أصدرت الدائرة الجنائية (هـ) – بمحكمة النقض – حكما قضائيا، بتأييد حكم محكمة جنايات الإسكندرية، بإعدام الإرهابي "نهرو عبدالمنعم" قاتل راعي كنيسة السيدة العذراء بالإسكندرية القمص "أرسانيوس وديد".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 16404 لسنة 92 القضائية، لصالح المحامى بالنقض جورج أنطون، برئاسة المستشار ربيع لبنه، وعضوية المستشارين أحمد الوكيل، وطارق عمر، وأیمن الصاوي، وأحمد الديب، وبحضور كل من رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض إسلام صقر، وأمانة سر مصطفى خالد.
الوقائع.. اتهام "نهرو" الإرهابى بقتل راعى كنيسة بالإسكندرية
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم 7329 لسنة 2022 جنايات قسم أول المنتزة، والمقيدة بالجدول الكلي برقم 343 لسنة 2022 المنتزة بوصف أنه في 7 من إبريل سنة 2022- بدائرة قسم أول المنتزة - محافظة الإسكندرية: 1- قتل عمداً المجني عليه أرسانيوس وديد رزق الله، وبالميلاد رزق وديد رزق الله بطرس، من غير سبق إصرار ولا ترصد، بأن طعنه في عنقه بسلاح أبيض "سكين" كانت بيده قاصداً من ذلك إزهاق روحه، فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، كما أحرز بغير ترخيص سلاحا أبيض "سكين" دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية .
وفى تلك الأثناء – وأحالته النيابة العامة إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، وادعى مدنياً قداسة البابا تواضروس الثاني بالإسكندرية بصفته الممثل القانوني لبطريركية الأقباط الأرثوذكس بالإسكندرية وعنه القس إبرام أميل ناجي، وبالميلاد/ أسامة أميل ناجي بشاي بوكيل عنه قبل المتهم بمبلغ خمسمائة ألف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت، وادعت مدنياً أيضاً كل من زوجة المجني عليه مارثا مرقس عبد المسيح، وشقيقته هيدي وديد رزق الله - بوكلاء عنهما - كل منهما بمبلغ خمسمائة ألف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت.
محكمة أول درجة تقضى بإرسالة أوراق القضية للمفتى
والمحكمة المذكورة - قررت بجلسة 18 من مايو سنة 2022 وبإجماع الآراء بإرسال أوراق القضية الفضيلة مفتي الديار المصرية لإبداء الرأي الشرعي بشأن المتهم، وحددت لنظرها جلسة 11 من يونيه سنة 2022، وبالجلسة المذكورة قضت حضورياً، وعملاً بنص المادتين 86، 234 / 1 – 4 من قانون العقوبات والمواد 1/1، 25 مكرراً/1، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم " 6" من الجدول رقم "1" الملحق بالقانون الأول، والمواد 1/ ب – ج، 2/1، 19/1 من القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب، أولاً: بمعاقبته بالإعدام شنقاً عما نسب إليه ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط، ثانياً: بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
ملحوظة: بعد أن عدلت القيد والوصف لتصبح الواقعة محل الاتهام الأول أن القتل العمد تم تنفيذاً لغرض إرهابى.
