فى ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتفاقم الكارثة الإنسانية التي وصفتها منظمات دولية بأنها "الأسوأ منذ عقود"، تتزايد التحركات الأوروبية والدولية لمواجهة المأساة، بين صرخات الأطفال تحت الركام، وصور الجوع والدمار، وبين مواقف سياسية تتخذ منحى أكثر حدة، يتصدر المشهد صوت جديد وغير مألوف ملك إسبانيا، فيليبي السادس، يطالب علنًا بوقف "المجزرة" في غزة، ويدين ما وصفه بـ"أفعال شنيعة تخجل منها الإنسانية".
وفي هذا السياق، أعلنت المفوضية الأوروبية عن تخصيص 50 مليون يورو إضافية كمساعدات إنسانية عاجلة لغزة والضفة الغربية، في محاولة لتخفيف المعاناة التي يعيشها أكثر من مليون ونصف فلسطيني، معظمهم في حالة انعدام حاد للأمن الغذائي، وبينما يشتد الحصار، ترتفع الأصوات وتتكاثف المبادرات التي تسعى لكسر الصمت الدولي، ليس فقط من خلال الكلمات، بل أيضًا عبر الصورة، كما في معرض "غزة بعينها" في قلب العاصمة الإسبانية مدريد، الذي ينقل للعالم معاناة لا تحتاج إلى ترجمة.
وأعلنت المفوضية الأوروبية عن حزمة مساعدات إنسانية إضافية بقيمة 50 مليون يورو، لترتفع بذلك المساعدات الأوروبية لغزة والضفة الغربية إلى 220 مليون يورو خلال عام 2025 وإجمالى قدره 550 مليون يورو منذ عام 2023 ، وتهدف هذه المساعدات إلى توفير الغذاء والدواء والمياه والملاجئ للمدنيين العالقين تحت القصف والحصار، فى ظل تدهور مروع فى الأوضاع المعيشية والصحية.
وفي تصريحات رسمية، قالت هادجا لحبيب، مفوضة إدارة الأزمات الأوروبية "المجاعة باتت واقعًا مأساويًا في غزة، والوضع الإنساني لا يُطاق... التمويل وحده لا يكفي، بل يجب ضمان وصول المساعدات وحماية المدنيين، وفقًا للقانون الدولي".
وتواجه جهود الإغاثة الدولية عقبات جسيمة ، حيث تفرض إسرائيل من 7 أشهر قيودا صارمة على دخول المساعدات الإنسانية وتمنع قوافل الأمم المتحدة من الوصول إلى مناطق عديدة ، وبدلا من ذلك تجبر السكان على التوجه إلى نقاط توزيع عسكرية محصنة فى الجنوب ، وسط مخاطر أمنية جسيمة.
ووفقًا لتقارير أمن الغذاء الدولية، يعيش 1.6 مليون شخص في غزة في حالة جوع، من بينهم أكثر من نصف مليون في وضع كارثي من انعدام الأمن الغذائي. وقد أُعلنت مدينة غزة ومحيطها في أغسطس الماضي مناطق تعاني من مجاعة فعلية، بينما لا تزال الهجمات الإسرائيلية مستمرة، موقعًا أكثر من 65,400 قتيل وأكثر من 165,700 جريح منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023.
في موازاة الدعم الإنساني، صعدت إسبانيا من موقفها السياسي تجاه ما يحدث في غزة، حيث وجه الملك فيليبي السادس خطابًا قويًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، طالب فيه بوقف "المجزرة" الإسرائيلية، ووصف ما يجري بأنه "أفعال شنيعة تقشعر لها الضمائر وتخجل منها الإنسانية جمعاء".
وفي كلمته التي دامت نحو 20 دقيقة، قال: "لا يمكن أن نصمت أمام هذا الدمار، وقصف المستشفيات والمدارس وملاجئ المدنيين، ولا أمام المجاعة والتهجير القسري... إلى أين يُدفع هؤلاء الأبرياء؟"، كما أن الملك عبر عن دعم واضح لاعتراف المجتمع الدولي بدولة فلسطين، مؤكدًا أن هذا الاعتراف يجب أن يسهم في إرساء "سلام عادل ودائم".
وفي قلب مدريد، احتضن متحف تيسين بورنيميسزا معرضًا فوتوغرافيًا بعنوان "غزة بعينها"، يُعرض فيه 27 عملًا التقطها مصورون فلسطينيون توثق تفاصيل الحياة والموت والصمود تحت القصف، وجاءت الصور بدون توقيع، حماية للمصورين الذين يخاطرون بحياتهم لتوثيق ما يجري.
المعرض الذي يستمر حتى 19 أكتوبر، هو ثمرة تعاون بين الأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية، ويقدم نظرة إنسانية صادمة لما يواجهه المدنيون في غزة، في ظل الحصار وانقطاع الإعلام الدولي عن القطاع.
ويؤكد المنظمون أن المعرض يمثل "صرخة إنسانية" ويشكل محاولة لتوثيق الذاكرة، وإبقاء معاناة الشعب الفلسطيني في بؤرة الاهتمام الأوروبي والدولي.
