"يداً بيد" لضرب تجار الأزمات ومافيا الأسعار.. مبادرات شبابية بإقامة شوادر لبيع اللحوم بأسعار مخفضة حتى نهاية رمضان لرفع الأعباء عن كاهل المواطن..القانون يحدد عقوبات على المتجاوزين تصل للحبس والغرامة

مع استمرار مطالبات النواب لحكومة المهندس مصطفى مدبولى، بزيادة منافذ بيع اللحوم المدعمة لمواجهة الزيادة الكبيرة فى أسعار البروتين "اللحوم الحمراء والبيضاء"، يحاول العديد من المواطنين على مستوى الجمهورية تدشين عدد من المبادرات لبيع اللحوم الحمراء والبيضاء، وذلك لمواجهة جشع التجار والجزارين بعد استغلالهم للأوضاع الراهنة، خاصة وأننا على مشارف شهر رمضان الذى تزداد فيه احتياجات ومتطلبات واستهلاك المواطنين مع السلع والمنتجات.  

 

 

يحاول البعض استغلال المواطنين وافتعال أزمات لتحقيق مكاسب لهم  وبعضهم يستغل أحداث دولية كالحروب أو غيرها من الأحداث لكي يتلاعبوا بالأسعار ويبيعوا بأزيد من السعر المقرر وذلك لتحقيق اطماعهم  ولا يبالوا بمصلحة المواطنين، وهناك فوضي في ارتفاع الأسعار يعاني منها الجميع في كل السلع والمنتجات وعلى رأسها اللحوم الحمراء والبيضاء، ويجب ردع التجار الجشعين وفقاً للقانون، لذا يجب علي المتضررين الإبلاغ عن الذين يبيعوا بأزيد من الأسعار المقررة.    

 

 

المباردة في محافظة أسيوط

 

وفى هذا الإطار – دشن عدد من الشباب على مستوى المحافظات مبادرات لبيع اللحوم بأسعار مخفضة وكان على رأسها شباب قرية "بنى محمد" – بمركز أبنواب – محافظة أسيوط، حيث شهدت إقبالًا كبيرًا من قبل المواطنين الذين اصطفوا في شكل طابور، نظرًا لانخفاض سعرها ليكون سعر كيلو اللحمة 200 جنيهًا بأقل من السعر المشاع لدى الجزارين نحو 260 جنيها، ليكون أقل من السعر بـ 60 جنيه، وهى المبادرات التي يتم تنفيذها على مستوى نطاق القرية. 

 

 

المبادرة في محافظة الغربية

 

كما أقدم مجموعة من الشباب بقرية محلة روح التابعة لمركز ومدينة طنطا بمحافظة الغربية، على الاشتراك فيما بينهم، وشراء بعض من رؤوس الماشية، وذبحها، بدلاً من اللجوء إلى محال الجزارة، بعد مغالاة بعض التجار، حيث تُعد تلك المبادرة الثانية التي يتم تنفيذها داخل القرية، بعد أن لقيت المرة الأولى استحسان الجميع من أهالي القرية والقرى المجاورة، وأنهم لجأوا إلى تنفيذ هذه الفكرة بعد مغالاة بعض من محلات الجزارة وبيع اللحوم بـ250 جنيها للكيلو. 

 

 

المبادرة في محافظة قنا 

 

فيما شهدت مبادرات بيع اللحوم في مركز قفط جنوب محافظة قنا، إقبالًا كبيرًا من قبل المواطنين الذين اصطفوا في شكل طابور، نظرًا لانخفاض سعرها ليكون سعر كيلو اللحمة 170 جنيهًا بأقل من السعر المشاع لدى الجزارين نحو 80 جنيهًا، وحدد القائمون على المبادرة 2 كيلو لحمة فقط لكل أسرة بسعر 340 جنيهًا، ولا يزيد على الكمية حتى يتمكن الجميع من الشراء والحصول على ما يريدون من اللحوم البلدي الطازجة. 

 

 

المبادرة في محافظة الدقهلية

 

"هانبيع كيلو اللحمة بأرخص 35 جنيه عن السعر الذي يبيع به الجزارين في قريتنا"، هكذا قرر مجموعة شباب في قرية ميت أبو خالد مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، أن يشتروا عجلين من سوق المواشي وذبحهما وبيع اللحوم بدون تحقيق أي مكسب مادي، وبحسب الموازنة، فإن كليو اللحمة البلدي سيكون سعره العادل 185 جنيها، وهو السعر الذي قرروا أن يبيعوا به لحوم العجلين. 