المتهم يطعن بالنقض لإلغاء الحكم
فقرر المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 13 من يونيه سنة 2022، وأودعت مذكرتان بأسباب الطعن عنه، الأولى في 9 من أغسطس سنة 2022 موقع عليها من الأستاذ صلاح الدين حامد عبد العزيز المحامي، والثانية في 10 من أغسطس سنة 2022 موقع عليها من الأستاذ يسري محمد شعبان المحامي، كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد تنفيذاً لغرض إرهابي، وإحراز سلاح أبيض دون مسوغ، قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والخطأ في تطبيق القانون، والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يلم بوقائع الدعوى، وأدلتها، واستدل على توافر نية القتل، وتنفيذه لغرض إرهابي بما لا ينتجهما ورغم تمسكه بعدم توافرهما في حقه، وأن الواقعة مجرد ضرب أفضى لموت، وبانعدام مسئوليته الجنائية مستدلاً بتقرير مستشفى الصحة النفسية بالعباسية بتاريخ 26 من يوليو سنة 2007، وأقوال ضابط الأمن الوطني بالتحقيقات، إلا أن المحكمة ردت على دفاعه بما لا يصلح، ومستندة إلى تقرير المجلس الإقليمي للصحة النفسية، مع أن مدة ملاحظته به أقل من 45 يوماً ، ولم تجبه لطلبه بندب لجنة طبية خماسية لفحص حالته النفسية، وأن تنبيه المحكمة للطاعن بإضافة الظرف المشدد للقتل كان تلبية لطلب المدعيين بالحقوق المدنية، ولم تمنح مدافعه أجلاً لتحضير دفاعه، وطلبت منه المرافعة في ذات الجلسة، ومن ثم لم يحظ بدفاع على الوجه الذي يتطلبه القانون، كل ذلك، يعيب الحكم، ويستوجب نقضه.
الحيثيات تسرد حكاية "نهرو"
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله " أن المتهم نهرو عبد المنعم توفيق عبد المنعم وشهرته "عبد الرحمن نهرو" الذي بلغ 60 سنة وسبق اعتقاله وهو في السنة الثانية من كلية دار العلوم جامعة القاهرة لانتمائه للجماعة الإسلامية المدرجة على قوائم الإرهاب وتعاطفه معهم لاعتقاده أن من يخالفها فقد خالف الكتاب والسنة، وأنه على تواصل مع هذه الجماعة بمركز ديروط التي كانت تساعده مادياً وحل مشكلاته مع أخوته بسبب الميراث "بصفته عضواً دعوياً منهم"، وأنه أطلق لحيته باعتبارها سنة ولم يحسن تدبير أمره والاستغناء عن غيره فهو غوي عاطل لا نفع منه ولا خير فيه والذي عاش عالة على أهله وهو القوي القادر على استدرار الرزق الحلال وتبديل عيشه نعمة ورخاء فقد راح على النقيض من ذلك فجاس خلال البلاد.
وجاء من بلدته محافظة أسيوط وانتقل إلى محافظة الإسكندرية بلا مأوى أو عمل فكان يهيم في الطرقات فأتخذ من الأرض فراشا والسماء بناء ومن العلف سبيلاً ومنهاجا واعتدى في الأرض وعاث فساداً وتسلح بألة الشر "سكين" وهي أداة قاتلة بطبيعتها كان يحملها معه أثناء تجواله وسولت له نفسه الأمارة بالسوء إلى طريق الشر وتجردت مشاعره من الإنسانية، فأظلم قلبه تماماً من نور الإيمان وتجردت مشاعره من كل شفقة ورحمة، فأصاب العمى بصره وبصيرته عن وصايا الأديان ونسي قوله تعالى أله من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا "سورة المائدة الآية ٣٢ ... وقوله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الآية - (١٥١) سورة الأنعام.
اللحظات الأخيرة للقمص "أرسانيوس وديد"
وبحسب "المحكمة": فالمجني عليه أرسانيوس وديد رزق الله كاهن كنيسة السيدة العذراء والقديس بولس الرسول بمنطقة كرموز توجه مساء يوم الواقعة 7 أبريل 2022 الساعة الخامسة مساءً وبرفقته مجموعه من الشبان والفتيات الأقباط مستقلين سيارات ميكروباص باتجاه شاطئ إيناس حقي الكائن بطريق الجيش بشارع محمد نجيب دائرة قسم أول المنتزه مرتدياً ملابسه الكهنوتية القبطية، العمامة والجلباب الأسود والصليب الخاص به وإطلاق اللحية لعقد اجتماع أسبوعي خارج الكنيسة لمناقشة أمور الحياة، فيما بينهم وليودعوه قبل سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ودلفوا داخل الشاطئ ومكثوا فيه حتى الساعة الثامنة مساءً وعقب انتهاء اجتماعهم وخروجهم جميعاً للعودة إلى الكنيسة وكان المجني عليه أرسانيوس وديد رزق الله في طريقه ماشيا يلفحه هواء إبريل الخفيف من كورنيش بحر الإسكندرية الشهير إلى الرصيف الموازي للشاطئ كان يسير متهاديًا مع الشبان والفتيات الذين كانوا بصحبته، وقد التفوا حوله أثناء الإشراف والاطمئنان على ركوبهم داخل سيارات الميكروباص المتوقفة أمام الشاطئ.
وأثناء ذلك توجه إليه أحد المتسولين واستجدى منه صدقة وهم المجني عليه بإخراجها من طيات ملابسه وهو لا يعلم عقيدته، ولما رأه المتهم بزي الكهنوت ويقف في الطريق العام أراد أن يبطش به فهرع إليه، وما إن ظفر به وعلى حين غفلة وعلى مسافة قصيرة تفصل بينهما أتاه بغتة من الخلف ليقتله، فلما أحس به المجني عليه / أرسانيوس وديد رزق الله كاهن بكنيسة السيدة العذراء والقديس بولس الرسول بمنطقة كرموز قال أتريد أن تقتلني لئن بسطت إلي ينك لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطِ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ الله رَبِّ الْعَالَمِينَ فَطَوَّعَتْ له نفسه قتله، فقفز إليه وطعنه بآلة شر "سكين" كان يحملها وهي أداة قاتلة بطبيعتها ووسيلة فتاكة من شأنها أن تحدث الموت في رقبته بطعنة غادرة تنهي حياته فلم يستطيع ردها فأصبح من الخاسرين وحدثت إصابته وحاول المتهم موالاة التعدي عليه بالضرب مردداً عبارة "الله أكبر والحمد لله"، وذلك بقصد إزهاق روحه بغرض تعريض سلامة المجتمع ومصالحه وأمنه للخطر والإضرار بالوحدة الوطنية، فأسرع إليه/ بشرى ناجي بشرى مهران سائق الميكروباص وقام بدفعه وطرحه أرضا وجثم فوقه وجاءت/ وديعة شكري فرج عوض وأمسكت به واستخلصت آلة الشر من يده " السكين .
وتم نقل المجني عليه إلى مستشفى مصطفى كامل العسكري بسيدي جابر بعد إصابته الطعنية بأعلى يمين العنق، وبما أدت إليه من قطوع بالأوعية الدموية الرئيسية بأعلى يمين العنق وما صاحب ذلك من نزيف دموي غزير وصدمة نزفية غير مرتجعة على نحو ما أفصح عنه تقرير الطب الشرعي، وفاضت روحه إلى بارئها، والمجني عليه لا يعرف إذ مثل بأي ذنب قتل نفساً زكية بغير نفس، فرمل الزوجة وصعدت روحه إلى المسيح ، وكأنه أراد أن يلتقي العريس السماوي كما يحلو للأقباط توديع شهدائهم وفاضت روحه المؤمنة الطاهرة إلى بارئها لتسكن في سماء الخلد مع أمثالها من القديسين والشهداء والأبرار تعلن في زهو وفخر أنها ثمرة كفاح غير متكافئ بين فتى أهوج هائج مجرم سفاح جائز ظالم ومجني عليه رجل يدعو إلى عبادة الله وأجرى الشاهد السادس عشر الضابط "محمد. أ"، ضابط بقطاع الأمن الوطني تحرياته التي أسفرت عن صحة ارتكاب المتهم الواقعة على النحو المبين بالتحقيقات.
توافر نية القتل
وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات، ومما ثبت من تقارير الصفة التشريحية والأدلة الجنائية، والمجلس الإقليمي للصحة النفسية، ومعاينة النيابة العامة لمسرح الجريمة، ومن مشاهدة المحكمة لتفريغ كاميرات المراقبة بمحل الحادث، وما أرفقته النيابة العامة من مقاطع مصورة، ومن اطلاعها على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن الواقعة ، وتعرف شهود الإثبات على الطاعن حال عرضه عليهم، وأورد مؤداها في بيان واف، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولها أصلها الثابت في الأوراق - على ما يبين من المفردات المضمومة - ، فإن ما أورده الحكم - على السياق المتقدم واضح وكاف في بيان الواقعة ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة، وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وبما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم تنحسر على الحكم دعوى القصور في التسبيب في هذا الخصوص .
