الأربعاء، 05 نوفمبر 2025 01:55 ص

بدائل الحبس الاحتياطي بعد تعديل المادة 114 من قانون الإجراءات الجنائية المصري.. قراءة مقارنة بالقانون الفرنسي.. الاعتراضات أدت لرفع البدائل من 3 لـ7.. والمشرع جعل الحرية هي الأصل والحبس هو الاستثناء المبرَّر

بدائل الحبس الاحتياطي بعد تعديل المادة 114 من قانون الإجراءات الجنائية المصري.. قراءة مقارنة بالقانون الفرنسي.. الاعتراضات أدت لرفع البدائل من 3 لـ7.. والمشرع جعل الحرية هي الأصل والحبس هو الاستثناء المبرَّر بدائل الحبس الاحتياطى - أرشيفية
الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025 10:00 م
كتب علاء رضوان

لازال يتصدر مشروع قانون الإجراءات الجنائية المشهد السياسي في الوقت الراهن، بسبب مطالبات أحزاب وقوى سياسية بتعديل التشريع لذي لم يتم تغييره منذ قرابة 74 عامًا، وتعتبر العدالة الجنائية حجر الأساس فى بناء دولة القانون والمؤسسات، حيث تهدف إلى تحقيق العدالة للمجتمع وضمان حقوق الأفراد وحرياتهم، ومن هذا المنطلق يأتى مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد ليعكس التزام الدولة بتطوير التشريعات بما يتماشى مع المستجدات المجتمعية والتحديات القانونية والواقعية، التى يواجهها النظام القضائى.

 

وتبرز أهمية قانون الإجراءات الجنائية من كونه المعني بتنظيم الإجراءات التي يجب اتباعها في التحقيق والمحاكمة والفصل في القضايا الجنائية، لذا يعتبر بمثابة حماية لحقوق وحريات المواطنين، فقد صدر القانون الحالي في أكتوبر من عام 1950، وخضع لتعديلات عدة خلال السنوات الماضية، ترتكز فيه فلسفة بدائل الحبس الاحتياطي على تخفيف قسوته وتحقيق التوازن بين حماية المجتمع وصون قرينة البراءة، عبر إجراءات أقل تقييدًا للحرية تحقق ذات الغاية من الحبس دون المساس بحق الفرد في الحرية.    

 

حبس 5

 

بدائل الحبس الاحتياطي بعد تعديل المادة 114 قانون الإجراءات الجنائية المصري

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على بدائل الحبس الاحتياطي بعد تعديل المادة 114 قانون الإجراءات الجنائية المصري، وذلك من خلال قراءة مقارنة بالقانون الفرنسي، بعد أن وافق مجلس النواب المصري خلال جلسته العامة على تعديل المادة "114" من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، استجابةً لملاحظات رئيس الجمهورية، بإضافة بدائل جديدة للحبس الاحتياطي، فارتفع عددها من 3 لـ7 تدابير، وتُعد هذه الخطوة استجابة للاتجاه المقارن – ولاسيما الفرنسي – الذي يجعل الحرية هي الأصل والحبس هو الاستثناء المبرَّر – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق .

 

ثانيًا: نص المادة (114) بعد التعديل

 

يجوز لعضو النيابة العامة في الأحوال المنصوص عليها بالمادة 113 من هذا القانون، وكذلك في الجنح الأخرى المعاقب عليها بالحبس، أن يصدر بدلًا من الحبس الاحتياطي أمرًا مسببًا بأحد التدابير الآتية – وفقا لـ"فاروق":

 

1. إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه.

 

2. إلزام المتهم بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة.

 

3. حظر ارتياد المتهم أماكن محددة.

 

4. إلزام المتهم بعدم مغادرة نطاق جغرافي محدد إلا بعد الحصول على إذن من النيابة.

 

5. إلزام المتهم بالامتناع عن استقبال أو مقابلة أشخاص معينين أو الاتصال بهم بأي شكل من الأشكال.

 

6. منع المتهم مؤقتًا من حيازة أو إحراز الأسلحة النارية وذخيرتها وتسليمها لقسم أو مركز الشرطة الذي يقع في دائرته محل إقامته.

 

7. استخدام الوسائل التقنية في تتبع المتهم حال توافر ظروف العمل بها، ويصدر بها قرار من وزير العدل بالتنسيق مع وزيري الداخلية والاتصالات. 

 

الحبس الاحتياطى

 

ثالثًا: الإطار المقارن في القانون الفرنسي

 

نصّت المواد من 137 إلى 142-11 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي "Code de procédure pénale" على بدائل الحبس الاحتياطي، وألزمت قاضي التحقيق بتفضيلها متى كانت كافية لضمان حضور المتهم ومنع التواطؤ، ويُعد هذا النهج انعكاسًا لقاعدة فقهية مستقرة مفادها أن الحرية هي الأصل والحبس هو الاستثناء الضروري – الكلام لـ"فاروق".

 

رابعًا: شرح موجز للبدائل السبعة

 

1- إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه

 

ويُقابل في القانون الفرنسي نظام الإقامة الجبرية (Assignation à résidence) ويهدف إلى تقييد حرية التنقل مع الإبقاء على المتهم داخل مسكنه، وهو إجراء يوازن بين متطلبات التحقيق واحترام الحياة الخاصة.

 

وقد اعتبرت محكمة النقض الفرنسية أن هذا التدبير بديل فعّال عن الحبس متى كانت وسائل المراقبة متوافرة.

