القوانين المنظمة للعلاقة بين المؤجر والمستأجر في مصر شهدت تطورات متلاحقة، سعيًا نحو تحقيق التوازن المفقود بين حق المالك في الانتفاع بملكيته وحق المستأجر في الاستقرار، ومع صدور القانون رقم 164 لسنة 2025، يأتي التشريع الجديد ليُقدم حلولًا حاسمة لبعض المشكلات التي استعصت على القوانين السابقة، إلا أن هناك العديد من المشكلات والأزمات التي تعتبر بمثابة قنابل موقوتة في القانون تحتاج إلى تفسير وطرح مختلف كى تصل إلى جموع الملاك والمستأجرين.
وتُعد المادة "7" من القانون رقم 164 لسنة 2025 محورًا رئيسيًا في هذا التغيير، حيث تُضيف أسبابًا جديدة للإخلاء لم تكن موجودة من قبل، وتُعزز من قدرة المالك على استرداد عقاره في حالات محددة، حيث إن تحليل هذا النص ليس مجرد قراءة للحروف، بل هو فهم لمنطق تشريعي يهدف إلى تحرير السوق العقاري من قيود الماضي، مع الحفاظ على حماية حقوق الأطراف، ولكن هذه المادة خلفت ورائها مشكلات عدة خاصة بالإخلاء والطرد والتسليم نقوم بطرحها خلال هذا التقرير المُفصل.
مشكلات وألغام "الإخلاء" في القانون 164 لسنة 2025
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على مشكلات الإخلاء في القانون 164 لسنة 2025 حيث أنه من المشكلات أو التساؤلات التي يثيرها تطبيق القانون 164 لسنة 2025 مشكلة الإخلاء بوجه عام، وفي هذا الصدد قرر القانون في مادته السابعة الإبقاء علي أسباب الإخلاء الواردة بالمادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 بقوله: "مع عدم الإخلال بأسباب الإخلاء المبينة بالمادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 وهي أسباب وردت في القانون علي سبيل الحصر لكنه أضاف إليها سببين جديدين – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض إبراهيم سليمان:
الأول: إذا ثبت ترك المكان المؤجر مغلقا لمدة تزيد عن سنة دون مبرر.
والثاني: إذا ثبت إمتلاك المستاجر أو صاحب حق الامتداد وحدة سكنية أو غير سكنية بحسب الأحوال قابلة للإستخدام في ذات الغرض المعد من أجله المكان المؤجر .
ملحوظة: وحال الامتناع عن الإخلاء يكون للمالك أو المؤجرة بحسل الأحوال، أن يطلب من القاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الكائن في دائرتها العقار إصدار أمر بطرد الممتنع عن الإخلاء دون الإخلال بالحق في التعريض في كان له مقتض، ومع عدم الإخلال بحكم الفقرة الثانية من هذه المادة بحق المستأجر أو من امتد اليه عقد الإيجار، بحسب الأحوال، رفع دعوى موضوعية أمام المحكمة المختصة وفقا للإجراءات المعتادة، ولا يترتب على رفع الدعوى الموضوعية وقف امر قاضي الأمور الوقتية المشار إليه – وفقا لـ"سليمان".
أسباب الإخلاء الأصلية
وبالعودة إلي أسباب الإخلاء الواردة بالمادة 18 من القانون 136 لسنة 81 نجد أنها تنحصر في – الكلام لـ"سليمان":
أ-الهدم الكلي او الجزئي المنشآت الآيله للسقوط والإخلاء المؤقت لمقتضيات الترميم والصيانة وفقا للأحكام المنظمة لذلك.
ب-عدم سداد الأجرة خلال 15 يوما من تاريخ التكليف بالوفاء مع تطبيق أحكام توقي الإخلاء بالسداد قبل قفل باب المرافعة وأحكام الإخلاء حال التكرار الامتناع عن الوفاء بالأجرة.
ج-ثبوت تنازل المستأجر عن المكان المؤجر أو التأجير من الباطن بغير إذن كتابي من المالك او ترك العين للغير بقصد الاستغناء عنها نهائيا دون إخلال بالحالات التي يجيز فيها القانون للمستأجر تأجير المكان مفروش أو التنازل عنه أو تأجيره من الباطن أو تركه لذوي القربي وفقا لأحكام المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977.
د-إذا ثبت بحكم قضائي نهائي إن المستاجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبني أو الصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب العامة.
كيفية احتساب مدة السنة؟ والمبرر من الغلق هل مقبول أم غير مقبول؟
ومعني هذا إن القانون 164 لسنة 2025 أبقي علي أسباب الإخلاء السالف بيانها، وأضاف إليها السببين الجديدين "غلق السكن مدة سنة دون مبرر" أو "امتلاك وحدة سكنية أو غير سكنية قابلة للإستخدام لذات الغرض المعد من أجله المكان المؤجر"، وبهذا لم يعد استخدام العين المؤجرة حق للمستأجر يستخدمه إن شاء أو لا يستخدمه، بل أصبح التزاما عليه ذلك الاستعمال، بحيث إذا لم يتحقق جاز الإخلاء والطرد، لكن التساؤل يعود مرة أخري عن كيفية احتساب مدة السنة؟ وهل هي سابقة علي تاريخ العمل بالقانون أم لاحقه عليه؟ وكذلك عن المبرر من الغلق إن كان مشروعا ومقبولا ومتعارف عليه أم غير ذلك مما يجيز للمالك طلب الإخلاء والطرد؟ - طبقا للخبير القانوني.
