الأربعاء، 05 نوفمبر 2025 03:00 ص

القول الفصل في إشكالية التحويلات المالية الخاطئة عبر التطبيقات الإلكترونية

القول الفصل في إشكالية التحويلات المالية الخاطئة عبر التطبيقات الإلكترونية تحويلات مالية خاطئة - أرشيفية
الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025 11:00 م
كتب علاء رضوان

ردود الأفعال بين القانونيين لازالت مستمرة حول التكييف القانوني لواقعة استلام تحويل مالي بطريق الخطأ والامتناع عن رده، وذلك بعد الواقعة التي نشرتها صفحة وزارة الداخلية، بالقبض على أحد الأشخاص، بعد قيام أخر بإجراء عمليتين تحويل مبالغ مالية عن طريق الخطأ من حسابه البنكى إلى حساب آخر بذات البنك بإستخدام تطبيق "الإنترنت البنكى" وبمحاولة التواصل مع صاحب هذا الحساب رفض رد المبالغ المالية. 

 

بالفحص وبإجراء التحريات أمكن تحديد وضبط مرتكب الواقعة، وبحوزته "هاتف محمول"، وبفحصه تبين إحتوائه على أدلة تؤكد إرتكابه للواقعة، وبمواجهته إعترف بإرتكابها على النحو المشار إليه، تم إتخاذ الإجراءات القانونية، فقد أثارت بعض الأخبار المتداولة مؤخرًا حول القبض على أحد الأشخاص بدعوى استلامه تحويلًا ماليًا بطريق الخطأ وامتناعه عن رده إلى صاحبه، جدلًا قانونيًا واسعًا حول التكييف الصحيح لمثل هذه الواقعة، ومدى كونها تمثل جريمة مؤثمة قانونا طبقا لأحكام قانون العقوبات أو لأي تشريع آخر. 

 

انستاباى

 

أولاً: تمهيد لإشكالية التحويلات المالية الخاطئة عبر التطبيقات الإلكترونية

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية التحويلات المالية الخاطئة عبر التطبيقات الإلكترونية، حيث شهد الواقع العملي في السنوات الأخيرة توسعاً ملحوظاً في استخدام التطبيقات البنكية والخدمات المالية الإلكترونية مثل "إنستا باي" و"المحافظ الرقمية"، وهو ما أدى إلى بروز ظاهرة التحويلات المالية الخاطئة نتيجة خطأ في رقم الحساب أو البيانات، وما يترتب على ذلك من إشكاليات قانونية تمس الذمة المالية للأفراد، وتثير تساؤلاً جوهرياً: ما التكييف القانوني الصحيح لتلك الحالات؟ وهل يقتصر الأمر على المسؤولية المدنية، أم قد يمتد إلى المسؤولية الجنائية؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض سامح فتح الله، المتخصص في المنازعات المالية والمصرفية والتحويلات الإلكترونية.

 

ثانيًا: التكييف القانوني من الناحية المدنية

 

في البداية - يُعد التحويل المالي الخاطئ حالة من الوفاء غير المستحق وفقًا لأحكام المادة "182" من القانون المدني المصري، والتي تنص على أن: "كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقًا له وجب عليه رده"، كما تنص المادة "183" على أن: "يصح استرداد غير المستحق إذا حصل الوفاء نتيجة غلط في الواقع أو في القانون"، وبذلك فإن المتلقي للمبلغ المحوّل إليه بطريق الخطأ لا يكتسب حقًا في المبلغ، بل يلتزم برده إلى صاحبه فور علمه بالخطأ، وإلا عُدّ مثرياً بلا سبب على حساب الغير – وفقا لـ"فتح الله". 

 

2 تحويل

 

وقد استقر القضاء المدني على أن: "التحويل أو السداد المترتب على غلط لا ينشئ التزاماً صحيحاً، بل يوجب الرد، حتى ولو كان المتلقي حسن النية"، وذلك طبقاً للطعن المقيد برقم 1031 لسنة 50 قضائية، الصادر بجلسة 14 مايو 1986، ومن ثم فإن الأساس القانوني للالتزام بالرد هو "الإثراء بلا سبب" المنصوص عليه في المادة "179 مدني"، ويحق للمحول أن يطالب المتلقي بالمبلغ المدفوع خطأ مع التعويض عند الضرر – هكذا يقول "فتح الله".

 

ثالثًا: التكييف القانوني من الناحية الجنائية

 

يتحول الأمر من التزام مدني إلى مسؤولية جنائية إذا توافرت نية الاستيلاء، أي إذا علم المستفيد أن المال وصله بطريق الخطأ وامتنع عن رده أو تصرف فيه بنية التملك، وهنا يثور التساؤل حول التوصيف الجنائي – الكلام للخبير القانونى:

• إذا استولى الشخص على المال مع علمه بعدم أحقيته فيه، فذلك يُعد استيلاء على مال مملوك للغير بغير حق، طبقًا لنص المادة (311) من قانون العقوبات.

• وقد يقترب الفعل من جريمة النصب المنصوص عليها بالمادة (336) إذا كان مصحوبًا بأفعال احتيالية أو استغلال للوسائل الإلكترونية.

• أما إذا كان قد تسلم المال عن طريق الثقة أو التعامل المباشر ثم رفض رده، فيُحتمل اعتباره خيانة أمانة وفق المادة (341) من قانون العقوبات. 

 

4 تحويل

 

وقد قضت محكمة النقض بأن:

 

هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لتلك الإشكالية في الطعن المقيد برقم 14222 لسنة 85 القضائية، الصادر بجلسة 4 أبريل 2017، والذى جاء في حيثياته: "احتفاظ المتهم بمبلغ مالي وصل إليه بطريق الخطأ مع علمه بعدم أحقيته فيه يُشكل استيلاءً على مال الغير دون وجه حق".

 

رابعًا: الإجراءات العملية لحماية الحق

 

1. إثبات الواقعة فوراً من خلال إخطار البنك أو مزود الخدمة الإلكتروني بواقعة التحويل الخاطئ.

2. تحرير محضر رسمي في حالة امتناع المستفيد عن الرد، لبيان سوء النية وتحصين الحق قانوناً.

3. اتخاذ الإجراءات المدنية للمطالبة برد غير المستحق أو إقامة دعوى إثراء بلا سبب.

4. اللجوء إلى النيابة العامة إذا وُجدت شبهة استيلاء عمدي أو احتيال إلكتروني. 

 

5 تحويل

 

خامسًا: التوصيات

 

• ضرورة تنظيم تشريعي أكثر وضوحاً لحالات التحويلات الإلكترونية الخاطئة في ضوء التحول الرقمي للخدمات البنكية.

• إلزام البنوك وشركات الدفع الإلكتروني بآلية فورية لتجميد المبلغ محل النزاع لحين البت في الموقف القانوني.

• رفع الوعي القانوني لدى المستخدمين حول واجب الرد الفوري عند تلقي مبالغ بطريق الخطأ.

 

خلاصة:

 

وفى الأخير يؤكد "فتح الله": التحويل المالي الخاطئ واقعة مدنية في أصلها، تستند إلى أحكام الوفاء غير المستحق والإثراء بلا سبب، لكنها تتحول إلى جريمة متى توافرت نية الاستيلاء أو التصرف في المال مع العلم بالخطأ، ومن ثم فالمسؤولية القانونية تتدرج من التزام مدني بالرد إلى تجريم جنائي حال سوء النية. 

 

رئيسية

 

سامح فتح الله المحامى بالنقض
 
الخبير القانوني والمحامى بالنقض سامح فتح الله
 

print