ظاهرة جديدة بدأت فى الانتشار عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهى أن تتلقى اتصالا هاتفيا عبر الهاتف المحمول أو رسالة صوتية على تطبيق "الواتس آب"، حيث يظل المتصل صامتاً بغرض تسجيل نبرة صوتك أو ما يعرف ببصمة صوتك، وذلك لاستخدامها بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي فى الأعمال غير المشروعة ومنها استغاثة وطلب فدية مالية كبيرة أو الأعمال المنافية للأداب أو استغلال البنات والسيدات وابتزازهم ماليا وجنسيا، حيث يتم في كثير من الأحيان استخدامها في تصميم مكالمات احتيالية دقيقة تستهدف كل شخص بمحتوى يخصه، سواءً كان متعلقاً بتاريخه الطبي أو سفره أو مشترياته الأخيرة أو أمواله في البنوك.
ويمكن للمحتالين تقليد صوت المدير في العمل مثلا أو مسؤول كبير، باستخدام تقنية حديثة وهي "استنساخ الصوت" المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ما يجعل الضحية يفقد القدرة على تمييز الصوت وينفذ الأوامر المزعومة الصادرة له، خاصة أن مكالمات الاحتيال تطورت بسرعة كبيرة مع دخول عصر الذكاء الاصطناعي، إذ أصبحت أكثر ذكاءً، وخداعاً، فالمحتالون يمكنهم تقليد الصوت والاحتيال عبر الإنترنت والمكالمات الهاتفية ومنشورات التواصل الاجتماعي، والمنتديات، وسجلات البيانات المُسربة.
كارثة "استنساخ الأصوات" بغرض الابتزاز والاحتيال
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية استخدام الذكاء الاصطناعى في استنساخ الأصوات بغرض الابتزاز والنصب والاحتيال حيث إنه لا يقتصر الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات، بل يُستخدم كذلك لانتحال هوية المتصل، بإظهار رقم هاتف يبدو مألوفاً للضحية، كأن يكون من شركة اتصالات محلية، أو جهة حكومية رسمية، أو حتى رقم أحد أفراد العائلة، موضحا أن هذا التلاعب يجعل من الصعب تجاهل المكالمات، ويزيد فرص نجاح الاحتيال، وسرقة أموال من الأفراد عبر منتحلي شخصية المديرين التنفيذيين – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض الدكتور علاء مبروك.
في البداية - هذه المكالمة الهاتفية ما تعرف بالمكالمات الصامتة الغرض منها تسجيل صوتك فقط لاستغلاله مستقبلا ووفقا لنص المادة 26 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 300 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للاداب العامة أو لاظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه – وفقا لـ"مبروك".
المادة رقم 14 من القانون رقم 175 لسنة 2018
كما نصت المادة رقم 14 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من دخل عمدا أو دخل بخطأ غير عمدى وبقى بدون وجه حق على موقع أو حساب خاص أو نظام معلوماتي محظور الدخول عليه، فإذا نتج عن ذلك الدخول إتلاف أو محو أو تغيير أو نسخ أو إعادة نشر البيانات أو المعلومات الموجودة على ذلك الموقع أو الحساب الخاص تكون العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين – الكلام لـ"مبروك".
4 طرق لتجنب الوقوع في هذا الفخ
4 طرق للحماية من هذه الكارثة، أولها: الذكاء الاصطناعي في مواجهة الذكاء الاصطناعي، حيث بدأت شركات الاتصالات الكبرى باستخدام تقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة لتحليل أنماط المكالمات والتعرف على الأصوات المُولدة آلياً، وهذه التقنيات تشمل تحليل البيانات الوصفية في الوقت الحقيقي للكشف عن المكالمات المشبوهة أو التي تأتي من مناطق غير معتادة، والكشف عن السمات الصوتية الدقيقة التي تُميز الأصوات المزيفة والمُزورة باستخدام تقنية "التزييف العميق"، وثانيها: أنظمة تصفية وحظر المكالمات الاحتيالية، حيث تقوم شبكات الاتصالات الكبرى بدمج تقنيات تصفية المكالمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي داخل أنظمتها، مثل، Call Protect، Scam Shield، Call Filter ، وهذه الخدمات تُساعد على حظر المكالمات الاحتيالية الخطرة قبل أن تصل للمستخدم، وتتم عملية النصب أو الإحتيال والإبتزاز – طبقا لأستاذ القانون الجنائى.
