تشغل قضية الايجارات القديمة والعلاقة المنظمة بين المؤجر والمستأجر ملايين المواطنين فى مصر، وذلك بعد صدور قانون جديد رقم 164 لسنة 2025 يتلافى عيوب القانون القديم، إلا أن الواقع يؤكد أنه من المتوقع أن تكتظ المحاكم المصرية الفترة القادمة بملايين الدعاوى القضائية المتعلقة بطرد المالك للمستأجر، وذلك لأسباب عدة تنشأ عنها النزاعات بين الطرفين نتيجة عدم الدراية الكاملة لحقوق كلا الطرفين وواجباتهما تجاه بعضهما البعض، فتكون المحكمة هى الطريق الأمثل لحل النزاع القائم.
وتعتبر مسألة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر تشغل بال الملايين في الوقت الذي لا تزال تتوالى ردود الأفعال حول القانون الجديد رقم 164 لسنة 2025، الأمر الذي يزيد معه الحالة ترقبا لما سوف يتم خلال الفترة القادمة من صدور أوامر من قاضى الأمور الوقتية بالطرد والإخلاء والتسليم، مع مراعاة أهمية وحساسية وخطورة هذا القانون، فضلاَ عن مراعاة التوازن بين مصلحة الطرفين المالك والمستأجر.
هل مجرد غلق العين المؤجرة كافيا بمفرده كسبب للإخلاء؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على حزمة من الأسئلة بشأن إشكالية غلق العين كسبب من أسباب الإخلاء والطرد، أبرزها.. هل مجرد غلق العين المؤجرة كافيا بمفرده كسبب للإخلاء؟ وما شروط ذلك ومتى تبدأ مدة العام سابقة أم لاحقة على نفاذ القانون؟ وما حالات عدم توافر المبرر للغلق؟ وإنهاء العلاقة الإيجارية وفسخ عقد الإيجار، وذلك فى الوقت الذى يصف فيه المراقبون مجرد مناقشة - قانون الإيجار القديم - بمثابة الخوض في حقل ألغام، كونه يتناول شأن ملايين من الأسر المصرية، ولكن ترك الأمر على ما هو عليه يزيد من حدة تفاقم المشكلة – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض مجدى أحمد عزام.
في البداية - نصت الفقرة الاولى من المادة السابعة من القانون رقم 164 لسنة 2025: "مع عدم الإخلال بأسباب الإخلاء المبينة بالمادة (18) من القـانون رقـم 136 لسنة 1981 المشار إليه، يلتزم المستأجر أو من امتد إليـه عقد الإيجـار، بحسب الأحوال، بإخلاء المكان المؤجر ورده إلى المالك أو المؤجر، بحسب الأحوال، في نهاية المدة المبين المــادة (2) مـن هـذا القانون، أو حال تحقق أى من الحالتين الآتيتين – وفقا لـ"عزام":
1- إذا ثبت ترك المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار المكان المؤجر مغلقًا لمدة تزيد عن سنة دون مبرر.
- وعلى ذلك يشترط لطلب الاخلاء لغلق العين توافر شروط ثلاث:
1- أن يثبت ترك المستأجر العين المؤجرة مغلقة.
2- وأن تكون مدة الترك لمدة تزيد عن عام.
3- وأن يكون الترك بدون مبرر.
وتلك الشروط حتى تتحقق تدعونا لعدة تساؤلات:
1- ما مدلول الترك وهل يختلف عن مدلولة عن الترك فى المادة 18 ق 136/1981؟
2- ما الحد الأدنى لمدة الترك وماذا لو انقطعت تلك المدة باقامة مؤقتة؟
3- وما معنى أن يكون الترك وغلق العين دون مبرر؟
4- وهل يطبق من تاريخ القانون سنة لاحقة أم سابقة؟
مدلول الترك وكيفية إثباته:-
المقصود بترك العين المؤجرة – لدى محكمة النقض - هو الترك الذي يقوم على عنصرين: عنصر مادي يتمثل في هجر الإقامة بالعين على وجه نهائي، وعنصر معنوي هو نية التخلي عن العلاقة الإيجارية حيث قضت ترك العين المؤجرة - يكون عنصراه - وجوب هجر المستأجر الإقامة فيها على وجه نهائي بنية تخليه عن العلاقة الإيجارية، طبقاً للطعن رقم 1510 لسنة 89 قضائية، الصادر بجلسة 23 أبريل 2025.
ويضيف "عزام": وأرى أن الامر فى القانون الحالى يختلف فيه معنى الترك عن المعنى السابق فى ظل المادة رقم 18من ق 136/1981، حيث أرى أن المقصود بالترك هنا هو مجرد غلق العين المؤجرة دون استعمال حتى ولو كان المستأجر يقوم بالوفاء بالأجرة وحتى لو لم يظهر نيته فى الهجر، إلا أنه يستثنى من كان لديه مانع قانونى كالسفر للخارج للعمل أو الدراسة أو غير ذلك متى ثبت ذلك بعودته على العين خلال فترات تواجده بالبلاد أما إذا ثبت غلقها خلال فترات عودته يتحقق الترك ومن هنا جاء لفظ دون مبرر – طبقا لـ"عزام".
ملحوظة: واثبات الترك يكون وفقا لأحكام قانون الإثبات "ماديا من خلال شهادات المرافق، أو من خلال أقوال وشهادة الجيران أو ...".
مدة الترك ومتى تبدأ وماذا لو انقطعت مدتها؟
هى مدة تزيد على سنة تبدأ من تاريخ نشر القانون أى اعتبارا من 4/8/2025 وليست سابقة على القانون، ويشترط أن تكون مدة غلق العين المؤجرة لمدة عام كامل مستمر، أما إذا انقطعت تلك المدة بتحقق إقامة فعلية وليس إقامة مصطنعة، فلا يجوز للمؤجر طلب الإخلاء ومدلول الإقامة الفعلية تترك لقاضى الموضوع – هكذا يقول "عزام".
وماذا لو كان غلق العين له مبرر؟
يُجيب "عزام": إذا تمكن المستأجر من اثبات أن ترك العين مغلقة كان له مبرر – ومثال ذلك السفر للعمل – أو للعلاج – للدراسة أو غير ذلك، متى قام الدليل على مبرر بقوم الدليل عليه أمام القضاء ويستقل قاضى الموضوع بتقدير تحقق الترك من عدمه.
الخبير القانوني والمحامى بالنقض مجدى أحمد عزام