الجمعة، 10 أكتوبر 2025 10:09 م

القضاء يتصدى لأول واقعة "أُبوة إلكترونية".. "أب" يُفاجئ بوجود "ابنة زائدة" له على بوابة مصر الرقمية.. ويطالب جهة الإدارة بتصحيح الخطأ ومحوها.. والجهة ترفض.. ويقيم دعوى قضائية.. والقضاء الإدارى يقضى بالشطب

القضاء يتصدى لأول واقعة "أُبوة إلكترونية".. "أب" يُفاجئ بوجود "ابنة زائدة" له على بوابة مصر الرقمية.. ويطالب جهة الإدارة بتصحيح الخطأ ومحوها.. والجهة ترفض.. ويقيم دعوى قضائية.. والقضاء الإدارى يقضى بالشطب محكمة القضاء الإدارى - أرشيفية
الجمعة، 10 أكتوبر 2025 12:00 م
كتب علاء رضوان

أصدرت الدائرة الأولى أفراد رقم "78" – بمحكمة القصاء الإدارى بالمنصورة - بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن إزالة ومحو اسم من قائمة أبناء المدعي المقيدين في "بوابة مصر الرقمية"، وجعله مطابقا للقيد العائلي الصادر عن مصلحة الأحوال المدنية، وذلك بعد أن فوجئ أحد الأباء بوجود إبنة له في قائمة أبنائه ليست بابنته، وهو ما يطلق عليه بـ"الخصوبة الرقمية" أو "الأبوة الإلكترونية".

 

صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 14101 لسنة 47 قضائية، لصالح المحامى أحمد شمس، برئاسة المستشار محمد سعد الدين رحيم أبو عمارة، وعضوية المستشارين محمد السيد فرج، وعمرو محمد الحراوى، وسكرتارية محمد سيد هنداوى. 

 

مصر 1

 

الوقائع.. شخص يفاجئ بزيادة أبناء بابنة "خامسة" عبر منصة مصر الرقمية

 

أقام المدعي الدعوى الماثلة بموجب صحيفة أو دعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 27 يناير 2025 بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إزالة ومحو اسم من قائمة أبنائه في موقع مصر الرقمية، مع تنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وإلزام جهة الإدارة المصروفات والأتعاب، وذكر المدعي شرحًا لدعواه أنه متزوج ويعول أربعة أبناء وهم "....، ....،.....،...." طبقا للقيد العائلي الصادر من مصلحة الأحوال المدنية، إلا أنه حال إنهاء بعض الخدمات الحكومية بموقع مصر الرقمية تبين له وجود اسم خامس ضمن أبنائه وهي "ر"، وذلك بالمخالفة للواقع والقانون، مما حدا به إلى التقدم بشكوى للجهة الإدارية لإزالة الاسم الخامس لكن دون جدوى، ومن ثم أقام دعواه الماثلة بطلباته سالفة البيان.

 

وقدم الحاضر عن المدعي سندًا لدعواه حافظة مستندات طويت على ما هو مُعلى بغلافها، وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 17 فبراير 2025 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها، ونفاذا لذلك القرار فقد أحيلت الدعوى إلى الهيئة الأخيرة وجرى تحضيرها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم أودعت الهيئة تقريرها بالرأي القانوني في الدعوى.

 

مصر 2

 

"الأب المتضرر" يقيم دعوى قضائية بإزالة اسم المولود من قائمة أبنائه في موقع مصر الرقمية

 

وتداول نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها، وخلالها قدم الحاضر عن المدعي حافظة مستندات طويت على أصل وثيقة قيد عائلي مميكنة للمدعي، وقدم نائب الدولة حافظة مستندات طويت على ردها على موضوع الدعوى ومذكرة دفاع، وبجلسة 16 يونيو 2025 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتمله على أسبابه لدى النطق به، وبتاريخ 26 يوليو 2025 قدم الحاضر عن الجهة الإدارية طلبا لفتح باب المرافعة أرفق به حافظة مستندات ومذكرة دفاع، التفتت عنهما المحكمة.

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا: وحيث إن المدعى يطلب الحكم - وفقا للتكييف القانوني الصحيح لطلباته - بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن إزالة ومحو اسم "ر" من قائمة أبنائه المقيدين في بوابة مصر الرقمية، وجعله مطابقا للقيد العائلي الصادر عن مصلحة الأحوال المدنية، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.  

 

وحيث إنه عن شكل الدعوى، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية والإجرائية الأخرى، فمن ثم تكون مقبولة شكلاً، وحيث إنه عن طلب وقف التنفيذ، فإن الدعوى مهيأة للفصل في موضوعها مما يغني عن بحث الشق العاجل فيها.   

 

مصر 3

 

القانون المدنى الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948

 

المحكمة في حيثيات الحكم قالت: ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى، فإن المادة رقم (38) من القانون المدنى الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948، تنص على: "أن يكون لكل شخص اسم ولقب، ولقب الشخص يلحق أولاده"، وحيث إن المادة رقم (1) من القانون رقم (143) لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية - مستبدلة بالقانون رقم 15 لسنة 2018، تنص على أن: "تتولى قطاع الأحوال المدنية بوزارة الداخلية تنفيذ أحكام هذا القانون، ولوزير الداخلية إصدار القرارات اللازمة بإنشاء مراكز معلومات للأحوال المدنية، ومحطات للإصدار الآلي لبطاقات إثبات الشخصية ووثائق الأحوال المدنية وأقسام ووحدات سجل مدنى في الجهات التي يعينها".

 

وبحسب "المحكمة": وتنص المادة رقم (2) من ذات القانون - مستبدلة بالقانون رقم 15 لسنة 2018 - على أن: "تنشئ قطاع الأحوال المدنية قاعدة قومية لبيانات المواطنين تشتمل على سجل خاص لكل مواطن يميزه رقم قومي منذ ميلاده وطوال حياته ولا يتكرر حتى بعد وفاته، وتلتزم جميع الجهات بالتعامل مع المواطن من خلال هذا الرقم"، وتنص المادة (3) من ذات القانون على أن: "في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالعبارات الآتية المعاني المبينة قرين كل منها: 

 

(أ) وقائع الأحوال المدنية وقائع الميلاد والوفاة، والزواج والطلاق.

(ب) الجهات الصحية مكاتب الصحة أو الجهات والأشخاص الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير الصحة.

(ج) السجلات السجلات الورقية أو الآلية المخزونة على الحاسب الآلي وملحقاته سواء إلكترونيًا أو مغناطيسيا أو بأية وسيلة أخرى".   

 

مصر 4

 

اختصاصات مكاتب الصحة

 

وتنص المادة (4) من ذات القانون على أن: "تختص مكاتب الصحة بتلقي إخطارات التبليغ عن وقائع الميلاد والوفاة التي تحدث داخل جمهورية مصر العربية للمواطنين والأجانب المقيمين"، وتنص المادة (1) من ذات القانون - مستبدلة بالقانون رقم 15 لسنة 2018 - على أن تختص قطاع الأحوال المدنية وفروعها بتسجيل وقائع الأحوال المدنية المشار إليها في المادتين السابقتين في سجلات الوقائع المقابلة، كما تختص بإصدار شهادات الميلاد والوفاة وبطاقات تحقيق الشخصية وقيد الأسرة وصور من جميع قيود الأحوال المدنية المسجلة لديها على النحو المبين بهذا القانون ولائحته التنفيذية".

 

وتنص المادة (8) من ذات القانون - مستبدلة بالقانون رقم 15 لسنة 2018 - على أن: "لأي شخص أن يستخرج من قطاع الأحوال المدنية وفروعها صورة رسمية من قيود الوقائع المتعلقة به بأصوله أو بفروعه أو بأزواجه ...."، وتنص المادة (12) من ذات القانون - مستبدلة بالقانون رقم 15 لسنة 2018 - على أن: "تعتبر السجلات التي تمسكها المصلحة وفروعها بما تشتمل عليها من بيانات والصور الرسمية المستخرجة منها حجة بصحتها ما لم يثبت عكسها أو بطلانها أو تزويرها بحكم قضائي. ويجب على جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية الاعتداد في مسائل الأحوال المدنية بالبيانات المقيدة في هذه السجلات والصور الرسمية المستخرجة منها. وعلى مدير قطاع الأحوال المدنية أو من ينيبه إصدار قرار بإلغاء القيود التي تمت بالمخالفة لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية وكل ما ترتب عليها". 

