أصدرت محكمة الجنح، حكما قضائيا يهم ملايين المتعاملين مع مكاتب المحامين، ويتصدى لأزمة حبس المحامى للأوراق ومستندات موكله، بحبس محامى ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وكفالة عشرة آلاف جنيه للإيقاف تنفيذ العقوبة مؤقتا، على خلفية اتهامه بخيانة الأمانة و حبس عقد بثلاث شقق وعدم تسليمه لموكله
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 15148 لسنة 2014 جنح قسم "أول طنطا"، لصالح المحامى رامى العش، برئاسة المستشار السيد عزاز، وبحضور كل من رئيس النيابة محمد أشرف، وأمانة سر أبو اليزيد صبحي.
الوقائع.. نزاع قضائى بين محامى وموكله
تتحصل وقائع الدعوى في ان النيابة العامة قدمت المتهم للمحاكمة الجنائية بوصف أنه في تاريخ سابق على تحريك الدعوى الجنائية بدائرة قسم أول طنطا محافظة الغربية بدد الأوراق المبينة وصفا بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليه مخيمر محمد مخيمر والمُسلم إليه على سبيل الوكالة بأجر بموجب التوكيل رقم 5023/1 لسنة 2020 مكتب توثيق قطور فأختلسه لنفسه إضرار بمالكه وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات .
يخلص ويجيز الواقعة فيما أبلغ به المجني عليه باسم مخيمر محمد مخيمر استدلالا بتاريخ 29 سبتمبر 2023 وما شيد به بتحقيقات النيابة العامة من قيام المتهم بإمتناعه عن تسليمه عقد بيع مملوك له خاص بعدد 3 شقق بصفته مشتري لهم والذي سلمه للمتهم لرفع قضية صحة توقيع وحرر له توكيل رقم 5013 حرف (1) لسنة 2020 مكتب توثيق قطور والكائنين بناحية الكورنيش حوض "...." - شارع الكورنيش ثان طنطا - محافظة الغربية، وقام بتسليمه مبلغ 5 آلاف جنيه مقابل أتعابه إلا أنه لم يقم برفع الدعاوى لصالح المجني عليه أو رد العقود له .
المحامى متهم بحبس مستندات وعقود بيع
وحيث أنه وبسؤال "هيثم. ع" بتحقيقات النيابة العامة قرر أنه توجه رفقة المجني عليه الى مكتب المتهم بصفته محاء التحرير عقد البيع بشأن الشقق سالفة البيان، وعقب الانتهاء من تحريرها في مكتبه طلب منه المتهم ترك العقد لديه لرفع دعوى صحة توقيع لصالحه، وبعد فترة زمنية توجه رفقة المجني عليه للمتهم لاستبيان أمر العقود وما تم فيها من اجراءات رفع الدعوى طلب المتهم منه بعمل توكيل قضائي اليه ليباشر رفع الدعوى بصحة التوقيع، وبالفعل قام المجني عليه بعمل توكيل اليه وسلمه اليه وسلم اليه مبلغ 5 الاف جنيه مقابل اتعابه وبمرور فترة من الزمن توجه رفقة المجني عليه الى المتهم لاستبيان الأمر قام بطردهم من مكتبه ولم يقم بتسليم العقد إلى المجني عليه .
وبسؤال "تامر. ز" "محام" بتحقيقات النيابة العامة قرر أن المجني عليه ابلغه بمضمون شكواه سالفة البيان عما آتاه المتهم معه فتوجه معه الى مكتب الأخير لحل الخلاف بينهما إلا أن المتهم وحال مشاهدة المجني عليه، قام بالصياح وافتعل مشادة كلامية معه على أثرها ابلغه بعدم تسليمه أي اوراق للمجنى عليه وطرده ما من مكتبه .
شهادة الشهود على الواقعة
وبسؤال "الحادي. أ" بتحقيقات النيابة العامة قرر أنه حضر كشاهد على العقد المحرر بين المجنى عليه بصفته مشتري وبين البائع وكان تحرير العقود بمكتب المحامي المتهم ووقع عليهم بصفته شاهد ثم انصرف مجلس العقد ولم يبصر وائمة تسليم العقود الأطراف التعاقد .
