الإثنين، 14 يوليو 2025 10:19 ص

الإيجار القديم بين الواقع والمأمول.. قانونيون: لابد من اتباع منهج تدريجى يشمل 6 عناصر.. والمعالجة لا تقتصر على النصوص القانونية.. ووضع الأبعاد الاجتماعية والإنسانية بعين الاعتبار..ورئيس نادى القضاة السابق يُعلق

الإيجار القديم بين الواقع والمأمول.. قانونيون: لابد من اتباع منهج تدريجى يشمل 6 عناصر.. والمعالجة لا تقتصر على النصوص القانونية.. ووضع الأبعاد الاجتماعية والإنسانية بعين الاعتبار..ورئيس نادى القضاة السابق يُعلق إيجارات - أرشيفية
الأحد، 13 يوليو 2025 08:00 م
كتب علاء رضوان

ما زالت حالة الترقب مستمرة داخل الشارع المصرى حول مسألة التصديق على قانون الإيجار القديم من عدمه، في ظل توالى حروب التصريحات من روابط المُلاك والمستأجرين، حيث يُعد قانون الإيجار القديم أحد أبرز القضايا القانونية والاجتماعية المُثارة في المجتمع، وترتبط به شكاوى متكررة من الملاك وشعور بالظلم المزمن بسبب استمرار عقود إيجار ثابتة منذ عشرات السنين بأسعار رمزية، بينما ترتفع أسعار العقارات والخدمات بشكل كبير، وفي المقابل، يخشى المستأجرون من التهديد بفقدان مساكنهم في حال تعديل القانون دون مراعاة أوضاعهم الاقتصادية.

وقانون الإيجار القديم يبدأ تطبيقه رسميًا اعتبارًا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وذلك بعد التصديق عليه من رئيس الجمهورية، وأنَّ العمل به سيكون ساريًا على مستوى الجمهورية، كما أنَّ القانون الجديد حال التصديق عليه سيُطبق بشكل خاص على المناطق القديمة التي تضم عقارات وإيجارات تجارية قائمة منذ عقود، مثل تلك المُبرمة في ستينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى جميع العقارات المُشيّدة قبل 30 يناير 1996، كما أنه حال التصديق عليه سيلغي تلقائياً التشريعات السابقة، وهي قوانين عامي 1977 و1981.  

 

548875-548875-548875-548875-333

 

الإيجار القديم بين الواقع والمأمول

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على الإيجار القديم بين الواقع والمأمول، خاصة أن الهدف هو تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بشكل أكثر عدالة، إلا أن هناك تفاؤلا بشكل كبير من قبل المستأجرين بعدم التصديق على القانون، حيث أن حكمين للمحكمة الدستورية، تُقر الامتداد لجيل واحد بعد المستأجر من قرابة درجة أولي ومقيم معه، وهما حكم 2002 وحكم 2011 - بينما - حكم المحكمة الدستورية في 2024 يتطرق لدستورية "زيادة الإيجارات فقط"، دونما تعرض للامتداد، لأن هذا محسوم في الحكمين السابقين في 2022 و2011.

 

وفى هذا الإطار – يقول الخبير القانوني والمحامى الدكتور نشأت إبراهيم - ومن هنا، تنشأ معادلة صعبة تتطلب حلولًا متوازنة تحقق العدالة الاجتماعية وتحترم حقوق الملكية وحماية الملكية الخاصة وحق السكن فى الدستور المصرى مواد (33 ، 35 ، 78) الباب الثانى (المقومات الأساسية للمجتمع) الفصل الثانى المقومات الإقتصادية، والباب الثالث (الحقوق والحريات والواجبات العامة)، فالإيجار القديم في القانون المصري من القضايا الشائكة التي أثارت الكثير من الجدل لسنوات طويلة، حيث ترتبط بحقوق كل من الملاك والمستأجرين، وهذه المشكلة تتعلق بعقود إيجار قديمة غالبًا ما تعود إلى ما قبل صدور قوانين تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، وتتميز بأنها توفر إيجارات زهيدة للمستأجرين وتمنحهم حق الامتداد القانوني للعقد، مما يُعدّ إجحافًا بحقوق الملاك.   