 

مصر 7

 

اختصاص قطاع الأحوال المدنية

 

وتنص المادة رقم (17) من ذات القانون - مستبدلة بالقانون رقم 15 لسنة 2018 - على أن تختص قطاع الأحوال المدنية دون غيرها فور الانتهاء من إتمام قاعدة البيانات بإصدار جميع الوثائق وصور القيود المشار إليها في هذا القانون، ويحدد وزير الداخلية بقرار منه تاريخ الانتهاء من قاعدة البيانات"، وتنص المادة (34) من ذات القانون - معدلة بالقانونين رقمي 4 لسنة 2016 و 15 لسنة 2018 - على أن تقوم قطاع الأحوال المدنية بتسجيل بيانات الأسرة ومتابعة كافة ما يطرأ عليها من تغييرات طبقا لما يرد إليها من بيانات لوقائع الأحوال المدنية، كما يقوم بإصدار قيود الأسر لذوي الشأن. ......".

 

ومن حيث إن المادة رقم (1) من اللائحة التنفيذية لقانون الأحوال المدنية الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 1121 لسنة 1995 على أن تتولى مصلحة الأحوال المدنية تسجيل بيانات أسر المواطنين على الحاسبات الآلية بها وتسجيل واقعات الأحوال المدنية وما يتفرغ عنها من بيانات، وذلك وفقا للسجلات المبينة بالمادة التالية"، وتنص المادة رقم (2) منها على أن تنشأ بمصلحة الأحوال المدنية السجلات الآلية الآتية:

1-سجل واقعات الميلاد وتسجل فيه واقعات الولادة.

2-سجل واقعات الوفاة وتسجل فيه واقعات الوفاة.

3-سجل واقعات الزواج وتسجل فيه واقعات الزواج.

4-سجل واقعات الطلاق وتسجل فيه واقعات الطلاق.

5-سجل بطاقات تحقيق الشخصية وتسجل فيه بيانات تحقيق الشخصية.

6- سجل أفراد الأسرة وتسجل فيه بيانات الأسرة وما يطرأ عليها من تغيرات.

7-سجل تغيير أو تصحيح أو إبطال القيد وتسجل فيه الأحكام والقرارات الموجبة لتصحيح أو تغيير أو إبطال قيود واقعات الأحوال المدنية وما يتفرع عنها.   

 

مصر 5

 

إثبات البيانات في السجلات الورقية والدفاتر

 

وتنص المادة رقم (5) من اللائحة ذاتها على أن: "تتلقى أقسام السجل المدني كافة التبليغات والاخطارات من مكاتب الصحة وأقلام كتاب المحاكم ومكاتب التوثيق بالشهر العقاري خلال المواعيد المقررة قانونا حيث يتم مراجعتها على الحوافظ الواردة بها والتأكد من استيفاء جميع بياناتها واتساقها وأحكام القانون ثم إرسالها بالحوافظ الخاصة إلى مركز المعلومات لتسجيل بياناتها وتدقيقها وإعادتها لأقسام السجل المدني مع بيان تفصيلي بالبيانات التي تم تسجيلها لمراجعتها والتأكد من صحة إدخال البيانات على الحاسب الآلي مرفقا بها شهادات الميلاد والوفاة لتسليمها لأصحاب الشأن".

