تواصل الحكومة ممثلة فى وزارة الموارد المائية والرى، جهودها الحثيثة لتحديث منظومة إدارة الموارد المائية، وذلك تحت مظلة المحور الثالث "الإدارة الذكية للمياه".
تهدف هذه الاستراتيجية إلى دمج التكنولوجيا الحديثة وأدواتها المبتكرة في مختلف جهات الوزارة، لمواجهة تحديات مثل محدودية الموارد المائية، والعجز في أعداد المهندسين والفنيين، وضمان توزيع عادل وفعال للمياه.
هذا التحول الرقمي لا يقتصر على مجرد استخدام التكنولوجيا، بل يمثل نقلة نوعية نحو إدارة أكثر كفاءة ودقة واستدامة للمياه في مصر.
تركز الوزارة على عدة محاور رئيسية لتحقيق الإدارة الذكية للمياه، يأتي في مقدمتها تحسين منظومة توزيع المياه. في هذا الإطار، يجري التحول من الإدارة التقليدية القائمة على "المناسيب" إلى الإدارة الحديثة القائمة على "التصرفات". هذا التغيير الجوهري يضمن توفير الاحتياجات المائية المطلوبة لكل ترعة بناءً على الاحتياجات الفعلية للمنتفعين، مما يقلل من الهدر ويحسن من كفاءة التوزيع.
كما تعتمد الوزارة بشكل كبير على تقنيات الاستشعار عن بعد والذكاء الاصطناعي لدعم صناعة القرار، حيث يتم الاستفادة من صور الأقمار الصناعية والتصوير الجوي (الدرون) للحصول على بيانات دقيقة وفورية، حيث تمكن هذه البيانات المسؤولين من حصر التعديات على المجاري المائية، ومتابعة أعمال التطهيرات، ورصد تراجع خط الشواطئ، ومراقبة التغيرات العمرانية.
ولتحقيق أقصى استفادة من هذه البيانات، يجري تعظيم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، من خلال دمج هذه التقنيات مع الصور الجوية والفضائية، يمكن للوزارة تغطية مساحات أكبر بدقة أعلى، مما يتيح تحليلًا أعمق للبيانات واتخاذ قرارات أكثر استنارة.
وفي سياق هذه التوجهات، تستعد الوزارة للاستفادة من مجموعة من الأدوات والمنصات العالمية المتقدمة، من برنامج RIBASIM الذى يعد أداة حاسمة لتقييم الوضع الحالي لمنظومة الموارد المائية، من حيث التصرفات وجودة المياه.
كما تقدم منصة Digital Earth Africa خدمات قيمة من خلال توفير بيانات الأقمار الصناعية، والتي تستخدم في رصد التعديات، ومتابعة خط الشواطئ، ورصد التغيرات العمرانية، ومراقبة جودة المياه في البحيرات.
وأحد أبرز المشروعات الجارية هو بناء منظومة متكاملة لرصد الحشائش المائية والمخلفات باستخدام صور الأقمار الصناعية، و هذه المنظومة سيتم ربطها بشكل مباشر بمنظومة التطهيرات، مما سيعود بالنفع على توفير التمويلات المالية والجهود المبذولة من قبل العاملين في هذا المجال، حيث يتم توجيه الموارد بشكل أكثر فعالية وكفاءة.
وبالتعاون مع الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي، يتواصل تنفيذ مشروع للري الذكي، الذى يهدف هذا المشروع إلى تحديد فرص تطوير تقنيات الري الذكي والزراعة الرقمية في مصر، بما يتماشى مع خطط وزارة الموارد المائية والري، ويسهم في تحقيق أقصى استفادة من كل قطرة مياه.
تظهر هذه الجهود التزام مصر بالتحول نحو الإدارة الذكية للمياه، مستفيدة من أحدث التقنيات العالمية، هذا التوجه لا يمثل فقط استجابة للتحديات الحالية، بل هو استثمار في مستقبل مستدام للموارد المائية، يضمن استمرار التنمية والرخاء للأجيال القادمة.