 

636351-ججججيي

 

الجوانب القانونية لقانون الإيجار القديم

 

وبحسب "إبراهيم" في تصريح لـ"برلماني": فالجوانب القانونية لقانون الإيجار القديم، ويرجع أصل المشكلة إلى قوانين تم سنّها في القرن الماضي، خاصة في أعقاب الحروب والأزمات الاقتصادية، والتي هدفت إلى حماية المواطنين من جشع الملاك والغلاء، فتم تجميد القيمة الإيجارية، وسمح القانون بامتداد العلاقة الإيجارية إلى الورثة، ما حوّل العلاقة التعاقدية إلى علاقة شبه دائمة من خلال قانون الإيجار القديم رقم 49 لسنة 1977م، إلا أن الخوفً من العواقب الاجتماعية والأبعاد الاقتصادية سببا فى عدم إتخاذ قرار فى تلك المشكلة.

ووفقا لـ"إبراهيم": وينعكس بقاء قانون الإيجار القديم سلبيًا على الاقتصاد بشكل عام من خلال تجميد ثروة عقارية ضخمة لا يتم استغلالها اقتصاديًا، وعزوف المستثمرين عن الاستثمار في سوق العقارات الإيجارية بسبب غياب عوائد عادلة، وفجوة كبيرة بين القيمة السوقية للعقارات والقيمة الفعلية للإيجار، وفي الوقت ذاته، فإن تحرير العلاقة الإيجارية دون ضوابط قد يؤدي إلى زيادات ضخمة في الإيجار تُخرج آلاف الأسر من مساكنها، مما يهدد بالاضطرابات الاجتماعية.   

 

385898409_6781493328631683_8506810625374509042_n

الخبير القانوني والمحامى الدكتور نشأت إبراهيم 

 

6 عناصر لابد أن يرتكز عليها قانون الإيجار القديم

 

ويضيف الخبير القانوني: فالمستأجرون في ظل القانون القديم ينتمون في كثير من الأحيان إلى الفئات محدودة الدخل، التي لا تستطيع دفع إيجارات السوق الحر، خاصة كبار السن والمتقاعدين، لذا، فإن أي تعديل في القانون يجب أن يُراعي هذه الطبقات، ويُجنّبها التشريد أو الإخلاء القسري، فالطريق نحو الحل يجب وضع رؤية متوازنة لحل أزمة الإيجار القديم، لذلك لا بد من اتباع منهج تدريجي عادل يشمل ما يلي:

 

1- إعادة تقييم العقود القديمة. 

2- ورفع الإيجار تدريجيًا بنسبة سنوية مقننة. 

3- مع استثناء الحالات الاجتماعية والإنسانية من التطبيق الفوري للقانون. 

4- ويجب إطلاق صندوق لدعم الإيجار للفئات غير القادرة، تموله الدولة أو تُشارك فيه منظمات المجتمع المدني والبنوك الوطنية. 

5- وإعطاء فرصة للتفاوض المباشر بين المالك والمستأجر، تحت إشراف الدولة. 

6- وسن قانون جديد يُنهي الامتداد غير المنضبط للعقود ويُعطي لكل طرف حقه دون انتقاص. 

 

20240228025600560

 

وتابع "إبراهيم": ويبقى قانون الإيجار القديم قضية شائكة تحتاج إلى معالجة جذرية، لا ترتكز فقط على النصوص القانونية، بل تنظر بعين الاعتبار إلى الأبعاد الاجتماعية والإنسانية، فالتوازن بين حقوق المالك وكرامة المستأجر هو الطريق نحو عدالة حقيقية، واستقرار مجتمعي واقتصادي دائم، لذلك يجب وضع توصيات بشأن قانون الإيجار القديم من خلال وضع إعادة التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية وتعديل العقود القديمة بما يحقق التوازن بين المالك والمستأجر، من خلال رفع تدريجي للقيمة الإيجارية بما يتناسب مع معدلات التضخم وقيمة العقار الفعلية، وتطبيق الزيادة بنسب محددة على فترات زمنية متدرجة، وحماية الفئات الضعيفة واستثناء الحالات الاجتماعية الخاصة كالمتقاعدين وذوي الدخل المحدود من التطبيق الكامل لتعديلات القانون، وتقديم دعم حكومي لهم أو إيجاد بدائل سكنية مدعومة، وإنشاء قاعدة بيانات لحصر المستأجرين من الفئات الأكثر احتياجًا وتقديم إعانات لهم لتغطية فروقات الإيجار الجديدة. 

