محكمة - أرشيفية
قضت الدائرة المدنية والتجارية الثالثة بمحكمة الأقصر الابتدائية، في سابقة قضائية، بإلزام مواطن في دعوى إثراء بلا سبب، برد مبلغ 50 ألف جنيه، كان قد تسلمه عن طريق الخطأ عبر محفظة إلكترونية وامتنع عن إعادته، ولم تكتفِ المحكمة بذلك، بل ألزمته بدفع فوائد 4% فوائد قانونية حتى تاريخ السداد و7000 جنيه تعويض مادي وأدبى.
صدر الحكم في الدعوى المدنية المقيدة برقم 118 لسنة 2025 مدنى كلى الأقصر، لصالح كل من المحامى صلاح منتصر، وإيمان حسن محرم، وأحمد محمد الزينى، برئاسة المستشار حسين السيد، وعضوية المستشارين محمد فؤاد، وطارق عبدالمنعم، وأمانة سر خيرى إبراهيم.

الخلاصة:
تعود تفاصيل الواقعة إلى 23 ديسمبر 2024، حين قام المدعي بتحويل مبلغ 50 ألف جنيه عبر خدمة "فودافون كاش" إلى رقم هاتف المدعى عليه عن طريق الخطأ، وفور اكتشاف الخطأ، حاول المدعي التواصل وديًا مع مستقبل المبلغ لاسترداد حقه، إلا أن الأخير رفض تمامًا، معتبرًا المال "غنيمة"، مما دفع المدعي لتحرير محضر إداري والاستعلام الرسمي من شركة "...." لإثبات ملكية الرقم للمدعى عليه.
الوقائع.. تحويل 50 ألف جنيه عن طريق الخطأ
وتتلخص وقائع الدعوى في أن المدعي قام بتاريخ 23/12/2024 بإجراء تحويل إلكتروني بمبلغ 50 ألف جنيه عبر خدمة "فودافون كاش" إلى رقم تبين لاحقًا أنه يخص المدعى عليه، وذلك عن طريق الخطأ، ولدى مطالبته برد المبلغ، رفض المدعى عليه إعادته، مما ألحق بالمدعي أضرارًا مادية وأدبية، ودفعه لتحرير محضر إداري وإقامة الدعوى الراهنة للمطالبة برد المبلغ والتعويض.
وقد قدم المدعي مستنداته، ومنها إفادة رسمية من شركة فودافون تثبت دخول المبلغ لحساب المدعى عليه، ولم يحضر المدعى عليه أيًا من الجلسات ولم يقدم دفاعًا أو مستندات، وبعد مطالعة الأوراق وسماع المرافعة، استندت المحكمة في قضائها إلى نصوص القانون المدني، ولا سيما المادة 179 التي تقرر مبدأ الإثراء بلا سبب، متى تحققت أركانه: إثراء أحد الخصوم، وافتقار الآخر، وانعدام السند القانوني للإثراء، وثبت للمحكمة أن المدعى عليه قد أثرى دون سبب قانوني، وأن المدعي افتقر بمقدار المبلغ المحول خطأً.

المحول له يرفض رد المبلغ لصاحبه
كما أخذت المحكمة بما استقرت عليه محكمة النقض بشأن تقدير الفوائد القانونية في الديون المدنية، وبشأن حق المضرور في التعويض عن الضررين المادي والأدبي، واستندت المحكمة في حيثياتها إلى المادة 179 من القانون المدني الخاصة بـ"الإثراء بلا سبب"، حيث ثبت لها أن المدعى عليه حصل على المال دون وجه حق، مما تسبب في "إفقار" المدعي ماديًا ونفسيًا، وأكدت المحكمة أن امتناع المتهم عن الرد تسبب في أضرار مادية بحرمان الشاكي من ماله، وأضرار أدبية تمثلت في القلق والمعاناة.
