والواقع والحقيقة يؤكدان أن إذا لم التصديق على قانون الايجار القديم، يجوز لكل مالك رفع أو إقامة دعوى لزيادة الأجرة استنادا لحكم الدستورية، ووقتها سيحدد القاضي الأجرة العادلة دون أن يكون فيها مغالاة، لكن لا يجوز للمالك أن يطلب إنهاء العقد استنادا لحكم الدستورية كما يروج البعض، وكذلك إذا مر الـ30 يوما على مشروع القانون دون التصديق عليه يُعد موافقة عليه طبقا للقانون حيث جرى نص المادة 123 من دستور 2014 وتعديلاته على أن: "يصدر رئيس الجمهورية القوانين خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إرسالها إليه، فإذا لم يصدرها وتُعاد إلى مجلس النواب بأسباب الرفض خلال هذه المدة، اعتُبرت قانونًا وأُصدرت".
وبالفعل بعد مرور 30 يوماً يعتبر القانون صدر طبقا للقانون والدستور، ولكنه لن يكون نافذا لأنه يشترط أيضا النشر في الجريدة الرسمية ولا يكفي الإصدار ومن الناحية الواقعية إذا لم يتم التصديق على القانون صراحة لا يتم نشره، والدليل على ذلك أن قانون الإجراءات الجنائية وافق عليه البرلمان في 29 أبريل الماضي أي من عدة أشهر ومع ذلك لم ينشر ولم ينفذ، وتمر عملية التصديق من رئيس الجمهورية بعدة خطوات وفقًا للدستور المصري، وتحديدًا المادة (123) من دستور 2014 وتعديلاتها:
الخطوات الدستورية لتصديق رئيس الجمهورية على القانون:
1. موافقة مجلس النواب على مشروع القانون بالأغلبية اللازمة (عادة الأغلبية البسيطة، أو الثلثين في بعض الحالات الخاصة).
2. إرسال مشروع القانون إلى رئيس الجمهورية فور اعتماده من المجلس.
3. يكون أمام رئيس الجمهورية مهلة قدرها ثلاثون يومًا (30 يومًا) من تاريخ تسلمه مشروع القانون، لتوقيعه والتصديق عليه.
4. إذا لم يوقعه الرئيس خلال هذه المهلة:
يُعدّ القانون نافذًا بقوة الدستور، ويُنشر في الجريدة الرسمية كقانون ساري.
5. إذا اعترض رئيس الجمهورية على القانون:
عليه أن يرده إلى المجلس خلال 30 يومًا مشفوعًا بأسباب الاعتراض.
ملحوظة: إذا أعاد المجلس إقرار القانون بأغلبية ثلثي أعضائه، وجب إصداره ونشره، حتى ولو لم يوقعه الرئيس، فقد نص المادة 123 من الدستور المصري: "يصدر رئيس الجمهورية القوانين خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إرسالها إليه، وإذا اعترض رئيس الجمهورية على مشروع قانون أقره مجلس النواب رده إليه خلال هذه المدة، فإذا أعاده المجلس وأقره مرة أخرى بأغلبية ثلثي أعضائه، وجب إصداره".
الأزمة بين المالك والمستأجر من البداية
وفى هذا الإطار – تؤكد "روابط المؤجرين": تمنينا كمُلاك أن يظل العقد شريعة المتعاقدين لكن للأسف الدولة تدخلت، ونسفت مبدأ حرية التعاقد من جذوره، وهذا بدأ من أول قانون 121 لسنة 1947 الذى صدر بعد الحرب العالمية الثانية وفرض أول تخفيض في الأجرة على المساكن القديمة وثبت القيمة الإيجارية دون أي زيادات مستقبلية وأسس لفكرة تدخل الدولة في العلاقة الخاصة بين المالك والمستأجر، وذلك كان أول مسمار في نعش تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، وبعدها صدر القانون 55 لسنة 1958 الذى أنشأ لجان تقدير القيمة الإيجارية، والتى كانت تحسب الإيجار بنسبة من تكلفة البناء وليس حسب الموقع أو القيمة السوقية، وهذا جعل المالك مربوط بلجان تعطى سعر لا يعبر عن الواقع ونسف مبدأ العقد شريعة المتعاقدين.