وهنا يُجيب "سليمان": والراجح عندي إن احتساب مدة السنة يكون من تاريخ نفاذ القانون، لأن القول بغير ذلك يصطدم بقاعدة اصولية ومبدأ من المبادئ الأساسية وهو عدم رجعية القوانين أو بمعني آخر عدم نفاذها علي الوقائع السابقة عليها، أما عن المبرر والمقتضي من الغلق نجد أن أحكام محكمة النقض قد استقرت علي إن الهجرة ليست سببا للإخلاء ولا يتحقق بها معني التنازل أو الترك، وأن السفر لدواعي العلم أو العمل أيضاً من المبررات المشروعة التي تستثني من حالات الغلق لمدة سنة، لأنه لا تكليف بمستحيل - وأن القول بذلك - ينافي العلة التي من أجلها وضع المشرع هذه المادة وجاء بها وهي تواجه حالات تعسف في استعمال الحق دون مبرر أو مقتضي وهو ما دعاه إلي وضع قيد مدة السنة كسبب جديد للإخلاء، وفي كل الأحوال يكون الاختصاص بنظر تلك المنازعات من اختصاص محكمة الموضوع بعد بحث ودراسة لحجج الخصوم وهو ما يخرجها بطبيعتها من اختصاص قاضي الأمور الوقتية – هكذا يقول "سليمان".
القانون ألغي الاستثناء وعاد الي الأصل العام وهو حرية التعاقد
وفي النهاية - تبقي كلمة وهي إن القانون ألغي الاستثناء وعاد الي الأصل العام وهو حرية التعاقد، لكن تبقي له مشكلات أخري تتعلق بتوفير مساكن بديله والأولوية في ذلك وأمور أخري كثيرة سوف تكشف عنها الأيام واعتقد إن الحكومة قد وضعت نفسها في مأزق بقدرتها علي توفير سكن بديل لكل حالات الإخلاء وتحقيق الأفضلية والأولوية، كما أشارت العديد من البيانات الرسمية، وما نخشاه هو ظهور حالات المحاباه والظلم التي قد تطول كثير من الأسر وهو ما لا نتمني تحققه، وأري إن الحكومة بهذا القانون عليها التزام قانوني واجتماعي وأدبي بتوفير مساكن لكل حالات الإخلاء بحسب المناسب لهم إلا من أبي ورفض وآثر السكني بطريقته الخاصة – كما جاء على لسان "سليمان".
لغم وملحوظة أخرى:
وضمن هذه الألغام الموجودة في القانون أنه لا يحتاج المالك لتصريح من المحكمة للحصول على بيانات المستأجر لديه من شركة الكهرباء طبقًا للمادة "15" من قرار وزير الكهرباء والطاقة رقم 86 لسنة 2005، حيث يحق لمالك العقار الحصول من شركة الكهرباء على بيان رسمي ببيانات التوصيلات المنفذة بعقاراتهم: "اسم المتعاقد - تاريخ التعاقد - رقم اللوحة المركبة – تاريخ التوصيل"، والبيان هذا يعتبر دليل قوي لإثبات إن العين غير مشغولة أو مغلقة، وهذا يرتبط مباشرة بالمادة "7" من قانون الإيجارات الجديد رقم 164 لسنة 2025 التى أجازت للمالك طلب طرد المستأجر إذا:-
1-ثبت ترك العين مغلقة أكثر من سنة دون مبرر.
2-أو إذا ثبت أن المستأجر يمتلك وحدة صالحة أخرى لنفس الغرض.
لغم وملحوظة جديدة:
وهناك لغم أخر أيضاً بالقانون في يوم 4 أغسطس 2025 وفي ظل إنشغال الناس بالقانون رقم 164 لسنة 2025 صدر القانون رقم 165 لسنة 2025 بتعديل وإضافة مادة للقانون رقم 4 لسنة 1996، وهذه المادة بإختصار شديد تقول لو عندي مستأجر مأجر له مكان طبقا للقانون رقم 4 لسنة 1996 "أو ما يسمي بالقانون الجديد"، والعقد إنتهت مدته، وهو رفض يخرج فمن حق المالك أنه يلجأ لقاضي الأمور الوقتية في المحكمة، ويطلب صدور أمر بطرد المستأجر لإنتهاء العلاقة الإيجارية، والقاضي ينظر الطلب ويصدر أمر فيه، وبعد صدور الأمر يقدم لقاضي التنفيذ بالمحكمة لتنفيذه دون الاخلال بالحق بالتعويض إذا كان له مقتضي.