وحيث أنه وباستجواب المتهم بتحقيقات النيابة العامة أنكر ما نسب اليه .
وحيث أنه وبسؤال مجري التحريات النقيب "مهاب. أ" معاون مباحث قسم أول طنطا قرر أن تحرياته توصلت الى صحة ارتكاب المتهم الواقعة على أثر قيام المتهم بشراء ثلاث شقق سكنية من البائع "مرعي. خ" - موكل المتهم - توجه المجني عليه والبائع إلى مكتب المتهم بصفته محام لإبرام العقود الخاصة بتلك الوحدات وعقب الانتهاء منهم قام المجنى عليه بتحرير توكيل المتهم بصفته محام لإنهاء اجراءات ثمة توقيع على العقد محل البيع ألا أن المتهم نكل عن رفع دعوى صحة التوقيع وماطل المجني عليه وحجب عنه ذلك العقد ولم يقم برفع أي دعاوي، مما حدى بالمجني عليه لإلغاء التوكيل السابق تحريره للمتهم والذي لم يقم بتسليم المجني عليه العقد الخاص به قاصدا الاضرار به بخيانة الأمانة ومنع الشاكي من استلام العقد الخاص به .
وحيث ارفق بالأوراق الصورة الضوئية لعقد بيع ابتدائي مؤرخ في 10 يوليو 2019 محرر بين كلا من المجني عليه بصفته مشتري وبين "مرعي. خ" بصفته بائع وموضوعه قيام الأخير يبيع للمجني عليه عدد ثلاث شقق سكنية كائنين الدور الأخير الثاني عشر على مساحة العقار بالكامل كائنتين ببرج أولاد "..." الكائن بطريق الكورنيش أمام ترعة القاصد بحوض القصب البحري رقم "..." أصلية ثان طنطا وناحية مصنع السرنجات وموقع عليه من طرفي العقد سالفي الذكر والشهود كلا من "محمد. ح"، و"الحادي. أ"
وحيث أرفق بالأوراق افادة واردة بين مصلحة الشهر العقاري مكتب توثيق قطور بشأن التوكيل رقم 5023/1 لسنة 2020 توثيق قطور انه توكيل رسمي عام في القضايا صادر من الموكل / باسم مخيمر محمد مخيمر إلى الوكيل "طارق. م" وآخرين مؤرخ في أكتوبر 2020 وتم الغائه بموجب محضر التصديق رقم 2292 لسنة 2023 توثيق قطور .
وتداولت الجنحة بالجلسات على النحو الثابت من محاضر جلساتها مثل خلالها المتهم بوكيل عنه محام، ودفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون طبقا للمادة 50/2 من قانون المحاماة ودفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة من تاريخ تحرير العقد وطلب البراءة تأسيسا على عدم ثبوت التهمة في حق المتهم والتناقض في اقوال الشهود ومكتبية التحريات، وقدم حافظة طالعتها المحكمة والمت بها قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم وابان حجز الدعوى للحكم تقدم وكيل المجني عليه طلب فتح باب المرافعة للادعاء المعنى قبل المتهم وتقديم مستندات ومذكرات والمحكمة اشرت عليه بالنظر والارفاق بتاريخ اليوم .
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث مثل المتهم بوكيل عنه محام بالجلسات ومن ثم يكون الحكم حضوريا عملا بنص المادة 237 من قانون الاجراءات الجنائية، وحيث عن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون لعدم صدور قرار احالة المتهم من النائب العام وصدوره من السيد المستشار المحامي العام الأول بالمخالفة لنص المادة 50 من قانون المحاماة فمردود عليه، فلما كانت المادة 50 من قانون المحاماة قد تناولت صورتين لما قد ينسب جنائيا للمحامي وقد وضعت المادة القيد في تحريك الدعوى الجنائية.
في الصورة الأولى: والتي هي بشأن ما يقع من المحامي من افعال تدخل في اطار جرائم الجلسات فقد اشترطت المادة أن تكون الاحالة المحاكمة الجنائية من النائب العام وأن ذلك مشروط بكون الواقعة التي تمت الاحالة بشأنها هي من الجرائم الواردة حصرا في المادة 19 من ذات القانون وقد جاءت تلك المادة (49) على فقرتين نصت الأولى منها على المحامي الحق في أن يعامل من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر حامها بالاحترام الواجب للمهنة".
