الأربعاء، 05 نوفمبر 2025 09:22 ص

ما هو التكييف القانوني لرفض المُحول له الكترونيا أموالا بالخطأ إرجاعها لصاحبها؟

ما هو التكييف القانوني لرفض المُحول له الكترونيا أموالا بالخطأ إرجاعها لصاحبها؟ تحويل أموال بالخطأ وعدم ردها - المتهم
الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025 09:00 م
كتب علاء رضوان

"التكييف القانوني لواقعة استلام تحويل مالي بطريق الخطأ والامتناع عن رده.. هذه الواقعة تذكرنى منذ ما يقرب من أربع سنوات عندما سألني موكل لدي وهو مهندس عن الحل القانوني في استرجاع مبلغ 100 الف جنيه، قام بتحويلهم بالخطأ من الكويت إلي حساب في مصر، فأخبرته أن الأمر صعبا لعدم تجريم ذلك بتشريع صريح في القانون المصري، وأن النص الأقرب هو المادة 321 مكرر عقوبات، وهناك أكثر من طريق مدني وجنائي، ولكن المضمون هو الطريق المدني".. بهذه الكلمات بدأ المحامى المتخصص في الجرائم الالكترونية الدكتور عصام أحمد الحمورى، حديثه لـ"برلماني"، وذلك في محاولة للتكييف القانوني لواقعة استلام تحويل مالي بطريق الخطأ والامتناع عن رده.

 

وتابع "الحمورى": "فأخبرني بعد سماع الرأي القانوني أنه قام بتحويل هذا المبلغ لحسابي بالخطأ عن طريق شركة صرافة في دولة الكويت، وأن الموظف التبس عليه الأمر لاعتياده علي تحويل مبالغ لحسابي وكلانا يحمل ذات الاسم (عصام) فعندما سأله الموظف الحساب المصري باسم (عصام)، فأجابه (أيوة) وهو يقصده حسابه المصري، فقام الموظف بتحويل المبلغ (100 الف جنيه) لحسابي، فقمت علي الفور بمحاولة تحويل المبلغ لحسابه، إلا أنني فوجئت بتعليق البنك الخاص بي للمبلغ بناء علي طلب من شركة الصرافة بدولة الكويت".   

 

2 تحويل

 

التكييف القانوني لرفض المحول له الكترونيا أموالا بالخطأ إرجاعها لصاحبها

 

واستطرد: "ولم يتمكن البنك من إرجاع الحوالة إلا بموافقة كتابية مني؛ وقتها صممت علي كتابة جملة (مع تمسكي بالإجراء غير القانوني الذي قام به البنك بتعليق المبلغ أو تجميده)، وكنت أنتوي رفع دعوي تعويض علي البنك، وعندما عُرض عليَّ من الإدارة الرئيسية للبنك التعاقد مع مكتبي بالقاهرة كنافذة لتحصيل ديون البنك (كترضية عن الإجراء غير القانوني)،  فرفضت، وأبلغتهم أنني لا أعمل في غير قضايا الجرائم الإلكترونية، واكتفيت بإعتذار الممثل القانوني للبنك ولم أرفع دعوي تعويض علي البنك".  

 

وعن الناحية القانونية – يقول "الحمورى": مسألة تحويل أموال الكترونية بالخطأ هي مسألة واقعية تحدث كثيرا علي مدار اليوم الواحد سواء عن طريق المحافظ الإلكترونية أو "انستا باي" أو المحافظ البنكية أو التطبيقات البنكية؛ ولكن للأسف لا يوجد تنظيم تشريعي صريح لها ويُفترض أن يكون ذلك التنظيم ضمن مواد قانون البنك المركزي رقم 194 لسنة 2020 أو قانون العقوبات أو قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018؛ وهو ما يتطلب تدخل تشريعي لمعالجة هذا الأمر بتنظيم تشريعي صريح. 

 

5 تحويل

 

غياب التنظيم التشريعي للجريمة

 

ويضيف "الحمورى": في ظل غياب التنظيم التشريعي يجتهد الجميع لمحاولة إخضاع الأمر لأقرب نص تشريعي يمكن أن يسري وينطبق، فيري البعض أن تلك المسألة يمكن أن يطبق عليها نصوص جريمة السرقة؛ وقد طُرح هذا العديد من القانونيين، وتم التعليق على هذا الطرح  بأنه يمكن أن يسري وفق ظاهر نص المادة 311 عرف المشرع السارق بأنه كل من قام باختلاس مال منقول مملوك للغير؛ ولكن قد يتعارض ذلك مع أحكام النقض التي تضيق من هذا التعريف وتضع أركان محددة لجريمة السرقة؛ وأن ذلك قد يستببعه رأي قضائي في حكم يكون محل طعن يعرض علي محكمتنا العليا لتضع القول الفصل فيه.