وأما عن ثالث هذه الطرق إنه يمكن التحقق من مصدر المكالمات - STIR/SHAKEN - ففي الولايات المتحدة، تُستخدم هذه البنية التحتية لتشفير هوية المكالمات والتحقق من شرعيتها. وهو ما يمنع انتحال هوية أرقام المتصلين ويكشف التزوير، موضحا أن رابع هذه الطرق هو القياسات الحيوية الصوتية (Voice Biometrics)، وتعتمد على تحليل أكثر من 1000 خاصية صوتية فريدة للتأكد من هوية المتصل، وتُستخدم من قبل بعض البنوك وشركات الاتصالات الكبرى للكشف عن استخدام الأصوات المزيفة، وتُعد خط الدفاع الأخير في منع عمليات الاحتيال القائمة على انتحال الهوية – هكذا يقول "مبروك".
تحذير البنوك من استهداف العملاء
وفى سبتمبر 2024، حذّر بنك بريطاني من إمكانية استهداف ملايين الأشخاص بعمليات احتيال متطورة تعتمد على استنساخ الصوت باستخدام "الذكاء الاصطناعي"، وذكر بنك "ستارلينغ"، الذي يعمل عبر الإنترنت، أن المحتالين قادرون على استنساخ أصوات الضحايا من خلال تسجيلات صوتية لا تتعدى ثلاث ثوانٍ متاحة على الإنترنت، مثل الفيديوهات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي. بعد ذلك، يستخدم هؤلاء المحتالون الأصوات المستنسخة لخداع أصدقاء وعائلات الضحايا عبر مكالمات هاتفية وهمية تطلب منهم إرسال أموال.
"البنك" أكد في بيان له، أن هذه العمليات الاحتيالية قد تتسبب في الإيقاع بملايين الأشخاص، فالمشكلة قد بدأت بالفعل؛ إذ كشف مسح حديث، شمل أكثر من 3 آلاف شخص بالغ وأجراه بنك "ستارلينغ" بالتعاون مع "Mortar Research"، عن أن ربع المشاركين تقريباً استُهدفوا بعمليات احتيال باستخدام استنساخ الصوت خلال العام الماضي.
مكالمة صوتية من شخص يدعي أنه صديق أو فرد من العائلة
المسح أظهر أيضاً أن 46% من المستجيبين لم يكونوا على علم بهذه التقنية، بينما قال 8% إنهم ربما يرسلون المال إذا تلقوا مكالمة صوتية من شخص يدعي أنه صديق أو فرد من العائلة، حتى لو بدت المكالمة غريبة، وأكدت "ليزا غراهام"، رئيسة قسم أمن المعلومات في البنك، أن الأشخاص ينشرون بشكل منتظم تسجيلات صوتية على الإنترنت دون إدراك أن ذلك قد يجعلهم عرضة للاحتيال، وأوصت البنك باتخاذ خطوات وقائية، مثل الاتفاق على "عبارة أمان" للتحقق من الهوية عبر الهاتف.
وأشار البنك إلى أهمية تجنب مشاركة عبارة الأمان عبر الرسائل النصية، وحذف الرسالة فور تسلمها لتجنب وصول المحتالين إليها، ومع تزايد تطور تقنيات "الذكاء الاصطناعي"، ازدادت المخاوف من إمكانية استخدام هذه التكنولوجيا لأغراض ضارة، مثل الوصول إلى الحسابات البنكية أو نشر معلومات مضللة.