السبت، 13 ديسمبر 2025 01:46 م

للملاك والمستأجرين.. الحق فى اللجوء إلى القاضى الطبيعى فى ضوء اختصاص قاضى الأمور الوقتية والأوامر على العرائض.. وضعه المشرع كطريق استثنائى لإضافة وسيلة وقتية سريعة تعزز مركز المالك.. وليس لإقصاء الدعوى الأصلية

للملاك والمستأجرين.. الحق فى اللجوء إلى القاضى الطبيعى فى ضوء اختصاص قاضى الأمور الوقتية والأوامر على العرائض.. وضعه المشرع كطريق استثنائى لإضافة وسيلة وقتية سريعة تعزز مركز المالك.. وليس لإقصاء الدعوى الأصلية قانون الإيجار القديم - أرشيفية
السبت، 13 ديسمبر 2025 12:00 م
كتب علاء رضوان

سيظل الحديث عن قانون الإيجار القديم رقم 164 لسنة 2025 مستمرًا وخاصة فيما يخص قاضى الأمور الوقتية، حيث إن خبراء القانون يرون أن دوره حسم النزاع في قضايا ودعاوى الطرد للغصب لعقود الإيجار الخاضعة للقانون المدني، فبتطبيق القانونين 164، 165 لسنة 2025م، بمجرد انتهاء مدة عقد الإيجار يحق للمالك تقديم طلب لقاضي الأمور الوقتية بطلب لطرد المستأجر، تجنباً لطول أمد التقاضى والتصدى لها في مثل هذه الدعاوى.

 

هنا يبقى الأمر رهين منصة القضاء بالقبول أو الرفض، فبالقبول وجوب تنفيذ الطرد، وعلى المتضرر اللجوء للدعوى الموضوعية، أما بالرفض فيحيلها إلى الموضوعية دون وجوب التنفيذ - وهكذا - فإنه في سياق القانونين الجديدين، تم منح قاضي الأمور الوقتية اختصاصًا صريحًا بإصدار أمر طرد المستأجر في حالات محددة، وهو ما يمثل أداة قانونية سريعة للمالك لاسترداد العين المؤجرة دون الحاجة إلى اللجوء لدعوى قضائية طويلة، مع العلم أن هذا الأمر لا يمنع المستأجر من رفع دعوى موضوعية، ولكنها لا توقف تنفيذ أمر الطرد.     

 

ايجارات 2

 

الحق في اللجوء إلى القاضي الطبيعي في ضوء اختصاص قاضي الأمور الوقتية والأوامر على العرائض  

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية الحق في اللجوء إلى القاضي الطبيعي في ضوء اختصاص قاضي الأمور الوقتية والأوامر على العرائض، حيث يثير نص الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون رقم 164 لسنة 2025 إشكالية دقيقة تتعلق بمدى طبيعة الحق الذي خوله المشرع للمالك أو المؤجر في اللجوء إلى قاضي الأمور الوقتية لاستصدار أمر بطرد المستأجر الممتنع عن الإخلاء، وهل قصد المشرع بذلك أن يجعل هذا الطريق الاستثنائي بديلاً وحيدًا عن الدعوى الموضوعية، أم أنه أراده مسلكًا مُكملاً لا ينال من الحق الدستوري الأصيل في الالتجاء إلى القاضي الطبيعي - بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض ألبير أُنسى.

 

في البداية - القراءة المتعمقة لنصوص القانون في ضوء المبادئ العامة لقانون المرافعات وقضاء محكمة النقض تفضي إلى أن الطريق الاستثنائي لم يُنشأ لإقصاء الدعوى الأصلية، وإنما لإضافة وسيلة وقتية تعزز مركز المالك، مع بقاء القاعدة الدستورية الكبرى، وهي حق اللجوء إلى القاضي الطبيعي، على حالها دون مساس، فالمادة "27" من قانون المرافعات المدنية والتجارية قد حددت من هو قاضي الأمور الوقتية، فنصت على أن قاضي الأمور الوقتية في المحكمة الابتدائية هو رئيسها أو من يقوم مقامه أو من يندب لذلك من قضاتها، وفي محكمة المواد الجزئية هو قاضيها، وهو تحديد يعكس الطبيعة الإجرائية لهذا الاختصاص الذي يُناط به الفصل في الطلبات الوقتية أو المستعجلة التي لا تمس أصل الحق، ومنها الأوامر على العرائض – وفقا لـ"أُنسى".   