لما كان ذلك - وكان الحكم قد استدل على توافر نية القتل في حق الطاعن من استعماله آلة حادة قاتلة بطبيعتها "سكين"، وطعن بها المجني عليه طعنة قوية في موضع قاتل وهو العنق، فأحدث به قطوع بالأوعية الدموية الرئيسية بأعلى يمين العنق، وما صاحب ذلك من نزيف دموي غزير، وصدمة نزفية غير مرتجعة، أدت إلى وفاته، فإن ما قاله الحكم مجزىء في التدليل على توافر نية القتل في حق الطاعن، ويكفي رداً على دفاعه بانعدامها، وبأن الواقعة مجرد ضرب أفضى إلى الموت .
القتل كان تنفيذاً لغرض إرهابي
لما كان ذلك - وكان من المقرر أن البحث في توافر الظرف المشدد بأن القتل كان تنفيذاً لغرض إرهابي من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه في ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة المراد إثباتها، بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
لما كان ذلك، وكان ما استظهره الحكم للاستدلال على ثبوت أن القتل كان تنفيذاً لغرض إرهابي من وقائع وأمارات كشفت عنها، ولها مأخذها من أوراق الدعوى، وهو مما يسوغ به هذا الاستدلال ولا يغير من ذلك أن تحريات ضابط الأمن الوطني نفت توافره في حق الطاعن، لما هو مقرر أن المحكمة الموضوع أن تجزى تحريات الشرطة، فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
الدفع بالاضطراب النفسى للمتهم
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الدفاع من انعدام مسئولية الطاعن جنائياً عن الجرم المسند إليه لاضطرابه النفسي، فأورد مؤدى هذا الدفاع وتتبعه في مختلف مراحل الدعوى، كما عرض لما تم في شأن تحقيقه في مرحلة الإحالة وانتهى به المطاف إلى أن المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير المجلس الإقليمي للصحة النفسية بالإسكندرية والنتيجة التي انتهى إليها من أن الطاعن لا يعاني من أي اضطراب نفسي أو عقلي، وأنه يعتبر مسئولاً جنائيا عما صدر عنه من أفعال.
لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم النفسية والعقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها، ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة وكانت المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث عن حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولها أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه؛ ذلك أن الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل، ومتى كانت المحكمة المطعون في حكمها قد أخذت بتقرير المجلس الإقليمي للصحة النفسية فإن ذلك يفيد أنها اطرحت تقرير مستشفى الصحة النفسية بالعباسية بتاريخ 26 من يوليو سنة 2007، وأقوال ضابط الأمن الوطني بالتحقيقات، ودون أن تلتزم بندب لجنة طبية خماسية لفحص حالة الطاعن النفسية، بعد أن وضحت لها الدعوى، وما دام استنادها إلى التقرير الفني - سالف البيان - لا يجافي العقل والمنطق.
التقرير الطبي يؤكد: المتهم لا يعاني من أي اضطراب نفسي أو عقلي
كما أن الثابت في محضر جلسة المحاكمة أن مدافع الطاعن لم يطلب ندب لجنة طبية خماسية لفحص حالته النفسية، واختتم طلباته بالبراءة، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من دعوى مخالفة القانون ، والإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل، ولا يؤثر في ذلك، أن تكون مده إيداع الطاعن أقل من خمسة وأربعين يوماً؛ إذ البين من صريح نص المادة 338 من قانون الإجراءات الجنائية أنها لم توجب أن تكون مدة الإبداع خمسة وأربعين يوماً كاملة، وإنما اشترطت ألا يزيد مجموعها عليها دون تحديد حد أدنى لها، وأن غاية الأمر أن تكون مدة إيداع المتهم كافية لفحص الخبراء له والتقرير برأي في شأن حالته النفسية والعقلية - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد، لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان فإن الحكم - والحال كذلك - لم يكن ملزماً بالإشارة إليه، ومع ذلك فقد عرض له واطرحه بما يسوغ به اطراحه.
