الجمعة، 21 نوفمبر 2025 10:04 م

خطوة تشريعية فارقة.. ضمانات حماية الأطفال والمرضى النفسيين فى قلب الإجراءات الجنائية.. تسجيل أقوال الطفل صوتيا وبصريا وحضور الأهل أو الأخصائيين الاجتماعيين لتهيئة بيئة تحقيق آمنة لضحايا جرائم الاعتداء على النفس

خطوة تشريعية فارقة.. ضمانات حماية الأطفال والمرضى النفسيين فى قلب الإجراءات الجنائية.. تسجيل أقوال الطفل صوتيا وبصريا وحضور الأهل أو الأخصائيين الاجتماعيين لتهيئة بيئة تحقيق آمنة لضحايا جرائم الاعتداء على النفس قانون الإجراءات الجنائية - صورة أرشيفية
الجمعة، 21 نوفمبر 2025 09:00 م
كتبت نورا فخرى
يُمثل إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد رقم 172 لسنة 2025 من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسى علامة فارقة فى مسيرة الإصلاح التشريعى المصرى، فى تأكيد على التزام الدولة بتطوير منظومتها القضائية بما يتوافق مع أحدث المعايير الحقوقية والإنسانية.
 
لا يقتصر هذا القانون على تحديث الإجراءات الروتينية، بل يتخذ توجها واضحا وعميقا نحو تعزيز حماية الفئات الأكثر عرضة للانتهاك والضعف داخل المجتمع خلال مراحل الدعوى الجنائية المختلفة، التوجه الذى يعكس إدراكا متناميا لأهمية التخصيص والتمييز الإيجابى فى التعامل مع قضايا العدالة الجنائية، حيث يتطلب التعامل مع ضحايا الجرائم من المصابين باضطرابات نفسية أو عقلية والأطفال نهجا مختلفا وحساسا يضمن عدم تحول الإجراءات القانونية نفسها إلى مصدر إضافى للضرر النفسى أو انتهاك للحقوق. يهدف القانون بشكل أساسى إلى إنشاء آليات إجرائية وقائية وعلاجية.
 
وفى هذا الإطار، جاءت المادتان (347) و(348) لتضعا قواعد صريحة تحمى هؤلاء المجنى عليهم خلال مرحلة التحقيق، بما يضمن سلامتهم النفسية وقدرتهم على الإدلاء بأقوال صحيحة، ويعزز من عدالة الإجراءات الجنائية، وتكشف عن توجه تشريعى يسعى إلى إدماج البعد الإنسانى داخل منظومة العدالة الجنائية، من خلال حماية من لا يملكون القدرة الكاملة على حماية أنفسهم. كما أنهما تمنحان سلطات التحقيق أدوات قانونية فعالة لضمان سلامة الضحايا، وتعزيز الثقة فى الإجراءات، وتحقيق توازن بين حقوق المجتمع وحقوق الفرد.
 
وتبدأ منظومة الحماية بتأكيد المادة (347) على حق سلطة التحقيق فى إيداع المجنى عليه المصاب باضطراب نفسى أو عقلى داخل منشأة للصحة النفسية بشكل مؤقت لتلقى العلاج، وذلك إذا كان ضحية جناية أو جنحة من جرائم الاعتداء على النفس. ويرتبط هذا الإجراء بقانون رعاية المريض النفسى لضمان احترام جميع الضوابط القانونية والإنسانية المتعلقة بالدخول الإلزامي.
 
وتنص المادة (347 ) على أنه إذا وقعت على مجنى عليه مصاب باضطراب نفسى أو عقلى جناية أو جنحة من جرائم الاعتداء على النفس، جاز السلطة التحقيق أن تصدر أمرا بإيداعه مؤقتا فى إحدى منشآت الصحة النفسية لتلقى العلاج والرعاية الطبية، وفقا لأحكام الدخول الإلزامى المنصوص عليها بقانون رعاية المريض النفسى المشار إليه.
 
