لازالت ردود الأفعال مستمرة بشأن واقعة المصمم المصري عبد الرحمن خالد، واستخدام صور بعض الشخصيات العامة "اللاعبين" في إعلان ترويجي للمتحف المصري، حيث أثارت جدلًا واسعًا حول الحماية القانونية للصورة الشخصية، ومدى جواز استخدامها دون موافقة أو إذن أصحابها، حيث أعادت هذه الأحداث إلى الواجهة الجدل حول الحماية القانونية للصورة، ومدى ارتباط ذلك بحقوق الملكية الفكرية وغيرها، وبذلك يُعد عبدالرحمن خالد أول ضحايا الذكاء الإصطناعي في مصر، لأنه قام بعمل فيديو ترويجي عن المتحف المصري الكبير.
فقد أثار المصمم علي عبد الرحمن، جدلاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما حظي بتعاطف معه بعد توقيفه على خلفية تقديم وزارة السياحة والآثار بلاغاً ضده بسبب مقطع فيديو صممه بتقنيات الذكاء الاصطناعي للترويج لافتتاح المتحف المصري الكبير، وأثار الفيديو الذي حقق ملايين المشاهدات، وظهر فيه عدد من المشاهير من بينهم لاعب المنتخب الأرجنتيني ليونيل ميسي، ونجم منتخب مصر المحترف في نادي ليفربول الإنجليزي محمد صلاح، إلى جوار الممثلة يسرا جدلاً حول حقوق الملكية، علماً بأن عبد الرحمن نشر المقطع عبر حسابه وأكد أنه غير رسمي، وتنازلت وزارة السياحة الآثار عن البلاغ المقدم منها ضد المصمم الشاب الذي أفرج عنه بضمان محل إقامته، بوقت أثير فيه جدل وانقسام حول طريقة التعامل مع ما حدث.
الحق في الصورة الشخصية: في دائرة الحماية الدستورية والقانونية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية تتمثل في الحق في الصورة الشخصية: في دائرة الحماية الدستورية والقانونية، فهذا الموضوع ليس جديدًا، فقد أثارت الصور التي نشرها أحد الأشخاص له ولآخر من فترة جدلا قانونيا حسمته محكمة النقض بتقرير الحماية القانونية للصورة الشخصية وتقرير التعويض عن الأضرار المترتبة عن خرق هذا الحق والاعتداء عليه، كما كفل القانون والدستور المصري حرمة الحياة الخاصة للأفراد، وجرم التعدي عليها - بحسب الخبير القانوني والمحامى صالح جمال عمار.
الحماية القانونية والدستورية للصورة الشخصية
في البداية - تستند هذه الحماية إلى الشريعة الإسلامية، التي حرمت التجسس على الأشخاص أو التعدي على شؤونهم، سواء كانوا أشخاصًا عاديين أو شخصيات عامة أو ذوي مناصب، وقد كفل الدستور هذه الحماية القانونية، كما قررت القوانين المختلفة عقوبات متعددة لتسجيل المكالمات أو التقاط الصور والفيديوهات ونشرها دون علم أو إذن أصحابها، لأن للحياة الخاصة حرمة مصونة، والفيديو اُستخدم فيه صور تم تحريكها بالذكاء الاصطناعي لشخصيات عالمية مثل محمد صلاح وميسي، والسواد الأعظم من رواد مواقع التواصل الإجتماعى دتخل مصر وخارجها بدأت تتعامل مع الفيديو كأنه اعلان رسمي حكومي، واليوم الشاب "عبد الرحمن" يُعد أول ضحايا الـ AI في مصر ويمكن في العالم – وفقا لـ"عمار".
وعلى ذلك - وكما يقرر الدكتور حسام الدين الأهواني، في كتابه "الحق في احترام الحياة الخاصة – الحق في الخصوصية"، فلا يجوز نشر صورة شخص أو نسخ منها دون ترخيص من صاحب الصورة إما باتفاق سابق أو بإذن لاحق، وأساس ذلك من الناحية القانونية والإنسانية أن للإنسان على ملامحه وشكله حقاً فلا يجوز تصويره إلا بإذنه، وهذه أحد حقوق الشخصية القانونية للشخص الطبيعي – الكلام لـ"عمار".
نستعرض فيما يلي الحماية القانونية والدستورية للصورة الشخصية – هكذا يقول "عمار":
1-الدستور المصري:
نصت المادة 57 من الدستور على أن "للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس". وأكدت على أن وسائل الاتصال المختلفة لها حرمة وسرية مكفولة، ولا يمكن الاطلاع عليها أو مراقبتها إلا بأمر قضائي مسبب.
