الإثنين، 18 أغسطس 2025 02:39 ص

المواطن يصور والداخلية تتحرك.. الفيديوهات أداة لضبط الأمن.. الهاتف تحول لسلاح ردع: "اللى هيغلط هيتصور".. خبراء أمنيون: الفيديوهات فرضت انضباطا جديدا فى الشارع وإشادة بصفحة وزارة الداخلية على مواقع التواصل

المواطن يصور والداخلية تتحرك.. الفيديوهات أداة لضبط الأمن.. الهاتف تحول لسلاح ردع: "اللى هيغلط هيتصور".. خبراء أمنيون: الفيديوهات فرضت انضباطا جديدا فى الشارع وإشادة بصفحة وزارة الداخلية على مواقع التواصل ضبط متهم بعد تصويره
الأحد، 17 أغسطس 2025 10:00 م
كتب محمود عبد الراضي
أصبح توثيق الشارع المصري اليوم مهمة لا تقتصر فقط على أجهزة الأمن، بل يشارك فيها المواطنون أنفسهم، من خلال هواتفهم المحمولة وكاميرات المراقبة المنتشرة في كل مكان.
 
هذه الوسائل لم تعد مجرد أدوات شخصية أو أمنية، بل تحولت إلى عنصر فاعل في دعم الجهود الأمنية وكشف الجرائم والمخالفات، وهو ما تترجمه وزارة الداخلية بسرعة لافتة في الفحص والرصد والضبط.
 
في الأيام الأخيرة، تكررت مشاهد قيام مواطنين بتصوير وقائع مخالفة للقانون، أو حتى حوادث عادية تحولت لاحقًا إلى قضايا رأي عام، بفضل سرعة التفاعل من الجهات الأمنية، وعلى رأسها وزارة الداخلية.
 
هذه الفيديوهات، سواء التُقطت بكاميرا هاتف عابر طريق أو عبر كاميرات مراقبة خاصة أو عامة، أصبحت بمثابة "عين إضافية" تساعد الأمن على كشف الملابسات وتعقب الجناة.
 
ومن أبرز هذه الوقائع، حادث معاكسة فتاتين بطريق الواحات، الذي لم يكن ليلقى هذا القدر من التفاعل لولا تداول فيديو يوثق الحادث، ويظهر فيه مجموعة من الشباب يضايقون فتاتين بسيارتهم، ما أدى إلى حادث مأساوي لاحقًا.
الفيديو حرك الرأي العام بسرعة، حيث تم تحديد السيارة وضبط المتهمين خلال ساعات قليلة.
 
كذلك أثار مقطع فيديو آخر لسائق توك توك يمارس البلطجة ويهدد المارة موجة غضب واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وعُرف إعلاميًا بلقب "شهاب بتاع أرض الجمعية". الفيديو لم يمر مرور الكرام، وسرعان ما تحركت أجهزة الأمن وضبطت المتهم، ونشرت الوزارة بيانًا رسميًا حول الواقعة، لتؤكد على مبدأ عدم التهاون مع أي تجاوز.
 
هذه الوقائع وغيرها، أكدت على أن المواطن لم يعد متفرجًا أو ناقلًا سلبيًا للأحداث، بل أصبح جزءًا من المعادلة الأمنية، وأداة فعالة في توثيق الانتهاكات والمخالفات.
 
من جهتها، تتعامل وزارة الداخلية مع هذه الفيديوهات بجدية كبيرة، حيث يتم فحصها والتأكد من صحتها، ثم تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة، ما يمنح المواطنين شعورًا بأن صوتهم مسموع، وأن مشاركتهم لا تذهب هدرًا.
 
ردود الفعل الشعبية على أداء وزارة الداخلية في هذا الملف كانت واضحة، كثير من التعليقات على البيانات الرسمية المنشورة عبر الصفحة الرسمية للوزارة تشيد بسرعة التفاعل والجدية في التعامل مع ما يُنشر على وسائل التواصل.
 
البعض يعتبر أن هذه الطريقة من أكثر أساليب الردع فاعلية، إذ أنها تبث رسائل مباشرة لمن تسوّل له نفسه الخروج على القانون، بأنه تحت الرقابة حتى وإن ظن أن لا أحد يراقبه.
 
اللواء خالد الشاذلي، الخبير الأمني، قال في تصريحات صحفية لـ"اليوم السابع" إن وجود كاميرات في كل مكان جعل من الصعب على أي شخص ارتكاب مخالفة دون أن يتعرض للرصد والتوثيق.
 
وأضاف أن المواطنين أصبحوا أكثر وعيًا بدورهم في دعم الأمن، وهذا ساهم في تعزيز منظومة الردع العام، وقلل من حجم التجاوزات اليومية.
 
وأشار الشاذلي إلى أن كثيرًا من الأشخاص باتوا يخشون الإقدام على أي سلوك غير قانوني في الشارع، ليس فقط بسبب العقوبة، بل خوفًا من أن يتم تصويرهم ونشر الفيديو الذي قد ينتشر خلال دقائق، ويؤدي إلى ضبطهم فورًا.
 
من جانبه، أشاد اللواء الدكتور أحمد كساب، الخبير الأمني، بدور وزارة الداخلية في هذا السياق، مؤكدًا أن هناك جهدًا مميزًا يبذل في رصد هذه الوقائع والتعامل معها بسرعة واحترافية.
 
وأوضح أن هذا النوع من الاستجابة السريعة لا يحقق فقط العدالة، بل يخلق نوعًا من الطمأنينة في نفوس المواطنين، ويؤكد أن هناك جهازًا أمنيًا حاضرًا ومتفاعلًا مع ما يحدث في المجتمع، وهو ما يحقق الردع العام المطلوب.
 
التحول الذي طرأ على العلاقة بين المواطن والأجهزة الأمنية، خاصة عبر أدوات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، يعد أحد أبرز مؤشرات تطور الأداء الأمني في مصر حيث لم تعد البلاغات التقليدية هي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحقيقة، بل أصبحت "الفيديوهات" هي لغة العصر التي يفهمها الجميع، وتحظى بقبول شعبي ومؤسسي في آن واحد.
 
ما يحدث اليوم هو حالة توازن دقيقة بين الإعلام الجديد والعمل الأمني، أوجدت حالة من الرقابة المجتمعية الطوعية، وأسست لشكل جديد من الشراكة بين المواطن والدولة.
 
وفي ظل هذا الواقع، يبدو أن مجرد إخراج الهاتف لتوثيق مشهد مخالف، قد يكون كافيًا لردع كثيرين، وهو ما ينعكس في النهاية على الشعور العام بالأمان والانضباط.

 


print