 

حبس 3

 

2-إلزام المتهم بالتقديم الدوري لمقر الشرطة

 

وهو ما يُعرف في فرنسا بـ الالتزام بالتوقيع أو المثول الدوري (Obligation de pointage)، ويُستخدم لضمان متابعة المتهم والتحقق من التزامه بالتدابير المفروضة عليه.

 

ويُعد هذا الإجراء من أكثر البدائل شيوعًا في القضايا ذات الخطورة المحدودة.

 

3-حظر ارتياد أماكن محددة

 

يتطابق مع interdiction de paraître dans certains lieux في المادة 138 من القانون الفرنسي.

 

ويهدف إلى حماية الضحايا أو الشهود أو النظام العام بمنع المتهم من التواجد في مناطق أو مؤسسات قد ترتبط بالجريمة.

 

وقد أيدت محكمة النقض مشروعية هذا التدبير باعتباره إجراءً وقائيًا.  

 

الحبس 2

 

4-عدم مغادرة نطاق جغرافي محدد

 

ويقابل limitation de territoire في القانون الفرنسي، ويمنع المتهم من مغادرة دائرة معينة دون إذن، بما يحقق غرض منع الفرار دون اللجوء للحبس.

 

وقد اعتبر  الفقه هذا القيد  "تدبيرًا متوازنًا يضمن حضور المتهم دون حرمانه من حريته كلية"

 

5- الامتناع عن مقابلة أو الاتصال بأشخاص معينين

 

ويقابل في التشريع الفرنسي interdiction de rencontrer certaines personnes، ويستهدف منع أي تواطؤ محتمل أو ضغط على الشهود(الدكتور ياسر الأمير فاروق المرجع السابق ص357)

 

وقد أكدت محكمة النقض الفرنسية وجوب اللجوء إلى مثل هذه الوسائل قبل الحبس الاحتياطي متى كانت كافية لتحقيق الغرض. 

 

النقض 3

 

6-منع حيازة أو إحراز الأسلحة

 

وهو تدبير وقائي يهدف إلى تجنب خطر استخدام السلاح أثناء سير التحقيق ويقابله في فرنسا interdiction de détention d’armes الوارد بالمادة 138 فقرة 11 CPP.

 

ويُطبّق خصوصًا في قضايا العنف الأسري أوالنزاعات ذات الطابع الخطير.

 

7- التتبع الإلكتروني للمتهم

 

هو ما يُعرف في فرنسا بـ la surveillance électronique (ARSE)، ويقوم على وضع جهاز إلكتروني لتعقب موقع المتهم.

 

وتُعد من أنجع الوسائل البديلة، وتطبق بإذن قضائي وقرار من وزير العدل، وقد أقرّتها محكمة النقض الفرنسية كبديل فعال عن الحبس في قضايا متوسطة الخطورة. 

 

بدائل 1

 

خامسًا: التحليل المقارن

 

يُلاحظ من المقارنة أن المادة (114) المصرية الجديدة جاءت منسجمة مع النموذج الفرنسي، إذ تبنّت ذات الفلسفة التي تقوم على التدرج في القيود، وجعلت الرقابة التقنية في نهاية هذا السلم بوصفها أكثر البدائل صرامة.

 

كما أن اشتراط "أمر مسبب" يوافق اتجاه القضاء الفرنسي في وجوب تسبيب قرار الحبس أو بدائله، لضمان الرقابة القضائية على مشروعيته

 

سادسًا: الخاتمة

 

يُعد تعديل المادة (114) نقلة نوعية في الفكر الإجرائي المصري، إذ يؤسس لنظام متكامل لبدائل الحبس الاحتياطي يواكب الاتجاه الفرنسي الذي جعل من الحرية المقيّدة بالأحكام القانونية الأصل في الإجراءات.

 

ونوصى بأن تُفعّل هذه البدائل عمليًا من خلال:

 

1. تطوير نظم التتبع الإلكتروني.

 

2. تمكين جهات الإشراف الاجتماعي من مراقبة التنفيذ.

 

3. إلزام القضاة والنيابة بتسبيب أوامرهم بيانًا لسبب تفضيل الحبس أو رفض البدائل، تطبيقًا لما قررته محكمة النقض الفرنسية.

 
بدائل 2
 

 

ياسر
 

أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق

موضوعات متعلقة :

للمتعاملين بالحوالات.. النقض تُقرر: "الحوالة البنكية دليل ظاهري على المديونية".. والحيثيات: شريطة أن يُثبت المدعى عليه خلاف ذلك.. والمبدأ يسرى على "الحوالة البريدية وتحويلات انستاباى وتحويلات فودافون كاش"

العدالة تنتصر.. النقض تؤيد السجن المشدد 15 سنة لـ"متهم" بالاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي لـ"قُصر".. وتُخضع العقوبة لأحكام القانون اللاحق رغم أن أحكامه أشد عن القانون السابق.. وتعتبرها جريمة مستمرة

لحماية الحقوق.. النقض تضع 4 مبادئ لدعاوى الطرد للغصب: لا يكفي في دعاوى الطرد للغصب استناد المدعي لعقد بيع عرفي غير مسجل ما لم يثبت أن سنده يرتد لملكية ثابتة قانوناً.. يقع عبء إثبات الملكية على المدعي بدليل صحيح

للأجانب.. النقض تضع 5 مبادئ لـ"دعاوى بطلان التصرفات" المخالفة لأحكام قانون تنظيم تملك الأجانب.. وتؤكد: وجوب تدخل النيابة كطرفٍ مُنضم فيها بحسبانها من الدعاوى التي يجوز أن ترفعها بنفسها.. ومخالفة ذلك يُبطله


الأكثر قراءة



print