياً في 17 يناير 1983 بإنهاء العقد فإن العلاقة الإيجارية تكون انفصمت بهذا التنبيه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وعمد إلى تحديد مدة الإجارة تحديداً تحكمياً بثلاثين عاماً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.