 

وتنص المادة رقم (6) من اللائحة ذاتها على أن يكون إثبات البيانات في السجلات الورقية والدفاتر متتاليا، ويحظر الإضافة أو الكشط أو المحو أو ترك مسافات بيضاء في السجلات والدفاتر والشهادات والوثائق أو هوامشها وذلك مع مراعاة قواعد التصحيح المنصوص عليها في المادة (47) من القانون، وتنص المادة رقم (24) من اللائحة ذاتها - معدلة بالقرار رقم 2240 لسنة 2022 - على أن: "في تطبيق أحكام هذه اللائحة يعتبر الزوج رب الأسرة بالنسبة لزوجته وإن تعددن".  

 

القانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية

 

وبحسب "المحكمة": ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع في القانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية الزم مصلحة الأحوال المدنية بإنشاء قاعدة قومية لبيانات المواطنين من خلال سجلات تثبت بها وقائع الميلاد والوفاة والزواج والطلاق، واختصها بإصدار شهادات الميلاد والوفاة وبطاقات تحقيق الشخصية وقيد الأسرة وصور من جميع قيود الأحوال المدنية المسجلة لديها، وأسبغ الحجية على البيانات الواردة بتلك السجلات وما يستخرج منها من صور رسمية وحظر إهدار تلك الحجية إلا بموجب حكم قضائي ببطلانها أو تزويرها، ولم يمنحالمشرع المصلحة بعد إجراء القيود أي سلطة في تعديلها من تلقاء نفسها أو بناء على طلب يقدم من ذوي الشأن.

 

وتضيف "المحكمة": إذ ناط بلجنة تشكل في دائرة كل محافظة برئاسة المحامي العام للنيابة الكلية بالمحافظة أو من ينيبه الفصل في طلبات تغيير أو تصحيح قيود الأحوال المدنية المدونة في سجلات المواليد والوفيات وقيد الأسرة وطلبات قيد ساقطي الميلاد والوفاة للوقائع التي لم يبلغ عنها خلال المدة المحددة بالقانون، وهذه اللجنة هي لجنة إدارية وقراراتها نهائية لا تحتاج إلى تصديق أو اعتماد من سلطة أعلى، واستثنى المشرع من العرض على اللجنة المذكورة إجراء التغيير أو التصحيح في الجنسية أو الديانة أو المهنة أو في قيود الأحوال المدنية المتعلقة بالزواج أو بطلانه أو التصادق أو الطلاق أو التطليق أو التفريق الجسماني أو إثبات النسب فاستلزم أن يكون ذلك بناء على أحكام قضائية أو وثائق صادرة من جهة الاختصاص.   

 

مصر 11

 

المشرع قد مايز بين نوعين من التعديلات

 

وتؤكد: ومن ثم فإن المشرع قد مايز بين نوعين من التعديلات التي يمكن إدخالها على قيود الأحوال المدنية الثابتة بسجلات المصلحة أولهما: ما يتعلق بقيود الأحوال المدنية المتعلقة بالجنسية أو الديانة أو المهنة أو في القيود المتعلقة بالزواج أو الطلاق أو بطلانه أو التصادق أو التطليق أو التفريق الجسماني أو إثبات النسب، وهو ما يرتب محوه أو إلغاؤه وهذا النوع لا يتم إلا بموجب حكم قضائي، والثاني: ما يتعلق بتغيير أو تصحيحبيان ورد بقيد الواقعة وهذا النوع يتم بقرار يصدر من لجنة الأحوال المدنية المذكورة، وفي جميع الأحوال تلتزم المصلحة بإجراء التعديل الذي يقره الحكم القضائي أو قرار اللجنة المذكورة أو الوثائق الصادرة من جهة الاختصاص، طبقا لحكم المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى موضوع - في الطعن رقم 8215 لسنة 63 ق. عليا – جلسة 26 مايو 2018.