 

ايجارات 3

 

المادة "27" من قانون المرافعات المدنية والتجارية

 

كما أن نصوص المواد "194، 197، 199" من ذات القانون جاءت مؤكدة لهذه الطبيعة، إذ قررت أن الأمر على عريضة يصدر من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة أو من رئيس الهيئة التي تنظر الدعوى، وأن التظلم منه يكون إلى ذات المحكمة أو إلى نفس القاضي الآمر بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، كما نصت المادة 197/1 على أن "لذوي الشأن الحق في التظلم إلى المحكمة المختصة إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك"، وهو ما يعني أن نطاق التظلم محصور في طرفي الأمر دون غيرهما، وأن من له مصلحة من الغير لا يملك طريق التظلم وإنما له أن يسلك الدعوى الموضوعية المعتادة – الكلام لـ"أُنسى".

 

ويكشف هذا البناء التشريعي أن الأوامر على العرائض والتظلم منها ليست إلا دعاوى وقتية تنتهي آثارها بصدور الحكم في الدعوى الموضوعية، ولا يقيد الحكم الصادر فيها محكمة الموضوع، فالأحكام المستعجلة أو الوقتية إنما تستند إلى ظاهر الأوراق دون مساس بأصل الحق، ومن ثم لا تحوز حجية أمام محكمة الموضوع باعتبارها بطبيعتها أحكامًا وقتية، وإن كانت تتمتع بحجية مؤقتة تمنع إعادة طرح النزاع ذاته ما دامت المراكز القانونية والوقائع المادية لم تتغير – طبقا للخبير القانونى.   

 

ايجارات 4

 

التمييز بين اختصاص قاضي التنفيذ واختصاص قاضي الأمور المستعجلة

 

وعلى هذا النهج سار نص المادة "275" من قانون المرافعات – قبل تعديلها بالقانون رقم 76 لسنة 2007 – حينما ميزت بين اختصاص قاضي التنفيذ واختصاص قاضي الأمور المستعجلة، مؤكدة أن لكل منهما ولايته الخاصة، وأن قاضي التنفيذ إنما يفصل في منازعات التنفيذ الوقتية بوصفه قاضيًا للأمور المستعجلة، وهو ما يدل على أن المشرع حرص على رسم تخوم واضحة بين الاختصاصات، دون أن يخل بحق التقاضي الموضوعي – هكذا يقول "أُنسى".

 

ومن ثم، فإن منح المالك أو المؤجر الحق في طلب أمر بطرد المستأجر الممتنع عن الإخلاء أمام قاضي الأمور الوقتية لا يُفهم على أنه قيد على حقه في رفع الدعوى الموضوعية أمام القاضي الطبيعي. بل هو إجراء استثنائي قصد به المشرع توفير وسيلة عاجلة تكفل سرعة استرداد العين المؤجرة في مواجهة حالات المماطلة، بينما يبقى الأصل الأصيل قائمًا وهو اللجوء إلى المحكمة المختصة عبر الطريق المعتاد، بما يكفل كافة ضمانات الدفاع ويُفضي إلى حكم قضائي نهائي له حجية الأمر المقضي. 

 

ايجارات 7

 

الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون رقم 164 لسنة 2025

 

وبذلك يتضح أن المشرع لم يقصد أبدًا أن يحصر الحماية القانونية في الطريق الوقتي، وإنما أراد التوسعة وإعطاء المالك سلاحًا إضافيًا، على أن يظل سلاحه الأصيل – الدعوى الموضوعية – مصونًا بالدستور وبأحكام المرافعات. وهذا الفهم يتفق مع ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن مبدأ القاضي الطبيعي من المبادئ فوق الدستورية التي لا يجوز الانتقاص منها، وأن إنشاء وسائل استثنائية لا يلغى اللجوء إلى الأصل إلا بنص صريح لا يحتمل التأويل.

 

وعليه، فإن الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون رقم 164 لسنة 2025 حين أجازت للمالك أو المؤجر اللجوء إلى قاضي الأمور الوقتية لاستصدار أمر بطرد الممتنع، لم تكن تعني سوى تعزيز مركزه القانوني بوسيلة وقتية إضافية، دون أن تسلبه حقه الأصيل في عرض النزاع أمام القاضي الطبيعي، فالأصل باقٍ والاستثناء جاء ليكمله لا ليبطل آثاره، وهكذا، يلتقي الاستثناء مع القاعدة في تناغم؛ الأول يواجه الخطر العاجل ويحمي المصلحة المباشرة، والثاني يصون الحقوق في أصلها ويؤمن الاستقرار القضائي، وما كان الاستثناء في النظام القانوني إلا خادمًا للقاعدة ومؤكدًا لها، يعمل في دائرتها ويحقق غاياتها.  

 

ايجارات 10
 
 
ايجارات
 
الخبير القانوني والمحامى بالنقض ألبير أُنسى

الأكثر قراءة



print