على طريق إقليمي في محافظة المنوفية، كانت حافلة صغيرة تقل مجموعة من الفتيات العاملات في أحد مصانع تعبئة العنب، تمضي في طريقها المعتاد.
حوادث سيارات النقل تتكرر
تُعد حوادث النقل الثقيل من أكثر الكوارث خطورة على الطرق، وغالبًا ما يكون سببها الرئيسي تصرفات رعناء من بعض السائقين، مثل تعاطي المخدرات، أو القيادة بسرعة جنونية، أو قيادة مركبات بدون تراخيص أو بصلاحية فنية منتهية.
وما يزيد من خطورة هذه المركبات، أن أوزانها الكبيرة تجعل حوادثها أكثر فتكًا، وتحول المركبة إلى آلة قتل متحركة.
وفي أحدث واقعة، وثق مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي لحظة تهور ثلاثة سائقين لشاحنات نقل ثقيل أثناء قيادتهم بسرعة زائدة وبشكل استعراضي على أحد الطرق الرئيسية بمدينة السادس من أكتوبر بالجيزة، مما عرض حياتهم وحياة الآخرين للخطر.
وزارة الداخلية لم تتأخر في التحرك، وكشفت ملابسات الواقعة، وتمكنت من ضبط السيارات الثلاث وتبين أنها مملوكة لأحد المقاولين، وأن تراخيصها منتهية، كما تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية بحق السائقين ومالك السيارات.
أرقام صادمة
وفقًا لتقارير إعلامية، فإن نسبة ليست بالقليلة من حوادث الطرق تكون الشاحنات أحد أطرافها، وتشير الإحصائيات إلى أن العديد من سائقي النقل لا يمتثلون لقواعد المرور، بل يتجاوز بعضهم السرعة المقررة، ويتعاطى آخرون المخدرات للبقاء مستيقظين فترات طويلة، وهو ما يمثل خطرًا داهمًا على سلامة الطرق.
اللواء دكتور أحمد كساب الخبير الأمني، يؤكد في تصريح لـ "اليوم السابع" أن تعاطي بعض سائقي النقل للمخدرات يمثل تحديًا كبيرًا أمام جهود الحد من الحوادث.
ويقول: "القيادة تحت تأثير المخدر تمثل جريمة مزدوجة، لأنها لا تقتصر على السائق فقط، بل تعرض حياة عشرات من الأبرياء للخطر، وهو ما يستدعي رقابة صارمة وتحاليل دورية إلزامية وهو ما تفعله بالفعل الجهات المعنية وهناك حملات دورية من وزارة الداخلية في هذا الصدد".
ويضيف: "لابد من تغليظ العقوبات، وسحب رخص القيادة فورًا في حالة ثبوت تعاطي المخدرات، بل وتحويل السائق للنيابة بتهمة الشروع في القتل في بعض الحالات، لأن ما يقوم به لا يقل عن ذلك".
الداخلية تتحرك.. وحملات مكثفة
في مواجهة هذا الخطر، كثفت وزارة الداخلية حملاتها المرورية على الطرق السريعة والصحراوية، وأسفرت عن ضبط العديد من السائقين المخالفين، سواء من حيث القيادة بدون رخص، أو انتهاء تراخيص المركبات، أو تعاطي المخدرات أثناء القيادة.
كما استعانت الوزارة بأجهزة حديثة لرصد مخالفات السرعة والتعاطي، وشنت حملات فجائية في ساعات الليل والفجر، لضبط المخالفين في توقيتات لا يتوقعون فيها الرقابة.
وزارة الداخلية لن تتهاون مع أي سائق نقل يثبت تعاطيه للمخدرات، وأن حملات الكشف العشوائي ستستمر، خاصة على الطرق التي تشهد كثافة مرورية عالية من الشاحنات.
حلول مطروحة.. وعقوبات قانونية
بحسب المادة 76 من قانون المرور المصري، فإن من يقود مركبة تحت تأثير المواد المخدرة يعرض نفسه للحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة تصل إلى عشرة آلاف جنيه، مع سحب الرخصة، كما يحق للنيابة توجيه تهم جنائية حال تسبب الحادث في الوفاة أو الإصابة.
ويقترح بعض الخبراء اعتماد نظام النقاط المرورية، بحيث يتم خصم نقاط من السائق عند ارتكاب المخالفات، وصولًا إلى سحب الرخصة تمامًا، وهي آلية للحد من الحوادث.
من جانبهم، دعا خبراء النقل والطرق، إلى استخدام التكنولوجيا في ضبط الأداء المروري، مثل تركيب أجهزة تتبع GPS على الشاحنات وربطها بنظام مركزي لرصد السرعات وتحركات السائقين.
كما شددوا على أهمية تأهيل وتدريب سائقي النقل بشكل دوري، وإخضاعهم لاختبارات نفسية وصحية منتظمة.
حوادث النقل الثقيل ليست قَدَرًا محتومًا، بل نتيجة مباشرة لإهمال البعض، وبينما تواصل الأجهزة الأمنية جهودها الحثيثة للحد من هذه الكوارث، يظل الوعي، والانضباط، وتطبيق القانون هي المفاتيح الحقيقية لإنقاذ الأرواح من على الأسفلت.