أقرّ قانون الإيجار القديم، مجموعة من الضوابط والآليات التي تحدد مصير العقود القديمة، بما يحقق التوازن بين الطرفين بعد عقود من الجدل حول هذه القضية، وبموجب أحكام القانون، فإن عقود الإيجار السكنية الخاضعة له تنتهي بعد مرور سبع سنوات من تاريخ العمل به، في حين تنتهي عقود إيجار الأماكن لغير غرض السكني الخاصة بالأشخاص الطبيعيين بعد خمس سنوات من نفس التاريخ، ما لم يتم التراضي على إنهائها قبل ذلك.
ودخل القانون حيز التنفيذ يوم 5 أغسطس الجاري، بعد التصديق عليه ونشره في الجريدة الرسمية، ومن ثم سيتم تحصيل أول زيادة مرتقبة في مطلع سبتمبر، ولضمان عدالة تحديد القيم الإيجارية، نص القانون على تشكيل لجان حصر بقرار من المحافظ المختص، تتولى تقسيم المناطق السكنية إلى متميزة، متوسطة، واقتصادية، وفق معايير تشمل الموقع الجغرافي وطبيعة المنطقة ومستوى البناء ومساحات الوحدات، إلى جانب المرافق المتاحة وشبكات الطرق والخدمات، فضلاً عن متوسط القيمة الإيجارية للعقارات المبنية وفقاً لقانون الضريبة العقارية.
وتلتزم هذه اللجان بإنهاء أعمالها خلال ثلاثة أشهر، قابلة للمد مرة واحدة بقرار من رئيس مجلس الوزراء، على أن يتم اعتماد قراراتها ونشرها في الوقائع المصرية.
وبحسب القانون، يتم رفع القيمة الإيجارية للأماكن المؤجرة لغرض السكني فور العمل به، بحيث تصبح في المناطق المتميزة عشرين ضعف القيمة الحالية وبحد أدنى ألف جنيه شهرياً، بينما ترتفع في المناطق المتوسطة إلى عشرة أمثال وبحد أدنى 400 جنيه، وفي المناطق الاقتصادية إلى عشرة أمثال أيضاً لكن بحد أدنى 250 جنيهاً. وحتى انتهاء أعمال لجان الحصر، يلتزم المستأجر بدفع 250 جنيهاً كقيمة موحدة مؤقتة، على أن يسدد الفروق لاحقاً بأقساط ميسرة مساوية للمدة التي استحقت عنها.
أما بالنسبة للأماكن المؤجرة لغير غرض السكني، فقد حدد القانون زيادة قدرها خمسة أمثال القيمة الحالية، مع تقرير زيادة سنوية دورية بنسبة 15% لجميع الحالات، وفيما يخص حالات الإخلاء، ألزم القانون المستأجر أو من امتد إليه العقد برد العين المؤجرة في نهاية المدد المحددة، كما أتاح للمالك الحق في طلب الطرد الفوري إذا ثبت أن المستأجر ترك الوحدة مغلقة لمدة تزيد عن عام دون مبرر، أو إذا امتلك وحدة بديلة قابلة للاستخدام في ذات الغرض.
ويصدر قرار الإخلاء في هذه الحالات من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة، مع حفظ حق المالك في المطالبة بالتعويض إن وُجد. ومع ذلك، منح القانون للمستأجر حق اللجوء للقضاء الموضوعي دون أن يوقف ذلك تنفيذ قرار الطرد، ولم يغفل المشرع البُعد الاجتماعي، إذ منح القانون للمستأجرين أو من امتد إليهم العقد الحق في التقدم بطلب لتخصيص وحدة بديلة سكنية أو غير سكنية، سواء بالإيجار أو التمليك، من الوحدات المتاحة لدى الدولة.
ويشترط لذلك تقديم إقرار بإخلاء وتسليم العين القديمة بمجرد صدور قرار التخصيص. كما ألزم الدولة بترتيب أولويات التخصيص واعتمادها من مجلس الوزراء، مع منح الأفضلية للمستأجر الأصلي أو زوجه الذي امتد إليه العقد، على أن يتم التخصيص خلال عام بحد أقصى قبل انتهاء المدة الانتقالية، كذلك، أقر القانون أولوية المستأجرين في الحصول على وحدات تطرحها الدولة مستقبلاً، بشرط التقدم بطلب رسمي وإقرار إخلاء، مع مراعاة طبيعة المنطقة التي تقع بها الوحدة الأصلية.
وبهذه الأحكام، يكون القانون قد رسم خريطة واضحة لمرحلة انتقالية تنتهي خلالها عقود الإيجار القديمة، مع تحقيق توازن بين حقوق الملاك وضمان عدم تشريد المستأجرين عبر توفير بدائل مناسبة، ليشكل بذلك خطوة جوهرية نحو تسوية واحدة من أعقد القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي طال الجدل حولها لعقود طويلة.