أصدرت الدائرة "الثانية" استئناف – بمحكمة جنايات مستأنف مطروح – بإلغاء حكم أول درجة القاضي منطوقه، بالسجن المشدد لمدة 6 سنوات لـ"فتاة"، وتغريمها مبلغ 100 ألف جنيه عما أسند اليها من اتهام الإتجار في مادة الكوكايين المخدرة، وألزمتها المصاريف الجنائية ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة، والقضاء مجدداً مما أسند إليها، مستندة على 6 عناصر أدت لتشككها في الرواية والواقعة، ورفضها لها وتعتبرها مجرد مجادلة لإسباغ الشرعية على إجراءات تمت على خلاف أحكام القانون وفي غير موجباته وتتناقض مع الحقيقة.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 177 لسنة 2025 جنايات مستأنف مطروح، لصالح المحامى محمود رجب فتح الله، برئاسة المستشارمصطفى لطفى المغازى، وعضوية المستشارين محمود محمد الربيعي، وأمير عدلى أمير، وبحضور كل من وكيل النيابة أحمد البقلى، وأمانة سر إيهاب بديع.
الوقائع.. القبض على "فتاة" لاتهامها بالإتجار في الكوكايين
وقائع الدعوى ومستنداتها وأوجه دفاع الطاعنه ودفوعها والنصوص الواجبة التطبيق سبق أن حصلها تفصيلا الحكم المطعون فيه، بما يغنى عن إعادة ترديدها، وتحيل إليه المحكمة منعاً للتكرار، إلا أنها وربطا لأوصال التقاضي توجزها بالقدر اللازم الحمل لواء هذا القضاء فى أن النيابة العامة أسندت إلى المتهمة "ل. ك"، لأنها في يوم 14 أغسطس 2024 بدائرة قسم العلمين - محافظة مطروح - أحرزت بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "الكوكاين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
وأحالتها النيابة العامة إلى محكمة جنايات مرسى مطروح المختصه قانونا، وطلبت معاقبتها بالمواد 1، 2، 7/1، 34/1 بند أ-2 بند 6، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم "1" من القسم الأول "أ" من الجدول رقم "1" الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار هيئة الدواء المصرية رقم 600 لسنة 2023.
النيابة تحيلها للمحاكمة.. ومحكمة أول درجة تقضى بسجنها 6 سنوات والغرامة والمصادرة
وحيث ركنت النيابة العامة في إسناد الاتهام قبل المتهمة بأدلة اتهام من شهادة الرائد محمد محمود حنفى - معاون مباحث قسم شرطة العلمين - ومما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي، فقد شهد الرائد / محمد محمود حنفى - معاون مباحث قسم شرطة العلمين بأنه: وردت إليه معلومات من أحد مصادرة السرية، مفادها قيام المتهمة بالاتجار فى المواد المخدرة، فأنتقل وبرفقته قوة من الشرطة السرية إلى المكان الذي أبلغه مصدره السرى بتواجد المتهمة فيه، وهناك أبصر المتهمة تستقل سيارة ملاكي رقم ( أ ج ع...) ويتردد عليها العملاء ويتحصلون منها على مادة ما مقابل مبالغ مالية، ثم يدسونها بين طيات ملابسهم وينصرفوا، فتوجه اليها طالباً شراء المادة التي تقوم ببيعها، فأعطته كيساً شفافاً يحوى مسحوق أبيض اللون يشبه جوهر الكوكايين أخرجته من داخل حافظة نقودها .
فقام بضبطها، كما التقط حقيبة اليد الخاصة بها وعثر بداخلها على أربع لفافات شفافة اللون تحوى بداخلها مسحوق أبيض اللون يشتبه في كونه الجوهر الكوكايين المخدر، وبتفتيش السيارة التي تقودها المتهمة عثر بالتابلوة على ثقافة بلاستيكية شفافة اللون تحوى مسحوق أبيض يشتبه في كونه الجوهر الكوكايين المخدر، وبمواجهة المتهمة بما أسفر عنه الضبط والتفتيش أقرت باحرازها وحيازتها للمخدر المضبوط بقصد الاتجار، وثبت من تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي أن اللفافات المضبوطة من البلاستيك الشفاف بداخل كل منها مسحوق أبيض اللون الجوهر الكوكايين المخدر، ووزنت قائما أربع جرامات وثمانية وأربعون سنتي جرام.