وجاءت الفترة الثانية منها واستثناء من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في قانوني الموالي والإجراءات الجنائية إذا وقع من المحامي اثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه اخلال بنظام الجلسة أو أي أمر يستدعي محاسبته نقابيا أو جنائيا يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة بما حدث ويحيلها الى النيابة العامة وتخطر النيابة النقابة الفرعية المختصة بذلك.
وفي الصورة الثانية: هي جرائم السب والقذف والإهانة بسبب أقوال أو كتابات صدرت من المحامي أثناء أو بسبب ممارسته أي من أعمال المين المشار اليها في هذا القانون وفي هذه الصورة أيضا جاء القيد كما جاء بالمادة السابقة ولما كانت الأفعال موضوع الدعوى لا ينطبق عليها وما الجلسات لعدم وقوعها حال انعقاد الجلسة وترتيبا على ذلك فتندرج تحت الصورة الثانية لما نظمته المادة 50 من قانون المحاماة ولما كانت المادة 25 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 قد جرى نصها على: "يكون لدى كل محكمة استئناف محام عام له تحت اشراف الثاني العام جميع حقوقه واختصاصاته المنصوص عليها في القوانين وكان الثابت من الأوراق ان احالة الدعوى المحاكمة الجنائية قد صدرت من المستشار المحامي العام الأول لنيابة استئناف طنطا فيكون إذاً اتصال المحكمة بالدعوى اتصالا صحيحا ممن يملكه وفقا لنصوص قانون المحاماة ويكون الدفع في غير محله مخالف لصحيح القانون خليقا بالرفض" .
انقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح
وبحسب "المحكمة": وحيث عن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة من تاريخ تحرير العقد المؤرخ في 10 يوليو 2019 فمردود عليه وحيث أنه لما كان ذلك وكان قانون الإجراءات الجنائية ينص في المادتين 15، 17 منه على انقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا اخطر بها بوجه رسمي وتسرى المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع وإذا تعددت الإجراءات التي تتقطع المدة بها فان سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء.
وكان الثابت بالأوراق أن تاريخ تحرير العقد سند الدفع مؤرخ في 10 يوليو 2019 وكان المجني عليه قد حرر توكيل رسمي عام للمتهم رقم 5023/1 لسنة 2020 توثيق قطور في 4 أكتوبر 2020 وكان الثابت من الأوراق أن واقعة التبديد حدثت عقب تحرير المجني عليه التوكيل سالف الذكر للمتهم أي بعد تاريخ 4 أكتوبر 2020 وأن المجنى عليه تقدم ببلاغه بتاريخ 26 سبتمبر 2022 ومن ثم تكون القدرة بين المدنين سارية لا ينقطع بها التقادم مما يكون ذلك الدفع جاء على غير سند من الواقع والقانون جديرا بالرفض.
المادة 341 من قانون العقوبات
وعن موضوع الدعوى: فلما كانت المادة 341 من قانون العقوبات تنص على كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو امتعة أو بضائع أو نقودا أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك اضرارا بمالكيها أو اصحابها أو واضعي اليد عليها وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له إلا على وجه الوديعة أو الاجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفة كونه وكيلا باجرة أو مجانا بقصد عرضها للبيع أو بيعها أو استعمالها في أمر معين المنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليها بالحبس ويجوز ان يزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري".
المحكمة تستند على أحكام محكمة النقض
واستندت المحكمة لعدة أحكام لمحكمة النقض أبرزها الطعن رقم 6495 لسنة 63 قضائية، الصادر بجلسة 21 أكتوبر 1997، والذى جاء في حيثياته: من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التبديد يتحقق بانصراف نية الجاني الى اضافة المال الذي ملكه واختلافه لنفسه والبحث في توافره أو عدم توافره مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية التي تنأى عن رقابة محكمة النقض متى كان استخلاصها سليما مستمدا من أوراق الدعوى.
