قال النائب أحمد سمير زكريا، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ، أن الدولة المصرية خطت خطوات واسعة في ملف دعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال السنوات الماضية، سواء عبر المبادرات التي أطلقها البنك المركزي أو من خلال الأطر القانونية والتنظيمية التي باتت تنظم عمل جهاز تنمية المشروعات، مشيرًا إلى نقطة أكثر عمقًا تتعلق بقدرة الشباب أنفسهم على التعامل مع هذه الأدوات التمويلية بعقلية جادة، ومؤهلة لتحويل التمويل إلى نشاط اقتصادي منتج، وليس فقط إلى رأس مال يدور في حلقة مغلقة دون دراسة أو إدارة رشيدة.
كما أكد أحمد سمير زكريا، أن الرهان الأكبر لا يجب أن يكون فقط على ضخ التمويل، بل على بناء ثقافة تؤسس لفهم عميق لمفهوم المشروع نفسه، وتحويله إلى كيان قادر على النمو والتوسع.
وأوضح أن معظم التحديات التي تواجه صغار المستثمرين لا تتعلق فقط بتوافر رأس المال، وإنما بغياب التخطيط المالي، وانعدام وجود رؤية واضحة لتطوير المشروع، أو تحديد الأسواق المستهدفة.
كما أشار إلى ضرورة إعادة التفكير في البعد الثقافي للعمل الحر، وتجاوز النظرة النمطية التي لا تزال تربط النجاح بالوظيفة فقط، بعيدًا عن المخاطرة المحسوبة.
وذكر أن دور الدولة لا يجب أن يتوقف عند توفير أدوات التمويل والتدريب، وإنما لا بد من تكامل مؤسسي في خلق بيئة عمل محفزة تبدأ من المدرسة، وتمر بالجامعة، وتستقر في جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
واقترح أن يتم إدخال برامج محاكاة اقتصادية في مراحل التعليم المبكر، يستطيع من خلالها الطلاب تجربة تأسيس مشروع صغير، أو إدارة ميزانية، أو التفاعل مع متغيرات السوق الافتراضية، وهو ما سيخلق جيلًا قادرًا على العمل من منطلق معرفي وليس تجريبي فقط.
أما على مستوى الأدوات المتاحة، فأكد زكريا أن الدولة فتحت المجال أمام الشباب من خلال مبادرات تمويل بفوائد منخفضة، وتسهيلات ائتمانية ميسرة، وبرامج تدريب فنية وإدارية متخصصة، بالإضافة إلى تخصيص منافذ بيع ومعارض دائمة لتسويق المنتجات، وخلق ربط مع سلاسل القيمة.،إلا أن العنصر الحاسم يبقى دومًا في عقلية صاحب المشروع نفسه، ومدى استعداده لأن يتعامل مع مشروعه ككيان اقتصادي مستقل، لا كفرصة مؤقتة لتحسين الدخل.
وشدد على أن تحريك الاقتصاد المصري لا يمكن أن يتم من أعلى فقط، بل من القاعدة أيضًا، مشيرًا إلى أن القاطرة الحقيقية للنمو ليست بالضرورة في المشروعات العملاقة فقط، بل في قدرة آلاف الشباب على تأسيس مشروعات صغيرة لكنها مستقرة، قادرة على التشغيل، والنمو، والتصدير، والمنافسة، والتكامل فيما بينها لتكوين بنية إنتاجية مصرية أصيلة تستطيع أن تصمد أمام الأزمات، وتتكيف مع التحولات الاقتصادية الإقليمية والدولية.