الخميس، 25 أبريل 2024 10:23 م

هل تسمح المغرب بـ"الإجهاض"؟.. المملكة تشهد 800 عملية يوميا رغم تجريمه.. ووفاة "مراهقة" فى إجهاض سرى تٌشعل غضب الحقوقيون.. البرلمان يستجوب الحكومة ومشروع قانون يٌبيحه بإشراف طبى.. ونواب: الإجهاض حق للمرأة

هل تسمح المغرب بـ"الإجهاض"؟.. المملكة تشهد 800 عملية يوميا رغم تجريمه.. ووفاة "مراهقة" فى إجهاض سرى تٌشعل غضب الحقوقيون.. البرلمان يستجوب الحكومة ومشروع قانون يٌبيحه بإشراف طبى.. ونواب: الإجهاض حق للمرأة مظاهرات بالمغرب للمطالبة بالحق فى الإجهاض
الثلاثاء، 18 أكتوبر 2022 09:00 م
كتبت آمال رسلان

استطاعت قصة الفتاة المراهقة مريم والتي توفيت في إحدى البيوت الريفية بالمغرب، نتيجة عملية إجهاض سرى بعد تعرضها للاعتداء الجنسى، في وضع قانون تقنين الإجهاض من جديد على مائدة البرلمان في دورته الجديدة، بعد حملات مكثفة شهدتها مواقع التواصل الاجتماعى ومظاهرات على أبواب البرلمان خلال الأيام الماضية، تطالب بإلغاء العقوبات الجنائية عن إجراء عمليات الإجهاض في البلاد.

الضغط الشعبى أجبر المجلس التشريعى للإلتفات إلى تلك القضية على الرغم من وجود أكثر من نسخة لمشاريع قوانين تخفف القيود على الإجهاض مازالت حبيسة الأدراج، حيث استجوب المجلس وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، في أول جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب بعد افتتاح الدورة الخريفية للرد على أسئلة نواب الأمة بخصوص ملف الإجهاض، ومراجعة المقتضيات القانونية للقيام بعمليات الإجهاض.

وأكد النواب أن هناك وقعا كارثيا تعيش فيه العديد من النساء من مختلف الأعمار بلجوئهن لإسقاط الحمل غير المرغوب فيه في ظروف غير آمنة. ويأتي ذلك في الوقت الذى يعاقب فيه القانون المغربي الإنهاء الطوعي للحمل بالسجن من ستة أشهر إلى خمس سنوات. وهو ينص على عقوبات لكل من المرأة التي أجهضت (السجن بين ستة أشهر وسنتين) والذين يمارسون العملية (من سنة إلى خمس سنوات في السجن).

وبحسب إحصاءات الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري تجرى ما بين 600 و800 عملية إجهاض يومياً (أكثر من 200 ألف عملية سنوياً)، تتم 500 إلى 600 منها من قبل أطباء أمراض النساء والممارسين العامين والجراحين، في حين أن 150 إلى 200 عملية إجهاض أخرى تجرى يومياً في ظروف صحية كارثية من قبل الممرضات والقابلات.

ورغم أن الحكومة المغربية في 2016 صاغت مشروع قانون لتخفيف القيود حول عمليات الإجهاض إلا أنه لم ير النور منذ إرساله للبرلمان، ويرى المراقبون أن هناك اعتراضا دينيا على إباحة عمليات الإجهاض في البلاد لما يتعارض مع الشريعة الإسلامية.

من جانبه، صرح مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، بأنه "مرة أخرى نتوقف لنرى بعض الظواهر تؤلمنا كمواطنين مغاربة قبل أن نكون مسؤولين عموميين وحكوميين"، مشيراً إلى أن الحكومة تعد حالياً مشروعاً جديداً لتعديل القانون الجنائي للتصدي لمثل هذه الظواهر، مضيفاً أن ما وقع للفتاة مريم "أمر خطير وجسيم يجب ألا يتكرر، بخاصة لطفلة في مقتبل العمر تعاني من ظاهرة لا يمكن إنكارها موجودة في المجتمع".

ويذكر الفصل 449 من القانون الجنائي المغربي أن "من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حامل أو يظن أنها كذلك، برضاها أو من دونه، سواء أكان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة مالية، أما إذا نتج عن عملية الإجهاض موت السيدة فعقوبة الفاعل تصبح السجن من 10 إلى 20 سنة".

وأما الفصل 450 من الترسانة القانونية ذاتها فينص على ما يلي "إذا ثبت أن مرتكب الجريمة يمارس الأفعال المشار إليها سابقاً بصفة معتادة ترفع عقوبة الحبس إلى الضعف، وتصبح عقوبة السجن من 20 إلى 30 سنة في الحالة التي يؤدي فيها الإجهاض إلى الموت"، أما الفصل 454 فينص على أن العقوبة تتراوح بين ستة أشهر وسنتين ضد "كل امرأة أجهضت نفسها عمداً أو حاولت ذلك أو قبلت أن يجهضها غيرها أو رضيت باستعمال ما أعطي لها لهذا الغرض".

وخلال استجواب وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، بالمجلس نبه الفريق البرلماني الاشتراكى إلى "الواقع الكارثي الذي تعيش فيه العديد من النساء من مختلف الأعمار بلجوئهن لإسقاط الحمل غير المرغوب فيه في ظروف غير آمنة. وما يزيد الواقع تعقيدا استمرار العمل بمقتضيات قانونية غير عادلة تمثل خرقا سافرا لحقوق وحريات النساء، مما يضطر أغلبهن إلى ممارسة حقهن في الإجهاض خارج الضوابط القانونية المعمول بها، والتي تطالب الحركات الحقوقية والنسائية بضرورة مراجعتها".

وتساءل الفريق، عن "الإجراءات المتخذة لمراجعة المقتضيات القانونية القائمة وتوفير الشروط الصحية للقيام بعمليات الإجهاض"، وطالبت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة بـ"تمكين الفتيات والنساء من التوعية والتربية الجنسية، ورفع التجريم عن الإجهاض الطبي، وتنظيمه ضمن مدونة للصحة العمومية حسب المعايير المحددة من قبل منظمة الصحة العالمية".

وجددت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، مطلبها بـ"المراجعة الشاملة للقانون الجنائي ليكون مبنيا على مقاربة حقوقية من حيث فلسفته وبنيته ولغته ومقتضياته، بما يتلائم مع الدستور والمواثيق الدولية مرتكزا على المساواة وحماية الحقوق والحريات، وعلى محاربة التمييز والعنف ضدهن".

وعبر النشطاء عن تلك المطالب من خلال تظاهرات متكررة على مدار الأيام الماضية أمام مبنى البرلمان مطالبين المجلس بإسقاط قانون تجريم الإجهاض فى البلاد، منادين بضمان الحق فى الإيقاف الطوعى للحمل عبر إسقاط القوانين التي تجرمه، ورفعت نحو خمسين ناشطة شاركن في التظاهرة التي أقيمت قبالة مقر البرلمان لافتات تؤكد أن "الإجهاض حق من حقوق المرأة".

ورغم أن الملف عاد مرة آخرى للنور بالتزامن مع حراك شعبى بسبب وفاة الفتاة المراهقة التي هزت البلاد، إلا أن الخطوط الحمراء لازالت متواجدة حول إباحة الإجهاض بشكل كامل كما تطالب به الجمعيات الحقوقية، وبين مطالب النشطاء واعتراض رجال الدين من المتوقع السماح ببعض التعديلات بما يٌرضى جميع الأطراف.


print