الخميس، 19 يونيو 2025 01:25 م

من المكاتب إلى المنازل.. كيف أعادت "جائحة كورونا" تشكيل قوانين العمل في التشريعات العربية.. مصر عالجتها مؤخرا في قانون العمل الجديد.. والإمارات أول من تصدت للأزمة.. و"فراغ تشريعى" في الدول العربية

من المكاتب إلى المنازل.. كيف أعادت "جائحة كورونا" تشكيل قوانين العمل في التشريعات العربية.. مصر عالجتها مؤخرا في قانون العمل الجديد.. والإمارات أول من تصدت للأزمة.. و"فراغ تشريعى" في الدول العربية العمل عن بُعد - أرشيفية
الخميس، 19 يونيو 2025 09:00 ص
كتب علاء رضوان

الواقع والحقيقة يؤكدان أن الزيادة الهائلة في العمل عن بُعد، بسبب جائحة كوفيد-19، سلطت الضوء على ظروف العمل السيئة التي يعاني منها العديد من العاملين في المنزل، والذين بلغ عددهم قبل الأزمة 260 مليون شخص حول العالم، فقد جاء ذلك في تقرير جديد لمنظمة العمل الدولية أوضح إن أولئك الذين يعملون من المنزل، والذين زاد عددهم بشكل كبير بسبب الجائحة "يحتاجون إلى حماية أفضل".

 

وفى خطوة هامة نحو إعادة تشكيل مستقبل العمل فى العصر الرقمي، يناقش مؤتمر العمل الدولي فى دورته الـ113، المنعقد خلال الفترة من 2 وحتى 13 يونيو الجارى، وضع معايير دولية جديدة لحماية ملايين العمال المرتبطين بالمنصات الرقمية حول العالم، وقد تصاعدت الدعوات من جانب الحكومات والنقابات العمالية لإصدار اتفاقية دولية ملزمة تضمن العمل اللائق فى هذا القطاع سريع النمو، الذى أصبح يشكل مكونًا أساسيًا فى سوق العمل الحديث. 

 

بل

 

من المكاتب إلى المنازل.. كيف أعادت "جائحة كورونا" تشكيل قوانين العمل في التشريعات العربية 

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على العمل عن بُعد في التشريعات العربية، وذلك من خلال الإجابة على حزمة من الأسئلة أبرزها هل كانت قوانين العمل الخليجية والعربية مستعدة لهذه القفزة؟ وهل استطاع المشرّع أن يواكب الواقع الجديد؟ وما الذي تغيّر فعلًا؟ وكيف نُثبت التزام الموظف وهو في بيته؟ وهل ساعات العمل مرنة؟ ومن يتحمل تكاليف الإنترنت؟ وكيف نحمي بيانات الشركات الحساسة؟ - بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض رجب السيد قاسم.

 

في البداية - قبل عام 2020 كان العمل عن بُعد استثناء، وبعدها، أصبح قاعدة، بهذه البساطة، تغيّرت حياة الملايين في لحظة، فجائحة كورونا لم تكتفِ بإرباك الأنظمة الصحية فقط، بل أصابت أنظمة العمل في مقتل، لتفتح الباب أمام ثورة جديدة: ثورة العمل عن بُعد – ولكن - هل كانت قوانين العمل الخليجية والعربية مستعدة لهذه القفزة؟ وهل استطاع المشرّع أن يواكب الواقع الجديد؟ وما هو شكل العلاقة القانونية بين الموظف وشركته عندما يتباعدان جغرافيًا، ويتواصلان فقط عبر شاشة؟ فما الذي تغيّر فعلًا؟ - وفقا لـ"قاسم".  

