أصدرت الدائرة "33" لشئون الأسرة، بمحكمة استئناف القاهرة، حكماً قضائياً فريداً من نوعه، بإلغاء حكم أول درجة القاضى منطوقه برفض الدعوى، والقضاء مُجدداً إثبات علاقة زوجية "زواج عرفى" في مصر بين زوج خليجى وزوجة مغربية، مستندة في حيثيات حكمها على أن العقد العرفي تم تحريره في مصر مدون به إقامتهم في القاهرة.
صدر الحكم فى الاستئناف المقيد برقم 4760 لسنة 140 قضائية، لصالح المحامى عصام سامى، برئاسة المستشار هانی برهام، وعضوية المستشارين أشرف هلال، ومحمد صلاح، وبحضور كل من وكيل النيابة أحمد إبراهيم، وأمانة سر سامح شوقي.
الوقائع.. مغربية تقيم دعوى إثبات زواج عرفى في مصر من "خليجى"
وقائع الدعوى أحاط بها الحكم المستأنف وتحيل إليه المحكمة في بيانها وتوجزها لربط أوصال التداعي بالقدر اللازم لإصدار هذا القضاء في أن المستأنفة "مغربية الجنسية" أقامت على المستأنف ضده "سعودي الجنسية" الدعوي رقم 1184 لسنة 2022 أسرة مصر القديمة بموجب صحيفة أودعتها قلم كتاب محكمة أول درجة، وأعلنتها قانونا طلبت في ختامها الحكم لها بإثبات زواجها منه مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال بيانا لدعواها أنها تزوجته في مصر بموجب العقد العرفي المؤرخ في 30 أغسطس 2022 زواجا شرعيا بحضور شاهدين ونظير صداق مسمى بينهما مستوفياً كافة أركانه وشروطه الشرعية؛ ومن ثم كانت الدعوى.
وفى تلك الأثناء - تداولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 29 سبتمبر 2022 حضر محام عن المدعية وقدم أصل الصحيفة، كما حضر عن المدعى عليه "ش. أ" - بموجب توكيل رقم 3401 ن سنة 2022 مودع بمحضر إيداع رسمي، وأقر أن المدعى عليه يسلم بطلبات المدعية، وبجلسة 29 ديسمبر 2022 قضت تلك المحكمة برفض الدعوى، والزمت المستأنفة المصروفات ومبلغ خمسة وسبعين جنيها مقابل أتعاب المحاماة؛ وذلك تأسيسا على أن المستأنفة لم تقدم قانوني الأحوال الشخصية المغربي والسعودي وعجزت عن إثبات ما تدعيه.
محكمة أول درجة ترفض الدعوى لعدم تقديم قانوني الأحوال الشخصية المغربي والسعودي
وإذ لم يلق ذلك القضاء قبولاً لدي المستأنفة، فطعنت عليه بالاستئناف المائل بصحيفة موقعة من محام أودعت في 9 فبراير 2023 وأعلنت قانوناً طلبت فيها الحكم بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها لطلباتها الواردة في صحيفة دعواه؛ وذلك لسبب واحد حاصل النعي به الإجحاف بحقوقها لتقديمها صورتين ضوئيتين من قانوني الأحوال الشخصية المغربي والسعودي، وأن زواجها بالمستأنف ضده صحيحاً الذى سلم بالطلبات، وحيث تدوول نظر الاستئناف بالجلسات على النحو الثابت بمحاضره، وبجلسة المرافعة الأخيرة النيابة فوضت الرأي للمحكمة التي قررت حجز الاستئناف للحكم.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: حيث إن الاستئناف أقيم في الميعاد وحاز أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، ومن ثم فهو مقبول شكلاً، وحيث إن المحكمة تمهد لقضائها بأنه من المقرر قانونا - في قضاء هذه المحكمة - وفقا للبند (1) من نص المادة 11 من القانون المدنى المصرى أن الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم يسرى عليها قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم ..."، كما تنص المادة 12 من ذات القانون على أنه يرجع في الشروط الموضوعية لصحة الزواج إلى قانون كل من الزوجين".
الزوجة تستأنف الحكم لإلغائه
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك - أو كان البين من الأوراق أن عقد الزواج العرفي محل الدعوى المبتدأة قد تم في جمهورية مصر العربية بين الطرفين المتداعيين، كما ثبت من مطالعته ومن مطالعة أصل صحيفتي الدعوى المبتدأة والاستئناف الماثل أن الخصمين المتداعيين يقيمان في العنوان الكائن بالعقار رقم "..." عنوان "..." - كورنيش النيل - دائرة مصر القديمة بجمهورية مصر العربية، مما يتعين معه أن يكون ضابط الإسناد في تحقيق القانون الواجب التطبيق هو القانون المصرى وفقا للمادتين 11 و 12 المار بيانهما، ومن ثم فإن القانونين المغربي والسعودي هما القانونان الواجب تطبيقهما في الدعوى فيما يتعلق بالأهلية والشروط الموضوعية لصحة زواج المستأنف ضده بالمستأنفة.
وبحسب "المحكمة": وحيث إنه عن موضوع الاستئناف وعن نعى المستأنفة على الحكم المستأنف الإجحاف بحقوقها لتقديمها صورتين ضوئيتين من قانوني الأحوال الشخصية المغربي والسعودي وأن زواجها بالمستأنف ضده صحيحا الذي سلم بالطلبات.
