ثمن عبد الحليم علام نقيب المحامين، الخطوة التي اتخذها رئيس الجمهورية طبقًا للحق الدستوري المقرر له في إعادة مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب، لإعادة النظر في بعض مواده ، إدراكًا منه لخطورة هذا التشريع وأثره البالغ على منظومة العدالة الجنائية برمتها.
وأضاف خلال الجلسة العامة لمجلس النواب اليوم برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي إن الاعتراضات التي أبداها رئيس الجمهورية تمثل تجسيدًا لحرص القيادة السياسية على صون الحريات والحقوق الدستورية، وترسيخ ضمانات المحاكمة العادلة في إطار من التوازن الواجب بين حق المجتمع في الأمن والعدالة وحق الفرد في الحرية والدفاع مشيرا الى ان الاعتراضات على مادة واحدة من مواد الإصدار، وسبع مواد موضوعية فحسب، من جملة ما جاوز عدد مواده ٥٥٢ مادة، فإن في ذلك دلالة قاطعة على أن مشروع القانون في مجمله ــ بما انطوى عليه من أحكام متطورة، وما استغرقه من جهد عظيم بذله المجلس قد حاز قبول القيادة السياسية وتقديرها ، وتقدير الأوساط القانونية والقضائية، التي رأت فيه خطوة فارقة على طريق تحديث العدالة الجنائية وضمان فاعليتها.
وأشار إلى أن الاعتراضات التى جاءت فى رسالة الرئيس مست مواضع دقيقة من جوهر العدالة الجنائية؛ فالتريث في ميعاد سريان القانون يتيح للأجهزة المعنية فسحةً من الوقت تُعَدُّ فيها العدة ويُهيأ معها المناخ الملائم لإنزال النصوص إلى واقع عملي منضبط مضيفا أما التشديد على ضبط عبارة "حالات الخطر" في شأن دخول المساكن، فهو تعبير جلي عن تقدير ما لحرمة البيوت من مكانة دستورية لا يعلو عليها إلا الحق في صون الكرامة الإنسانية ذاتها.
وتابع قائلا تحديد مدة قصوى لإيداع المتهم حال غياب محاميه ضمانة لا غنى عنها لصيانة الحرية الشخصية وحماية الفرد من أي قيد يطال أقدس حقوقه.
والدعوة إلى استحداث بدائل أوسع للحبس الاحتياطي تمثل خطوة متقدمة في سبيل عدالة أكثر رحابة وإنصافًا.
وقال إن الملاحظة المتعلقة بوجوب العرض الدوري لأوراق الحبس على النائب العام، فهي توكيد على أن الحرية لا تُقيد إلا برقابة قضائية يقظة، متجددة لا تعرف الجمود ولا الركون لافتا إلى أنه في إقرار بديل للإعلان الإلكتروني حال تعذّره، صيانةً لسرعة الفصل وضمانًا لعدم تعطيل سير العدالة.
كان الاعتراض على نظر الاستئناف في غيبة المتهم أو وكيله المختار - وهو أمر سبق و أن لفتنا النظر إليه حال مناقشة مشروع القانون - ترسيخًا للقاعدة الأصيلة التي لا غنى عنها: أن لا يحاكم إنسان في غيبة من اختاره ليدافع عنه.