 

الخبير القانونى والمحامى بالنقض عبد الرحمن الشريف

 

عقوبة رفع الأسعار

 

وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض عبد الرحمن الشريف الشهابى - وضع قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 عقوبات تصل إلى الحبس والغرامة حال الغش فى المعاملات التجارية، حيث نصت المادة ( 345 ) على: الأشخاص الذين تسببوا فى علو أو انحطاط أسعار غلال أو بضائع أو بونات أو سندات مالية معدة للتداول عن القيمة المقررة لها في المعاملات التجارية بنشرهم عمداً بين الناس أخباراً أو إعلانات مزورة أو مفتراة أو بإعطائهم للبائع ثمناً أزيد مما طلبه أو بتواطئهم مع مشاهير التجار الحائزين لصنف واحد من بضاعة أو غلال على عدم بيعه أصلاً أو على منع بيعه بثمن أقل من الثمن المتفق عليه فيما بينهم أو بأي طريقة احتيالية أخرى يعاقبون بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط".

 

 

ويضيف "الشهابى" في تصريح لـ"برلماني": بينما ضاعفت المادة "346" من العقوبة ونصت على: " يضاعف الحد الأقصى المقرر لعقوبة الحبس المنصوص عنها في المادة السابقة إذا حصلت تلك الحيلة فيما يتعلق بسعر اللحوم أو الخبز أو حطب الوقود والفحم أو نحو ذلك من الحاجات الضرورية". 

 

الكاتب الصحفى مختار معتمد - مؤسس المباردة فى أسيوط 

 

مواجهة جشع التجار والجزارين قبل بدأ شهر رمضان 

 

وفى هذا الإطار – يقول الكاتب الصحفى مختار معتمد، أحد مؤسسى المباردة بمحافظة أسيوط، أن المبادرة لاقت نجاحا كبيرا بين شباب المحافظة في محاولة للتصدى للغلاء وجشع التجار والجزارين، موجها الشكر لكل من ساهم من الشباب والشخصيات التي ساهمت في نجاح المبادرة ومن أجل استمرارها، ضرورة تشكيل لجان من المتطوعين من كل قرية على مستوى المحافظة، وردد قائلا: "شكرا للشيخ عمر الذى عانى على مدار أسبوعين حتى خرجت المبادرة للنور هو وبعض الشباب الذين معه وقد كتب فضيلة الشيخ منذ قليل على صفحته يقول:   

 

"الحمد لله رب العالمين ، معظم أهلنا شاهدوا الجهد المبذول من أجل مساعدة الجميع، الحمد لله تم مساعدة بعض أهلنا المحتاجين وكذلك البيع بسعر أقل من التكلفة لباقى أهل البلد، شكرا لأصحاب الفضل الذين تبرعوا، شكر للجنود اللى كانوا معنا، تجربة وبداية، وضعنا أيدينا على الأخطاء، وهناك مساعدة ضعيفة جدا فى المراونة وفى الشهابية لم نجد سوى شخص واحد يقف فى منفذ البيع، العمل فى المراونة صعب جدا وتحدى كبير وعايز استعداد مختلف تماما، أنا مش تاجر مواشي ومش لاقى تأجر آمين يتعاون معنا، فيه جهات بتحاربنا وأنا عارفهم تماما، هدفهم مصالحهم الخاصه والسبوبة بتاعتهم ونحن هدفنا إننا نرضى ربنا ونساعد أهلنا، سوف نواصل العمل عندما نعالج الأخطاء، نسال الله العلى القدير أن يرزقنا وإياكم الإخلاص فى القول والعمل".  

 

 

وناشد "معتمد" في تصريحات صحفية خاصة جميع المواطنين والتجار والجزارين مراعاة المصلحة العليا لبلدهم المجدود والمثخن بالجراح مصر، والتعاون فيما بينهم لمواجهة التداعيات والتحديات التي تواجه الوطن في ظل عالم يموج بالصراعات والحروب والأزمات، وأن نشد على يد بعضنا بعضا للمرور من هذه الفترة العصيبة حيث أن التكاتف لتحقيق هذه المباردة لا تحقق ربحا بين القائمين عليها، لكن الهدف من المبادرة بيع اللحوم بأسعار مخفضة ورفع الضرر عن المواطنين على عكس ما يباع لدى الجزارين سعر الكيلو بـ260 جنيهًا، ولابد من تطوير الفكرة في شهر رمضان كى تصبح شوادر كبيرة في القرى والمحافظات بصفة عامة. 