صاحب المبلغ يقيم دعوى "إثراء بلا سبب"
المحكمة عن موضوع الدعوى، فالمحكمة تمهدا لقضائها بما هو مقرر قانونا بنص المادة 179 من القانون المدنى والتي نصت على أن: "كل شخص ولو غير مميز، يثرى دون سبب مشروع على حساب شخص آخر يلتزم في حدود ما أثري به بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة، ويبقى هذا الالتزام قائماً ولو زال الإثراء فيما بعد" .
وحيث أنه من المقرر قضاءاً أنه "أن دعوى الإثراء لا تقوم اللوفر شروط ثلاثة: أولها: إثراء المدين بدخول ما يثرى به فى ذمته، والثاني : افتقار الدائن المترتبة على الدواء، والثالث: ألا يكون الإثراء الحادث أو الافتقار المترتب عليه سبب قانوني يبررهم، والمفترض الصحة في مفهوم النص سالف البيان انعدام السند القانوني الذي يولد للمثرى حقاً في الاحتفاض ما أمر به وهذا الحق لا يعدو مصدره أن يكون عقداً أو حكماً من أحكام القانون بوصفهما المصدرين اللتين تتولد من كل الحقوق".
المحكمة تستند لأحكام محكمة النقض
وكذا الطعن رقم 6294 لسنة 80 قضائية، الصادر بجلسة 18 ديسمبر 2017، والذى جاء في حيثياته: كما قضت أن: "النص في المادة 179 من التقنين المدنى على أنه: "كل شخص ولو غير مميز يثرى دون سبب مشروع على حساب شخص آخر يلتزم في حدود ما أثرى به بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة ويبقى هذا الالتزام قائماً ولو زال الإثراء فيما بعد"، يدل على أن المشرع وضع بهذا النص القاعدة العامة في الإثراء بلا سبب كمصدر مستقل من مصادر الالتزام، باعتبارها تأتي في صدارة القواعد القانونية التي تتصل مباشرة بمبادئ العدالة ويقضى بها القانون الطبيعي، وحدد المشرع بذلك النص أركان قاعدة الإثراء بلا سبب ورسم أحكامها.
وأيضاً الطعن رقم 29 لسنة 41 قضائية، الصادر بجلسة 16 مارس 1976، والذى جاء في حيثياته: مؤدى نص المادة 179 من القانون المدنى أنه إذا تولى شخص عملاً لآخر وادى هذا العمل إلى إفتقار في جانب ذلك الشخص وإلى إثراء بالنسبة إلى الآخر، وكان هذا الإثراء بلا سبب قانوني، فإن المثرى يلتزم بتعويض المفتقر بأقل القيمتين الإثراء أو الإفتقار، ولما كان الإثراء والإفتقار من الوقائع المادية فإنه يصح إثباتها بجميع وسائل الإثبات ومنها البيئة والقرائن، وأن إقامة المقاول دعواه بطلب إلزام المطعون عليه بقيمة المباني التي أقامها لصالحه دون رابطة عقدية وحتى لا يثري الأخير على حسابه مؤداه، استناد المدعي أصلا إلى أحكام الإثراء بلا سبب إذا كان الثابت أن الطاعن - المقاول - أقام دعواه بطلب الحكم بإلزام المطعون عليه بقيمة المبانى موضوع النزاع على أساس أنه أقام هذه المباني لصالح المطعون عليه على أرض مملوكة للأخير دون أن توجد بينهما رابطة عقدية، على حسابه بلا سبب فإن مفاد ذلك أن الطاعن لا يستند إلى عقد مقاولة كسب لدعواه بل يستند في ذلك أصلاً إلى أحكام الإثراء بلا سبب".
المحكمة تنصف صاحب المال وتقضى بالرد والفوائد والتعويض
ولذا قضت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي مبلغ 50,000 جنيه قيمة ما أثري به بلا سبب، مع فوائد قانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية في 1/2/2025 وحتى تمام السداد، وإلزامه بأن يؤدي للمدعي مبلغ 7,000 جنيه تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية، وإلزامه بالمصروفات ومبلغ سبعين جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة، ورفض طلب شمول الحكم بالنفاذ المعجل.




