في ظل تصاعد المخاوف الأمنية من تمدد الجماعات المتطرفة، تسارع دول أوروبية كبرى إلى فرض قيود صارمة على جماعة الإخوان، المصنفة إرهابية في عدة دول، وذلك بعد صدور تقارير أمنية وتحقيقات استخباراتية حذّرت من تغلغل الجماعة داخل المجتمعات الأوروبية تحت غطاء الجمعيات والمراكز الثقافية والدينية.
تشير الوثائق الرسمية إلى أن الجماعة تتبنى استراتيجية "التمدّد الهادئ"، عبر إنشاء شبكات دعوية وتعليمية تستهدف الفئات الهشة والمهمّشة، بما يهدد القيم الديمقراطية والتماسك الاجتماعي، وفق ما أكده تقرير سري صادر عن الرئاسة الفرنسية (الإليزيه).
فرنسا في طليعة المواجهة: تشريعات مرتقبة و"حرب فكرية" شاملة
تتصدر فرنسا واجهة المواجهة، حيث كشف تقرير حكومي أن الجماعة على صلة بـ139 مسجدًا، و21 مدرسة، و280 جمعية، معظمها يعمل تحت مظلة منظمات محلية مثل "مسلمو فرنسا".
الرئيس إيمانويل ماكرون أعلن عن حزمة جديدة من الإجراءات الرادعة، تشمل ، مراقبة تمويل الجمعيات والمراكز التعليمية، وإعداد مشروع قانون لسد الثغرات القانونية بحلول نهاية الصيف، وإدراج خطة وطنية لتدريب الأئمة محليًا وتقليل الاعتماد على تمويل خارجي.
ووصف تقرير نشرته صحيفة لاراثون الإسبانية الجماعة بأنها "تهديد حقيقي للتماسك الوطني"، خصوصًا في الضواحي والمناطق الحضرية المهمشة، حيث تنشط الجماعة عبر شبكاتها الدعوية والاجتماعية.
إسبانيا تتحرك: كتالونيا في قلب الخطر.. وعمليات أمنية موسعة
تُعد إسبانيا من أبرز الدول التي صعّدت تحركاتها مؤخرًا ضد خلايا الإخوان، خاصة في إقليم كتالونيا. ووفقًا لتقرير صادر عن المرصد الدولي لدراسات الإرهاب، فإن الجماعة تدير خمسة مراكز رئيسية في البلاد، تتمركز في كتالونيا وفالنسيا، وتُعد برشلونة نقطة تركيز أساسية.
وسجلت الأجهزة الأمنية 14عملية أمنية في برشلونة من أصل 49 عملية على مستوى إسبانيا خلال عام 2025، وكلها مرتبطة بنشاطات متطرفة، واعتبرت الصحافة الإسبانية أن هذه الأرقام تمثل تصعيدًا ملحوظًا مقارنة بعامي 2023 و2024.
كما حذر المعهد الوطني للإحصاء من استغلال الجماعة للبنية الاجتماعية لنشر الفكر المتطرف، في إطار خطط ممنهجة تهدد الأمن القومي.
البرلمان الأوروبي يتحرك
وفي تطور لافت، يناقش البرلمان الأوروبي مقترحًا رسميًا لفتح تحقيق شامل حول نشاط الإخوان داخل دول الاتحاد، وسط دعوات لوقف التمويل الأوروبي غير المباشر لمنظماتها الفرعية.
ويدرس البرلمان فرض قيود على عمل هذه الكيانات بعد ظهور شبهات حول دورها في التأثير السياسي والاجتماعي بما يتعارض مع القيم الأوروبية.
تحركات أوروبية أوسع.. مراجعة قوانين وتمويل خارجي تحت المجهر
كما بدأت كلا من بلجيكا والسويد فى مراجعات أمنية شاملة لتحديد مستوى تغلغل الجماعة فى المجتمع المدنى والمؤسسات التعليمية.
أما النمسا وهولندا فتتخذ كلا منهما إجراءات صارمة ضد المحتوى التعليمي والشعارات المرتبطة بالإخوان، تشمل المراقبة والمداهمات.
وقال الباحث الأمني لورينزو فيدينو إن الجماعة تتبع استراتيجية "التسلل القانوني الهادئ"، مستخدمة مؤسسات شرعية ظاهرًا لتحقيق أهداف أيديولوجية.