وبحسب "روابط المؤجرين": وفي سنة 1965 جاء القانون رقم 7 الذى جمد الأجرة بالكامل ومنع المالك من طلب أي إعادة تقدير للإيجار مهما حصل من تضخم للعملة أو ارتفاع للأسعار، وكان المالك يرى الأسعار تزيد كل يوم وهو ممنوع حتى من طلب التعديل، ثم جاءت الأزمة الكبرى في قانون 49 لسنة 1977 الذى نصت فيه المادة 8: على أن المالك لابد من أن يؤجر وحدته خلال 4 شهور من بنائها أو إخلائها وإلا المحافظة تؤجرها غصباً عنه بل ويُحبس أو يُغرم لو رفض التنفيذ، وهذا معناه إنه ليس هناك رضا أصلا من البداية، وتحول حق التصرف في الملكية الخاصة من المالك للدولة وعقوبة لمن يمتنع عن إيجار بيته الخاص، ما أعتبره القانونين وقتها قانون فيه عدوان على الملكية التي يصونها الدستور ويحميها في المادة 35.
القانون 136 لسنة 1981
ووفقا لـ"روابط المؤجرين": واستمرت القوانين في التضييق حتى تم سن القانون 136 لسنة 1981 ووسع الامتداد القانوني ليشمل الزوجة والأبناء وفي بعض الحالات الأحفاد، وأقر إن العقد يمتد تلقائيا حتى وفاة آخر مستفيد مقيم يعني امتداد أبدي لعقد المفروض إنه مؤقت بحسب طبيعته، وذلك يخالف المادة 92 من الدستور التى تمنع المساس بالحقوق الأساسية ومنها حرية التعاقد وحق الملكية، وطوال السبعينات والثمانينات والتسعينات كانت الدولة تصدر قرارات بتثبيت الأجرة، وتجريم المطالبة بالخلو، وتجريم الامتناع عن التأجير، وجعلت مجرد بلاغ كاذب من مستأجر كفيل بسجن المالك، وكل ذلك باسم السلم الاجتماعي الذى فعليا كرس طبقية قانونية لصالح المستأجر ضد المالك.
وتضيف "روابط المؤجرين": وفي 2002 صدر تعديل للقانون خلى الامتداد لأولاد المستأجر فقط بشرط الإقامة، لكن للأسف هذا التعديل جمد وضع الملاك ولم ينصف الجيل الأول من ورثة المالك الذين اتمنعوا حتى من حقهم في الميراث الشرعي لعقارات أهلهم، لأن المستأجر امتد له العقد بدون اتفاق جديد ولا عقد ولا رضا ولا حتى معرفة، وفي النهاية المالك الذى كتب عقد سنة 1958 لمدة سنة واحدة توفى والمستأجر توفى، والذى يسكن حالياً حفيد المستأجر ولا أحد يعرفه ولا يوجد بينه وبين المالك الحالي أي عقد ولا اتفاق ولا رضا والمالك ممنوع يدخل شقته أو حتى يسأل مين الذى يقطن فيها والساكن يذهب للمحكمة يودع 30 جنيه كأنه يتفضل على صاحب البيت.
مُعاناة الملاك منذ القدم
وتابعت: والمستأجر يتحدث عن خلوات وأراضي بـ"بلاش"، ودعم في مواد البناء وبيوت على الطوب، والمالك كان يقوم بتبخيرها من أجل تأجيرها للإستفادة منها، وهذه كلها أكاذيب وتضليل، والقانون يقول بغير ذلك لأن المادة 8 من قانون 49 لسنة 77 كانت تجبر المالك على التشطيب والتأجير غصباً عنه، ولو لم يفعل ذلك المحافظة تدخل وتأجر وتعاقبه، وفي الحقيقة الذى حدث إن المالك أُجبر على تأجير شقته دون رضا وبأجرة مجحفة ولمدة غير محددة وبدون حق في إنهاء العلاقة ومع مرور الزمن أصبح المستأجر هو الذى يورّث والمالك محروم من الميراث والعدالة والدستور، ومع كل ذلك يخرج المستأجر ليردد القاعدة: "العقد شريعة المتعاقدين"، ولكن يبقى السؤال أين العقد من الأساس؟ أين الرضا؟ أين التوازن؟ أين الطرفين؟ حيث أن العقد أصبح له طرف واحد وليس طرفين، وهذا الطرف هو صاحب المكتسبات ويتحكم ويورث وكأنها ملكية له وليست ملكاً لغيره، والحل ليس في مساكنة أكثر الحل في عودة الحق لأصحابه ورفع الظلم الذى بلغ 75 سنة بحماية قانونية باطلة ثبت عدم دستوريتها مرارًا.