أمين المحمدى - أحد مؤسسى المبادرة  

 

أحد مؤسسى المبادرة: هدفها إرغام الجزارين على خفض الأسعار

 

فيما – يقول أمين المحمدى، أحد المواطنين القائمين على تنفيذ المبادرة - إن ما نقوم به هو أقل ما يمكن أن نقدمه لأهالينا المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار، حيث أن المبادرة قائمة على التكاتف بين المواطنين لمواجهة غلاء الأسعار، وردد قائلًا: "الخير موجود في أمة سيدنا محمد إلى يوم الدين"، كما أن وقف الغلاء العشوائي بالبيع بأسعار التكلفة لأن المحتكر يزود الأسعار على المواطن بشكل عشوائي، ولذلك قررنا أن نساهم في وقف الغلاء العشوائي بالبيع بأسعار التكلفة.

 

ويشير "المحمدى" في تصريحات صحفية: لو كل قرية نفذت تلك التجربة سنرغم التجار على خفض الأسعار وبيع السلع بأسعارها الحقيقية بعيدا عن الجشع والاحتكار، فكل تاجر يبيع السلع الموجودة لديه بمزاجه، والأزمة يفتعلها البعض لتحقيق المكاسب من ورائها، خاصة وأننا على أبواب شهر رمضان المعظم، وتهدف المبادرة الي ترخيص اللحوم بشكل تدريجي والعمل علي الوقوف فى وجهه زيادة أسعار اللحوم المستر والتي أصبحت تشكل عبء كبير علي الأسرة.

 

 

عقوبة البيع بأزيد من السعر المقرر

 

 

أما من الناحية القانونية – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى - يجب علي الجهات المعنية  شن حملات لضبط الأسواق لمواجهة الإرتفاع غير المبرر في الأسواق من خلال الإبلاغ عن أية شكاوى أو مخالفة لديهم حتى يتمكنوا من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين عند حجب السلع أو الامتناع عن بيعها ‏بغرض رفع أسعارها وتحقيق أرباح غير مشروعة على ‏حساب المواطنين، ولا بد من ضبط الأسواق وتشديد الرقابة والمتابعة على الأسواق ‏والأسعار وأماكن الإنتاج والتخزين والتوزيع، وكافة حلقات ‏تداول السلع الغذائية، للتاكد من الالتزام بالأسعار وجودة ‏وسلامة الأغذية في كافة مراحل إنتاجها وتداولها وعرضها ‏للبيع وسحب العينات بصفة دوريه للتأكد من سلامتها، وصلاحيتها للاستهلاك الآدمي، وتفعيل الدور الرقابي للمحافظة على استقرار الأسعار، ومنع الاحتكار ومنع الممارسات الخاطئة، واتخاذ اللازم بشأن إزالة أسبابها.

 

وبحسب "صبرى" في تصريح لـ"برلماني": جريمة البيع بأزيد من السعر المقرر تقوم في حق كل من يبيع سلعة بأزيد من السعر المعين لها بغض النظر عن صلته بها وأياً كانت صفته في بيعها، إذ المناط في قيام الجريمة بوقوع فعل البيع ذاته بأزيد من السعر المبين للسلعة، ولما كانت هذه الجريمة تتحقق باقتراف الفعل المادي دون أن يتطلب القانون قصداً جنائياً خاصاً، بل يكتفي بالقصد العام الذي يتوافر بمجرد ارتكاب الفعل المكون للجريمة بنتيجته التي يعاقب عليها القانون، ولا يقبل بعد ذلك من المتهم الاعتذار بالجهل بالسعر المقرر، لأن الجهل بالقانون العقابي والقوانين المكملة له ليس بعذر ولا يسقط المسئولية.   