 

كما أن المقرر كذلك أن البيانات الواردة في سجلات الواقعات أو السجل المدني تعتبر صحيحة ولها حجيتها ما لم يثبت عكسها أو بطلانها أو تزويرها بحكم - ألزم المشرع كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية بالاعتماد عليها في مسائل الأحوال المدنية ولم يجز إجراء أي تغيير أو تصحيح في قيود الأحوال المدنية في تلك السجلات إلا بناء على قرار يصدر من اللجنة المنصوص عليها بالقانون والمشكلة لهذا الغرض - يجري التصحيح في السجلات والتعامل به من تاريخ صدور قرار تصحيح الاسم ولا يترتب عليه محو الاسم القديم من المستندات الصادرة به قبل قرار اللجنة ولكن على الجهات الإدارية الإشارة في المستندات بتصحيح الاسم واستخراج مستندات جديدة مشار فيها إلى التصحيح حفاظا على المعاملات التي تمت بالاسم القديم. حكم المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى - في الطعن رقم 6989 لسنة 45 ق. عليا – جلسة 30 يناير 2002.  

 

أحكام وتطبيقات المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن

 

كما أنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن المشرع قد أضفى على البيانات الواردة بسجلات مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية وفروعها حجية خاصة، إذ اعتبر تلك السجلات بما تحويه من بيانات حجة على صحتها ولم يُجز المساس بهذه الحجية إلا بحكم قضائي يثبت عكس ما دون بهذه السجلات أو بطلانها أو يقضي بأن هذه السجلات أو ما حوته من بيانات قد شابها التزوير، كما أسبغ المشرع ذات الحجية على الصور الرسمية المستخرجة من تلك السجلات فاعتبرها قائمة على قرينة الصحة ما لم يثبت عكسها أو بطلانها أو تزويرها بحكم قضائي، وحتى تؤتي هذه الحجية أساسها المرجو منها، فقد الزم قانون الأحوال المدنية المشار إليه جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية بالاعتداد بالصور الرسمية الحكومية المستخرجة من هذه السجلات، ومن ثم فإن البيانات المدونة بسجلات مصلحة الأحوال المدنية وكذلك الصور الرسمية المستخرجة من هذه السجلات تعتبر قائمة على قرينة الصحة التي لا يجوز لحضها إلا بحكم قضائي، طبقا لحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3665 لسنة 46  ق. عليا – جلسة 26 أبريل 2006.

 

وحيث إن المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه يتعين أن يقوم القرار الإداري على أسباب تبرره صدقا وحقا من الواقع والقانون، باعتباره ركنا من أركان وجوده ونفاذه وباعتبار أن القرار تصرف قانوني، ولا يقوم أي تصرف قانوني بغير سببه، وأنه إذا ما ذكرت جهة الإدارة لقرارها أسبابا، فإنها تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مطابقته للقانون من عدمه، وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار، وتجد النتيجة حدها الطبيعي فيما إذا كانت مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا وقانونيا، فإذا كانت منتزعة من غير أصول موجودة، أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها، كان القرار فاقدا لسببه ووقع مخالفا للقانون، كما أطرد قضاؤها أنه لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة ومنها المستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها وطرح ما عداه وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، كما أنه لا إلزام على المحكمة بتتبع أوجه الدفاع في جميع جزئياته والرد عليها تباعًا ذلك أن المبدأ الذي يحكم الإثبات في المنازعات الإدارية هو حرية القاضي الإداري في تكوين اقتناعه بأدلة الإثبات المطروحة في الدعوى واختيار ما يكون قناعته للفصل فيها، طبقا لحكم المحكمة الإدارية العليا - الدائرة السادسة موضوع - في الطعن رقم 34102 لسنة 61 ق. عليا – جلسة 17 أبريل 2019.

 

وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه في مجال المنازعات الإدارية ينتقل عبء الإثبات إلى جانب جهة الإدارة باعتبار أن المستندات اللازمة للفصل في الدعوى تحت يدها، واعتبار الامتناع من ثم عن تقديم المستندات نكولاً من جهة الإدارة بإطلاق القول فالنكول قانونا إنما هو امتناع دون مقتضى عن تقديم مستند لازم للفصل في الدعوى، وهو لا يكون كذلك إلا إذا قدم صاحب الشأن دلائل وقرائن تصلح سندا للمحكمة للقضاء له بطلباته ويقدم بها المقتضى اللازم للقضاء اللازم للقضاء استنادًا إلى النكول، طبقا لحكم المحكمة الإدارية العليا - الدائرة السادسة - في الطعن رقم 18669 لسنة 52 ق. عليا – جلسة 5 ديسمبر 2009. 