وتقضى المادة بأنه يجوز لسلطة التحقيق المختصة عند سؤال المجنى عليهم الأطفال فى أى جريمة استدعاء أحد ذوى الطفل، أو أحد الأخصائيين الاجتماعيين لحضور إجراءات التحقيق. كما يجوز للمحقق تسجيل أقوال الطفل المجنى عليه سمعيا وبصريا، ويجوز أن يكون التسجيل سمعيا فقط، بناء على طلب الطفل أو الشخص الذى يحضر من ذويه، ويحفظ هذا التسجيل بواسطة إحدى وسائط التخزين الرقمية تودع ملف القضية.
 
وتكمن أهمية هذه المادة فى توفير الرعاية الطبية اللازمة بشكل عاجل، وضمان استقرار الحالة النفسية للمجنى عليه بما يدعم دقة أقواله، فضلا إحاطة الإجراء بإطار قانونى متخصص يحمى الحقوق.
 
ومع أن هذه الحماية تُقدم بالأساس للمصابين باضطراب نفسى أو عقلى، فإنها تتقاطع فى جوهرها مع مبدأ أوسع، وهو ضرورة توفير بيئة آمنة للضحايا خلال التحقيقات، وهو ما يقود مباشرة إلى فئة أخرى تحتاج حماية مشابهة: الأطفال.
 
وانطلاقا من نفس الفلسفة الإنسانية، عززت المادة (348) حماية الأطفال خلال عملية التحقيق، إذ تسمح باستدعاء أحد ذوى الطفل أو أحد الأخصائيين الاجتماعيين لحضور جلسة التحقيق، فضلا عن إمكانية تسجيل أقوال الطفل صوتيا أو بصريا وحفظها فى ملف القضية، بما يضمن عدم تكرار استجوابه مرارا.
 
ومن شأن هذه المادة، توفير بيئة آمنة تقلل من رهبة الطفل أثناء التحقيق، رحماية الطفل من الضغوط النفسية والإجهاد الناتج عن إعادة السؤال، ضمان دقة أقواله عبر التسجيل المعتمد، فضلا عن توافقها مع المعايير الدولية لحماية الطفل وحقوقه.
 
وتظهر هنا وحدة الهدف بين المادتين، فكل منهما يسعى إلى تخفيف الأثر النفسى للإجراءات الجنائية على الفئات الهشة، وتوفير ضمانات تُسهم فى الوصول إلى الحقيقة دون الإضرار بالضحية.

موضوعات متعلقة :

النيابة العامة تحمي حقوق الجميع.. ضوابط واضحة بعد جمع الاستدلالات فى قانون الإجراءات الجنائية الجديد

قانون الإجراءات الجنائية يحدد آلية منع المتهم من السفر

قانون الإجراءات الجنائية الجديد : "مفيش قبض من غير أمر قضائى"

ضوابط صارمة لتنفيذ الإعدام في قانون الإجراءات الجنائية الجديد لضمان الشفافية والرقابة

سياج قانونى بـ"الإجراءات الجنائية" لحماية المبلغين والشهود.. إخفاء الهوية إذا كان الإدلاء بالشهادة يعرضك أو أسرتك للخطر.. استخدام مقر الشرطة عنوانًا.. وعقوبات تصل للسجن المشدد حال الكشف عن بياناته

قانون الإجراءات الجنائية ينظم منع المتهم من التصرف في أمواله وإدارتها..اعرف التفاصيل

قانون الإجراءات الجنائية يحدد آلية منع المتهم من السفر والتظلم عليه

قانون الإجراءات الجنائية الجديد يحدد قواعد واضحة للمنع من السفر وضمانات أقوى للمتهمين.. صلاحيات للنائب العام وحق المتهم فى التظلم على القرار خلال 15 يومًا من صدوره.. وتصاريح سفر استثنائية وفق ضوابط محددة

قفزة تشريعية.. الإيداع المؤقت ضمانة حماية المجنى عليهم نفسيا وعقليا بقانون الإجراءات الجنائية

النصوص المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية لانقضاء الدعوى الجنائية والتصالح فى الجرائم

"هوية الشاهد" خط أحمر بقانون الإجراءات الجنائية.. عقوبات تصل للسجن المشدد لمن يكشف عنها


الأكثر قراءة



print