رحبت النقابات العمالية الفلسطينية والعربية والدولية بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي جاء بعد عامين من العدوان الذي أسفر عن استشهاد أكثر من سبعين ألف فلسطيني وإصابة 198 ألفا آخرين، إضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية والمنازل والمنشآت، ويشمل الاتفاق، الذي تم بوساطة مصر وتركيا والولايات المتحدة وقطر انسحاب قوات الاحتلال من أجزاء واسعة من القطاع، وعملية تبادل للأسرى بين الجانبين، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية العاجلة لوقف المجاعة التي يعاني منها سكان غزة.
أكد الاتحاد العام لـ نقابات عمال فلسطين تأييده لموقف الرئيس محمود عباس الذي دعا منذ اللحظة الأولى إلى الوقف الفوري للإبادة الجماعية وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لوقف المجاعة في قطاع غزة، والإفراج عن الأسرى والرهائن، ووضع آليات دولية تضمن حماية الشعب الفلسطيني، وتوقف الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب التي تنتهك القانون الدولي، والإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية، وصولا إلى انسحاب إسرائيلي كامل وتوحيد الأرض والمؤسسات الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، تمهيدا لتحقيق حل الدولتين وإنهاء الاحتلال.
أشار الاتحاد إلى أهمية تخفيف القيود المشددة على حركة المواطنين بين المحافظات الفلسطينية بما فيها المدن والقرى والبلدات، وإزالة أكثر من ألف ومئتين وخمس بوابات وحواجز حديدية وإلكترونية تعيق حرية التنقل، مؤكدا ضرورة تسهيل حركة العمال والمواطنين في مختلف المناطق. كما شدد الاتحاد على أهمية السماح للعمال بالعودة إلى أماكن عملهم في الداخل المحتل، ووقف الانتهاكات المتكررة بحقهم، والإفراج عن كافة العمال المعتقلين.
أضاف الاتحاد أهمية اجتماع أطراف الإنتاج، من حكومة ممثلة بوزارة العمل، وعمال ممثلين بالاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، وأصحاب عمل ممثلين بالغرف التجارية والصناعية، مع رعاية دولية لبناء نظام اقتصادي متكامل، واستحداث برامج تمكن العامل الفلسطيني في غزة والضفة الغربية من العمل داخل أرضه ووطنه ضمن معايير عمل تلائم الوضع الحديث والتطورات التكنولوجية، ووضع خطط تنموية تضمن تخفيض نسب البطالة بشكل كبير، وثمن الاتحاد العام جهود الوسطاء الإقليميين والدوليين الذين أسهموا في التوصل إلى هذا الاتفاق، معربا عن فخره بصمود الشعب الفلسطيني الأسطوري في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني سيبقى صامدا على أرضه، متمسكا بحقوقه الوطنية الثابتة، وماضيا نحو الحرية وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
من جهته، تلقى الاتحاد العربي للنقابات بارتياح إبرام اتفاق المرحلة الأولى لإنهاء الحرب على قطاع غزة والذي يعتبر استجابة أولية لإيقاف الكارثة الإنسانية التي ضربت القطاع وسكانه منذ أشهر عديدة إثر العدوان الوحشي للآلة الحربية لحكومة الاحتلال. وأكد الاتحاد العربي أن إبرام اتفاق المرحلة الأولى يفتح إمكانات حقيقية لإنهاء معاناة آلاف المدنيين الفلسطينيين وتحقيق السلام العادل، وهي أهداف تمر حتما عبر توفر شروط توفير الحماية للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال وإزالة كل أشكال الحصار.
أضاف الاتحاد العربي للنقابات أن المسار التاريخي للقضية الفلسطينية أثبت استحالة تدجين القضية الفلسطينية أو التلاعب بمصير الشعب الفلسطيني وحقه في ضمان حقوقه الوطنية وعلى رأسها حق العودة والعيش على الأرض المستقلة وكاملة السيادة. وشدد الاتحاد على ضرورة أن تتضمن بنود المراحل القادمة من الاتفاق آليات تنفيذ موضوعية وواقعية وأن تفرض آليات واضحة لوقف دائم لإطلاق النار، وتأمين الممرات الإنسانية، واستعجال عملية إعادة الإعمار، وضمان حماية العمال وعائلاتهم من آثار الحرب والتدمير.
طالب الاتحاد العربي للنقابات المجتمع الدولي، والحركة النقابية العالمية، والمنظمات الإنسانية، بمواصلة الضغط والمراقبة الجادة لضمان تنفيذ بنود الاتفاق بعدالة، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات التي طالت المدنيين، ووقف سياسات التهجير القسري والاستيطان والتطهير العرقي. وعبر الاتحاد العربي للنقابات عن تضامنه الكامل مع الشعب الفلسطيني وعمال فلسطين، مؤكدا التزامه بمواصلة دوره في الدفاع عن الحقوق الإنسانية والنقابية، وفي حشد الدعم العربي والدولي لإعادة بناء غزة وحماية كرامة وحقوق شعبها.