 

عدم الطرد للمستأجرين ووضع خطة زمنية لإلغاء عقود الإيجار القديمة

 

مع عدم الطرد للمستأجرين ووضع خطة زمنية لإلغاء عقود الإيجار القديمة بشكل تدريجي وليس فجائيا، حتى لا يؤدي ذلك إلى تشريد الأسر، والسماح بتجديد العقود بشروط جديدة لفترة انتقالية، ثم التحول إلى نظام الإيجار الحر بعد انقضاء تلك الفترة، وتشجيع التفاوض المباشر ومنح المالك والمستأجر فرصة التفاوض على شروط جديدة للعقد بإشراف الدولة أو عبر لجان فض منازعات عقارية، بما يحفظ العلاقة التعاقدية ويقلل من النزاعات القضائية، وتحديث التشريعات العقارية وتعديل القانون الحالي بطريقة شاملة تراعي المتغيرات الاقتصادية والديموغرافية، مع الأخذ بتجارب دول أخرى في معالجة مثل هذه القضايا، وسن قانون جديد ينظم العلاقة الإيجارية المستقبلية، ويمنع تكرار إشكالية الإيجارات الممتدة مدى الحياة، وتقديم حوافز ضريبية أو تسهيلات مالية لأصحاب العقارات الذين يدخلون في اتفاقات تصالحية مع المستأجرين، وتشجيع الاستثمار في الإسكان الإيجاري من خلال نظام شفاف وعادل، وتعزيز ثقافة التعاقد العادل وإطلاق حملات توعية قانونية للملاك والمستأجرين لفهم حقوقهم وواجباتهم، مع التشجيع على اللجوء للوسائل السلمية لحل النزاعات وصدور قانون مباشر للاماكن المغلقة – الكلام لـ"إبراهيم".

 

302974-2

 

قانون إيجار الأماكن وبحق من التشريعات محل الجدل 

 

فيما علق المستشار محمد عبد المحسن، رئيس نادى القضاة السابق، بقوله: يُعدّ قانون إيجار الأماكن وبحق من التشريعات محل الجدل، إذ لم يحقق – في صورته الحالية – التوازن المنشود الذي يحقق العداله التى يرتئيها كل طرف من طرفي العلاقة الإيجارية، ورغم أنّ تحقيق قدر من جبر الضرر للطرفين، في حدود الممكن، كان أمرًا قابلًا للتطبيق عبر معالجة تشريعية متأنية، فإن الصياغة النهائية للمشروع لم تُلبِّ هذا الهدف، وجاءت دون التطلعات المأمولة.

 

وأضاف "عبد المحسن" في تدوينه له عبر صفحته الشخصية على "فيس بوك": وقد برز ذلك بوضوح خلال مناقشات مجلس النواب في جلسته الأخيرة، والتي تخللتها انتقادات صريحة لمشروع القانون، وبيان لعدم جاهزية الحكومة لعرضه في صورته النهائية، سواء من حيث الصياغة أو من حيث المعالجة المتوازنة للأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للعلاقات الإيجارية. ورغم تلك الملاحظات، فقد تم إقرار القانون في الجلسة الأخيرة، الأمر الذي يثير تساؤلات بشأن مدى تفاعل السلطة التشريعية مع ما طُرح من ملاحظات جوهرية في الجلسة.  

 

ممس

 المستشار محمد عبد المحسن رئيس نادى القضاة السابق 

 

رئيس نادى القضاة الأسبق يُعلق

 

وأوضح "عبد المحسن": ومن المرجح أن يُفضي هذا الإخراج التشريعي المتعجل إلى آثار سلبية تمتدّ إلى ما هو أبعد من أطراف العلاقة الإيجارية ذاتها – والتي قد تتعرض شرائح واسعة منها لأضرار فعلية – لتطال سوق العقارات بأكمله، بما قد يُسفر عن ارتفاعات غير مبررة في أسعار البيع وقيم الإيجارات، على نحو يُخلّ بتوازن السوق، ويؤثر سلبًا في استقراره، كما أن أي تدخل تشريعي يمس علاقات قانونية قائمة منذ عقود، يستوجب قدراً أعلى من الحذر والشفافية، وتدرجاً مدروساً في التطبيق، يضمن تفادي الإضرار بالمراكز القانونية المستقرة، ويؤمن الحد الأدنى من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي اللازم لحماية النسيج المجتمعي وصون الثقة العامة في المنظومة القانونية.

 

وأخيراً أكد رئيس نادى القضاة السابق: في ضوء تلك التداعيات المحتملة، فما زال هناك مجال بتدخل رئاسى لإعادة النظر في القانون من خلال مراجعة تشريعية شاملة، تُبنى على أسس من التوازن والعدالة، وتستند إلى حوار مجتمعي ومهني جاد، يُراعي مصلحة جميع الأطراف، ويحفظ استقرار السوق، ويواكب متطلبات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي المنشود.

 

طخس

طج
 

 


print