"الفتاة" تستأنف على الحكم لإلغائه
وباستجواب المتهمة بتحقيقات النيابة العامة أنكرت ما نسب إليها من اتهام، وبمعاينة النيابة للسيارة المضبوطة عثرت على لاصق طبي وعدد اثنين قرص دوائى مغلفين بحقيبة السيارة وقطعتين لمادة بيج اللون وقرص دوالي غير مغلف يشتبه أن تكون المواد مخدرة بالدواسة الخاصة بقائد السيارة والدواسة المجاورة لها - ثبت بتقرير المعمل الكيماوي خلوها جميعاً من المواد المخدرة .
وبجلسة 3 أبريل 2025 قضت محكمة جنايات أول درجة حضورياً بمعاقبة المتهمة بالسجن المشدد لمدة 6 سنوات وتغريمها مبلغ مائة ألف جنيه عما أسند إليها من اتهام وألزمتها المصاريف الجنائية ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة، بناء على ما انتهت إليه من أن قصد المحكوم عليها من حيازة الجوهر المخدر هو قصدا عاما مجردا من القصود المسماة وقيامها بتعديل الوصف بناء على ذلك .
مذكرة الطعن تستند على 6 دفوع لإلغاء الحكم
إلا أن المحكوم عليها لم ترتضي هذا القضاء، فطعنت على ذلك الحكم بالاستئناف الماثل بموجب تقرير طعن بالاستئناف موقع منه بتاريخ 4 مارس 2025، وتحدد لنظر الاستئناف جلسة، فيها مثلث الطاعنة ومعها محام، وتلي تقرير التلخيص والنيابة العامة طلبت رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف والمحكمة سالتها عن التهمة المسندة اليها، فأنكربها والدفاع الحاضر منها التمس قبول الاستئناف شكلا والقضاء ببراءة المستأنفة، تأسيسا علي دفاعه ودفوعه المبداه أمام محكمة أول درجة من: 1- بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس، 2- عدم معقولية تصور الواقعة، 3- انفراد ضابط الواقعة بالشهادة، 4- حجب أفراد القوة المرافقة، 5- عدم تبين كنه المادة المخدرة قبل الضبط، 6- شرح ظروف الدعوى وملابساتها والتمس براءة الطاعنة، مما أسنـد إليها من اتهام.
"الاستئناف" تقضى ببراءتها.. وتستند على 5 أسباب
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن الموضوع: وكان من المقرر أنه لا يضير العدالة أفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق، وحيث إن المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت فيها، وداخلها الربية في صحة عناصر الإثبات فإنها ترجح دفاع المتهم وترى أن للواقعة صورة أخرى غير تلك التي قال بها ضابط الواقعة قد أحجم عن ذكرها لإسباغ الشرعية على الواقعة - الأمر الذى يجعل المحكمة تتشكك في صحة إسناد التهمة للمتهم - وآية ذلك:
أولاً:- أن قيام ضابط الواقعة بإجراء مراقبة للمتهمة وهو ما يأباه العقل وينتفى ومنطق الأشياء إذ أن المراقبة وفق تأصيلها السليم أنها تستلزم السرية والحذر حتى لا يتكشف القائم وحتى لا تلفت الأنظار ويذاع صيتها، ومن ثم فلا تؤدى الغرض منها وهو ما لم يحدث حسما ورد بمحضر الضبط، ومن ثم فإن إنتقاله رفقة قوة من الشرطة ما يرسخ في عقيدة المحكمة أنه قد إنتقل قاصداً ضبط الواقعة وليس بقصد المراقبة، وهو ما يمثل تحايل واعتداء على الشرعية الإجرائية بالقبض على المتهمة دون إذن النيابة العامة وفى غير حالات التلبس المقررة قانونا.