 

2017_3_14_14_20_55_877

 

قبل الجائحة.. كان العمل عن بُعد فكرة محدودة 

 

قبل الجائحة، كان العمل عن بُعد فكرة محدودة تُطبّق في شركات تكنولوجيا أو استشارات - لكن - بعد انتشار الفيروس، اضطرت الحكومات إلى فرض الحجر، والمؤسسات إلى إغلاق مقارها، والنتيجة كانت أكثر من 70% من الموظفين في بعض الدول بدأوا العمل من منازلهم خلال 2020، وهنا طُرحت أسئلة قانونية لم تُطرح من قبل: كيف نُثبت التزام الموظف وهو في بيته؟ هل ساعات العمل مرنة؟ من يتحمل تكاليف الإنترنت؟ كيف نحمي بيانات الشركات الحساسة؟ - هكذا يقول الخبير القانوني.

 

باختصار: المشرّع كان أمام حالة طوارئ تشريعية، والخليج إلتقط الإشارة بسرعة كالتالى – الكلام لـ"قاسم":

 

الإمارات: كانت من أوائل الدول الخليجية التي أدركت حجم التحوّل، فأدخلت مفاهيم "العمل المرن" و"العمل عن بُعد" صراحة في قانون العمل الجديد لعام 2021، مع لائحة تنظيمية تفصيلية عام 2023.

 

أما السعودية: فأطلقت منصة إلكترونية وطنية متخصصة، وأنشأت نظامًا خاصًا لتسجيل العاملين عن بُعد، وربطهم بالتأمينات الاجتماعية، وأصدرت قرارات تشترط توقيع عقود توضح ساعات العمل، والمهام، والحقوق

 

ومك

 

قطر والبحرين وسلطنة عمان تحركت كل منها بخطوات متفاوتة كالتالى:

 

قطر والبحرين: سمحتا بالعمل عن بُعد في القطاع الحكومي بقرارات إدارية خلال الجائحة، لكنها لا تزال بحاجة إلى نصوص دائمة.

 

في عمان: تم اعتماد العمل عن بُعد إداريًا، دون تعديل تشريعي صريح حتى الآن

 

202402191157545754

 

وماذا عن مصر؟

 

منذ عدة أيام تم التصديق على قانون العمل الجديد، والذى استحدث 6 أنماط جديدة غير تقليدية، يحصل أصحابها على أجر كامل مقابل أداء تلك الأعمال.

 

ونصت المادة المستحدثة بقانون العمل على أنه يعتبر نمطًا جديدًا من أنماط العمل كل عمل يقوم به العامل بطريقة غير تقليدية، أيا كان شكل أداء العمل، أو طريقة تنفيذه، ويقدم لصالح صاحب العمل وتحت إدارته أو إشرافه، مقابل أجر أياً كانت صورته، ويعتبر نمطًا من أنماط العمل الجديدة على الأخص ما يأتي:

 

1- العمل عن بعد، وهو أداء العمل في مكان يختلف عن المقر التقليدي للمنشأة، ويتم تنفيذه من خلال الوسائل التكنولوجية، وفقاً للأماكن التي يقبلها صاحب العمل.

 

2- العمل عبر المنصات الرقمية.

 

3- العمل لبعض الوقت أو جزء من الوقت.

 

4- العمل المرن، وهو أداء العمل بنفس عدد ساعات العمل المطلوبة من العامل، في أوقات غير متصلة يتم الاتفاق عليها بين طرفي علاقة العمل.

 

5- تقاسم العمل، هو العمل الذي يقوم بإنجازه أكثر من شخص ويتقاسمون فيه الأدوار أو الأوقات، كما يتقاسمون الأجر، وفقاً لما يتم الاتفاق عليه.

 

6- أي صور أخرى للعمل يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص.  

 

images

 

"فراغ تشريعى" فى الدولى العربية 

 

بينما يرى أخرون أن قانون العمل المصري لم يُدخل تعديلات صريحة بشأن العمل عن بُعد، إلا أن التجربة فرضت نفسها، في البنوك، ووزارة الاتصالات، وبعض الجامعات، بدأت في تطبيق العمل من المنزل، لكن الغياب التشريعي يفتح بابًا واسعًا للمشكلات، أبرزها: ضعف الحماية التأمينية، وغياب الرقابة القانونية، وانعدام المساواة بين العاملين في المقر والعاملين عن بُعد.

