"رابطة المستأجرين: 95% من شقق الإيجار القديم مبنية على أملاك دولة، واللى مش هيكون معاه إثبات ملكية مسجل هيبقى مش صاحب ملك، وإحنا المُلاك بوضع اليد ومضى المدة"، ذلك هو التصريح الأبرز خلال الساعات الماضية منذ صدور قانون الإيجار رقم 164 لسنة 2025، فقد أُثيرت مؤخرًا بعض الآراء حول أن غالبية الوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم مبنية على أملاك دولة، وأن المستأجرين هم "مُلاك بوضع اليد ومضي المدة"، وهو قول غير صحيح يحتاج إلى ضبط قانوني حتى لا يختلط الأمر على الرأي العام.
المقرر قضاءاً وشرعاً أن وضع اليد المدة الطويلة إذا توافرت فيه الشروط القانونية يعد بذاته سبباَ لكسب الملكية مستقلاَ عن غيره من أسباب اكتسابها، وأن الأساس التشريعي لهذا السبب هو قيام قرينة قانونية قاطعة على توافر سبب مشروع للتملك لدى واضع اليد، فمتى أستوفى وضع اليد الشروط القانونية التي تجعله سببا مشروعا للتملك جاز لصاحبه – أيا كان – التملك، وهو واقعة مادية العبرة فيها بوضع اليد الفعلى المستوفى لعناصره القانونية ،كما تطلبها القانون لا بما ورد بشأنها في محرر أو تصرف قانونى قد يطابق الواقع أو لا يطابق.
رداً على شائعة تملك المستأجرين للشقق القديمة مفقودة السند بوضع اليد
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية تصريحات رابطة المستأجرين بأن شقق الإيجار القديم مبنية على أملاك دولة، والذى لن يكون معه إثبات ملكية مسجل لن يكون صاحب ملك، وبالتالي يصبح المستأجرين المُلاك الحقيقيين بوضع اليد ومضى المدة، مع العلم أن مُدعى التملك بوضع اليد يجب أن يضم مدة حيازة سلفه إلى مدة حيازته الفعلية متى أثبت أن سلفه كان حائزا حيازة توافر فيها الشروط القانونية من ظهور واستمرار وهدوء واقتران بينة التملك، وأن حيازته أيضاَ كانت مستوفية لتلك الشروط، ويعفى واضع اليد الذى يتمسك به من تقديم الدليل على مصدر ملكيته وصحة سندها ويجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات، وهذا طبقا لمحكمة النقض في الطعن المقيد برقم 3174 لسنة 84 قضائية – بحسب الخبير القانوني والمحامية نعمة مصطفى عبدالهادى.
أولاً: الأموال المملوكة للدولة لا تُكتسب بالتقادم
في البداية - نصت المادة "970" من القانون المدني صراحة على أن: "...لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة، وكذلك أموال الوحدات الإقتصادية التابعة للمؤسسات العامةأو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عينى على هذه الأموال بالتقادم، ولايجوز التعدى على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفى حالة حصول التعدى يكون للوزير المختص حق إزالته إداريا"، ومؤدى ذلك أن وضع اليد مهما طال لا ينشئ ملكية على أملاك الدولة العامة أو الخاصة، حمايةً للمال العام من الاغتصاب أو الاستيلاء، وبالتالى فإن اعتقاد البعض بإمكانية تملك وحدات مؤجرة من الدولة بمجرد مضي المدة هو أمر غير صحيح قانونًا – وفقا لـ"عبدالهادى".
ثانيًا: تقنين وضع اليد على أملاك الدولة
استحدث المشرع آلية قانونية لتقنين أوضاع واضعى اليد على الأراضى المملوكة للدولة، وذلك بموجب القانون رقم 168 لسنة 2025 وماقبله من قوانين الصادرة فى هذا الصدد، والتى أجازت للدولة التصالح وتقنين أوضاع واضعى اليد وفقًا لشروط وإجراءات محددة، وهذا يعنى أن واضع اليد لا يصبح مالكًا إلا بصدور قرار التقنين وسداد مقابل الانتفاع ، وليس بمجرد بقاء اليد لفترة طويلة – هكذا تقول "عبدالهادى".