 

ويري البعض – وفقا لـ"الحمورى" - أنها جريمة نصب وأخالف ذلك الرأي من بابه، لأن أركان جريمة النصب وفق صريح نص المادة 336 عقوبات لا تنطبق علي تلك المسألة، كما يرى رأى ثالث أنها جريمة تبديد، وأخالف أيضا ذلك الرأي، لأن أركان جريمة التبديد أيضا واضحة علي سبيل الحصر بالمادة 341 عقوبات وهي غير متوافرة بتلك المسألة، أما رأى الشخصى في هذه الإشكالية أن النص الأقرب للتطبيق هو المادة 321 مكرر من قانون العقوبات، وهي جريمة العثور علي شئ وعدم إرجاعه لصاحبه. 

 

3 تحويل

 

ضرورة تدخل محكمة النقض لإنهاء النزاع

 

هنا الحديث ليس عن التحويل الخطأ، وإنما عن العثور علي أموال بالحساب المحول إليه "لم تتجه نية وارادة القائم بالتحويل لتحويلها لذلك الحساب"، وبطلب إرجاعها ورفض الشخص الذي عثر عليها تكتمل الجريمة المؤثمة بالمادة 321 مكرر عقوبات، وذلك الطرح يمكن أن يُطبق ويعرض علي القضاء ليقول رأيه فيه ويكون هذا الرأي محل طعن يعرض علي محكمتنا العليا لتقول فيه القول الفصل وتضع فيه مبدأ جديد يزيل اللغط الدائر في الوسط القانوني حتي يزيل المشرع هذا اللغط بنفسه ويضع تنظيم تشريعي خاص بهذه المسألة الهامة المتعلقة بحقوق المواطنين في ظل غياب الضمير لدي البعض برفضهم إعادة تلك الأموال المحولة بالخطأ – الكلام لـ"الحمورى".  

 

فضلا عما قد يتوافر من جرائم الكترونية أخري يمكن أن تحدث خلال المحادثات الإلكترونية بين طرفي المسألة كجريمة تعمد الازعاج والمضايقة المؤثمة بنص المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003؛ وجريمة استخدام حساب خاص بهدف ارتكاب جريمة المؤثمة بنص المادة ٢٧ من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، فضلا عن الطريق الأضمن وهو الطريق المدني عن طريق دعوي مدنية ولها أكثر من طرح – هكذا يقول الخبير القانوني. 

 

4 تحويل

 

الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية

 

وأخيراً يقول "الحمورى": النقاش القانوني والخلاف في الرأي أمر حميد؛ أراه مفيدا للجميع خاصة من اعتاد علي البحث القانوني لتعضديد رأيه بأسانيد قانوني؛ ولكن ما يحزنني حالة التراشق بين البعض وعدم قبول الرأي الآخر ونعت صاحب الرأي المخالف بالجهل، وأذكرهم بالمقولة المنسوبة للإمام الشافعي: "إن رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"، وأذكرهم أيضاً بالمقولة الأخري المنسوبة للفيلسوف الفرنسى فولتير تقول: "قد أختلف معك فى الرأى ولكنى مستعد أن أدفع حياتى ثمنا لحقك فى التعبير عن رأيك"، وأقول للطرفين: "إن جلنا في محراب العلم القانوني تلاميذ"، وذلك هو غاية الكمال في العلم القانوني.   

 

أراء بإعتبار الجرم "إثراء بلا سبب"

 

يشار إلى أن واقعة تحويل مبلغ من تطبيق "انستاباى" بالخطأ لشخص وعدم رده، يراه البعض تصرف الشخص الذي رفض رد المبلغ لا يوجد في التشريع المصري نص صريح يحكم المسألة، ولا يخضع هذا الشخص لنص عقابي فلا مجال للقياس في مجال التجريم اطلاقا ولا محل لوجهات النظر في القانون الجنائي، حيث أن التصرف قد ينطبق عليه شروط دعوى "الإثراء بلا سبب"، والمسئولية مدنية وليست جنائية.   

 

6 تحويل
 
الحمورى
 
الخبير القانونى فى قضايا الجرائم الالكترونية الدكتور عصام الحمورى 

 

 


print