2-قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018:
نصت المادة 25 من هذا القانون على عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من "انتهك حرمة الحياة الخاصة أو قام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بأي وسيلة من وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة" – طبقا لـ"عمار".
3-قانون العقوبات:
نصت المادة 309 مكرر من قانون العقوبات على معاقبة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن بالحبس لمدة لا تزيد عن سنة، وذلك إذا قام بأحد الأفعال التالية دون إذن قانوني أو رضا المجني عليه:
أ-التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة صورة شخص في مكان خاص.
ب-أشرف السمع أو سجل أو نقل محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق الهاتف.
ج-كما أن المادة 309 مكرر (أ) عاقبت بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل تسجيلًا أو مستندات تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة دون رضا صاحب الشأن.
4-قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018:
فرض هذا القانون بعض القيود على وسائل النشر والبث، وجرم التعرض للحياة الخاصة للمواطنين أو المشتغلين بالعمل العام، إلا إذا كان ذلك وثيق الصلة بأعمالهم ويستهدف المصلحة العامة، كما نصت المادة 20 منه.
5-قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002:
يُعد هذا القانون من أهم القوانين التي تتناول بالتنظيم حماية الصورة الشخصية. فقد نصت المادة 178 على أنه "لا يحق لمن قام بعمل صورة لآخر أن ينشر أو يعرض أو يوزع أصلها أو نسخًا منها دون إذنه...".
رأى محكمة النقض في الإشكالية
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل تلك الإشكالية في الطعن المقيد برقم 9542 لسنة 91 قضائية، الصادر بجلسة 16 مارس 2022، والذى أكدت في حيثياته على حماية الحق في الصورة، وعلى الحماية القانونية للصور الشخصية في أحد أحكام المبادئ الهامة، والذي تضمن عدة مبادئ بخصوص الملكية الفكرية، وتصوير الأشخاص: حق نشر وعرض وتداول الصور. منها:
1-عدم جواز نشر أي صورة التقطت لشخص إلا بإذنه، أما الاستثناء هنا كون الشخص ذو صفة رسمية أو عامة أو يتمتع بشهرة محلية أو عالمية أو سمحت بهذا النشر السلطات العامة المختصة خدمة للصالح العام، ولكن شرطه ألا يترتب عرض الصورة مساس بشرفه أو بسمعته أو اعتباره.
2- القيام بنشر أو عرض أو توزيع صورة دون إذن صاحبها يكون مؤداه ارتكاب خطأ في حقه، أما إثبات ترتب ضرر مادي وأدبي عن ذلك الخطأ يكون أثره إلزام مُلتقط الصورة بالتعويض.
خلاصة عملية للمحامين:
إن الحماية القانونية للصور الشخصية في مصر هي حماية شاملة، سواء على المستوى الدستوري أو الجنائي أو المدني، وتتكامل النصوص القانونية المختلفة لتوفير حماية قوية ضد أي انتهاك لهذا الحق، لذلك، يجب على المحامين الانتباه إلى النقاط التالية:
1-الأصل هو عدم جواز الاستخدام: القاعدة الأساسية هي عدم جواز استخدام الصورة الشخصية لشخص آخر دون موافقته الصريحة.
2-الاستثناءات مقيدة: الاستثناءات الواردة في القوانين، مثل استخدام صور الأشخاص ذوي الشهرة أو المناصب العامة، مقيدة بشروط صارمة، أهمها أن يكون الاستخدام بهدف المصلحة العامة، وألا يترتب عليه أي مساس بالشرف أو السمعة.
3-التعويض القانوني: في حالة الانتهاك، يحق للمتضرر اللجوء إلى القضاء الجنائي والمدني للمطالبة بالعقوبة الجنائية "حبس أو غرامة" والتعويض المدني عن الأضرار التي لحقت به.
4-استنادا للقواعد العامة في المسئولية والتي تلزم كل من ارتكب خطأ أصاب غيره بالضرر بتعويض هذا الضرر، والضرر ما لحقه من خسارة وما فاته من كسب، ويشمل الضرر المادي والمعنوي.
5-إن فهم هذه النصوص وتطبيقها بشكل دقيق يساعد المحامي على تقديم المشورة القانونية الصحيحة لعملائه، ويحميهم من أي انتهاك محتمل لحقوقهم في الحياة الخاصة والصورة الشخصية.