أصدرت الدائرة "4 - مستأنف حلوان" – بمحكمة جنايات مستأنف القاهرة بمجمع 15 مايو، حكماً قضائياً فريداً من نوعه، برفض استئناف النيابة العامة موضوعا، وقبول استئناف المتهم والقضاء ببراءته بعد الحكم عليه من محكمة جنايات المعادي بالسجن المشدد 3 سنوات، فطعنت النيابة للخطأ في تطبيق القانون طالبة جعل الحد الادني للعقوبة 6 سنوات وفقا لصحيح نص المادة 36 من قانون المخدرات لكون الواقعة بعد تعديل القيد والوصف من محكمة أول درجة للحيازة المجردة بدلا من الاتجار لكون الضبط كان بناء علي عملية بيع وشراء مع ضابط مكتب مكافحة المخدرات لا تقل العقوبة فيها عن 6 سنوات إلا أن المحكمة الاستئنافية سايرت الدفاع وقضت برفض استئناف النيابة والقضاء ببراءة المتهم.
صدر في الاستئناف رقم 5817 لسنة 2024 في قضية النيابة العامة رقم 4160 لسنة 2024 المعادى ورقم 1220 لسنة 2023 كلى، لصالح المحامى محمود محمد حافظ، برئاسة المستشار الدكتور محمد ياسر أبو الفتوح، وعضوية المستشارين إسماعيل علي أبو كريشة، ووليد أبو المعاطي، وبحضور كل من أحمد حمدي عبد القادر، وأمانة سر إيهاب عاشور محمد.
الوقائع.. القبض على متهم بالاتجار في المخدرات
اتهمت النيابة العامة المتهم، لأنه في يوم 13 أبريل 2024 بدائرة قسم شرطة المعادي - محافظة القاهرة - أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا "اندازول كاربوكا ساميد" في غير الأحوال المصرح بها قانونا على النحو المبين بالتحقيقات، وطلبت عقابه بمواد الاتهام الواردة بأمر الإحالة.
وحيث أنه بسؤال المتهم بالتحقيقات أنكر ما أُسند اليه من اتهام، وحضر بجلسة المحاكمة واعتصم بالانكار و الدفاع الحاضر معها شرح ظروف الدعوى وملابساتها وطلب البراءة تأسيسا على بطلان القبض والتفتيش وانتقاء صلة المتهم بالمضبوطات، وبطلان اقرار المتهم بمحضر الضبط والانفراد بالشهادة وعدم معقولية تصوير الواقعة وانتهى إلى طلب البراءة.
محكمة أول درجة تقضى بسجن المتهم 3 سنوات وتغريمه 50 الف جنيه
وبجلسة 14 سبتمبر 2024 قضت محكمة أول درجة حضوريا بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات وتغريمه 50 الف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة، والزمته المصاريف الجنائية، وانتهت إلى أن إحراز المتهم للمخدر المضبوط كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصى، ومن ثم عاقبته بنص المادة 38/1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل، وقد أسست المحكمة حكمها على ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة من شهادة شهاد الإثبات بتحقيقات النيابة العامة، وما ثبت بتقرير المعمل الكيماوي .
وحيث أن هذا الحكم لم يصادف قبولا لدى النيابة العامة، فطعنت عليه بالاستئناف الماثل بموجب تقرير لدى قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 16 أكتوبر 2024، وأُرفقت مذكرة بأسباب الطعن بالاستئناف طلبت في ختامها اعمال صحيح القانون، كما أن هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى المتهم فطعن عليه بالاستئناف الماثل بموجب تقرير لدى قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 30 سبتمبر 2024.
