تكثف وزارة الداخلية جهودها خلال الآونة الأخيرة لمواجهة انتشار فيديوهات الرقص والمحتويات التي تحمل طابع الابتذال عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في إطار سعيها للحفاظ على الآداب العامة ومنع الانحرافات السلوكية التي قد تؤثر على قيم المجتمع المصري.
وفي سلسلة من التحركات الأمنية المنسقة، نجحت الأجهزة المختصة في ضبط عدد من السيدات المتورطات في نشر محتوى وصف بـ"الخادش للحياء" و"المنافي للآداب"، حيث أكدت المعلومات والتحريات صناعة بعض السيدات ونشر مقاطع فيديو تتضمن رقصًا بملابس جريئة، بغرض تحقيق مشاهدات مرتفعة تدر أرباحًا مالية عبر الإنترنت.
أحد أبرز هذه الوقائع تم تسجيلها في محافظة الجيزة، حيث تمكنت الإدارة العامة لحماية الآداب من ضبط راقصة كانت تنشر مقاطع رقص مبتذلة على صفحاتها الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، مستخدمة أربعة هواتف محمولة تم العثور عليها بحوزتها، وبفحصها تبين احتوائها على مواد تؤكد نشاطها الإجرامي، وبمواجهتها أقرت بتنفيذ تلك الأفعال سعيًا وراء الانتشار وتحقيق دخل مالي كبير من خلال التفاعل والمشاهدات.
وفي واقعة مشابهة بمحافظة الإسكندرية، ألقت قوات الشرطة القبض على سيدة داخل نطاق قسم شرطة أول العامرية، بعد ورود معلومات تؤكد ضلوعها في نشر محتويات تخدش الحياء العام، وتم ضبط هاتفها المحمول، وبتحليل محتواه، ثبت وجود أدلة دامغة على تورطها في هذا النشاط، واعترفت المتهمة بأن الهدف من هذه المقاطع هو جذب المتابعين وتحقيق أرباح مالية، دون اكتراث بالتبعات القانونية أو الأخلاقية.
وفي محافظة الغربية، تم ضبط صانعة محتوى أخرى سبق اتهامها في قضايا مماثلة، بعد تلقي عدد من البلاغات ضدها بسبب بثها فيديوهات تتضمن خروجًا صريحًا على القيم الاجتماعية، وظهورها بشكل متكرر وهي ترقص بملابس فاضحة عبر منصات التواصل، وبعد تقنين الإجراءات، تم ضبطها ومواجهتها بما نسب إليها، لتعترف بأنها كانت تستهدف تحقيق الربح السريع من خلال المحتوى المثير للجدل.
وفي سياق تعليقه على هذه الوقائع، أكد اللواء خالد الشاذلي، الخبير الأمني، أن ما تقوم به وزارة الداخلية يأتي في إطار الحفاظ على الذوق العام وضبط السلوك المجتمعي، مشيرًا إلى أن بعض السيدات أصبحن يلجأن إلى نشر محتوى يحمل طابعًا فاضحًا وابتذالًا متعمدًا بغرض تحقيق مشاهدات عالية تترجم إلى أرباح مالية.
وأضاف "الشاذلي" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن بعض الحالات تتخطى مجرد الابتذال إلى محاولة غسل الأموال المتحصلة من هذا النشاط في مجالات أخرى مثل العقارات أو تجارة التجزئة، مما يستدعي يقظة من الجهات الرقابية ومتابعة حثيثة من المؤسسات الأمنية.
وأشار اللواء خالد يحيى الخبير الأمني، إلى أن القانون المصري لا يقف مكتوف الأيدي أمام هذه النوعية من الجرائم، بل ينص بوضوح على تجريم كل فعل من شأنه الإخلال بالآداب العامة أو استخدام وسائل التواصل في ما يمس قيم المجتمع، موضحًا أن النيابة العامة تتعامل مع هذه القضايا بجدية، حيث تتم إحالة المتهمات إلى التحقيق فور ضبطهن، ويتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة.
وتنص المادة 178 من قانون العقوبات على أن "كل من نشر أو صنع أو حاز بقصد الاتجار أو التوزيع أو العرض مطبوعات أو صورًا أو إعلانات أو رسومًا أو رموزًا أو إشارات من شأنها خدش الحياء العام، يعاقب بالحبس والغرامة".
كما تفرض قوانين مكافحة تقنية المعلومات عقوبات إضافية على من يسيء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، تصل إلى السجن المشدد في بعض الحالات، خاصة في حال وجود سوابق جنائية أو نية للاتجار بالمحتوى غير المشروع.
وتواجه المتهمات في هذه الوقائع اتهامات متعددة، من بينها نشر محتوى خادش للحياء، والإضرار بالقيم الأسرية، والإساءة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فضلًا عن جني أرباح غير مشروعة من نشاط غير قانوني، ما يجعل العقوبات المحتملة رادعة، بحسب وصف عدد من القانونيين.
يأتي هذا في وقت تتزايد فيه دعوات قطاعات واسعة من المجتمع إلى ضرورة ضبط المحتوى المنشور عبر الإنترنت، والحد من موجة الانفلات الأخلاقي التي تشهدها بعض المنصات، خاصة في ظل تزايد التأثير السلبي لهذا المحتوى على فئة الشباب والمراهقين.
ولا تقتصر جهود وزارة الداخلية على ضبط المتهمات، بل تمتد إلى التوعية بمخاطر هذه السلوكيات، والدعوة إلى استخدام آمن ومسؤول للتكنولوجيا، بما يخدم المصلحة العامة ويحترم القيم الاجتماعية.
وفي ظل تطور أساليب الجريمة الإلكترونية، هناك تعاونًا مستمرًا بين أجهزة الأمن المختلفة لرصد مثل هذه الجرائم فور حدوثها، والتعامل معها بشكل سريع، بما يضمن عدم تفشيها وتحولها إلى ظواهر يصعب السيطرة عليها.