كلمة السر في المادتين "11" و"12" من القانون المدنى المصرى
وتضيف "المحكمة": وحيث إن هذا النعى سديد؛ ذلك أنه من المقرر شرعا وفي كل من القانونين المغربي والسعودي - المرفق صورتيهما بالأوراق واللذين تطمئن إليهما المحكمة تمام الاطمئنان - أن الزواج عقداً قولياً رضائيا يقوم على الإيجاب والقبول، ويشترط أن تتحقق العلانية فيه من خلال شاهدين تتوافر لهما الحرية والبلوغ والعقل، وينعقد الزواج بعد توافر جميع شروط الانعقاد والصحة والنفاذ بصيغة اللفظ الدال على إرادة الإيجاب والقبول إذا كان المتعاقدان حاضرين في مجلس العقد وقادرين على اللفظ والعبارة، فإذا كان أحدهما أو كلاهما عاجزاً عن اللفظ جاز له التعبير عن صيغة العقد بالكتابة إلا إذا كان عاجزاً عنها فيجوز له التعاقد بالإشارة.
وتؤكد: وإذا لم يكن أحدهما حاضرا في مجلس العقد جاز التعاقد بعبارة الإيجاب يبلغها رسوله إلى المتعاقد القابل أو بكتاب يكتبه إليه شريطة أن يجرى اتصال القابل بعبارة الإيجاب أمام شاهدين وأن يعلما بصيغة الإيجاب وبقبول العقد في ذات مجلس القبول، ويشترط لنفاذ الزواج وفقا للقانون المغربي مساواة المرأة بالرجل بالنسبة لسن الزواج بتوحيده في 18 سنة مع تخويل القاضي إمكانية تخفيضه في الحالات المبررة، كما جعل القانون المغربي الولاية حقا للمرأة الرشيدة، تمارسه حسب اختيارها ومصلحتها، ولها بمحض إرادتها أن تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها؛ كما يشترط لنفاذ الزواج وفقا للقانون السعودي بتوافر الإيجاب والقبول الصريح في مجلس واحد، ويكون عقد الزواج فاسدا إذا كان بلا إيجاب من الولى أو بلا شهود.
القضاء المصرى ينصف المرأة الأجنبية المتزوجة في مصر من أجنبى مثلها
لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق ومن مطالعة أصل عقد الزواج المؤرخ في 30 أغسطس 2023 تبين أنه تم بين مسلمين راشدين وهما المستأنفة المولودة في 27 أبريل 1986 والمستأنف ضده المولود في 1 سبتمبر 1970 وبعد أن أقر الطرفان بخلوهما من الموانع الشرعية والقانونية في حضور شاهدين هما "ش . أ" و"على. م" وقد وقع الجميع على العقد كما تبين أن المستأنف ضده قد أمهر المستأنفة صداق قدره 55 ألف جنيه مقدم منه مبلغ 5 آلاف جنيه، وأقرت في بقبضه في الحال ومؤجل منه مبلغ 50 ألف جنيه، ولما كان الزواج هو مستقر الأنفس وقاعدة أمنها وسكنها، ولا قوام لقوة الأسرة وتراحمها بعيداً عنه، إذا التزم طرفاه بإطارة الشرعي، وتراضيا على انعقاده، وكان الثابت من الأوراق ومن أصل عقد الزواج العرفي المشار إليه توافر جميع شروط الانعقاد والصحة والنفاذ الشرعية من حيث الأهلية والرضا وانتفاء الموانع وفقا للقانونين المغربي والسعودي، وهو الأمر الذي يؤكد توافر الشروط الموضوعية لهذا الزواج مما يؤكد صحته شرعا.
وحيث إنه لما كان من المقرر قانونا أن محكمة الموضوع لا تتقيد في التكييف بالوصف الذي يعطيه المدعي للحق الذي يطالب به بل عليها أن تتحرى طبيعة هذا الحق لتصل بذلك إلى التكييف القانوني الصحيحة للتصرف المنشئ لهذا الحق والذي يظل كما هو السبب الذي تقوم عليه الدعوى وتطبق المحكمة حكم القانون طبقا للتكييف الصحيح.
والحيثيات تستند على أن العقد العرفي تم تحريره في مصر مدون به إقامتهما في القاهرة
لما كان ذلك؛ وكان البين من صحيفة الدعوي ومدونات الحكم المستأنف أن المستأنفة طلبت إثبات زواجها العرفي المؤرخ في 20 أغسطس 2022 من المستأنف ضده، وحيث إن المحكمة تري أن التكييف الصحيح لهذا الطلب هو بحث صحة هذا الزواج شرعا، وحيث إن المستأنف ضده قد سلم للمستأنفة بطلباتها أمام محكمة أول درجة ومن ثم يتعين على هذا المحكمة - والحال هذه - إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بصحة هذا الزواج، لما أنشأته هذه المحكمة من أسباب على نحو ما سيرد بالمنطوق.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بصحة زواج المستأنفة "غ .أ" من المستأنف ضده "محمد. أ" شرعا في 30 أغسطس 2022، والزمت المستانف ضده المصروفات عن درجتي التقاضي، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.