 

ملحوظة: وفى الحقيقة يوجد "فراغ تشريعى" في باقى التشريعات العربية مثل "المغرب، وتونس، والجزائر، وليبيا، والسودان، والأردن،....."، وغيرها من الدول العربية، وإنما هي عبارة عن لوائح داخلية منظمة للعمل كل مؤسسة ووزارة وهيئة حسب قوانينها، ولكن ليس هناك تشريعات صريحة. 

 

ببلاا

 

بين الحرية والاستغلال

 

يظن البعض أن العمل عن بُعد "راحة "... لكن التجربة كشفت عن نوع جديد من الضغط من حيث:

-مراقبة دائمة عبر الإنترنت

-رسائل بريد إلكتروني خارج ساعات الدوام

-تآكل الحدود بين الحياة الخاصة والعمل

-صعوبة إثبات ساعات العمل الفعلية

-بل إن بعض الشركات فصلت موظفين بدعوى "ضعف الأداء عن بُعد"، في ظل غياب دليل قانوني واضح ينصف العامل.

 

ماذا نحتاج الآن؟

 

1-نحتاج إلى نصوص قانونية جديدة لا تقتصر على الاعتراف بالعمل عن بُعد، بل تحمي من مخاطره.

2-نحتاج إلى تحديد مسؤوليات الشركات: من يتحمل كلفة الإنترنت؟ الأجهزة؟ الأمان السيبراني؟

3-نحتاج إلى آليات جديدة لقياس الأداء، تتناسب مع بيئة العمل غير التقليدية.

4-نحتاج إلى مساواة بين الموظف الذي يعمل من البيت، ومن يعمل من المكتب، في الحقوق والمكافآت

 

ثثبل

 

العمل عن بُعد ليس مرحلة… بل مستقبل

 

ويؤكد "قاسم": هذا النظام لن يختفي بل سيزداد وسيشمل المبرمج، والمحامي، والمستشار، وحتى الموظف الحكومي بل إن بعض الحكومات "مثل الإمارات" بدأت بتوظيف كفاءات عالمية للعمل عن بُعد بدوام كامل – لهذا - فإن تأخر القوانين عن مواكبة الواقع يعني خلق فراغ قانوني يُستغل ضد العامل الضعيف، أو يُعيق توسّع المؤسسات نحو أنماط أكثر إنتاجية.

 

الخلاصة:

 

الجائحة أجبرتنا على مغادرة المكاتب، لكننا لا يجب أن نغادر القوانين فالعمل عن بُعد يحتاج إلى إطار قانوني جديد أكثر مرونة،أكثر شفافية، وأكثر إنصافًا، وإذا لم نُشرّع اليوم، فإننا نخاطر بأن يعمل الجيل القادم في "فراغ قانوني رقمي – طبقا لـ"قاسم"" .

 

يشار إلى أن هناك توافق دولى واسع النطاق حول الحاجة الملحة لوضع صك دولى جديد لحماية عمال المنصات الرقمية، وذلك من خلال الاستناد إلى تقارير استطلاع شاملة تضم ردود أكثر من 140 حكومة و195 منظمة عمالية و116 منظمة لأصحاب العمل، إضافة إلى منظمات نقابية دولية، أيدت الغالبية العظمى  فكرة إصدار "اتفاقية ملزمة مدعومة بتوصية" أو "توصية إرشادية مستقلة" لمعالجة هذا الملف المعقد الذى يؤثر على حياة ملايين العمال حول العالم.  

 

ضضص
 
 
ثي
 
الخبير القانونى والمحامى بالنقض رجب السيد قاسم

 

 

الأكثر قراءة



print