على الصعيد الدولي، انضم الاتحاد الدولي للنقابات إلى النقابات في فلسطين في الترحيب بالاتفاق على وقف إطلاق النار باعتباره خطوة دبلوماسية أولى حاسمة نحو السلام. واعتبر الاتحاد الدولي أن هذا الاتفاق يمثل انفراجة ذات معنى لكنها هشة، إذ يشمل انسحاب إسرائيل من أجزاء واسعة من غزة، وقيام حماس بالإفراج عن جميع الأسرى الأحياء مقابل إطلاق سراح السجناء والمعتقلين الفلسطينيين، في إطار وقف إطلاق نار متبادل، وأكد الأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات، لوك تريانغل، أنه على جانبي أي صراع، يعاني العمال وعائلاتهم من العواقب، ويجب أن تنتهي هذه الدائرة من العنف نهائيا.
دعا الاتحاد الدولي للنقابات إلى التنفيذ الفوري والكامل لشروط اتفاق وقف إطلاق النار، وإلى استمرار المفاوضات لضمان وقف دائم وشامل للنار وتسوية شاملة للنزاع، وأشار إلى أن النقابات حول العالم، بما فيها النقابات الفلسطينية والإسرائيلية الأعضاء في الاتحاد الدولي، تتشارك رؤية لسلام شامل بين إسرائيل وفلسطين، يقوم على التعايش في ظل أمن مشترك بين دولتين مستقلتين وذاتي سيادة وقابلتين للحياة.
دعا الاتحاد الدولي للنقابات المجتمع الدولي إلى عقد مؤتمر سلام دولي شامل يهدف إلى ضمان وقف دائم وشامل لإطلاق النار، بانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المحتلة، ووقف جميع الهجمات من جانب حماس ضد إسرائيل. كما دعا إلى توفير ضمانات دولية قوية لمنع العودة إلى العنف وضمان أمن الإسرائيليين والفلسطينيين، بما في ذلك نشر قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، مع مراقبة منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والعمل لمدى الالتزام بالقانون الدولي. وشدد على ضرورة وصول إنساني غير مقيد ومستدام، وإنهاء جميع أشكال الحصار والقيود المفروضة على السلع الأساسية والوقود والإمدادات الطبية ومواد وخدمات إعادة الإعمار.
أكد الاتحاد الدولي على أهمية إشراك الشعب الفلسطيني الكامل في المفاوضات اللاحقة من خلال عملية تتفق مع القانون الدولي، بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة بشأن حق العودة وتقرير المصير والدولة الفلسطينية. وأشار إلى أن أي إدارة انتقالية أو إشراف مؤقت يجب أن يكون محدود المدة وشفافا وخاضعا للشرعية الديمقراطية ضمن الآليات الفلسطينية، مؤكدا أنه لا يمكن لأي حكومة انتقالية أن تستبعد السلطة الفلسطينية، خاصة بالنظر إلى التزامها بتنظيم انتخابات ديمقراطية. ودعا إلى احترام القانون الدولي بالكامل، بما في ذلك تحقيقات مستقلة ومساءلة وتعويضات عن الانتهاكات التي ارتكبتها جميع الأطراف.
طالب الاتحاد الدولي بوضع خطط لإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية تطور بمشاركة الشركاء الاجتماعيين، تضمن العمل اللائق، واحترام حقوق الإنسان والنقابات، والحماية الاجتماعية للجميع، واستعادة حرية الصحافة وضمان وصول الصحفيين المستقلين. كما دعا المانحين والدول والمنظمات الإقليمية والمؤسسات المالية الدولية إلى ربط كل المساعدات والدعم السياسي بالالتزام بالقانون الدولي وحقوق الإنسان ومعايير العمل الدولية، بما في ذلك آليات مساءلة فعالة وبناء القدرات المؤسسية الفلسطينية، معتبرا أن هذا أمر أساسي لتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مستقبله بنفسه.
وأكد الأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات، لوك تريانجل، على أنه لن يدوم سوى السلام العادل، وليس السلام المفروض بالقوة، مشيرا إلى أن السلام القائم على الاحترام المتبادل والتفاهم هو وحده القادر على الاستمرار، وأن هذا يبدأ بالاعتراف المتبادل، وأن مستقبل السلام في المنطقة بأيدي شعوب إسرائيل وفلسطين.
وأكد الاتحاد الدولي للنقابات أنه سيواصل حشد الحركة النقابية العالمية تضامنا مع العمال الفلسطينيين والإسرائيليين، وسيسعى إلى تعزيز الحوار بين النقابات في الجانبين لدعم أطر إعادة الإعمار القائمة على الحقوق والمصالحة والعدالة الاجتماعية.
