الأحد، 09 نوفمبر 2025 02:32 م

الجنس الرقمي.. كيفية الاستعداد لمواجهة الظاهرة؟.. "فراع تشريعى" لجريمة مستحدثة تحتاج تدخل لسن "نص صريح".. الجُرم ينمو في بيئة افتراضية تستدعى إعادة بناء "فلسفة القانون الجنائي".. وخبير يُجيب عن الأسئلة الشائكة

الجنس الرقمي.. كيفية الاستعداد لمواجهة الظاهرة؟.. "فراع تشريعى" لجريمة مستحدثة تحتاج تدخل لسن "نص صريح".. الجُرم ينمو في بيئة افتراضية تستدعى إعادة بناء "فلسفة القانون الجنائي".. وخبير يُجيب عن الأسئلة الشائكة الجنس الرقمى - أرشيفية
الأحد، 09 نوفمبر 2025 12:00 م
كتب علاء رضوان

في الواقع أصبح الإنترنت من أهم إنجازات الثورة الرقمية المعاصرة، لما وفرته على الشعوب من سهولة الاتصال بين أقطاب الكرة الأرضية، مما أثر إيجاباً على كافة النشاطات المعلوماتية والاقتصادية والاجتماعية، بل ويتوقع للإنترنت أن تصبح أسلوباً للتعامل اليومي، ونمطاً سائداً لا بديل عنه للتبادل المعرفي والتجاري، إلا أن كل هذه الانجازات لا تخفي الوجه القبيح والكالح المدمر الآخر للإنترنت فيما يعرف بالجريمة الالكترونية والجنس الالكتروني.

 

وفى الحقيقة مع الانفتاح السريع الذي دشنته الثورة التكنولوجية في مجال الاتصال، استطاع الإنترنت أن يطرح نفسه وبقوة، بديلا موضوعياً وغنياً عن المجلات والأشرطة، وصار بإمكانه توفير مساحات أوسع، فلقد صار بالإمكان الآن الحديث عن "عولمة الجنس"، فالمواقع الإباحية على الشبكة تتناسل كالفطر مشكّلة أكبر سوق للجنس عرفه التاريخ الإنساني، كما أن أرباحها تتضاعف ملايين المرات، مما يوضح حجم الزبائن الضخم عبر العالم.  

 

6 جنس

 

كيفية التصدي للجنس الرقمى

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية "الجنس الرقمي"، وذلك من خلال طرح حزمة من الأسئلة وإجاباتها، أبرزها هل يمكن للتقنية التي صُنعت لتقريب البشر أن تتحول إلى وسيلة لفصلهم عن إنسانيتهم؟ وهل يمكن لتطبيق عابر على الهاتف المحمول أن يصبح أداة للإغواء، وسوقًا خفية للجنس، ووسيطًا للاستغلال، ومجالًا لجرائم عابرة للحدود؟ وهل تكفي النصوص التقليدية لمواجهة جرائم تنمو في بيئة افتراضية، أم أننا أمام حاجة ملحّة لإعادة بناء "فلسفة القانون الجنائي" ليظل قادرًا على حماية القيم والإنسان في آن واحد؟ هذه الأسئلة واقعًا، تفرض نفسها يوميًا على أجهزة العدالة وعلى وجدان المجتمع، وتُلزمنا بطرحها بجدية حتى لا نجد أنفسنا نلاحق الظلال بينما ينهش "الواقع" قيمنا من الداخل - بحسب أستاذ القانون الجنائى، والمحاضر المعتمد بدائرة القضاء بأبوظبي الدكتور أشرف نجيب الدريني ‏.

 

في البداية - الجنس الرقمي يمثل نقلة نوعية في الممارسة والتسويق والإخفاء؛ إذ انتقل من اللقاء المادي إلى المحادثة الرقمية، ومن الإشارة الخفية في شارع مظلم إلى إعلان مباشر أو مشفّر داخل تطبيق، فلم تعد الجريمة تحتاج إلى وجود مادي، بل قد تبدأ وتنتهي في "الفضاء الافتراضي"، عبر صور أو مقاطع أو اتفاقات مالية تُبرم إلكترونيًا، وهكذا أصبح "الوسيط الرقمي" شريكًا أصيلًا ومحركًا أساسيًا للفعل الإجرامي، يتيح للمستغلين التخفي وتغيير الأقنعة دون أن يتركوا أثرًا يسهل اقتفاؤه – الكلام لـ"الدرينى". 

 

5 جنس

 

خطورة المشهد مع الفضاءات المظلمة مثل "الدِب ويب" و"الدارك ويب"

 

وتزداد خطورة المشهد مع الفضاءات المظلمة مثل "الدِب ويب" و"الدارك ويب"، حيث الغرف الحمراء وغرف الدردشة التي تُستخدم لإستقطاب الضحايا من مختلف الأعمار، وتُدار عبر التشفير والعملات الافتراضية والهوية المجهولة؛ في هذه العوالم تتوارى الحدود بين الواقعي والافتراضي، إذ قد تبدأ القصة بمحادثة عابرة وتنتهي بإبتزاز أو اتجار بالبشر أو استغلال جنسي منظم، بما يعكس قدرة التقنية على إعادة إنتاج الجريمة بوسائل لم يكن الخيال يتصورها قبل عقود قليلة – وفقا لـ"الدرينى".