المتهم يستأنف الحكم لإلغاءه
وإذ قدمت الدعوى إلى هذه المحكمة الاستئنافية، وتناولت بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها مثل خلالها المتهم، وانكر ما أُسند اليه من اتهام والدفاع الحاضر معه تمسك بالدفع والدفوع المبداة أمام محكمة أول درجة وطلب قبول الاستئناف شكلا، وبإلغاء الحكم المستأنف ودفع بعدم معقولية الواقعة، والقصور في التسبيب وقدم وانتهى إلى طلب البراءة.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن شكل الاستئنافين لما كان الاستئنافان قد أقيما في الميعاد المقرر وفقا لنص المادة 419 مكررا 4/1 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 2024 ومستوفيا لأوضاعهما الشكلية ومن ثم فهما مقبولان شكلا.
النيابة العامة تستأنف الحكم لجعله 6 سنوات بدلا من 3 سنوات
أما عن موضوع الاستئناف قالت المحكمة: فإنه لما كان من المقرر وفقا لمفهوم نص المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية أن سلطة محكمة الاستئناف في الحكم موضوع الاستئناف بالتأييد أو التعديل أو الإلغاء تتحدد بصفة الخصم المستأنف تأكيداً لقاعدة أن لا يضار خصم من استئنافه أو طعنه فإن كان الاستئناف مرفوعا من النيابة العامة، فللمحكمة أن تؤيد الحكم أو تلغيه أو تعدله سواء ضد المتهم أو لمصلحته أما إذا كان الاستئناف مرفوع من غير النيابة العامة فليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تعدله لمصلحة رافع الاستئناف.
وحيث أن المحكمة وهي بصدد تقدير أدلة الأتهام يساورها الشك في الدليل الذى ساقته النيابة العامة في سبيل الأقتناع بإدانة المتهم وترى أنه جاء قاصراً عن حد اطمئنان المحكمة واقتناعها في أن تكون واقعتها قد جرت على الصورة التي زعمها شاهد الإثبات بقصد إضفاء الشرعية على إجراء ومن ثم فلا تعتد بروايته التي قام الإتهام على ركيزة منها وتطرح ما جنح إليه من إشاعة توافر حالة التلبس قصداً إلى تسويغ ما قاما به من إجراءات في غير ما هو جائز إلا بإذن من سلطة التحقيق المختصة، وتعتد بإنكار المتهم وتطمئن إليه مع ما تمسك به من دفاع بما يحملها على الأخذ به وإطراح ما عداه من أدلة أفتقدت مناط الإطمئنان.
"الجنايات المستأنفة" تُبرئ المتهم
وبحسب "المحكمة": وقد عمدا شاهد الاثبات إلى حجب القوة المرافقة له عن الشهادة، وقد قصد من إقصائهم ألا يختلف قوله عن قولهما فيظهر المستور الذي يكشف عن العوار الذي أصاب عملية الضبط وأفقدها مشروعيتها بما يضفى مزيد من الشك والريبة حول مصداقية روايته، كما أن المحكمة لا تأخذ بما سطره الضابط في محضره، وما قال به في التحقيق الابتدائي من إقرار عزاه إلى المتهم بإحراز الجوهر المخدر بعد ما أنكر المتهم ما أسند إليه منذ فجر التحقيق الأمر الذي يكون معه دفاع المتهم قد لقي قبولا لدي المحكمة.
ولما كان ذلك وكان الدليل القائم بالأوراق قبل المتهم وعمادة أقوال ضابط الواقعة قد أحاط بها ظلال الشك بما لا ينهض معه كدليل تطمئن إليه المحكمة على صحة الاتهام وثبوته في حق المتهم ، وإن خالف الحكم المستأنف هذا النظر وقضي بمعاقبه المتهم بالعقوبة سالفة البيان الأمر الذي تقضي معه المحكمة بالبناء على ما تقدم بالغاء حكم أول درجة والقضاء مجددا ببراءة المتهم مما اسند اليه عملا بنص المادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية ومصادرة المضبوطات عملا بمقتضي المادة 30 من قانون العقوبات وبعد الاطلاع على المواد السالفة.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة حضوريا:
أولا: بقبول الاستئنافين شكلا.
ثانيا: وفي موضوع استئناف النيابة العامة برفضه.
ثالثا: وفي موضوع استئناف المتهم بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا ببرائته، مما نسب اليه ومصادرة المخدر المضبوط.