لما كان ذلك - وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد استقر في تفسير المادتين 307 و308 من قانون الإجراءات الجنائية على أن محكمة الموضوع مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها، وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ولها كذلك تعديل التهمة بتحوير كيانها المادي ولو بإضافة الظروف المشددة التي يكون من شأنها تغيير وصف الجريمة وتغليظ العقوبة، ما دامت الواقعة التي رفعت بها الدعوى الجنائية لم تتغير، ولا سبيل عليها في ذلك إلا مراعاة ما تقضي به المادة 308 من ضرورة تنبيه المتهم ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك منعاً للافتئات على الضمانات القانونية التي تكفل لكل منهم حقه في الدفاع عن نفسه دفاعاً كاملاً حقيقياً لا مبتوراً ولا شكلياً أمام سلطة القضاء في التهمة بعد أن يكون قد أحيط بها علماً، وصار على بينة من أمره، دون أن يفاجأ بتعديلها منغير أن تتاح له فرصة ترتيب دفاعه على أساس ما تجريه المحكمة من تعديل.
المحكمة قد أقرت إضافة الظرف المشدد
ولما كانت المحكمة قد نبهت الطاعن إلى تعديل التهمة الأولى المنسوبة إليه بإضافة الظرف المشدد بأن القتل العمد كان تنفيذاً الغرض إرهابي بجلسة 18 من مايو لعام 2022، فترافع بلسان محامييه على أساس هذا التعديل دون اعتراض منه أو طلب التأجيل، ولا يغير من ذلك أن يكون وكيل المدعين بالحقوق المدنية قد صرح في الجلسة بإضافة ذلك الظرف المشدد إلى الوصف المبين بأمر الإحالة، فإن هذا التصريح لا يعدو أن يكون طلباً من الطلبات التي تقدم في الجلسة، وللمحكمة - دون غيرها - القول الفصل في التهمة التي ترى محاكمة المتهم من أجلها في الحدود التي رسمها القانون وبالشروط التي بينها.
ولما كان الثابت من محضر الجلسة أن المحكمة قد أقرت إضافة ذلك الظرف المشدد الذي تقدم به وكيل المدعين بالحقوق المدنية في الجلسة باعتبار أن قتل الطاعن للمجني عليه عمداً كان تنفيذاً لغرض إرهابي، وأن مدافعيه ترافعا على أساس هذا الوصف، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يعترض على تعيين محاميين له من قبل المحكمة ولم يدع عند تعيينهما أن له محامياً موكلاً من قبله وطلب التأجيل لحضوره للدفاع عنه، وكان الثابت أن المحاميين المنتدبين قد ترافعا مرافعة حقيقية وأبديا ما عن لهما من أوجه دفاع، وكان دفاعهما جدياً لا شكلياً، ولم يبديا ما يدل على أنهما لم يتمكنا من الاستعداد في الدعوى ، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يمليه عليه ضميره واجتهاده وواجب مهنته، ومن ثم يكون قد تحقق للمتهم الدفاع على الوجه الذي يتطلبه القانون ، فإن ما يثيره في صدد ما تقدم جميعه لا يكون له محل، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيداً رفضه موضوعاً.
عن عرض النيابة العامة للقضية:
ومن حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
لما كان ذلك - وكان يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى، بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين بها دان بهما المحكوم عليه بالإعدام، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون، وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام، وصدوره بإجماع أراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من مخالفة القانون، أو الخطأ في تطبيقه، أو في تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون، ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه نهرو عبد المنعم توفيق عبد المنعم، وشهرته عبد الرحمن نهرو.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة:
أولاً: بقبول طعن الطاعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.
ثانياً: بقبول عرض النيابة العامة للقضية، وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه نهروعبد المنعم توفيق عبد المنعم وشهرته عبد الرحمن نهرو .