في ظل التوسع الهائل فى استخدام الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل توثيق الأحداث في الشارع بلحظتها، ومشاركتها على الملأ خلال ثوانٍ.
ورغم ما قد تحققه هذه الوقائع أحيانًا من كشف أحداث تستدعي المساءلة، فإنها في المقابل قد تتسبب في انتهاك صارخ لخصوصية الأفراد، وتجاوز واضح للقانون.
هذا ما أعادت جهات التحقيق التأكيد عليه بعد قرارها إحالة مصور واقعة "السيارة المخلة" بطريق المحور إلى المحاكمة الجنائية، بتهمة نشر محتوى ينتهك الخصوصية دون إذن.
جهات التحقيق أوضحت أن تصوير الآخرين ونشر المقاطع المصورة دون رضاهم، حتى إن تضمنت سلوكيات خاطئة أو مخالفة للقانون، يُعد جريمة يعاقب عليها القانون، وفقًا لأحكام قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، لا سيما المواد المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة باستخدام الوسائل الرقمية، فالقانون يجرم تسجيل أو تصوير أي شخص في مكان خاص أو عام دون موافقته، إذا كان من شأن هذا الفعل المساس بالحياة الشخصية أو انتهاك الخصوصية أو التشهير أو الإساءة.
وفي واقعة "طريق المحور"، قررت النيابة العامة أيضًا إحالة الأشخاص الذين اعتدوا على المصور وأتلفوا سيارته إلى المحاكمة الجنائية، بعد أن أقروا بالواقعة خلال التحقيقات، وأفادوا بأنهم اعترضوا على تصويرهم أثناء ارتكابهم الأفعال المبينة سلفا، إلا أن ذلك لا يبرر أبدًا ارتكاب أفعال عنف أو إتلاف ممتلكات، ما يضعهم هم أيضًا تحت طائلة القانون.
وأكدت النيابة العامة في بيانها أن الوسيلة القانونية الصحيحة للتعامل مع هذه المواقف هي الإبلاغ عبر المنافذ الرسمية، وليس النشر عبر مواقع التواصل، حمايةً لحقوق الأفراد، وصونًا لحرمة الحياة الخاصة، وتفاديًا لإفلات الجناة من العقاب بسبب تجاوز في الإجراءات من قبل غير المختصين.
ويُعد هذا الموقف القانوني الحازم رسالة واضحة من جهات التحقيق بضرورة احترام القانون، وعدم التعدي على الخصوصيات تحت أي ذريعة، حفاظًا على الأمن المجتمعي وسيادة القانون.