الجمعة، 24 أكتوبر 2025 07:05 ص

عصابات النصب تتاجر بأحلام ضيوف الرحمن.. تحذير من العروض الوهمية للحج والعمرة عبر الإنترنت.. الداخلية تضبط 20 شركة وهمية.. خبراء: الشرطة تتعامل بحسم مع التلاعب بمشاعر الحجيج.. وينصحون بالشركات المرخصة

عصابات النصب تتاجر بأحلام ضيوف الرحمن.. تحذير من العروض الوهمية للحج والعمرة عبر الإنترنت.. الداخلية تضبط 20 شركة وهمية.. خبراء: الشرطة تتعامل بحسم مع التلاعب بمشاعر الحجيج.. وينصحون بالشركات المرخصة
الجمعة، 24 أكتوبر 2025 02:00 ص
كتب محمود عبد الراضى

يظل شغف الملايين من المواطنين بأداء الحج والعمرة، يحمل فى طياته أمنيات الروح وتجديد الإيمان، لكن للأسف لا يخلو هذا الموسم من استغلال تجار الوهم الذين يبتزون مشاعر المواطنين، ويغتنمون فرصتهم لجمع الأموال بطرق غير شرعية، عبر ترويج رحلات دينية وسياحية وهمية.

فى ظل وجود حالات فردية للنصب والاحتيال على المواطنين، كثفتت وزارة الداخلية جهودها فى ملاحقة هذه العصابات، حيث كشفت تحقيقات دقيقة بالتعاون بين قطاعات الأمن العام وشرطة السياحة والآثار عن وجود عشرين شركة سياحية غير مرخصة، تنشط فى مجال تنظيم رحلات الحج والعمرة داخل وخارج البلاد، لكنها فى الواقع لا تملك أى صلاحية قانونية لممارسة نشاطها.

تكشف التحريات أن القائمين على تلك الشركات استغلوا الرغبة الملحة للمواطنين فى السفر إلى الأراضى المقدسة، فابتدعوا عروضًا مغرية من خلال إعلانات مبوبة ووسائل التواصل الاجتماعى، معلنين قدرتهم على توفير رحلات دينية متكاملة، ما جعل عشرات الضحايا يقعون فريسة لهذه العروض الوهمية، والتى سرعان ما تحولت إلى كوابيس بعد انكشاف حقيقة هذه الشركات.

كان أبرز الأساليب التى لجأ إليها المحتالون هو التظاهر بأنهم يعملون تحت مظلة كيانات سياحية مرخصة، وهو ما يعزز من ثقة الضحايا ويغريهم بتمويل رحلات الحج والعمرة عبرهم، لكن فى الواقع لا يملكون سوى أوراق مزورة وأختام وأكلاشيهات تبرهن على زيف ادعاءاتهم.

وبعد تقنين الإجراءات القانونية، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط المسؤولين عن تلك الشركات الوهمية، حيث عُثر معهم على أدوات تُستخدم فى عمليات الاحتيال، من بينها جوازات سفر مزورة، وتذاكر طيران مزيفة، ودفاتر استلام نقدية، بالإضافة إلى كروت دعائية وإعلانات تروّج لرحلات لا وجود لها على أرض الواقع.

تمت إحالة المتهمين إلى جهات التحقيق لاستكمال التحقيقات، وتوجيه لهم تهم النصب والاحتيال، والمشاركة فى إدارة كيانات سياحية غير مرخصة، بالإضافة إلى تهم تزوير مستندات رسمية.

وأكدت وزارة الداخلية حرصها الشديد على مكافحة هذه الجرائم التى تمس أمن وسلامة المواطنين، كما تحمى سمعة القطاع السياحى الذى يعتبر أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطنى.

فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، أوضح اللواء الدكتور أحمد كساب، الخبير الأمنى، أن الوزارة تتعامل بحزم مع كل أشكال جرائم النصب، وخاصة فى مجال السياحة الدينية التى تشهد إقبالًا كبيرًا فى مواسم الحج والعمرة.

وأكد أن المحتالين يستغلون رغبة المواطنين الصادقة فى أداء الفريضة، ليوقعوا بهم ضحايا فى شباك العروض الوهمية، مطالبًا بضرورة الحذر الشديد والتأكد من الشركات التى يتعامل معها المسافرون، لا سيما عبر الإنترنت.

وأشار الدكتور كساب إلى أهمية اللجوء إلى الشركات السياحية المعتمدة فقط، التى تمتلك التراخيص اللازمة من وزارة السياحة، والتى تخضع لرقابة صارمة من الجهات المختصة، مؤكدًا أن التعامل مع كيانات غير مرخصة قد يؤدى إلى خسائر مالية فادحة ووقوع مشاكل قانونية للمسافرين.

من جانبه، شدد الخبير السياحى محمد الطارق على ضرورة التأكد من أن الشركة السياحية حاصلة على التراخيص القانونية الرسمية قبل التعاقد معها، خاصة فى موسم الحج والعمرة. وحذر من الاندفاع وراء العروض المغرية التى تظهر على منصات التواصل الاجتماعى أو المواقع الإلكترونية، التى قد تكون غير موثوقة، ومطالبة المواطنين بالتحقق من سجل الشركات عبر بوابة وزارة السياحة الرسمية التى توفر بيانات دقيقة ومحدثة عن الشركات المرخصة.

يأتى هذا فى ظل وجود قوانين صارمة تحكم نشاط شركات السياحة وحماية حقوق المواطنين من الوقوع فى شباك النصب، فعلى سبيل المثال، ينص قانون تنظيم السياحة رقم 38 لسنة 1977، على عقوبات حبس وغرامات مالية قاسية ضد كل من يمارس النشاط السياحى بدون ترخيص، أو يقوم بالترويج لرحلات وهمية، أو يزور مستندات رسمية. وتصل العقوبات إلى السجن لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات، مع تغريم المتهمين مبالغ مالية كبيرة قد تصل إلى نصف مليون جنيه، فضلًا عن مصادرة جميع الأدوات المستخدمة فى الجريمة.

كما ينص قانون العقوبات المصرى على عقوبات حبس وغرامات لكل من ارتكب جرائم النصب والاحتيال، حيث تتراوح مدة الحبس بين عام وخمس سنوات حسب حجم النصب وقيمة الأموال التى استولى عليها المحتالون. ويجدر بالذكر أن التشدد فى تطبيق هذه العقوبات هدفه ردع كل من تسول له نفسه التلاعب بمشاعر المواطنين واستغلالهم، خصوصًا فى مناسبات دينية مهمة.

يعد موسم الحج والعمرة من أكثر المواسم التى تشهد نشاطًا سياحيًا مكثفًا، وهو ما يجعلها هدفًا سهلًا للمحتالين الذين يختبئون خلف واجهات مزيفة، لذلك توصى وزارة الداخلية ووزارة السياحة بضرورة توخى الحذر، وعدم التعامل مع أى شركة إلا بعد التأكد من حصولها على التراخيص الرسمية، والابتعاد عن العروض المشبوهة التى تغرّب المسافرين عن التأكد.

يبقى الأمر مسؤولية مشتركة بين المواطن والجهات المختصة لمواجهة هذه الظاهرة، من خلال الوعى والتثقيف، والرقابة القانونية المشددة، لضمان أداء فريضة الحج والعمرة بأمان وراحة، بعيدًا عن أى مخاطر أو ممارسات غير قانونية.


print