 

مصر 13

 

تعريف بوابة مصر الرقمية

 

وتضيف "المحكمة": وحيث إن بوابة مصر الرقمية هي منصة رقمية أطلقتها الحكومة المصرية لتسهيل حصول المواطنين على الخدمات الحكومية المختلفة عبر الإنترنت، بدلاً من الذهاب إلى المصالح الحكومية، وتهدف البوابة إلى تقديم كافة الخدمات والمعاملات الحكومية بطريقة ميسرة وسريعة، وتشمل الخدمات المتاحة على البوابة خدمات الأحوال المدنية مثل: (استخراج شهادات الميلاد والوفاة، بطاقة الرقم القومي) وخدمات التموين مثل تفعيل بطاقة التموين، إصدار بدل تالف أو فاقد، وخدمات المرور بأنواعها، وخدمات أخرى متنوعة، مما يساعد على التقليل من استخدام المستندات الورقية، ومن ثم الاستغناء عنها بالكلية، ويوفر الوقت والجهد على المواطنين ويساهم في التحول نحو مجتمع رقمي.

 

ومن حيث إنه وعلى هدى ما تقدم، ولما كان المدعي يطلب الحكم بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن إزالة ومحو اسم من قائمة أبنائه المقيدين في بوابة مصر الرقمية وجعله مطابقا للقيد العائلي الصادر عن مصلحة الأحوال المدنية، وما يترتب على ذلك من آثار، وكان المقرر أن المشرع في القانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية الزم مصلحة الأحوال المدنية بإنشاء قاعدة قومية لبيانات المواطنين من خلال سجلات تثبت بها وقائع الميلاد والوفاة والزواج والطلاق، واختصها بإصدار شهادات الميلاد والوفاة وبطاقات تحقيق الشخصية وقيد الأسرة وصور من جميع قيود الأحوال المدنية المسجلة لديها، وأسبغ الحجية على البيانات الواردة بتلك السجلات وما يستخرج منها من صور رسمية، وحظر إهدار تلك الحجية إلا بموجب حكم قضائي ببطلانها أو تزويرها، كما أن الحكومة المصرية كانت قد أطلقت بوابة مصر الرقمية وهي منصة رقمية لتسهيل حصول المواطنين على الخدمات الحكومية المختلفة عبر الإنترنت، بدلاً من الذهاب إلى المصالح الحكومية.

 

الهدف من البوابة الرقمية

 

وتهدف البوابة إلى تقديم كافة الخدمات والمعاملات الحكومية بطريقة ميسرة وسريعة، وتشمل الخدمات المتاحة على البوابة خدمات الأحوال المدنية مثل استخراج شهادات الميلاد والوفاة، بطاقة الرقم القومي وخدمات التموين مثل تفعيل بطاقة التموين، إصدار بدل تالف أو فاقد وخدمات المرور مثل تجديد رخصة القيادة، وخدمات أخرى متنوعة، مما يساعد على التقليل من استخدام المستندات الورقية، ومن ثم الاستغناء عنها بالكلية، ويوفر الوقت والجهد على المواطنين ويساهم في التحول نحو مجتمع رقمي، وبناء عليه، ولما كان الثابت أن المدعي قام باستخراج وثيقة قيد عائلي مميكنة له ولأفراد أسرته من مصلحة الأحوال المدنية بتاريخ 20 أبريل 2024، ثابت بها زواجه من السيدة "ر" نتج عن هذا الزواج أربعة أبناء وهم "...."، إلا أنه فوجئ بوجود ابنة خامسة له باسم "ر"، مقيدة ضمن أبنائه المذكورين - ببوابة مصر الرقمية، وذلك بالمخالفة لما هو ثابت بوثيقة القيد العائلي المشار إليها وما تحويه من بيانات أضفى لها المشرع الحجية اللازمة وحظر إهدار تلك الحجية إلا بموجب حكم قضائي ببطلانها أو تزويرها، الأمر الذي يُعد مسلك الجهة الإدارية المدعى عليها على النحو السالف - بعدم حذف الابنة الخامسة للمدعي قرارًا سلبيا بالمعنى الذي قصده المشرع في المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972  بشأن تنظيم مجلس الدولة وهو قرار سلبي مخالف لأحكام القانون، مما يتعين معه إلغائه، وما يترتب على ذلك من آثار، وهو ما تقضي به المحكمة. 