ثالثا: الإيجار لا يصلح سندًا للتملك بوضع اليد
يثور جدل واسع حول ما إذا كان المستأجر يستطيع أن يكتسب ملكية العين المؤجرة بالتقادم لمجرد مضي المدة الطويلة لحيازته للعين، وهذا الجدل يحسمه القانون المدني المصري على نحو قاطع، وذلك وفقا لنصوص المواد 968 و972 من القانون المدنى المصرى حيث نصت المادة 968 من القانون المدني على أنه: "من حاز منقولًا أو عقارًا دون أن يكون مالكًا له ، أو حاز حقًا عينيًا على منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصًا به، كان له أن يكسب ملكية الشيء أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة" – طبقا للخبير القانوني.
وبناءً عليه - فإن اكتساب الشخص لحق ملكية العين بطريق وضع اليد يقتضي أن تكون الحيازة مقترنة بنية التملك، بالإضافة إلى توافر باقي شروطها الأخرى من هدوء وعلنية واستمرار، حتى تنتج آثارها القانونية وتكسب الحائز الملكية بانقضاء 15 سنة، ولكن اكتساب الملكية بوضع اليد مقيد بما نصت عليه المادة 972 مدني والتى نصت على أنه – الكلام لـ"عبدالهادى":
1-"ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سندِه، فلا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته ولا الأصل الذى تقوم عليه هذه الحيازة".
2-ولكن يستطيع أن يكسب بالتقادم إذا تغيرت صفة حيازته إما بفعل الغير وإما بفعل منه يعتبر معارضة لحق المالك، ولكن فى هذه الحالة لايبدأ سريان التقادم إلا من تاريخ هذا التغيير .
وبتطبيق ذلك على عقد الإيجار، نجد أن حيازة المستأجر قائمة على مجرد الانتفاع بالعين المؤجرة دون نية تملكها، وذلك وفقا لعقد الإيجار المبرم بينه وبين المالك " المؤجر"، ومن ثم فلا يجوز له أن يحوّل صفته من مستأجر إلى مالك لمجرد مضي المدة، لأن سند حيازته "عقد الإيجار" يتنافى مع نية التملك – وعليه - فإن الإيجار لا يصلح سندًا للتملك بالتقادم، إلا إذا وقع تغيير جوهري في صفة الحيازة يتجلى فيه المستأجر بمظهر المعارض الصريح لحق المالك، وفي هذه الحالة يبدأ حساب مدة التقادم من تاريخ هذا التغيير، لا من تاريخ بدء عقد الإيجار، ومن ثم لا يجوز للمستأجر أن يغير صفته من "منتفع" إلى "مالك" بمضي المدة وحدها، لأن القانون يمنعه من تغيير سند حيازته بإرادته المنفردة – لما ورد على لسان "عبدالهادى" .
رابعا: ضرورة إثبات ملكية الأفراد لعقاراتهم الخاصة كشرط لأقامة دعاوى الطرد على المستأجرين
بالنسبة للعقارات المقامة على الأملاك الخاصة المملوكة للأفراد، تبرز إشكالية خاصة في حال عدم وجود أوراق ملكية مسجّلة، أو قيام منازعات بشأنها مع بعض الجهات كـبنك ناصر الاجتماعي أو غيره - وفي هذا المقام - تُطبق القاعدة العامة في الإثبات، ومؤداها أن : من يدّعي الملكية يتعين عليه أن يقدم سندًا صحيحًا ينهض دليلاً على هذا الحق، سواء بعقد مسجّل أو ما يقوم مقامه، ومن ثم، لا تُقبل دعاوى الطرد – سواء كانت موجهة إلى الغاصب أو المستأجر – إلا من قِبل من يثبت أنه مالك أو صاحب حق عيني على العقار محل النزاع.
الخلاصة: القانون المصرى رسم الحدود بوضوح:
أملاك الدولة: لا تُكتسب بالتقادم، ولا تؤول إلا بالتقنين وفقًا للقانون 168 لسنة 2025.
أملاك الأفراد الخاصة: يشترط لإثباتها سند ملكية صحيح ، ولا تكفى مجرد الحيازة لمخاصمة المستأجرين أو رفع دعاوى طرد .
المستأجرون بالإيجار القديم: يظلون أصحاب حق انتفاع، ولا تنقلب يدهم إلى ملكية بمرور الزمن.
ملحوظة: وبذلك نؤكد أن حماية الملكية الخاصة والعامة لا تتحقق إلا عبر احترام النصوص القانونية، بعيدًا عن الاجتهاد .