مسألة "إنهاء العلاقة الأبدية" تحت ستار الدين والتشريعات:
فيما ترى "روابط المستأجرين": مع كامل الاحترام لكل من يطرح رؤى واجتهادات شخصية، نقول لهم ليست كل فتوى صالحة لكل زمان ومكان، ولا كل تشريع يُطرح تحت وطأة أزمة اقتصادية أو ضغوط سياسية يُعتبر "عدلاً مطلقًا"، وهنا علينا أن تطرق لتحليل الأمر كالتالى:
أولًا: المستأجر لا يأكل "سُحتاً"
المستأجر في الإيجار القديم ليس "سُحتًا" ولا آكلًا لأموال الناس بالباطل كما يُروج البعض، بل هو مواطن عاش ظروفًا تاريخية استثنائية، استأجر وحدة بموجب عقد شرعي وقانوني، في ظل قوانين طُبقت على الجميع، وارتبطت مصالح الناس بها لعقود طويلة، والبائع حينها "المالك" أو المؤجر قَبِل بهذه العلاقة وبـ"مقدم الإيجار" و"الشروط" بإرادته.
ثانيًا: الدولة ليست ساحة "تصفيات حسابات"، بل هي دولة قانون ومجتمع يعاني:
• 45% من الأسر المصرية تحت خط الفقر أو قريبة منه وفق تقارير محلية ودولية.
• موجة غلاء الأسعار التي التهمت دخول الملايين.
• ارتفاع أسعار الإيجارات الجديدة بشكل جنوني.
• البطالة وعدم توافر سكن بديل للطبقات البسيطة.
ثالثًا: التشريع العادل هو الذي يراعي ظروف الواقع وليس أحلام البعض:
القانون الذي يُطلب تمريره الآن، قد يناسب طبقة معينة، لكنه قد يُشرد آلاف الأسر التي لا تجد قوت يومها، فكيف تطلب منها أن تجمع عشرات الآلاف في شهور معدودة للانتقال لسكن جديد؟ وهل المطلوب أن نُخرج البسطاء للشارع بحجة "استرداد الحقوق"؟
رابعًا: إذا كان المالك له حقوق، فالدولة مسؤولة عنه:
• بدعم صيانة العقارات.
• بفرض ضريبة عادلة تُخصص لدعمه.
• بإنشاء صندوق خاص لحل أزمة الإيجارات.
ملحوظة: أما أن تُلقى الأزمة في وجه الشعب وحده، فهذا ليس عدلًا بل "تصعيد اجتماعي خطير".
خامسًا: ليس كل من يختلف معك "مهيجًا للرأي العام"
بل من حق كل مواطن أن يُعبر عن رفضه للقوانين التي تهدد استقراره المعيشي، وهذه ليست "تهييجًا"، بل ممارسة لحق دستوري أصيل.
ختامًا تقول "روابط المستأجرين": كفاكم بيع أوهام تحت ستار الدين أو المصلحة العامة، واذكروا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لست بخب، ولا الخب يخدعني"، والخبّ هو الشخص الماكر الخبيث المخادع - ومعنى كلام عمر ببساطة – "أنا لست خبيثًا ولا ماكرًا، لكني أيضًا لست ساذجًا يُخدع أو يُستغفل"، يعني معنى كلام عمر بن الخطاب: "أنا واضح وصادق، لكن لست غبي ولا بسيط لدرجة أن يخدعنى المفكرون".