 

مصر 12

 

المحكمة تنصف "الأب المتضرر"

 

ولا ينال من ذلك، ما ورد برد الجهة الإدارية على موضوع الدعوى بأنه بالكشف على الحاسب الآلي تبين وجود قيد ميلاد باسم رقم قومي "..."، وإذ خلت أوراق الدعوى - كما لم تقدم الجهة الإدارية - ما يفيد ذلك، أو ما يثبت مخالفة ما قدمه المدعي من بيانات بوثيقة القيد العائلي له والصادرة عن الجهة الإدارية ذاتها، الأمر الذي تغدو معه تلك الأقوال مجرد أقوالاً مرسلة يعوزها الدليل، ومن ثم وجب الالتفات عنها وعدم التعويل عليها، ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

 

فلهذه الأسباب:

 

حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن إزالة ومحو اسم من قائمة أبناء المدعي المقيدين في بوابة مصر الرقمية، وجعله مطابقا للقيد العائلي الصادر عن مصلحة الأحوال المدنية، وما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

 

الخلاصة:

 

يقول المحامى أحمد شمس، محامى الأب النتضرر: أنه في سابقة قضائية إدارية جديدة، وربما من نوع "الخصوبة الرقمية" فوجئ المدعى  بأن الحكومة — وبموجب بوابة مصر الرقمية — قد رزقته بولد خامس دون علمه أو علم زوجته ودون المرور بالمستشفيات أو الأحوال المدنية، إذ تبين للمدعي عند دخوله على حسابه في البوابة الموقرة أن عدد أبنائه قد زاد واحدًا زيادة لم يشارك فيها إلا الخادم الإلكتروني الأمر الذي ترتب عليه إرباك في بياناته الرسمية ودهشة في بيته الكريم.

 

وبحسب "شمس" في تصريح لـ"برلماني": وحيث إن الأصل في الإنجاب أن يكون من فعل الطبيعة لا من فعل الميكنة،  فأقام المدعي دعواه طاعنًا على القرار الإداري السلبي المتمثل في امتناع الجهة الإدارية عن محو هذا الابن الرقمي وإعادة الأمور إلى نصابها، وقضت المحكمة بإلغاء القرار السلبي المطعون عليه، وإلزام الجهة الإدارية بمحو الاسم المضاف من قائمة أبناء المدعي في بوابة مصر الرقمية تأكيدًا لمبدأ أن الأنساب تُثبت في الأحوال المدنية لا في المواقع الحكومية، وأن التوالد الإلكتروني ليس من مصادر النسب الشرعية أو القانونية.

 

ويضيف "شمس": وبذلك يكون القضاء المصري قد وضع حدًا لأول حالة "أبوة إلكترونية" في تاريخ المنصات الحكومية مثبتًا أن العدالة لا تُخدع بخوارزميات وأن الأبناء يُسجَّلون بالميلاد لا بالـ"Upload". 

 

1 شمس
 
القضاء يتصدى لأول واقعة "أُبوة إلكترونية" 1

 

2 شمس
 
القضاء يتصدى لأول واقعة "أُبوة إلكترونية" 2

 

3 شمس
 
القضاء يتصدى لأول واقعة "أُبوة إلكترونية" 3

 

4 شمس اصل
 
القضاء يتصدى لأول واقعة "أُبوة إلكترونية" 4

 

مصر 8
 
المحامى أحمد شخمس الدين - دفاع الأب المتضرر 

 


الأكثر قراءة



print