ثانياً:- أن المحكمة ترى فى دليل الإتهام أنه قد جاء قاصراً عن حد الكفاية لبلوغ ما قصد إليه في هذا المقام، ولا تطمئن إلى أن الواقعه قد جرت على الصورة التي قدمها شاهدها، وما شهد به بالتحقيقات ويساور وجدانها الشك فيما ردده تأييداً لمزاعمه، وترى أن للواقعة صورة أخرى قد تم حجبها لإضفاء المشروعية عليها، سيما وأن ذلك الفعل لا يتفق والحيطة والحذر واللذين يتسم بهما القائم على هذه التجارة الأثمة فى الطريق العام والمطروقة للكافة، وترى المحكمه أن للواقعة صورة أخرى قد تم حجبها لاضفاء المشروعية عليها.
ثالثاً:- تتشكك المحكمة ولا تطمئن إلى رواية ضابط الواقعة بشأن معرفته للمادة المخدرة، حيث أن رؤية المتهم وهو يناول شخصاً آخر شيئاً لم يتحقق الرائي من كنهه بل ظنه مخدراً استنتاجها من الملابسات - ذلك لا يعتبر من حالات التلبس كما هو معرف به في القانون.
رابعاً:- الانفراد بالشهادة رغم مرافقة قوة من الشرطة السريين لشاهد الإثبات فى واقعة الضبط والتفتيش والتي اضطلعت لا ريب بدور في الواقعة سواءً في عملية التعرف على المتهمة بواسطة المصدر السرى أو يتحفظ قوة الشرطة السريين على المتهمة لدى حصول الضبط والتفتيش وحجبها عن الشهادة بعدم الإرشاد عن أيا من أفرادها بالتحقيق - على نحو ما شهد به شاهد الاثبات - يشكك المحكمة فى صورة واقعة الضبط والتفتيش وما اسفرتا عنه، سيما وأنه وبمعاينة النيابة للسيارة المضبوطة عثرت على لاصق طبى، وعدد إثنين قرص دوالى مغلفين بحقيبة السيارة وقطعتين لماده بيج اللون، وقرص دوالي غير مغلف يشتبه أن تكون لمواد مخدرة بالدواسه الخاصه بقائد السيارة والدواسه المجاورة لها - ثبت بتقرير المعمل الكيماوى خلوها جميعاً من المواد المخدرة.
خامساً:- لا تطمئن المحكمة لما قال به ضابط الواقعة من أن المتهمة أقرت له شفاهة بأحرازها للمخدر المضبوط بقصد الإتجار فقد أنكرت المتهمة، ما نسب إليها فور مثولها أمام النيابة العامة واعتصمت بالانكار بجلسة المحاكمة.
المحكمة تتشكك في رواية ضابط الواقعة
وتضيف "المحكمة": من ثم فلا تقيم المحكمة قدراً لهذه الرواية، وترفض هذه الصورة وترى فيها مجرد مجادلة لإسباغ الشرعية على إجراءات تمت على خلاف أحكام القانون وفي غير موجباته وتتناقض مع الحقيقة، فيتعين إطراحها وعدم التعويل على شهادة من قال بها ولا على ما أثبته في محضره من أقوال واعترافات مقول بحصولها أمامه من المتهمة، والإعتداد بإنكار المتهمة وما أبدته من دفاع ترى المحكمة أنه أولى بالإعتبار عما عداه .... ولما كان ذلك وكان الدليل القائم في الأوراق قبل المتهمة والذي عماده أقوال الضابط قد أحاط به الشك بما لا ينهض معه كدليل تطمئن إليه المحكمة على صحة الإتهام وثبوته في حقها، وإذ كان ذلك وكانت الدعوى وعلى السياق المتقدم لا يوجد فيها من دليل يصح معه ادانة المتهمة بمقتضاه سوى هذا الدليل الباطل فإنه يتعين الغاء الحكم المستأنف.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً ببراءة المتهمة مما نسب إليها، وبمصادرة المخدر المضبوط.
المحامى بالنقض محمود رجب فتح الله - مقيم الاستئناف