 

الخبير القانونى والمحامى بالنقض هانى صبرى  

 

كيف تتصدى وزارة التموين للأزمة؟

 

ووفقا لـ"صبرى": يعتبر البيع بسعر يزيد عن السعر المعلن عنه جريمة يعاقب عليها القانون وأنها تمثل جنحة بالمادتين 5/رابعًا، 13/3 من المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 المعدل، والمادتين الثانية والسادسة من قرار وزير التموين رقم 217 لسنة 2017 المعدل بالقرار رقم 330 لسنة 2017، والتي نصت على ان بيع سلعة غذائية بأزيد من سعر المعلن أو المدون بفاتورة البيع الضريبية، يعاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن سنتني وبغرامة مالية قد تصل إلى 5 آلاف جنيه.

 

ويضيف الخبير القانوني: كما حظرت المادة 8 من قانون حماية المستهلك حبس المنتجات الاستراتيجية المعدة للبيع عن التداول بإخفائها، أو عدم طرحها للبيع، أو الامتناع عن بيعها، أو بأى صورة أخرى، وألزمت حائزو المنتجات الاستراتيجية لغير الاستعمال الشخصى بإخطار الجهة المختصة بالسلع المُخزنة لديهم وكمياتها، ونصت على أن يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتحديد المنتجات الاستراتيجية لفترة زمنية مُحددة وضوابط تداولها والجهة المختصة بذلك.  

 

التلاعب بأسعار البضاعة والسلع

 

وتعاقب المادة (71) من قانون حماية المستهلك كل من خالف حكم المادة بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 2 مليون جنيه أو ما يعادل البضاعة محل الجريمة أيهما أكبر، وفى حالة تكرار المخالفة  يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تُجاوز 5 سنوات وتضاعف قيمة الغرامة بحديها لتصبح لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تجاوز 4 ملايين جنيه، وفى جميع الأحوال تقضى المحكمة بالمصادرة ويُنشر الحكم فى جريدتين يوميتين واسعتى الانتشار على نفقة المحكوم عليه.

 

أن وقف تنفيذ العقوبات في الجرائم التموينية غير جائز سواء كانت هذه الجرائم مؤثمة طبقاً للقانون أو لقرار وزير التموين - أساس ذلك - المادة 56 من القانون 95 لسنة 1945 المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 250 لسنة 1952 - وهي قاعدة وردت في أصل التشريع الذي خول وزير التموين إصدار القرارات التنفيذية ولزوم اتباعها وعدم الخروج عليها في حالة فرض كل أو بعض العقوبات المنصوص عليها في تلك المادة على اعتبار أن وقف التنفيذ ليس بذاته عقوبة مما يصدق عليها التبعيض المصرح به في التفويض التشريعي، بل هو قيد للعقوبات يجب دائماً أن توقع على أساسه تحقيقاً لمراد الشارع وما تغياه من ردع عام في نطاق الجرائم التموينية سواء كانت مؤثمة طبقاً للقانون ذاته أو للقرارات التنفيذية له. 

 

النائبة سميرة الجزار، عضو لجنة الخطة والموازنة 

 

دور البرلمان في الأزمة 

 

هذا وقد طالبت النائبة سميرة الجزار، عضو لجنة الخطة والموازنة وعضو لجنة القيم بالبرلمان من الحكومة بصفة عامة ومن السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى والدكتور على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية واللواء هشام امنة وزير التنمية المحلية وجميع المحافظين على مستوى الجمهورية بالتوسع فى إنشاء المزيد من شوارد بيع اللحوم والدواجن باسعار مخفضة ومناسبة تكون فى متناول المواطنين من محدودى الدخل وغير القادرين للتصدى للإرتفاع الكبير فى أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء حيث وصل سعر الكيلو ما بين 200 إلى 250 جنيه للحوم الحمراء وتخطى سعر الدواجن ال 100 جنيه .

 

 

وأكدت النائبة على ضرورة قيام جميع المحافظين والأجهزة الرقابية بجولات مفاجئة بصفة مستمرة ويومية على الأسواق لمواجهة ظاهرتي احتكار السلع وارتفاع الاسعار مع مصادرة جميع السلع التى يتم احتكارها من مافيا الاحتكار والمتاجرين بقوت الشعب وتطبيق القانون بكل حزم وقوة ضد جميع المخالفين وتوقيع أشد العقوبات عليهم حتى يكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه الإقدام على هذا الفعل الذى يضر بحياة المواطنين الذين باتوا غير قادرين على تحمل أعباء الحياة وعسرتها.