وكذا الطعن رقم 1595 لسنة 58 قضائية، الصادر بجلسة 27 ديسمبر 1989، والذى جاء في حيثياته: لما كانت جريمة خيانة الأمانة تتحقق بكل فعل يدل على أن الأمين إعتبر المال الذي اؤتمن عليه مملوكا له يتصرف فيه تصرف المالك ، و يتحقق القصد الجنائي فيها بتصرف الحائز في المال المسلم إليه على سبيل الأمانة بنية إضاعته على ربه ولو كان هذا التصرف بتغيير حيازته الناقصة إلى ملكية كاملة مع بقاء عين ما تسلمه تحت يده ولا يشترط لبيان القصد الجنائي في تلك الجريمة أن يتحدث عنه الحكم بعبارة صريحة مستقلة، بل يكفى أن يكون مستفاداً - من ظروف الواقعة المبينة به، أن الجاني ارتكب الفعل المكون للجريمة عن عمد و بنية حرمان المجنى عليه من الشئ المسلم إضراراً به، وكان الحكم المطعون فيه لم يخطيء تقدير ذلك كله، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد الطعن.
جريمة خيانة الأمانة في المادة 341 من قانون العقوبات
وحيث أن القانون حين عرف جريمة خيانة الأمانة في المادة 341 من قانون العقوبات لم ينص على أن تكون الوكالة - باعتبارها سبباً من الأسباب التي أوردها على سبيل الحصر الوجود المال المختلس لدى المتهم - وليدة عقد، بل اكتفى في ذلك بعبارة عامة هي أن يكون تسليم المال قد حصل إلى الوكيل بصفة كونه وكيلاً بأجرة أو مجاناً، مما يستوي فيه بالبداهة ما يكون منشؤه التعاقد وما يكون مصدره القانون، وأنه إذا تحديث الأسانيد القانونية لوجود المال المختلس تحت يد المتهم بصفته وكيلاً، فإن تخلف أحدها لا ينهض لإسقاط الوكالة ما دام المال قد بقى تحت بده يتوجب أي سند منها، وما دام هو لم يقم من جانبه بما توجيه الوكالة الثابتة في حقه بتسليم المال المعهود إليه، طبقا للطعن رقم 1018 لسنة 36 قضائية، الصادر بجلسة 11 يناير 1966.
ولما كان ذلك - وبناء على ما تقدم فقد وقر في يقين المحكمة واستقر في وجدانها من ثبوت التهمة واكتمال اركانها قبل المتهم اذ اكتمل الركن المادي قبله بأن قام بإختلاس عقد البيع المؤرخ في 10 يوليو 2019 والمملوك للمجني عليه سالف الذكر والثابت فيه ملكيته بعدد ثلاث شقق بصفته مشتري لهم والكائنين بناحية الكورنيش حوض "..." - شارع الكورنيش ثان طنطا والذي سلمه للمتهم والمسلم اليه بموجب عقد الوكالة حرر عنه التوكيل رقم 175023 لسنة 2020 مكتب توثيق قطور محافظة الغربية لرفع قضية صحة توقيع وحرب المتوكيل رقم 23 م ع حرف (1) لسنة 2020 مكتب توثيق قطور محافظة الغربية لرفع دعوى صحة توقيع لصالحه، مما كان ذلك الفعل حال ومباشر على النتيجة التي تمثلت في اضرارا بالمجني عليه في عدم احتفاظه بسند ملكية للثلاثة شقق سالفي الذكر و عدم قيامه بأعمال التصرف في ملكه، كما اكتمل قبله القصد الجنائي وهو اتجاه إرادته من قيامه بإختلاس العقد سالف الذكر مع علمه بذلك بنية امتلاكه .
ومن جماع ما ساقته المحكمة من أدلة المشار اليها سلفا والتي تطمئن اليها المحكمة وتستمد من اطمئنائها اليهم من ثبوت التيمة وصحة ارتكابها، واكتمال اركانها قبل المتهم مما يتعين على المحكمة إدانته ومعاقبته عملا بنص المادة 341 من قانون العقوبات وبالمادة 304/2 من قانون الاجراءات الجنائية على نحو ما سيرد بالمنطوق .
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة حضوريا بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وكفالة عشرة آلاف جنيه للإيقاف تنفيذ العقوبة مؤقتا والزمته المصاريف.