 

القانون الجنائي يواجه هنا معضلة دقيقة: فهو مطالب بالحفاظ على الثوابت القيمية والأخلاقية للمجتمع، وفي الوقت ذاته عليه أن يواكب واقعًا متغيرًا لا يعترف بالحدود، والاكتفاء بالقواعد التقليدية يؤدي إلى الجمود والقصور، والتوسع غير المنضبط في التجريم يهدد الحريات الأساسية وحق الخصوصية – هكذا يقول أستاذ القانون الجنائى.   

 

2 جنس

 

المواجهة تصطدم بـ3 ثغرات متشابكة

 

ويبرز كذلك موقع مقدمي الخدمة الرقمية الذين لم يعودوا وسائط محايدة، بل أصبحوا الوسطاء الرئيسيين في المعادلة، فالمنصات والتطبيقات تمتلك البنية التقنية التي تسمح للجريمة أن تنشأ وتستمر، ما يجعل واجب العناية عليهم التزامًا قانونيًا لا خيارًا أخلاقيًا، وهذا يقتضي توفير آليات فعّالة للإبلاغ، وتدابير سريعة للحذف، وتعاونًا منضبطًا مع السلطات القضائية، مع ضمان حماية المستخدمين من الرقابة المفرطة – وهو ما يراه "الدرينى".

 

ويضيف: غير أن المواجهة تصطدم بـ3 ثغرات متشابكة: تقنية، تتمثل في أدوات التشفير وإخفاء الهوية ووسائل الدفع اللامركزية التي تعقد الإثبات؛ وتشريعية، ناتجة عن اختلاف تعريف الجريمة بين الدول بما يخلق مناطق رمادية تسمح بالإفلات من العقاب؛ وإنسانية، تكمن في خوف الضحايا من الفضيحة أو الوصم الاجتماعي، ما يمنعهم من الإبلاغ ويحرم القانون من فرصة حمايتهم، ولسد هذه الفجوات تبرز الحاجة إلى أدوات إثبات متكاملة تحفظ الدليل الرقمي وتجعله صالحًا أمام القضاء: أوامر الحفظ المؤقت للبيانات، والتوقيع الزمني الرقمي، وسلسلة الحيازة الموثقة. 

 

1 جنس

 

المواجهة تتطلب مؤسسات متخصصة

 

وتتطلب المواجهة مؤسسات متخصصة: وحدات تحقيق رقمية داخل النيابات العامة، تدريب القضاة على قراءة الأدلة التقنية، بروتوكولات تعاون مع مزودي الخدمة، وآليات دعم فعلي للضحايا تشمل الرعاية النفسية والقانونية وإزالة المحتوى المسيء، وإذا كانت التكنولوجيا أداة في يد المستغلين، فإنها يمكن أن تصبح أداة للحماية عبر الذكاء الاصطناعي وأنظمة الرصد الذكية، بشرط أن تُستخدم في إطار ضوابط تحمي الحرية من المراقبة الجماعية.

 

في النهاية، لا تكمن الإجابة في النصوص وحدها ولا في التقنية وحدها، بل في معادلة دقيقة: قانون مرن يواكب التطور دون أن يتنكر لجوهر العدالة، وتقنية منضبطة تُسخّر للحماية لا للاستغلال، وقضاء يضمن أن تبقى الكرامة الإنسانية الغاية والحد الفاصل، فالجنس الرقمي ليس مجرد جريمة مستحدثة، بل اختبار إنساني وقانوني عميق لمدى قدرة الإنسان على أن يظل سيدًا للتقنية لا أسيرًا لها، ولقدرة القانون على أن يتنفس مع الزمن ويحمي القيم التي وُجد من أجلها.   

 

7 جنس
 

 

الدرينى اصل
 
أستاذ القانون الجنائى، والمحاضر المعتمد بدائرة القضاء بأبوظبي الدكتور أشرف نجيب الدريني ‏

 

موضوعات متعلقة :

بدائل الحبس الاحتياطي بعد تعديل المادة 114 من قانون الإجراءات الجنائية المصري.. قراءة مقارنة بالقانون الفرنسي.. الاعتراضات أدت لرفع البدائل من 3 لـ7.. والمشرع جعل الحرية هي الأصل والحبس هو الاستثناء المبرَّر

التكييف القانوني لواقعة استلام تحويل مالي بطريق الخطأ والامتناع عن رده.. "فراغ تشريعى" للجُرم يستلزم تدخل المشرع.. والأقرب يكون التكييف "إثراء بلا سبب".. و5 جرائم لا تنطبق على الواقعة.. ومقترح يتضمن 5 بنود

للمتضررات.. ما هو موقف القانون من تحايل الزوج أو المُطلق بالتصرف فى مسكن الحضانة بالبيع أو الايجار؟.. ومدى صحة هذا التصرف؟.. ومتى يكون باطلاً ومتى يكون صحيحاً؟.. المشرع أوقف التصرف ومنع تنفيذه متى توافر شرطان

الإثبات الإلكترونى.. من الكتابة للمحررات والتوقيع.. المشرع ينظم حجيته بشروط فنية وتقنية لضمان تحديد المصدر والوقت.. "النقض" تؤكد أهمية الضوابط لتعزيز الثقة بالمعاملات الرقمية.. وعقوبات رادعة للمخالفين


الأكثر قراءة



print