أصدرت محكمة النقض – حكماً قضائياً – يهم ملايين المتعاملين على مواقع التواصل الإجتماعى، بتأييد تغريم المتهم 50 ألف جنيه، وإلزامه بتعويض مدنى قبل المجنى عليه يُقدر بـ5 ألاف جنيه، لإتهامه بسب وقذف المجنى عليها من خلال التعليقات على حسابها الشخصى، وانتهك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليه بالنشر على موقع الفيس بوك معلومات تخصه دون رضاه سواء كانت صحيحة أم غير صحيحة، وأرست خلاله مبدأين قضائيين قالت فيه:
"1-الدفع ببطلان دخول الضابط على حساب الطاعن بموقع فيس بوك وإعداد تقرير الفحص الفني لحصولهما دون إذن وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض غير جائزة .
2-وجريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة المعاقب عليها بالمادة 25 من القانون 175 لسنة 2018 ليست من الجرائم التي يتوقف رفع الدعوى الجنائية فيها على شكوى" .
الخلاصة:
"لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان دخول الضابط على موقعه على الفيس بوك وإعداد تقرير الفحص الفني لحصول ذلك دون صدور إذن من النيابة العامة، وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، فإنه لا تقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 4875 لسنة 92 قضائية، برئاسة المستشار ربيع لبنه، وعضوية المستشارين هشام أنور، محمد نصر، ومحمد ممدوح، و الدكتور محمد سلامة إبراهيم.
الوقائع.. اتهام شخص بـ3 اتهامات في قضية إلكترونية
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه:-
1- سب المجني عليها "أميرة. أ" علناً بأن وجه إليه ألفاظاً تخدش الشرف والاعتبار على النحو المبين بالتحقيقات .
2- تعمَّد إزعاج المجني عليه سالف الذكر بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات .
3- استخدم حساب على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي "فيس بوك" في تسهيل ارتكاب الجريمتين سالفتي البيان على النحو المبين بالتحقيقات .
وفى تلك الأثناء – أحالته النيابة العامة لمحكمة الجنح الاقتصادية، وطلبت عقابه بالمواد 171 /5 ، 306، 308، 308 مكرراً/1 من قانون العقوبات، والمواد 1، 5/ 6،4 ، 13 /7، 70 من القانون رقم 10 لسنة 2003، والمواد 1، 11 ، 12، 25، 27 من القانون رقم 175 لسنة 2018، وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ تسعين ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
المحكمة تُعدل القيد والوصف لإنتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجنى عليها
والمحكمة حال تداول الدعوى بالجلسات عدلت مواد القيد بإضافة المادة 76 /2 من القانون رقم 10 لسنة 2003، وحذف المادة رقم 27 من القانون 175 لسنة 2018، كما عدلت وصف الاتهام الثالث بجعله: انتهك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليه بالنشر على موقع الفيس بوك معلومات تخصه دون رضاه سواء كانت صحيحة أم غير صحيحة على النحو المبين بالأوراق.
وفى تلك الأثناء - قضت حضورياً بعد إعمال المادة 32 /2 من قانون العقوبات، بتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه، وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية تعويضاً مدنياً مؤقتاً وقدره خمسة آلاف جنيه، فاستأنف المحكوم عليه على الحكم لإلغاءه، ومحكمة جنح مستأنف الاقتصادية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضـوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
محكمة أول وتانى درجة تقضيان بتغريم المتهم 50 الف جنيه و5 ألاف جنيه غرامة
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت: حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليه وتعمد إزعاجه بإساءة استعماله أجهزة الاتصالات والسب العلني قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون؛ ذلك بأنه لم يستظهر القصد الجنائي لديه، وعول على أقوال الضابط رغم تناقضها، كما عول على التحريات وتقرير الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات رغم حصولهما بدون أمر من النيابة العامة، وخلت الأوراق من ثمة دليل على إدانته، والتفت عن دفعه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، واعتصامه بالإنكار، ولم يبين تاريخ تقديم المجني عليه للشكوى خلال المدة القانونية وفقاً لنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها - لما كان ذلك - وكان من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي فيها ما دام أن فيما أوردته من وقائع ما يكفي لاستظهاره كما هو معرف به في القانون.
النقض تضع ضوابط فحص الصفحات الشخصية على السوشيال ميديا
وبحسب "المحكمة": ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص قصد الطاعن في ذلك مما أورده في مدوناته من أن الجرائم المسندة إليه ثابتة قبله من أقوال المجني عليه وضابط إدارة البحث الجنائي بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات، والفحص الفني لحساب الطاعن والذي أثبت قيامه بالتعليق من خلال حسابه الشخصي على بعض المنشورات على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" بتدوين العبارات التي طالعتها المحكمة، وتبينت منها أنها عبارات تسيء إلى المجني عليه، وكتاب شركة "...." مصدرة الخط المستخدم في ارتكاب الجريمة بملكية الطاعن له، مما مفاده أن الحكم قد خلص إلى أن الطاعن قد تعمد ارتكاب ما نسب إليه بخصوص هذه الجرائم، فإن ما يثيره في شأن خلو مدونات الحكم من التدليل على توافر القصد الجنائي يكون غير سديد .
ووفقا لـ"المحكمة": لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت - في نطاق سلطتها التقديرية - إلى أقوال ضابط الواقعة وتحرياته وصحة تصويره للواقعة وحصلتها بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الصدد والقول بإنكاره وانتفاء صلته بالواقعة وخلو الأوراق من دليل على إدانته محض جدل موضوعي في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
النقض تقرر: لابد من وجود إذن من النيابة العامة للدخول الى صفحة الفيس بوك الخاصة بالمتهم عند فحصها
لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان دخول الضابط على موقعه على الفيس بوك وإعداد تقرير الفحص الفني لحصول ذلك دون صدور إذن من النيابة العامة، وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، فإنه لا تقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك - وكانت جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة المعاقب عليها بمقتضى المادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات - باعتبارها الجريمة الأشد التي دين الطاعن بها - ليست من عداد الجرائم المشار إليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى بشأنها على شكوى، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون، وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء بنص من الشارع، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى ضد الطاعن عن الجريمة المشار إليها، والتي خلت من أي قيد على حريتها في رفع الدعوى الجنائية عن الأفعال المبينة بها، فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون دفعاً قانونياً ظاهر البطلان .
لما كان ما تقدم ، فإن الطعن - برمته - يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة .